قائد أمريكي: الحرب في البحر الأحمر هي الأصعب منذ الحرب العالمية الثانية
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
الثورة نت/
أكد قائد سفينة ميسون التابعة لحاملة الطائرات الأمريكية “إيزنهاور” الكابتن جاستن سميث، والتي غادرت المنطقة قبل بضعة أسابيع، أن ما يجري من حرب في منطقة البحر الأحمر يفوق حرب الناقلات الخطيرة في الخليج خلال الحرب العراقية الإيرانية والأكثر كثافة منذ الحرب العالمية الثانية.
ونقلت صحيفة “بيزنز انسايدر” في تقرير لها عن سميث قوله: إن “البحرية الأمريكية أمضت أشهرًا في محاربة الصواريخ والطائرات بدون طيار التي تهدد السفن الحربية والسفن المدنية من قبل حركة أنصار الله على حد سواء في بيئة تشغيل عالية الوتيرة وُصفت بأنها أعنف قتال شهدته الخدمة البحرية الامريكية منذ ما يقرب من ثمانية عقود”.
ووصف الضابط القائد لمدمرة أخرى منتشرة في البحر الأحمر، “يو إس إس كارني”، الصواريخ الباليستية المضادة للسفن التي تستخدمها حركة أنصار الله بأنها تهديد صعب للغاية لأنها سريعة وديناميكية، فليس لدينا إلا ثوان للرد على الصاروخ وإلا سيكون الأوان قد فات”.
ولأوضح أنه “إلى جانب الصواريخ المضادة للسفن، أظهر أنصار الله أيضًا فعاليتهم في استخدام قوارب مسيرة محملة بالمتفجرات لضرب السفن التجارية التابعة للكيان الصهيوني وهذه السفن غير محمية إلى حد كبير، على عكس السفن الحربية الأمريكية في المنطقة، والتي لم تتعرض للقصف حتى الآن على الرغم من بعض الإغاثات القريبة”.
وأشار الكابتن سميث إلى أن “التحديات -من الكشف والاستدامة، وفرق المراقبة والاستعداد- أعلى بكثير و
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: آن للسودان أن يرقص على رؤوس الأفاعي
الرقص على رؤوس الأفاعي مقولة شهيرة ارتبطت بالرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، في توصيفه لواقع سياسي معقد تطلّب إدارة توازنات دقيقة داخليًا وخارجيًا. واليوم، تكاد العبارة تنطبق على المشهد السوداني، وسط تحولات إقليمية كبرى تعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط. فالحرب بين إيران وإسرائيل بصرف النظر عن مالاتها تعبّر عن مرحلة جديدة تتشابك فيها المصالح، وتتنوع أدوات النفوذ، حيث أضحت المواجهة العسكرية جزءًا من مشروع استراتيجي أوسع يعيد رسم خرائط الهيمنة الإقليمية في المنطقة.
في هذا السياق، يجد السودان نفسه في موقع بالغ الحساسية، تتقاطع فيه التحديات الداخلية مع صراعات إقليمية متسارعة، تجعله جزءًا من معادلات تتجاوز حدوده.
ويأتي الحراك الأميركي في المنطقة، مدعومًا بتأييد غير مشروط لإسرائيل، وتمويل الحرب عبر قوى خليجية – بحسب مراقبين – ضمن مشروع لإعادة هندسة النظام الإقليمي، وإنتاج أنظمة سياسية عربية جديدة، لا تكتفي بالولاء، بل تندمج بالكامل في مشروع التطبيع وفق المشروع الإبراهيمي . إذ لم يعد المطلوب أنظمة موالية فحسب، بل بنى سياسية وثقافية تتماهى مع تصوّر إسرائيلي-أميركي للمنطقة، يُعيد ضبط الإقليم وفق معايير الهيمنة الناعمة والتحكم المستدام.
وسط هذه المتغيرات، يبرز السودان كحالة استثنائية تحمل إمكانات استراتيجية واعدة، إذا أُحسن توظيف التوازنات الإقليمية، واللعب على خطوط التماس بحذر وذكاء. ورغم الجراح الداخلية المفتوحة، وتعقيد الأزمات السياسية والاجتماعية، فإن السودان يمتلك موقعًا جيوسياسيًا بالغ الأهمية، وموارد طبيعية وبشرية ضخمة، وموقعًا إقليميًا يربطه بالقرن الأفريقي ومحيط البحر الأحمر والخليج العربي في آنٍ واحد. وإذا كان بعض الفاعلين الإقليميين مهددين بالذوبان أو السقوط في فوضى ممنهجة، فإن السودان، إن أحسن ترتيب بيته الداخلي، قادر على التحوّل من دولة كانت على هامش الصراع إلى دولة مركزية مؤثرة في معادلات ما بعد الصراع.
ومع اتساع رقعة الحرب في الخليج، وارتفاع كلفتها، وتزايد احتمالات الانهيار في بعض دوله، قد يصبح السودان الوجهة الأقرب والأكثر قابلية لاستقبال تدفقات بشرية واقتصادية هائلة، سواء من مواطنيه العائدين من هناك، أو من عربٍ قد تدفعهم الأوضاع إلى الهجرة بحثًا عن أمن مفقود. هذه الموجات المتوقعة من النزوح العربي والخليجي نحو السودان قد تُشكل، إذا أُديرت بوعي، رافعة اقتصادية ضخمة تسهم في تحريك عجلة الإنتاج، وتوسيع السوق المحلي، وزيادة الطلب على الخدمات والسلع والمساكن، فضلًا عن إمكانية استثمار رؤوس الأموال الهاربة في قطاعات واعدة كالتعدين، الزراعة، والطاقة والثروة الحيوانية .
إن التحول الإقليمي المقبل لا يقتصر على الاقتصاد، بل يمتد إلى بنية الأمن في البحر الأحمر والقرن الأفريقي. وإذا نجح السودان في استعادة الاستقرار، فقد يتحول جيشه – بما أثبته من كفاءة قتالية – إلى ركيزة إقليمية لحفظ التوازن. ومع تراجع الأدوار الخليجية، تتعاظم قيمة السودان كفاعل استراتيجي، ويغدو جيشه طرفًا مطلوبًا في معادلات الأمن الإقليمي، بما يعزز نفوذه السياسي والتفاوضي في لحظة تعاد فيها هندسة المنطقة.
لكن جميع السيناريوهات تظل مرهونة بقدرة السودان على التقاط لحظته التاريخية، باعتبارها فرصة لتأسيس مسار استراتيجي جديد. فالنجاح مرهون بالتحرك المدروس، وتجنّب استنساخ تجارب الماضي، وامتلاك رؤية وطنية عقلانية تتجاوز الانقسامات، وتؤسس لدولة فاعلة لا منفعلة. ويتطلب ذلك قيادة تدرك حساسية التوقيت، وتبني سياساتها الخارجية على براغماتية هادئة توازن بين المصالح الوطنية والنفوذ الإقليمي ، بعيدًا عن الشعارات والاستقطاب الأيديولوجي.
السودان لم يعد فاعلًا هامشيًا في الإقليم، بل أضحى مركزًا استراتيجيًا في قلب التحولات الجيوسياسية الجارية. فالخرائط الجديدة تُرسم خلف الكواليس، والفراغ الذي خلّفه تراجع النفوذ الخليجي في البحر الأحمر لا بد أن يُملأ. وإن لم يبادر السودان إلى ملئه، فسيفعل ذلك فاعلون آخرون.
لذا، فإن اللحظة تقتضي وعيًا استراتيجيًا عقلانيًا، يتجاوز الحسابات العاطفية والماضي المثقل بالجراح، ويدرك أن التحولات الكبرى – مهما بدت مدمّرة – تحمل في طياتها فرصًا لمن يُحسن قراءتها بذكاء وواقعية.
وبحسب ما نراه من وجه الحقيقة لقد آن للسودان أن يرقص على رؤوس الأفاعي. وليس في ذلك مجازفة متهورة، بل استجابة لطبيعة اللحظة التاريخية التي لا تسمح بالتقوقع أو الانتظار. فالأفاعي تتحرك، والخرائط يُعاد رسمها، والمصالح تتبدل. ومن يمتلك القدرة على السير فوق الحبال المشدودة دون أن يسقط، هو من سيكون له نصيب في صناعة التاريخ وكتابته. وربما يكون السودان، بثقله الجيواستراتيجي، أمام بوابة مختلفة، لا تفتحها القوة وحدها، بل يُفتح قفلها بالعقل، والرؤية، والبصيرة.
إبراهيم شقلاوي
إنضم لقناة النيلين على واتساب