100 يوم على الانتخابات.. ماذا ينتظر الشرق الأوسط من الرئيس الأميركي المقبل؟
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
واشنطن– قبل 100 يوم من الاقتراع العام في الولايات المتحدة، يترقب الأميركيون بقلق، ومعهم بقية شعوب العالم بفضول، نتائج الانتخابات الأميركية الرئاسية تحديدا، ولا سيما بعدما انتهى إليه السباق في الأيام الأخيرة من مواجهة غير متوقعة بين الرئيس السابق دونالد ترامب وكامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي جو بايدن.
"أميركا أولا" و"لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" و"ضرورة بناء أسوار وحواجز لمنع الهجرة"؛ شعارات لم يتخلّ عنها ترامب في حملته لاستعادة البيت الأبيض، وهو ما يجعل دول العالم تنظر بترقب وقلق إلى نتائج الانتخابات الأميركية.
وخلال حضور الجزيرة نت أعمال مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلواكي مؤخرا، رصدت وجود آلاف من الصحافيين ومئات من الدبلوماسيين الأجانب الذين سعوا للتعرف عن قرب على دوائر ترامب المؤثرة وأجندته الخارجية، خاصة مع استمرار خطابه المعادي لحلف شمال الأطلسي، وتعهده بوقف الحرب في أوكرانيا على الفور، وعدم تغير نبرته تجاه تصاعد التحدي الصيني أو معضلة كوريا الشمالية.
قبل 100 يوم من موعد الانتخابات، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعا في فلوريدا مع ترامب، وقبل ذلك التقى في واشنطن مع هاريس عقب خطابه أمام الكونغرس.
ولا يزال ترامب يدّعي أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس لم تكن لتحدث في ظل رئاسته، وأنه إذا أعيد انتخابه فإنه سيضمن السلام في الشرق الأوسط والعالم، بينما لم يوضح بالتفصيل كيف سيحقق ذلك.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حاول ترامب، بينما كان يروّج لاجتماعه مع نتنياهو، تحقيق التوازن، ونشر على منصة "تروث" رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتمنى له التوفيق بعد محاولة الاغتيال في بنسلفانيا. ورد ترامب بشكره، وكتب "نتطلع إلى رؤية نتنياهو يوم الجمعة، وأكثر من ذلك لتحقيق السلام في الشرق الأوسط".
من جانبها، تعمل هاريس على تجنّب ربطها بموقف إدارة بايدن الداعم بالكامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما نتج عنه من غضب واسع بين تيارات الحزب الديمقراطية التقدمية والشبابية. وقالت هاريس عقب لقائها بنتنياهو "دعونا ننجز الصفقة حتى نتمكن من التوصل إلى وقف لإطلاق النار لإنهاء الحرب. دعونا نعيد الرهائن إلى الوطن، ودعونا نقدم الإغاثة للشعب الفلسطيني التي تشتد الحاجة إليها".
وخاطبت هاريس الجماعات التي تدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ودفعت من أجل حل الدولتين قائلة "أراكم، أسمعكم"، ودفع ذلك ترامب إلى مهاجمتها واصفا إياها بأنها "لا تحترم إسرائيل".
دفعة قوية
منح استبدال المرشح بايدن بالمرشحة هاريس الديمقراطيين دفعة قوية ظهرت آثارها سريعا في حجم التدفقات المالية من كبار المانحين وصغارهم ممن شككوا بقدرات بايدن، وامتنع بعضهم في العديد من الحالات عن تمويل حملته الرئاسية. وأصبح الرئيس السابق باراك أوباما وزوجته السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما، وهما أكثر الديمقراطيين شعبية بين ناخبي الحزب، آخر القادة الداعمين لترشح هاريس.
ووجد استطلاع جديد أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" أن 49% من الناخبين المسجلين يؤيدون ترامب، مقابل 47% يؤيدون هاريس. ومثّل ذلك خبرا جيدا للديمقراطيين حيث تقلص الفارق بشكل كبير بعدما كان ترامب يتفوق على بايدن بفارق 6 نقاط على المستوى الوطني.
في الوقت ذاته، وجدت استطلاعات جديدة لشبكة "فوكس الإخبارية" في أشد 3 ولايات تأرجحا، هي ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، تعادل هاريس مع ترامب بعدما كان يكتسح بايدن قبل أسبوع واحد في استطلاعات تلك الولايات.
ولم يدفع ذلك إلى طمأنة المعسكر الديمقراطي لإدراك قيادات الحزب أن ذلك يعكس حماسة مؤقتة وتقليدية ترتبط بلحظة تغيير مرشح الحزب، خاصة مع رفض تيارات وقيادات مختلفة داخل الحزب استمرار بايدن مرشحا.
كذلك لم يصل التحسن في نتائج الاستطلاعات إلى سباقات مجلسي الكونغرس حيث يتوقع أن تؤول أغلبية مجلس الشيوخ إلى الجمهوريين، مع عدم استبعاد استمرار سيطرتهم على أغلبية مجلس النواب في الوقت ذاته.
وحقق الرئيس السابق ترامب ما يشبه المكانة الأسطورية خلال أيام مؤتمر الحزب الجمهوري أسهمت فيها نجاته من محاولة اغتيال قبل انعقاد المؤتمر بيومين. وبعدما كان الانقسام والترنح يعصف بالحزب الديمقراطي، توحد الحزب سريعا خلف ترشح كامالا هاريس بدلا من جو بايدن.
وانقلب السباق إلى البيت الأبيض فجأة رأسا على عقب، وخلال أيام قليلة أصبح سباقا تقليديا بين مرشحين استثنائيين ينالان دعما واسعا من حزبيهما بعدما ثارت شكوك واسعة في الوصول إلى هذا الوضع قبل أسابيع قليلة فقط.
قبل 100 يوم من انتخابات 2024، لا يزال الرئيس السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب يرفض التعهد بقبول نتائج الانتخابات في حال هزيمته. ولم يرد ترامب على سؤال عن استعداده للاعتراف بالهزيمة، وهو ما يستدعى أحداث انتخابات 2020 التي خسرها ورفض الاعتراف بهزيمته فيها، وسط اقتحام آلاف من أنصاره لمبنى الكابيتول في محاولة لوقف التصديق على نتائج الانتخابات.
وفي الوقت الذي لم يعرف فيه تاريخ الانتخابات الأميركية الممتد على مدى 250 عاما رفضا لنتائج الانتخابات، يحبس الأميركيون أنفاسهم للمرة الثانية خلال أقل من 4 سنوات مع غياب تعهد ترامب بقبول نتائج الانتخابات.
وتحدث ترامب أمس أمام حشد من الحاضرين في فعالية انتخابية نظمتها منظمة مسيحية محافظة بولاية فلوريدا، وقال إن الناخبين المسيحيين "لن يضطروا إلى التصويت بعد الآن" إذا تم انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني. وناشد ترامب المسيحيين إنقاذ أميركا من خلال التصويت "هذه المرة فقط"، حتى يتمكن من الفوز في الانتخابات الرئاسية بأغلبية ساحقة "أكبر من أن تُزوّر".
وفي الوقت الذي عكست فيه أحداث 6 يناير/كانون الثاني 2021 بامتياز عمق الاستقطاب السياسي والاجتماعي وحجمه داخل الولايات المتحدة، لم تنجح السنوات القليلة الماضية إلا في زيادة حدّة هذه الانقسامات خاصة مع استمرار إيمان عشرات الملايين من أنصار ترامب بأن الانتخابات سُرقت منه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات نتائج الانتخابات الرئیس السابق الشرق الأوسط فی الوقت
إقرأ أيضاً:
دور الذكاء الاصطناعي والبيانات في تحويل قطاع النفط والغاز في الشرق الأوسط
محمد زواري، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وتركيا في سنوفليك
تُمثل الطاقة العمود الفقري للاقتصاد العالمي، ويحتل الشرق الأوسط مركز الصدارة في هذا التحول. ومع توقعات أوبك” بأن تُوفر المنطقة ما يقرب من 60% من صادرات النفط العالمية بحلول عام 2050، يُصبح دور الطاقة أكثر أهمية من أي وقت مضى. تُبادر الحكومات في جميع أنحاء المنطقة، بدمج مبادرات التحول الرقمي في استراتيجياتها الوطنية. وتُشير هذه الجهود إلى التزام المنطقة بالابتكار والاستدامة الاقتصادية طويلة الأجل.
ونظراً لأن صادرات النفط لا تزال تُمثل حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة، تبرز البيانات والذكاء الاصطناعي كأدوات حيوية في هذا التطور، فهي تُمكّن الشركات من تحديث بنيتها التحتية، ومواءمة القرارات التشغيلية مع أهداف أعمالها على المدى الطويل.
الطاقة في العصر الرقمي
الآن، أصبح من الأهمية بمكان أن تدمج شبكات الكهرباء وآبار النفط القديمة، التي يعود تاريخها إلى عشرات السنين، ملايين الأصول الممكّنة بإنترنت الأشياء، مثل توربينات الرياح والألواح الشمسية، مما يُقدّم كميات ضخمة من البيانات التشغيلية، ويتطلب قدرة هائلة على الاستيعاب وإمكانات تحليلية فعالة لاتخاذ قرارات أذكى وأسرع.
أضف إلى ذلك التأثير الناجم عن الأحوال الجوية القاسية، والأوضاع الجيوسياسية المتقلّبة، وانقطاع مصادر الطاقة المتجددة، وعجز الأدوات التقليدية عن مواكبة هذه التطوّرات. ورغم أن العقود طويلة الأجل مع الشركاء العالميين مثل الصين واليابان والهند توفّر بعض الأمان، إلاّ أن تحليلات البيانات المتقدمة أصبحت الآن ضرورية لإدارة المخاطر المالية وتخفيفها. تدمج النماذج التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي البيانات الخارجية والداخلية للتنبؤ بتقلبات السوق واتجاهات الطلب بدقة أكبر.
تواجه الشركات الآن مطالب متزايدة للالتزام بالشفافية في استراتيجياتها البيئية والاجتماعية ومبادرات الحوكمة، بينما يسعى المستهلكون إلى أنظمة طاقة منزلية سهلة الاستخدام وقائمة على التكنولوجيا. لهذا، ينبغي أن تتميز شركات الطاقة بالمرونة والاستباقية للحفاظ على قدرتها التنافسية. يكشف تقرير “اتجاهات البيانات” من سنوفليك أن 90% من البيانات المؤسسية غير منظمة، مما يجعل البنية الأساسية للبيانات المركزية القابلة للتطوير أولوية قصوى.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي والبيانات على أرض الواقع
تتجه شركات الطاقة نحو منصات البيانات الموحدة لتمكين التعاون بين مختلف العمليات وتوليد رؤى آنية، كما أن دمج البيانات التشغيلية والمالية وبيانات العملاء في مصدر واحد موثوق يضمن اتخاذ قرارات متسقة ومستنيرة عبر سلسلة القيمة.
يُواصل الذكاء الاصطناعي في إحداث تحوّل جذري على كافة المستويات، من صيانة المعدات إلى التداول وإشراك العملاء. يحدّد تعلّم الآلة أي تناقضات أو أعطال بصورة لحظية تقريباً، مما يدعم الصيانة التنبؤية ويُقلل من تكاليف التوقف. وفي مجال التداول، يُحسّن الذكاء الاصطناعي توقعات أسعار السلع ويساعد الشركات على إدارة مخاطر محافظها الاستثمارية بشكل استباقي.
أما فيما يتعلّق بالحلول المُوجّهة للعملاء، يُساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي والبيانات الآنية في تقديم توصيات مُخصصة وأدوات إدارة طاقة سهلة الاستخدام، مما يُحسّن رضا العملاء ويعزّز ولائهم في سوق تنافسية للغاية.
تُواصل المؤسسات التي تستثمر في البنية التحتية للبيانات تحقيق نتائج ملموسة، حيث تُشير أبحاث سنوفليك أن 92% من أوائل المستخدمين قد حققوا عوائد من استثماراتهم في الذكاء الاصطناعي، ويخطط 98% منهم لزيادة الإنفاق على الذكاء الاصطناعي في عام 2025. ومع توقع مساهمة الذكاء الاصطناعي بنسبة تتراوح بين 20% و 34% في اقتصادات الشرق الأوسط، ستشكّل هذه التكنولوجيا مستقبل عمليات الطاقة.
الفصل التالي
ستساهم رقمنة العمليات، وإدارة التقلّبات، وتوقع متطلبات العملاء المتطورة بترسيخ مكانة الشرق الأوسط كقوة عالمية في مجال الطاقة. ومع استمرار النقص في الكفاءات وتجزؤ الأنظمة، تُقدم استراتيجيات الذكاء الاصطناعي والبيانات القابلة للتطوير نموذجاً للمرونة والابتكار والنمو المستدام في ظل مشهد عالمي سريع التغير.