عربي21:
2025-06-22@15:59:57 GMT

الاستعمار الصهيوني في قبرص؟

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

في خطابه المهم قبل بضعة أيام، توعّد زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله قبرص في حال واصلت تعاونها العسكري مع إسرائيل واستضافتها لقوات إسرائيلية للتدرب على أراضيها استعداداً لاجتياح لبنان. وقد كان كلام نصر الله واضحًا لا لبس فيه: "فتح المطارات والقواعد القبرصية للعدو الاسرائيلي لاستهداف لبنان يعني أن الحكومة القبرصية أصبحت جزءا من الحرب وستتعامل معها المقاومة على أنها جزء من الحرب".



في واقع الأمر، لم يصبح القبارصة مؤخرًا أصدقاء مقربين لإسرائيل فحسب، بل أصبحوا أيضًا حليفًا رئيسًا للولايات المتحدة، حيث زار وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس الولايات المتحدة قبل بضعة أيام للتنسيق مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن الدور الذي حدده الأمريكيون لقبرص فيما يخص الأوضاع القائمة في منطقتنا.

وفي رده على تصريحات نصر الله، نفى الرئيس القبرصي نيكوس كريستوليدس أي تورط لقبرص في حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على الفلسطينيين أو في حربها على لبنان. وأكدت قبرص أيضًا أنها لا تملك أية سيطرة على القاعدتين العسكريتين البريطانيتين المتواجدتين على أراضيها واللتين تتعاونان عسكريًا مع إسرائيل. على النقيض من ذلك، كان للسفير القبرصي لدى إسرائيل، كورنيليوس كورنيليو، رد فعل أكثر حدة تجاه نصر الله، حيث أعاد كورنيليو التأكيد على دفء العلاقات بين إسرائيل وقبرص، وهو الأمر الذي جعله يستنتج مشيرًا بفخر إلى أن هذه العلاقة هي ما يزعج السيد حسن نصر الله.

أما علاقة العشق هذه بين قبرص وإسرائيل فقد بدأت تتشكل منذ أكثر من ثلاثة عقود، إلا أن مدى حميمية هذه العلاقة لم ينجلِ إلا حين قام الرئيس القبرصي ديميتريس خريستوفياس، من "الحزب التقدمي للشعب العامل" أي الحزب الشيوعي القبرصي، بزيارة رسمية لإسرائيل في آذار/مارس 2011. وقد رد بنيامين نتنياهو الزيارة في شهر شباط/ فبراير 2012 ليصبح أول رئيس وزراء إسرائيلي على الإطلاق يقوم بزيارة رسمية لقبرص.

علاقة العشق هذه بين قبرص وإسرائيل فقد بدأت تتشكل منذ أكثر من ثلاثة عقود، إلا أن مدى حميمية هذه العلاقة لم ينجلِ إلا حين قام الرئيس القبرصي ديميتريس خريستوفياس، من "الحزب التقدمي للشعب العامل" أي الحزب الشيوعي القبرصي، بزيارة رسمية لإسرائيل في آذار/مارس 2011.وبينما كانت المصالح المشتركة تتركز أول الأمر حول احتياطيات الغاز الواقعة ما بين قبرص والساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، فقد توسعت مجالات التعاون لتشمل تقديم إسرائيل المساعدة لقبرص في إقامة علاقة أوثق مع الولايات المتحدة.

ولم يكن الزعيم الشيوعي القبرصي العضو اليساري الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي عزز علاقات وثيقة مع إسرائيل، فقد أصبحت العلاقات الدافئة مع إسرائيل هي الوضع السائد منذ وصول اليسار إلى الحكم في اليونان في عام 2015 (وقد كان هذا التحول أحد اوجه الخلاف ما بين ائتلاف سيريزا اليساري الذي وصل إلى الحكم واليسار التقليدي ـ الشيوعي وكذلك مع شباب اليسار الراديكالي والفوضيين). وفي عام 2021، شاركت قبرص واليونان في مناورات عسكرية بحرية مع إسرائيل.

ولكن إذا كانت قبرص قد بدأت في التقرّب من إسرائيل في وقت قريب من تاريخها، إلا أنها كانت محط اهتمام رئيس عند الصهاينة المسيحيين واليهود منذ فترة أطول بكثير، حيث اعتبرت ذات موقع استراتيجي ورمزي في المنظور الاستعماري. من الجدير بالذكر في هذا الصدد أنه عندما احتل البريطانيون قبرص في عام 1878، كتبت صحيفة "جويش كرونيكل" اليهودية اللندنية أنه بما أن "قبرص كانت في العصور القديمة موقعًا لمستعمرة يهودية مزدهرة باليهود... فلماذا لا يكون الأمر كذلك مرة أخرى؟" وقد دعا المقال يهود فلسطين وسوريا الكبرى إلى الهجرة إلى الجزيرة، حيث إن قبرص "تقدّم" لهم "نفس عوامل الجذب المغرية التي قدمتها لليهود القدامى، بل أعظم. فهي على بعد إبحار يوم واحد من البر الرئيس. و

لأول مرة في تاريخ العالم، تتاح ليهود فلسطين فرصة العيش في ظل المؤسسات الخيرية والقوانين [البريطانية] الأكثر استنارة والأكثر تحررا، دون الخضوع لآلام الهجرة إلى مناخات بعيدة، والتخلي عن أسلوبهم الشرقي في العيش". وقد ضم البريطانيون قبرص في عام 1914 عندما دخل العثمانيون الحرب العالمية الأولى، وأصبحت قبرص مستعمرة تابعة للتاج البريطاني رسميًا في عام 1925.

لطالما أشار الصهاينة إلى المستعمرات العبرانية في الفترة التوراتية في قبرص (التي تعرف بالعبرية القديمة والحديثة باسم “كَفْريسيم”)، بما في ذلك مدينتي بافوس وسلاميس، كسابقة للاستعمار المستقبلي. ومن بين أكثر الجماعات حماسًا لدعم الاستيطان اليهودي في شرق المتوسط كانت جماعة "البريطانيين ـ الإسرائيليين"، وهي جماعة بروتستانتية بريطانية تأسست عام 1874. هذه الجماعة كانت من أوائل الحركات الصهيونية المسيحية التي تحمست لإرسال اليهود إلى "الأرض المقدسة."

أنشأت هذه الجماعة "صندوق الاستعمار السوري" (المعروف أيضًا باسم "جمعية إغاثة اليهود المضطهدين" في أوروبا الشرقية) الذي تلقى تبرعات في إنجلترا وتمكن من شراء أراض قريبة من فلسطين. وقد بدأت الجماعة في إرسال المهاجرين اليهود الذين أتوا إلى إنجلترا من أوروبا الشرقية إلى المستوطنات الجديدة. وفي عام 1883 أُنشئت أول مستعمرة يهودية لهم في مدينة اللاذقية شمال غرب سوريا، لكنها استمرت لمدة عام واحد فقط. وقد تم نقل المستوطنين اليهود من اللاذقية إضافة إلى مجموعة جديدة من اليهود القادمين من روسيا إلى قبرص لإنشاء مستعمرة يهودية هناك. وأقامت المجموعة مستوطنة جنوب غرب الجزيرة بالقرب من قرية كوكليا، أسوة بالمستوطنات العبرانية القديمة. لكن المستوطنين لم يستسيغوا العمل الزراعي هناك وقرروا مغادرة المستوطنة بحلول عام 1884.

وقد كانت قبرص أيضًا موضع اهتمام اليهودي الألماني ديفيس تريتش (1870-1935)، حيث كان تريتش في عام 1893 مهتمًا بما يجب فعله بقبرص:

"أنظروا، هنالك أرض لا يعرف الإنجليز ماذا يفعلون بها في حين يبحث اليهود في كل مكان عن مكان لاستقرار إخوانهم... وبما أن قبرص تقع في المنطقة المجاورة مباشرة لفلسطين، ولعلمي أن هناك رغبة لدى اليهود في استعمار فلسطين، لكن هذا... لم يتحقق بسبب موقف الحكومة التركية، بدا لي حينها أن الفكرة الطبيعية والجميلة المتمثلة في العودة إلى الأرض القديمة يمكن دمجها مع الاستيطان في قبرص - سواء بقيت إنجلترا هناك أم لا."

عندما اطلع تريتش على كُتَيّب ثيودور هرتزل "دولة اليهود" الصادر عام 1896، تشجع وسافر لحضور المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897. وكتب لهرتزل، مؤسس المنظمة الصهيونية العالمية، بعد أسابيع قليلة من المؤتمر حول فكرته واستمر في مراسلته حول هذا الشأن. وبدعم من هرتزل، ألقى تريتش خطابًا أمام المؤتمر الصهيوني الثالث في عام 1899 حول هذه المسألة، لكن قلة من الحضور تجاوب مع طرحه. وقد ناقش في المؤتمر الصهيوني الخامس عام 1901 فكرة "فلسطين الكبرى" التي ستكون قبرص جزءًا منها، ووضّح بأن استعمار الجزيرة سيكون جزءًا من المشروع الصهيوني وليس بديلاً عنه. وهكذا أصبحت قبرص موقعًا محتملاً للاستعمار-الاستيطاني اليهودي.

وبالفعل، كانت "جمعية الاستعمار اليهودي"، التي كانت في حينها غير-صهيونية، قد أقامت في عام 1897 مستوطنة يهودية في قبرص لليهود الروس، الذين انضم إليهم مستوطنون يهود روس من فلسطين. وقد كان عدد سكان مستوطنة "مارغو-جفلك"، الواقعة على بعد أربعة عشر كيلومترًا من نيقوسيا، أقل من 200 نسمة وقد تم تفكيكها أخيرًا في عام 1927 عندما قرر مستعمروها الانتقال للاستيطان في فلسطين بدلاً من قبرص.

وبعد فترة قصيرة من اختيار هرتزل لبريطانيا باعتبارها الراعي المثالي للمشروع الصهيوني، أجرى هرتزل محادثات خاصة مع المسؤولين البريطانيين، ناقش خلالها بشكل محدد المواقع التي يجب أن يبدأ فيها الاستيطان اليهودي. وعندما التقى بوزير المستعمرات البريطاني جوزيف تشامبرلين، اقترح عليه قبرص (لا سيما أنه كان هنالك بالفعل مستوطنة يهودية قائمة أصلًا كما أسلفنا)، ومدينة العريش وشبه جزيرة سيناء. كان تشامبرلين (وهو بروتستانتي صهيوني معاد للسامية كان قد عارض الهجرة اليهودية من أوروبا الشرقية إلى بريطانيا) متعاطفًا مع هرتزل لكنه أكد له بأن بريطانيا لن تقوم بطرد اليونانيين و"المسلمين" من قبرص من أجل المستوطنين اليهود. فأوضح هرتزل له خطته لإنشاء "شركة يهودية شرقية" برأس مال قدره 5 ملايين جنيه استرليني لاستعمار سيناء والعريش، وهو المال الذي من شأنه أن يجذب القبارصة: "سوف يرحل المسلمون، وسيبيع اليونانيون أراضيهم بكل سرور بسعر جيد وسيرحلون إلى أثينا أو جزيرة كريت."

نظراً لتحفظات تشامبرلين بشأن طرد القبارصة من ديارهم، أصبح البديل المصري عمليًا أكثر للمشروع الصهيوني. فسافر هرتزل وفريق من الصهاينة إلى مصر عام 1903 والتقوا بحاكمها الاستعماري البريطاني اللورد كرومر للتفاوض حول استيطان اليهود للمنطقة الواقعة بين نهر النيل وقناة السويس. لكن المشروع لم يتحقق في ظل عدم جدوى استيطان المنطقة (لأن أراضيها قاحلة ومواردها المائية شحيحة)، وهي النتيجة التي توصل إليها المبعوثون الصهاينة. وقد اختلف هرتزل وتريتش في المؤتمر الصهيوني السادس عام 1903 بسبب التخلي عن مشاريع " فلسطين الكبرى" التي ضمت قبرص وسيناء والعريش، في ضوء عرض بريطاني جديد لمنطقة أوغندا الأفريقية للاستيطان اليهودي، لأن الأخيرة لم تكن جزءًا من "فلسطين الكبرى" بحسب المخيلة الصهيونية.

إذا كان القبارصة يجدون بالفعل أن الاستعمار ـ الاستيطاني اليهودي وحروب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في مختلف أنحاء فلسطين وعدوانها المستمر على لبنان أمرًا لا يستدعي قطع العلاقات الدافئة والتعاون العسكري مع إسرائيل، فربما يمكنهم أن يعرضوا بلادهم للاستيطان اليهودي وإحياء الأحلام الصهيونية القديمة بالاستيلاء على الجزيرة..لم تتحقق خطط استيطان قبرص قط، حيث حصل الصهاينة بعد الحرب العالمية الأولى على رعاية بريطانية لمشروعهم الاستعماري في فلسطين. لكن سرعان ما استغل الصهاينة الأساليب الاستعمارية البريطانية المستخدمة في قبرص لتفريق القبارصة المسلمين والمسيحيين عن بعضهم البعض. وفي كانون الثاني/يناير 1922، ابتكر المندوب السامي الصهيوني البريطاني في فلسطين الانتدابية هربرت صموئيل مكتبًا طائفيًا جديدًا للمسلمين الفلسطينيين أطلق عليه اسم "المجلس الإسلامي الأعلى" لتقويض التضامن الوطني القائم بين المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين في مواجهة الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية. وقد صاغ صموئيل فكرة المجلس على غرار السياسة الاستعمارية البريطانية تجاه مسلمي قبرص.

قبل أن يفرض الاتحاد الأوروبي سمومه المؤيدة للصهيونية على قبرص، كما فرضها على اليونان، كانت قبرص مدافعًا تاريخياً عن الفلسطينيين وعن حقوقهم وكانت أيضًا قد اعترفت بدولة فلسطين. وقد بلغ موقفها المؤيد للفلسطينيين حداً دفع إسرائيل في عام 1993 إلى اعتبار السيدة الأولى أندرولا فاسيليو، زوجة الرئيس القبرصي جورج فاسيليو، شخصاً غير مرغوب فيه في إسرائيل عندما حاول وفد كانت تقوده مقابلة ياسر عرفات، الذي كان الإسرائيليون قد وضعوه قيد الإقامة الجبرية في مكتبه في مبنى السلطة الفلسطينية في رام الله.

أما اليوم، وفي ظل قيام المزيد من الدول بقطع العلاقات مع إسرائيل وفرض العقوبات عليها، تزداد العلاقات القبرصية مع المستعمرة الاستيطانية الإسرائيلية دفئًا. يبدو أن عزلة البلاد وتحول إسرائيل إلى دولة منبوذة على المستوى الدولي لا تعني القبارصة بشيء. فإذا كان القبارصة يجدون بالفعل أن الاستعمار ـ الاستيطاني اليهودي وحروب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في مختلف أنحاء فلسطين وعدوانها المستمر على لبنان أمرًا لا يستدعي قطع العلاقات الدافئة والتعاون العسكري مع إسرائيل، فربما يمكنهم أن يعرضوا بلادهم للاستيطان اليهودي وإحياء الأحلام الصهيونية القديمة بالاستيلاء على الجزيرة ـ لا سيما أن سفارة قبرص في تل أبيب تحتفي على موقعها على الإنترنت بالمستعمرات العبرانية القديمة في بلادها، وإن كانت، وهذا أمر غريب، لا تذكر ولا تحتفي بالمستعمرات اليهودية الصهيونية الحديثة في "كوكليا" أو "مارغو ـ جفلك" التي قد تكون وقعت سهوًا من احتفاء السفارة. ففي ضوء هذا الترحيب القبرصي، ربما يسعى الصهاينة إلى إصدار دعوة جديدة لـ "عودة" اليهود المعاصرين إلى المستعمرات العبرية القديمة في "كفريسين"، وإلى المستعمرات الأحدث في كل من "كوكليا" و"مارغو ـ جفلك". وحينها قد تساهم مثل هذه الخطوة في تخفيف الضغط الاستعماري على الأراضي الفلسطينية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قبرص إسرائيل العلاقات إسرائيل علاقات قبرص رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المؤتمر الصهیونی الرئیس القبرصی إسرائیل فی مع إسرائیل نصر الله قبرص فی وقد کان فی قبرص قد بدأت فی عام

إقرأ أيضاً:

المرأة الفلسطينية في عهد الانتداب البريطاني بين نهوض الهوية وتحدي الاستعمار

الكتاب: المرأة الفلسطينية في عهد الانتداب البريطاني
المؤلف: حنان عسلي شهابي.
الناشر: دار منشورات الرمال، 2016م
الصفحات: 412 صفحة


إن سجل تاريخ المرأة الفلسطينية ضمن النسيج العام لتاريخ فلسطين، لا في المجالين السياسي والوطني فقط، بل أيضاً في المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ذو أهمية بالغة لما له من أثر في إعطاء المرأة ما تستحق من تقدير غفل عنه كثيرون، تقول الشهابي: "ما دفعني إلى العمل على متابعة نشاطات المرأة الفلسطينية في تلك الفترة، وتسجيلها هو إهمال التاريخ المكتوب عنها، فلا ترى إلا مقتطفات صغير هنا وهناك تم التطرق فيها إلى دور المرأة.. لأن ما سجل عن تاريخ تلك الفترة هو تاريخ الرجل الفلسطيني، ولم يكن للمرأة فيه نصيب يذكر".

كان على المرأة في ذلك الوقت أن تخوض معركتين: الأولى ضد تقاليد المجتمع التي كانت تحرمها حقوقها الاجتماعية، والثانية: وهي الأهم تتمثل في معركتها ضد عدو البلد الأساسي، ويشمل المستوطنين الصهيونيين والإدارة البريطانية التي حكمت فلسطين، وهي وإن اختارت أن تؤجل المعركة الأولى لتعطي الثانية الأولوية بحكم الأوضاع، إلا أن مشاركتها السياسية أدت إلى انطلاقها الاجتماعي بالتدريج.

استخدمت المرأة كل ما توفر لها من وسائل، وما لديها من قوة وعزم لمقاومة احتلال أرضها، حتى أنها أضحت في طليعة المعركة بعد أن بات الخطر يتهدد حياتها ومعيشتها، وكان أمام المرأة الفلسطينية عدة خيارات: إما أن تنغلق على نفسها في عالمها الخاص متجاهلة ما يحدث حولها، وإما أن تدفع أفراد عائلتها من الرجال نحو المقاومة والكفاح، وإما أن تقوم بالمشاركة الفعلية في الحركات الشعبية، وتنظيم النشاطات النسائي المتعددة لمساعدة المناضلين والثوار المدافعين عن الوطن(ص15).

كان على المرأة في ذلك الوقت أن تخوض معركتين: الأولى ضد تقاليد المجتمع التي كانت تحرمها حقوقها الاجتماعية، والثانية: وهي الأهم تتمثل في معركتها ضد عدو البلد الأساسي، ويشمل المستوطنين الصهيونيين والإدارة البريطانية التي حكمت فلسطين، وهي وإن اختارت أن تؤجل المعركة الأولى لتعطي الثانية الأولوية بحكم الأوضاع، إلا أن مشاركتها السياسية أدت إلى انطلاقها الاجتماعي بالتدريج.في الواقع إن جذور طرح قضية المرأة في فلسطين لم تكن ناتجة من صراعات اجتماعية داخلية كما حدث في الغرب، لأن احتلال الأرض بالقوة والعنف جعلا التناقض الأساسي موجوداً بين الشعب بكل فئاته وشرائحه وبين قوات الاحتلال البريطاني والصهيوني، وأصبح وجود التناقضات الاجتماعية والطبقية أقل أهمية، فكل المنظمات النقابية والنسائية والطلابية جندت للكفاح الوطني، فلا عجب إذن من أن تكون الصلة بين المرأة الفلسطينية والوضع السياسي في فلسطين دائماً وثيقة، فكانت ومازالت أكثر نساء العالم انغماساً في السياسة، واخذت على عاتقها قضية الاستقلال الوطني على جدول أولوياتها، أما قضايا حقوق المرأة ونضالها من أجل التحرر والمساواة فطرحت كرافد من روافد السياسة، تحققها من خلال مشاركتها النضالية.

من مجمل الكتاب تستطيع أن نرى أن حياة المرأة الفلسطينية في تلك الفترة كانت سلسلة من الكفاح على المستويات كافة والواقع أن المرأة منذ بداية القرن العشرين، بدأت تستفيق من سباتها بالتدريج، فالتحقت أفواج من الفتيات بالمدارس، وأخذت المرأة تدخل مجال العمل في التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية، وظهرت بوادر نهضتها الثقافية، كما تحركت اجتماعياً عندما لمست ما كان يعانيه شعبها من مظاهر الفقر والعوز، فهبت لتأسيس الجمعيات الخيرية بالعشرات لمساعدته في التغلب على صعاب الحياة.

الواقع الاجتماعي للمرأة الفلسطينية

يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن المرأة الفلسطينية في عهد الانتداب البريطاني ثلاث صور متنوعة: الأولى صورة الإنسانة المقموعة المتخلفة التي تعيش في عالمها الخاص؛ الثانية صورة المرأة الريفية الكادحة المرهقة من أعباء الحياة؛ ثالثة، صورة سيدة من العائلات الكبيرة نشيطة في الحق الاجتماعي، لكنها بعيدة عن هموم سائر النساء من الطبقات الأخرى، "ليعلم الوجهاء الذين يفكرون في عمل أي شيء نافع للبلاد، وفي إقامة بناء جديدة للوطنية أن كل بناء لا يكون قائماً على أساس تربية الفتاة والمرأة فأساسه يكون على الرمل".

كتبت الشاعرة فدوى طوقان عن وضع نساء عائلتها في نابلس في ثلاثينات القرن الماضي " فالعالم الخارجي كان تابو محرماُ على نساء العائلة فلا نشاطات اجتماعية ولا اهتمامات سياسية كانت أمي واحدة من أعضاء جمعية خيرية نسائية، ولكن هذا لم يغير من الصورة شيئاً، فقلما كانت تشترك في اجتماعات الجمعية، ولم يسمح لها بالسفر لحضور المؤتمرات النسائية كغيرها من أعضاء الجمعية، ولم يسمح لها قط بالمشاركة في السير في مظاهرة نسائية، فتقاليد العائلة لم تسمح بهذا مطلقاً".

دور البريطانيات المشبوه في تشويه صورة المرأة الفلسطينية:

يقول فرانز فانون في كتابه "البؤساء في الأرض": "إن المستعمر يعتبر أن الشعوب التي يستعمرها لا تملك أي قيم أخلاقية، لذلك فإن واجبه يقتضي أن ينقل إليها قيمه ومبادئه لينقذها من براثن الجهل والتخلف"، وهذا ينطبق تماماً على نظرة بريطانيا إلى الشعب الفلسطيني، وإلى المرأة الفلسطينية بالذات، فتعتبر بريطانيا أن ميزان التقدم الاجتماعي للمرأة هو مدى تخليها عن اللباس التقليدي وبعهدها عن ثقافتها الأصلية، لتصبح شبيهة بالمرأة الأوروبية من حيث المظهر والثقافة، وقد أدت النساء البريطانيات دوراً فعالاً في تثبيت أقدام الاستعمار الإنجليزي ومساعدته في تحقيق أطماعه في فلسطين، فقمن بشن غزو ثقافي على الشعب الفلسطيني في محاولة للتلاعب بمفاهيمه وتطويعه للاقتناع بثقافتهن وقيمهن، إذ كن في الواقع الواجهة الأمامية لهذا الاستعمار.

إن المستعمر يعتبر أن الشعوب التي يستعمرها لا تملك أي قيم أخلاقية، لذلك فإن واجبه يقتضي أن ينقل إليها قيمه ومبادئه لينقذها من براثن الجهل والتخلف..اتفق كثير من المفكرين على أن مقياس تقدم أي مجتمع أو تأخره يرجع بالضرورة إلى وضع المرأة فيه، ومدى ما تتمتع به من مكانة محترمة، وأكد المفكر الفلسطيني هشام شرابي في كتابه" مقدمة لدراسة المجتمع العربي" أن تحرير المرأة من العبودية شرط من شروط القضاء على التخلف ورأس حربة التغيير الاجتماعي والثقافي".

تحاملت الكاتبة البريطانية ماري إليزا روجز على المرأة الفلسطينية قائلة: " الأمل الوحيد بتقدم المرأة الفلسطينية يعتمد على مدى استفادتها من التعليم الذي يقدم الإنكليز لها ومدى اطلاعها على الثقافة البريطانية"، وردت الكاتبة الفلسطينية متيل مغنم عام 1936م على مثل تلك الادعاءات " تعتقد النساء الانكليزيات أن المرأة العربية غير مثقفة، وأنها تعرف اللغة العربية فقط، وتلبس الحجاب وتهرب عند مشاهدة الرجال..."   

السياسة التعليمية البريطانية

كانت سياسة حكومة الانتداب في فتح المدراس تقوم على التمييز المبنى على ثلاثة مستويات: أولها: التمييز بين عدد مدارس العرب وعدد مدراس اليهود؛ ثانيها التمييز بين عدد مدارس الإناث ومدراس الذكور؛ ثالثها: التمييز بين مدارس المدن ومدراس القرى، وبذلك فإن الفتاة العربية الريفية المسلمة كانت الأقل حظاً في التعليم " مما يؤكد سياسة التمييز التي اتبعتها حكومة الانتداب أيضا أن نسبة الذين حرموا التعليم من أطفال اليهود سنة 1944م، لم يتجاوز 3%بينما بلغت نسبة أولاد العرب المحرومين منه 67.5%، وكانت استراتيجية التعليم الحكومي تهدف في الأساس إلى إبقاء البنية التحتية المتخلفة للمجتمع العربي الفلسطيني كما هي، وعدم احداث أي تحولات اجتماعية من شأنها أن تخلخل هذه البنية التي كانت تقوم على أساس تقسيم المجتمع إلى طبقات متفاوتة في الدخل والثقافة والوضع الاجتماعي، وكان هدف التعليم عند بريطانيا هو تحسين وضع الفرد مع إبقاء السيطرة على الوضع الاجتماعي كما هو، فهدفهم ايجاد طبقة من الموظفين يعرفون القراءة والكتابة، وإلى عمال كادحين لا يمكن استغلالهم إلا إذا كانوا جهلة جهلاً مطبقاً(ص67).

بدأ النشاط الثقافي النسائي في فلسطين في الثلث الثاني من القرن التاسع عشر، إذ ظهر في بعض المدن الفلسطينية عدد من النشاطات النسائية المتفرقة، كفرقة الكرمل التمثيلية التي استطاعت القيام بأدوار رواية هملت المعقدة، ونجحت فيها كأسماء خوري وثريا أيوب، وفي أواسط العشرينات من القرن الماضي نجحت السيدة أسمى طوبي في خوض الكتابة المسرحية بمسرحية" مصرع قيصر روسيا وعائلته" ونشرتها في عكا، ومثلت في فلسطين ثلاث مرات، وفي لبنان تسع مرات.

ظهرت في القدس الصالونات الثقافية والسياسية التي انتشرت في بيوت النخبة، وكانت تجمع المثقفين والكتاب والسياسيين، ومن تلك الصالونات منزل جورج أنطونيونس، مؤلف كتاب يقظة العرب وزوجته كيتي، وكانا يقيمان بقصر المفتي الحاج أمين الحسيني في حي الشيخ جراح وأنطونيونس من أصل لبناني، وزوجته ابنة فارس نمر صاحب صحيفة المقطم اليومية القاهرية، وبالإضافة إلى دور الاثنين السياسي، وتأثيرهما البالغ في الحاج أمين الحسيني، فإنهما أديا دوراً في صنع المشهدين الثقافي والسياسي المقدسي والفلسطيني في عصرهما، ومثل جورج أنطونيونس الشخص المختار الذي قام بدور الجسر الخاص كي يعبر من فوقه العرب إلى الانجليز، ويمر من فوقه الإنجليز إلى العرب(ص121).

وعلى الرغم من ذلك فكان لكيتي دور إنساني، إذ أنشأت مؤسسة لإيواء الأطفال الفلسطينيين ضحايا المجازر الصهيونية في دير ياسين عام1948، وأطلق على هذه المؤسسة اسم دار الأولاد، وساعدها في تأسيسها عدد من أبناء القدس العاملين في الشؤون الاجتماعية مثل: سلطانة حلبي مفتشة دائرة العمل آنذاك، والسيد كنترفيتش من غزة مدير القسم الداخلي في الكلية العربية بالقدس، أما إيرادات الدار فجمعت من تبرعات المحسنين، وإذا حجز عجز كانت السيدة أنطونيوس تسده من مالها الخاص، وعاش المشروع عدة سنوات حتى قررت كيتي التنازل عنه فجأة بداعي السفر، ولعلها أحست بقرب وقوع كارثة عام 1967م.

الدور السياسي للمرأة في عهد الانتداب:

تقول متيل مغنم:" نحن نود أن نعلن للعالم أجمع، شرقه وغربه، أنه على الرغم من هذه الإدارة الاستعمارية، فإننا سنواصل العمل يداً بيد كي نحصل على حقوقنا الوطنية، لقد بات معروفا الآن تماما أن الاستقلال يؤخذ ولا يمنح، وأن كفاح أي أمة للحصول على حقوقها المنتهكة، واستعادة سيادتها المغتصبة لا بد أن يؤتي ثماره"، كان من البديهي أن تصبح السياسة جزءاً لا يتجزأ من حياة المرأة الفلسطينية منذ بداية عهد الانتداب البريطاني حتى يومنا هذا، بدأت الجمعيات النسائية في فلسطين بالظهور مطلع القرن العشرين، بين صفوف الطبقتين العليا والمتوسطة في المدن اللواتي كن يتمتعن بقليل من الحرية، وبقدر كاف من التعليم، وكان الهدف من تأسيس تلك الجمعيات هو المساهمة في العمل الخيري والإنساني، والنهوض بالمجتمع ككل، فكانت أقدمها الجمعيات الأرثوذكسية جميعة خيرية نسائية في عكا عام 1903م، وهي جمعية إغاثة المسكين الأرثوذكسية، لمساعدة الأسر المعوزة، وتجهيز الفتيات الفقيرات من بنات الطائفة الأرثوذكسية بما يلزمهن للزواج.

أسست السيدتان زليخة الشهابي، وكاميليات سكاكيني نواة أول اتحاد نسائي فلسطيني في القدس عام 1921م، وكان تعاون هاتين السيدتين رمزاً للتأخي والإسلامي المسيحي، وعنى هذا الاتحاد برفع مستوى المرأة فاتجه الى حقل التعليم والتدريب، وأخذ منحى وطنياُ فبدأ يشارك في التظاهرات ضد الانتداب البريطاني، والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني، أما الحركة النسائية الفلسطينية الفعلية، فقد بدأت بعد المؤتمر النسائي الفلسطيني الأول، إذ تم تأسيس جمعية السيدات العربيات في القدس عام 1929م، التي ما لبثت أن فتحت فروعاً لها عمت معظم مدن فلسطين كيافا والناصرة وعكا ونابلس وحيفا وغزة ورام الله، وامتدت إلى انحاء فلسطين كلها" لم يكن للحركة النسائية رؤية واضحة عن مستقبل البلد السياسي، لكنها اتبعت ما تقرره القيادة الوطنية للرجال بهذا الشأن، ومع ذلك فقد سعت لترسيخ المفهوم القومي لدى الفلسطينيات من خلال تعميق ارتباطاتهن بالحركات الثورية العربية العالمية،" وأخذ على تلك الجمعيات أنها اعتمدت على نساء من شريحة اجتماعية ضيقة لم تعان ما تعانيه المرأة العادية جراء شتى أنواع الاضطهاد، وأطلق على هذه الفئة من السيدات لقب سيدات المجتمع، فالنساء القرويات لم يكن لديهن لا الوقت ولا الرغبة في الانضمام إلى الجمعيات لانشغالهن بالعمل المرهق في البيت والحقل(ص167).

لا بد لنا أن نعترف بأن نضال المرأة الفلسطينية في عهد الانتداب البريطاني خلق جيلاً جديداً من النساء كسر حاجز الخوف، وانطلق ليبني نهضة نسائية متسلحاً بالإرادة والتصميم، وكان يؤمن بالوطن والمواطن ويعمل من أجلهما، وأرسى ما قدمت به المرأة من دور إيجابي قاعدة متينة بنت عليها الأجيال النسائية فيما بعد، ويكفي أن ندرك قيمة العمل الذي قامت به هؤلاء النسوة عندما نتخيل الوضع لو لم يكن لهن أي نشاط قط!.ليس أدل على أهمية الدور الذي قامت به المرأة الفلسطينية أثناء ثورة عام 1936م، من إشارة موشيه شاريت في يومياته 22/7/1936م، إلى مشاركة النساء العربيات الشابات في نشاطات الثورة بقوله:" إن هذه المشاركة اكسبت الثورة الفلسطينية طابعاً ثورياً "، وكتب المؤرخ السويدي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط تيد سويدنييرغ أهمية دور المرأة الريفية في المقاومة" إن دور المرأة كان أساسياً لتمكين الثوار من الاندماج في سكان الريف، والاستمرار في المقاومة المسلحة، والفرار من الكشف والاعتقال"(ص203).

الواقع أن النشاط النسائي الفلسطيني في تلك الفترة تمثل في نشاط فئتين مختلفتين من النساء قامت كل فئة منهما بدورها الوطني بطريقتها الخاصة، فكان دور الفئة الأولى: فئة نساء المدن اجتماعياُ وسياسياً، بتنظيم سلسلة من التظاهرات التي نددت بالإجراءات العنيفة التي مارستها الحكومة من اعتقالات وقتل ونسف بيوت وعقاب جماعي، وكانت الحكومة البريطانية تخشى التظاهرات النسائية، وتحاول اقناع الرجال العرب بالتدخل لمنعها، لحرص الانجليز على عدم تجاوز الحدود الأخلاقية ضد مهاجمة النسا، أما دور الفئة الثانية من نساء القرى تموينياً وعسكرياً مسانداً .

تشير متيل مغنم في خطاب ألقته من أمام مسجد عمر في القدس عام1933م " إننا نرى أمامنا ظلال إبادتنا الكاملة كشعب، وطردنا من أرضنا التي عشنا عليها نحن وآباؤنا وأجدادنا قروناً عديدة، ومع ذلك لم نفقد الأمل... ونحن نقف بوقار في مسجد عمر بن الخطاب، الفاتح العربي الكبير، لنسترجع لبرهة ماضينا ولنستمد من تاريخنا المجيد درساً لمستقبلنا وحافزاً لكفاحنا الوطني"، ما توقعته متيل مغنم من تشريد وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه تحقق فعلاً بعد خمسة عشراً عاماً، وتم تمزيق أوصال المجتمع الفلسطيني بكامله، ولا شك في أن نجاح هذه السيدة في استشراف المستقبل في تلك الفترة المبكرة من تاريخناً، يظهر مدى حكمتها.

أما موقف القيادة السياسية من الرجال من الحركة النسائية فكان محصوراً في تشجيع المرأة على القيام بدورها التقليدي ضمن أطر وأشكال تنظيمية خاصة بها، وليس أدل على تفوق وفعالية المرأة في الحركة النسائية عن فعالية الرجل في الحركة الوطنية، هو أن الصحف، عندما عقدت مقارنة بين الحركتين، كانت باستمرار تمدح الأولى وتنتقد الثانية، وقد كتب أحد كتاب أنها خلال ثورة عام 1936 -1939م، أرسلت النساء برقيات احتجاج على السياسة البريطانية تفوق كثيراً تلك التي أرسلها الرجال، كذلك قارون بين تظاهرات النساء في حيفا التي وصلت إلى مركز الحكومة، بينما لم تتمكن تظاهرة الرجال من تخطي عتباته، بل أن نساء حيفا وجهن رسالة إلى الرجال ليتحدوا، ولما وصلت الرسالة غضب أحد الرجال غضباً شديداً ودعا إلى معاقبة النساء، وفعليا كان تلك السيدات الوحيدات اللواتي يرفعن أصواتهن ضد الحكومة، بينما كان الرجال يجتمع بحاكم المقاطعة في حكومة الانتداب البريطاني ( ص259).

لا بد لنا أن نعترف بأن نضال المرأة الفلسطينية في عهد الانتداب البريطاني خلق جيلاً جديداً من النساء كسر حاجز الخوف، وانطلق ليبني نهضة نسائية متسلحاً بالإرادة والتصميم، وكان يؤمن بالوطن والمواطن ويعمل من أجلهما، وأرسى ما قدمت به المرأة من دور إيجابي قاعدة متينة بنت عليها الأجيال النسائية فيما بعد، ويكفي أن ندرك قيمة العمل الذي قامت به هؤلاء النسوة عندما نتخيل الوضع لو لم يكن لهن أي نشاط قط!.

مقالات مشابهة

  • صيني يروي تجربته المؤلمة داخل إسرائيل: لم أعد أتعاطف مع اليهود .. فيديو
  • إسرائيل تحبط هجومًا إيرانيًا على رعاياها في قبرص
  • إسرائيل تعلن إحباط مخطط إيراني لاستهداف رعاياها في قبرص |صور
  • إسرائيل تعلن إحباط هجوم إيراني على رعاياها في قبرص
  • من الملاجئ إلى قبرص: شبان يروون لحظات الخوف في إسرائيل
  • «باحث»: إسرائيل كانت تستهدف إسقاط النظام الإيراني باغتيالات وضربات جوية منسقة
  • كان المنسق الأول بين إيران وحماس.. إسرائيل تكشف تفاصيل اغتيال قائد فيلق فلسطين
  • المرأة الفلسطينية في عهد الانتداب البريطاني بين نهوض الهوية وتحدي الاستعمار
  • مظاهرة في فيينا تندد بهجمات إسرائيل على فلسطين وإيران
  • الإعلام العبري: هروب جماعي لمئات اليهود الحريديم عبر شرم الشيخ