بعد فشل الحلول الخارجية مفتاح الحل في الداخل
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
بقلم : تاج السر عثمان
١
مع التاكيد على ضرورة وقف الحرب واسترداد الثورة، الا أنه يظل مفتاح الحل في الداخل باعتباره الحاسم، ويظل العامل الخارجي مساعدا، فقد فشلت الحلول الخارجية حتى كتابة هذه السطور في وقف الحرب، كما في منابر جدة، الايغاد والاتحاد الأفريقي ، وزيارات المبعوث الأمريكي ( المكوكية) ، والتدخل الروسي الإيراني وتركيا لمساعدة الجيش السوداني، وتدخل الإمارات لمساعدة الدعم السريع، اضافة للتدخل الإثيوبي كما استضافة مؤتمر (تقدم) والتدخل المصري وعقد مؤتمر القاهرة الأخير.
٢
لقد أدت الحرب اللعينة التي دخلت شهرها السادس عشر الي مآسي إنسانية وارتكبت فيها مجازر وانتهاكات وإبادة جماعية واغتصاب وعنف جنسي، وكانت الحصيلة :
نزوح أكثر من ٩ مليون داخل وخارج مع ظروف إنسانية بالغة السؤ يعيشها النازحون جراء فقدان مقومات الحياة من غذاء وماء شرب نقي وخدمات صحية وتعليم. الخ.
أشارت منظمات الأمم المتحدة الي ٢٥ مليون سوداني يعيشون في حالة انعدام الأمن الغذائي. وتضرر ٢٤ مليون طفل من الصراع، اضافة لفشل الموسم الزراعي ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤ وفشل الموسم الزراعي الصيفي ٢٠٢٤، بسبب اجتياح الدعم السريع لمناطق إنتاج الحبوب في ولايات الجزيرة وسنار وشمال كردفان دارفور.. الخ، ونزوح المزارعين، مما يهدد بمجاعة تستوجب إعلان السودان منطقة مجاعة كما جاء في بيان التحالف الاقتصادي لقوى ثورة ديسمبر المجيدة بتاريخ ١٦ يوليو ٢٠٢٤.
مقتل أكثر من ٣٠ الف شخص، واصابة أكثر من ٧٠ الف شخص، فضلا عن فقدان الآلاف.
انهار النظام الصحي جراء خروج ٨٠ ٪من المستشفيات من الخدمة والهجوم على الكادر الطبي. كما يحتاج ١٥ مليون مواطن للخدمات الصحية.
حرمان ١٩ مليون طفل من التعليم بعد تعطيل المدارس لأكثر من عام، اضافة لتدمير مؤسسات التعليم العام والعالي، وجعل ما تبقى منها ثكنات عسكرية.
تم تدمير البنيات التحتية ومرافق الدولة الحيوية والمصانع والأسواق والبنوك، وتقدر الخسائر بأكثر من ١٢٠ مليار دولار.
إضافة لحملة الاعتقالات والتعذيب الوحشي حتى الموت للمعتقلين في سجون طرفي الحرب، اضافة لمحاولات ( الفلول) لاعادة قانون الأمن الذي يبيح الاعتقال والاحتجاز التعسفي، والتراجع عن إنجاز الثورة في ان جهاز الامن لجمع المعلومات.
إضافة لنهب ممتلكات ومنازل وعربات المواطنين من طرفي الحرب. مما اكد انها حرب ضد المواطن وتصفية الثورة.
٣
إضافة لدور المحاور الاقليمية والدولية في تسليح طرفي الحرب، بهدف نهب اراضي وثروات البلاد، في ظل اشتداد حدة الصراع الدولي لنهب موارد السودان وافريقيا، والوجود العسكرى على البحر الأحمر. مما يهدد بتقسيم وتمزيق وحدة البلاد بعد فصل الجنوب بتغذية وتوسيع الصراعات القبلية والعرقية، وخطر امتداد الحرب للبلدان المجاورة، اضافة للتفريط في السيادة الوطنية.
التدخل الخارجي كما اشرنا سابقا يهدف
لنهب ثروات البلاد وأراضيها ، والتفريط في السيادة الوطنية كما صفقة ميناء( ابوعمامة) لصالح الإمارات في ظل حكومة انقلابية غير شرعية ، وغياب مؤسسات الشرق ومؤسسات البلاد التشريعية المنتخبة ، مما يتنهك السيادة الوطنية ، ويقضي علي ميناء بورتسودان وبقية الموانئ السودانية علي البحر الأحمر ،وهذا المخطط وجد مقاومة جماهيرية كبيرة من الشعب السوداني وجماهير شرق السودان ، كما تم اسقاط مخطط البشير لتأجير الميناء الجنوبي بعد ثورة ديسمبر.
هذا اضافة لأهداف الاستثمارات الزراعية الواسعة في اراضي السودان الواسعة الضارة بمصلحة شعب السودان، ولمصلحة الاستثمارات الخارجية وتصدير العائد للخارج ، كما في مشاريع السعودية والامارات في السودان ، ونهب عائدات الذهب وبقية المعادن والمحاصيل النقدية وتهريبها للخارج ، بعد تهجير السكان الاصليين بالابادة الجماعية كما حدث في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان ، والمخطط الجاري في الحرب الراهنة لنهب أراضي مشروع الجزيرة بعد التهجير والابادة الجماعية لسكان القرى بعد الحرب اللعينة .
كل هذه المخططات تتم في ظل حكومة انقلابية غير شرعية ،فرطت في سيادة البلاد لمصلحة المحاور الاقليمية والدولية. مما يفسر السعي لايجاد تسوية بدعم إقليمي ودولي تكرس هيمنة العسكر والدعم السريع في السلطة وعدم قيام حكم ديمقراطي حقيقي ومجلس تشريعي منتخب، بهدف الاستمرار في نهب ثروات وأراضي البلاد وتهريب عائدات الذهب و المحاصيل النقدية والماشية للخارج، وتكريس احتلال الأراضي السودانية في الفشقة حلايب وشلاتين، الخ.
مما يتطلب حماية السيادة الوطنية ووقف نهب ثروات البلاد، وتوسيع الحراك الجماهيري القاعدي الجاري لوقف الحرب في داخل وخارج البلاد، كما في حراك لجنة المعلمين ، وقوى التغيير الجذري والميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب والجبهة النقابية، الخ، لوقف الحرب ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها في الحكم المدني الديمقراطي كما عبرت في مواثيقها، مما يشكل أساسا لبرنامج مشترك من تلك المواثيق مع احتفاظ كل تحالف وتنظيم باستقلاله، لقيام جبهة جماهيرية قاعدية لوقف الحرب واسترداد الثورة.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السیادة الوطنیة فی الحرب
إقرأ أيضاً:
Local ONLY يا له من خطاب كراهية مفزع
خالد فضل
والقصة من منطقة فاونتين ستيت بمدينة لندنديري بإيرلندا الشمالية , لعائلة سودانية لجأت إلى هناك منذ ديسمبر 2024م . السيدة هالة أحمد وأطفالها الأربعة . الحادثة وجدت استنكارا شاملا , مفتش الشرطة الإيرلندي مايكل جاهان قال إنّ ما حدث غير مقبول على الإطلاق . ( يستحق) الجميع هنا أن يعيشوا دون خوف أو ترهيب , العاملة المجتمعية جانيت واراك التي تدير نادي شباب الكاتدرائية عبرت عن حزنها الشديد للحادثة , ووصفت هالة وعائلتها بأنهم (ثروة) للمجتمع المحلي , ويجب على من فعل ذلك أن يلتقي بهم ليعرف قيمتهم . منتدى مهاجري الشمال الغربي وصف ما حدث بالفعل المقزز , وتعهد بتقديم كل الدعم للعائلة , مطالبا السياسيين باتخاذ مواقف صارمة ضد هذا الإعتداء العنصري . وبالفعل أدانه عدد من القوى السياسية والمدنية بمن فيهم نواب برلمانيون , أجمعوا على رفضهم للحادث وإدانتهم لأفعال الكراهية والعنصرية .
أتدرون ما الفعل المقيت الذي استوجب كل هذه الردود ؟ حسنا سنعود بعد قليل . فقد تطابقت إفادات بعض الناجين/ات من حوادث عنف ممنهجة في السودان , من كمبو طيبة شرقي ودمدني بولاية الجزيرة مرورا بولاية الخرطوم و سنار , وصولا للجنينة في أقصى غربي البلاد _ الشاكية جرحها للصديد _ كما في قول عاطف خيري , المهاجمون في كمبو طيبة كانوا يقولون لنا ( يا عبيد ) لا تستحقون العيش هنا , وكذا الحال في الجنينة يردد المهاجمون المسلحون .وفي قرية الخيرات بشرق النيل في الخرطوم وقفت إحدى السيدات تخطب وسط الركام؛ تقول إنّ أحدهم قال لهم إنتو العبيد نطردكم لغاية كاودا . أمّا في بعض مناطق ولاية سنار فإن بعض الدعوات نشرت على وسائط التواصل الإجتماعي تدعو إلى ترحيل بعض المجموعات القبلية المعروفة من قراها إلى ديارها في غرب السودان , هذه المرّة ليس بوصفهم (عبيد) لكنهم يدمغون بصفة (الجنجويد) . في ولاية نهر النيل ؛ عندما انشق أبو أحمد علي على رأس مجموعة مسلحة في مناطق الباوقة , معلنا رفضه لهيمنة عناصر الكيزان على قيادة المقاومة الشعبية هناك , بيد أنه طالب بإقصاء المنحدرين من غرب السودان من مناطق التعدين عن معدن الذهب النفيس . فيما شاع تطبيق ما يسمى بقانون الوجوه الغريبة في مناطق سيطرة الجيش , وهو قانون غير مكتويب لكنه منفذ في الإرتكازات العسكرية حيث يستهدف أبناء اثنيات محددة من غرب السودان , يتم توقيفهم وحبسهم على ذمة التحيق لمجرد سحنتهم أو لهجتهم , فالجميع في بعض المكونات السودانية متهمون حتى تثبت براءتهم !! كما تمتد هذه الممارسة في حملات الدهم والملاحقات الأمنية للمواطنين وحبس بعضهم وتعذيبه في المعتقلات مما أدى لوفاة بعضهم في تلك الأقبية المجهولة , كما حوكم بعضهم بالإعدام بتهم التعاون مع الدعم السريع .
في المقابل , سيصبح (الجلابي) هدفا مشروعا للإنتقام في بعض الحالات , وبدون مكتوب أو مرسوم صادر عن سلطة تأسيس أو قيادة الدعم السريع . حدث هذا ضد ابن خالي الشاب الشيخ في مدينة النهود صبيحة اجتياحها من جانب قوات الدعم السريع , فلقى ربه شهيدا بإذن الله , فهو لم يك والغا في الحرب أو متعاونا مع أي طرف فيها بل ظل لسنوات يسعى لكسب رزقه في السوق الكبير . أغتيل داخل المنزل مع ترديد عبارات (الجلابي الدخيل) !!
تلك آثام الحرب , ونتائج خطاب الكراهية والعنصرية والجهوية , وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم على قول الشاعر الحكيم زهير , أبرياء بالملايين , وجدوا أنفسهم في مواجهة مصير مفزع , وأهوال جسام , لمجرد السحنة , الجهة , العرق . من قضى منهم بالرصاص أو البراميل المفخخة التي تنهمر على الأسواق ومناسبات التجمعات حتى المستشفيات ودور العبادة , أو المسيرات التي تقصف عمدا في كمو أو معبر أدري أو سوق الكومة . الجميع هنا في السودان غرباء ( غير محليون) . وفي ضاحية بمدينة إيرلندية ؛ تنهض المدينة مفزوعة , كل فئات المجتمع , ترفض خطاب الكراهية والعنصرية , وتشيد بالثروة الهائلة التي يمثلها وجود هالة وأطفالها , لا غرو أن حازت إيرلندا على المرتبة الأولى ذات عام مضى في ترتيب معايير إسلامية الدول الذي أعده الأستاذان المسلمان حسين سكاري وعبدالرحمن زاده في جامعة جورج واشنطن الأمريكية منذ عقد وبضع سنوات , ويتم تجديده سنويا .
لا غرو أن حازت إيرلندا على المراتب العليا في تصنيف جودة التعليم , حقوق الإنسان , الإزدهار والتنمية , وحسن الاخلاق . فهاهم الإيرلنديون ينهضون مفزوعين مهلوعين , تتواتر أدبيات شجبهم وإدانتهم , ويعلنون تضامنهم مع تلك الأسرة السودانية التي لجأت إليهم هربا من لهيب الحرب وخطاب الكراهية والإنتقام في البلد الذي يتزعمه أقزام باسم الإسلام .. إنّ عبارة (محليون فقط) باللغة الإنجليزية , رسم وسهم في إتجاه البيت ؛ بالبوهية على جدران سور منزل تلك السيدة وأطفالها ؛ كان وحده كفيلا بتلك الهبة الإنسانية الواسعة , والرفض المغلّظ من جميع فئات المجتمع المحلي .
هنيئا لهالة وأطفالها الإنعتاق من ربقة مجتمع يدعو حملة الدكتوراة فيها إلى الذبح والسلخ للمختلفين , يدعو دعاة دينها المزيفون إلى مواصلة الحرب إلى يوم الدين فيما كولوم استود النائب البرلماني عن الحزب الديمقراطي الإجتماعي العمالي يصف العبارة بأنه هجوم مثير للكراهية ويجب محاسبة المعتدين الآثمين , أما كارين ماكود المتحدثة باسم الوزارة فقد قالت إنها ألتقت بهذه العائلة من قبل وهم أناس رائعون ويقدمون الكثير لمجتمع ديري غض الطرف عن المكان الذي جاءوا منه . ولكن بلد يتزعمه الكيزان هل مرجو فيه خير !!
الوسومخالد فضل