الأسرة/ زهور عبدالله
بلغت نسبة الضحايا من الأطفال فقط في العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ قرابة ثلاثمائة يوم 40 % من العدد الإجمالي الذي تجاوز 39 الف شهيد، بحسب إحصائيات الجهات الرسمية في الأراضي المحتلة وتأكيدات المنظمات الدولية المعنية، وكذلك كانت النسبة من إجمالي المصابين البالغة نحو مائة الف جريح في حين لازال آلاف الأطفال -كما تقول وزارة الصحة بغزة- تحت الأنقاض والركام، وآخرون ما زالت جثامينهم مرمية في الطرقات وفي الأزقة والشوارع، حيث يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم، أما في الضفة الغربية فارتفعت حصيلة الشهداء جراء اعتداءات قوات العدو والمستوطنين، إلى 589 شهيدا، منذ السابع من أكتوبر 2023م، منهم 142 طفلا ومازالت آلة القتل الصهيونية تحصد أرواح المزيد من أطفال الفلسطينيين بشكل يومي في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية على مرأى ومسمع من العالم.

آثار نفسية ومعنوية
إلى جانب القتل المتعمد الذي يتعرض له الأطفال الفلسطينيون من قبل الاحتلال، تعاني شريحة الأطفال بسبب العدوان على قطاع غزة من أوضاع نفسية صعبة نتيجة العدوان وكل الحروب “الإسرائيلية” المتتالية التي تشنها دولة الاحتلال على القطاع من حين لآخر متجاهلة كل القواعد الدولية التي تنص على تجنب المساس بالمدنيين وحماية الأطفال خلال النزاعات
منظمة الطفولة والأمومة الأممية” يونيسف ” أكدت أن أكثر من 700,000 طفل على الأقل في غزة قد نزحوا، وانهم يعيشون مع عائلاتهم العديد من المخاطر المتعلقة بالمجاعة وانتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة مثل انتشار فيروس شلل الأطفال وحالات الإصابة بالتهاب المعدة والأمعاء بسبب نقص المياه النظيفة وغيرها من الآفات جراء استمرار العدوان، وكانت الأمم المتحدة قد حذرت منذ الأسابيع الأولى للعدوان من أن “غزة أصبحت مقبرة للأطفال، وأن مئات الفتيات والفتيان يُقتلون أو يُصابون كل يوم” حسب ما ورد على لسان أمين عام الأمم المتحدة غوتيريش.
ويعيش الأطفال في قطاع غزة، الذين نجوا حتى الآن من آلة القتل الصهيونية، حياة غير سوية مليئة بالخوف والرعب والحزن والآلم جراء ما يشاهدونه ويسمعونه من محيط الحرب حولهم، وكان لذلك -كما يقول مختصون- بالغ الأثر علي معنوياتهم ونفسيتهم، إذ يعيشون واقعًا لا يمكن مطلقًا أن يكون واقع من هم في أعمارهم، فمشاهد القصف والحرق والقتل والهدم والتدمير منتشرة في كل مكان في القطاع، والتي تؤثر بدورها على نفسية الأطفال وسلوكياتهم، فجل الأطفال لا ينامون من شدة الخوف، ويشعرون بآلام في أطرافهم من شدة الارتجاف، كما أن القلق الذي يعيشونه على كافة المستويات سيولد بداخلهم صدمات نفسية عميقة، والتي ربما تكون طويلة ومعقدة.
ويشير المتحدث الإقليمي باسم الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” في حديث صحفي سابق إلى أن 50 % من الأطفال في غزة بحاجة للرعاية النفسية، كما يشير متخصصون في علم النفس أن التأثير النفسي للحروب يطال الكبار وخاصة الجنود والمقاتلين، وبالتالي فهذا الأثر أشد تأثيرا على الأطفال الذين يعيشون هذه الحرب.
منظمة إنقاذ الطفولة واليونيسف ومسؤولو الصحة الفلسطينيون أكدوا أن الأطفال الفلسطينيين يُتركون يعانون من إعاقات دائمة، ومشاكل في الصحة العقلية، وبتر الأطراف، مع معاناة الآلاف من الجفاف وسوء التغذية وأمراض الجهاز التنفسي والجلدية، كما تسببت الحرب العدوانية في عدم اخذ اللقاحات الروتينية، مما ترك الآلاف من الأطفال معرضين لمخاطر جمة ومتعددة.

الآثار الجسدية والاجتماعية
هناك 10 أطفال في المتوسط يفقدون إحدى ساقيهم أو كلتيهما في غزة كل يوم منذ السابع من أكتوبر، وذلك وفقًا لتصريحات منظمة “أنقذوا الأطفال”، ويؤكد المدير الإقليمي للمنظمة أن الآلاف من أطفال غزة فقدوا إحدى الساقين أو كليهما، وأن المستشفيات تكتظ بهم، وهناك من أجريت له عمليات البتر دون تخدير نتيجة العجز الصارخ في الأدوية وخدمات الانقطاع الصحي بالقطاع.
ويضيف المسؤول الدولي الذي زار القطاع قبل أشهر أن معاناة الأطفال في قطاع غزة لا يمكن تصورها، وأن قتل الأطفال وتشويههم أمر مدان باعتباره جريمة خطيرة يجب محاسبة مرتكبيها، وأن تأثير رؤية الأطفال وهم يعانون من هذا القدر من الألم وعدم توفر الأدوات والمعدات اللازمة لعلاجهم وتخفيف الألم عنهم له تأثير كبير جدًا حتى على المهنيين.
أما عن الآثار الاجتماعية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على الأطفال، فتتعدد ويتمثل أهمها -بحسب مختصين- في فقدان الأهل والأصدقاء وتشتت الأسرة وتفرقها، إذ أن جل الأطفال في غزة فقد نتيجة هذه الحرب أحد والديه أو كليهما، ومنهم من فقد أسرته بالكامل وبات بدون معيل، وتقول الأمم المتحدة أن غزة هي أخطر مكان في العالم لعيش الأطفال، حيث هجر نحو مليون طفل من منازلهم قسرًا وتشتت عائلاتهم .

حقوق منتهكة
هناك العديد من الاتفاقيات والمعاهدات والمنظمات العالمية التي تؤكد على حقوق الطفل، والتي من بينها الحق في التعليم والحق في الرعاية الصحية وحقوقهم في الأمن والرعاية الأسرية، والحق في الغذاء والبيئة النظيفة.. ولكن للأسف فالحرب العدوانية التي تشنها “إسرائيل” أتت على هذه الحقوق وغيرها، ففي ظل التدمير والقصف والانفجارات اليومية على قطاع غزة لم تعد هناك بيئة آمنة يمكن أن يعيش فيها الأطفال، وفي ظل تدمير شبه كامل للبنية التحتية للقطاع من مدارس وجامعات وعدم توفر الأمن انقطع الأطفال عن التعليم وتم تجميد العام الدراسي في قطاع غزة لأجل غير مسمي وضاعت أحلام الأطفال وبات مستقبلهم التعليمي وحقهم في التعليم في طي النسيان، وفي ظل انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة نتيجة تدمير المستشفيات والمراكز الصحية والعجز الصارخ في المعدات والأدوات الصحية ونقص الخدمات بكافة أرجاء القطاع، فقد الأطفال حقهم في الرعاية الصحية، وفقد العديد منهم حياتهم نتيجة عدم توفر متطلبات الرعاية الصحية المناسبة، وفي ظل الحصار وحرب التجويع التي ينتهجها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ونقص المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع، فقد الأطفال حقهم في الغذاء، وهكذا قضت الحرب الصهيونية في قطاع غزة على كافة حقوق الطفل ومازال نتنياهو الذي يستعرض إنجازاته أمام داعميه الأمريكيين، يتحدث عن أخلاقيات حربه على الشعب الفلسطيني.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

طبيب أسترالي بغزة: الوضع كارثي والأطباء عاجزون عن إنقاذ الجرحى

أكد الطبيب الأسترالي أحمد أبو سويد، أخصائي طب الطوارئ والمتطوع في قسم الطوارئ بمستشفى ناصر الطبي في خان يونس، أن الطواقم الطبية في المستشفى باتت عاجزة عن التعامل مع الأعداد المتزايدة من الجرحى، في ظل نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.

وفي مقطع فيديو نشرته وزارة الصحة الفلسطينية عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أكد أبو سويد أن عدداً من الضحايا الذين سقطوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح الأحد في مركز لتوزيع المساعدات بمدينة رفح، تلقوا إصابات مباشرة في الرأس والصدر، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم على الفور.

???? الطبيب الأسترالي أحمد أبو سويد اختصاصي طب الطوارئ يقول إن الطواقم الطبية عاجزة عن إنقاذ الجرحى في مستشفى ناصر الطبي بخانيونس جنوب قطاع غزة في ظل الوضع الكارثي بسبب النقص الحاد في الأدوية والمعدات الأساسية#غزة_تُباد pic.twitter.com/FCe2WFWcIJ — ساحات - عاجل ???????? (@Sa7atPlBreaking) June 1, 2025
وأضاف: "نحن هنا منذ أيام قليلة فقط، لكن ما رأيته من صدمة إنسانية لا يشبه أي شيء سبق لي أن عايشته. اليوم وحده استقبلنا مئات الجرحى، والمجمع الطبي مكتظ تماماً، بينما نواجه نقصاً كارثياً في المعدات والأدوية اللازمة لإنقاذ الأرواح".

وشدد الطبيب على أن الضحايا جميعهم من المدنيين الذين توجهوا لتسلّم المساعدات الغذائية، لكنهم تعرضوا لإطلاق نار مباشر أدى إلى وقوع إصابات خطيرة، مشيراً إلى أن العديد منهم وصلوا إلى المستشفى وقد فارقوا الحياة متأثرين بإصابات في الرأس والصدر.


مجزرة جديدة في رفح
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد أعلن، صباح الأحد، عن استشهاد 32 فلسطينياً وإصابة أكثر من 250 آخرين في مدينة رفح ووسط القطاع، جراء قصف واستهداف مباشر نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن معظم الإصابات وصفت بالخطيرة.

من جهتها، قالت وزارة الصحة في غزة إن كل شهيد وصل إلى المستشفيات كان مصاباً بطلقة نارية واحدة في الرأس أو الصدر، ما يعكس نية واضحة من جانب الاحتلال في تنفيذ عمليات قتل مباشر بحق المدنيين.

مجاعة ممنهجة ومخطط توزيع مشبوه 
في سياق متصل، تتهم جهات أممية الاحتلال الإسرائيلي بفرض سياسة تجويع ممنهجة بحق سكان قطاع غزة، حيث أدّى إغلاق المعابر لأكثر من 90 يوماً أمام المساعدات الإنسانية، خصوصاً المواد الغذائية، إلى دفع أكثر من 2.4 مليون فلسطيني نحو المجاعة، بحسب ما أكده المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع.

وفي تجاوز صريح للأطر الدولية المعتمدة، شرع الاحتلال الإسرائيلي منذ 27 أيار/مايو الماضي بتنفيذ خطة لتوزيع مساعدات إنسانية عبر ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة من تل أبيب وواشنطن لكنها مرفوضة من الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية.


وتُوزع هذه المساعدات في ما يُسمى "المناطق العازلة" جنوبي غزة، إلا أن المؤشرات تؤكد فشل هذه الخطة، في ظل توقف متكرر لعمليات التوزيع نتيجة تدفق أعداد كبيرة من الجائعين، بالإضافة إلى إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على المدنيين، ما أدى إلى سقوط مزيد من الضحايا بين شهيد وجريح.

ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جرائم وصفتها منظمات حقوقية وأممية بـ"الإبادة الجماعية" في قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن استشهاد وإصابة أكثر من 178 ألف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، في ظل استمرار عمليات النزوح القسري لمئات الآلاف من السكان، تحت غطاء سياسي وعسكري أمريكي واضح.

مقالات مشابهة

  • طبيب أسترالي بغزة: الوضع كارثي والأطباء عاجزون عن إنقاذ الجرحى
  • أبو سلمية: 5 مرضى بالسرطان يموتون يومياً نتيجة العدوان الإسرائيلي
  • غزة تموت عطشاً و5 من مرضى السرطان يودعون الحياة يوميا نتيجة نفاد الأدوية
  • الأمم المتحدة تكشف عن أزمة بقاء بغزة ولندن تطالب إسرائيل بوقف الحرب
  • الإغاثة الطبية بغزة: قصف المدنيين خلال وجودهم في مراكز توزيع المساعدات إجرام وهمجية
  • “الطفولة والأمومة” يتدخل لإنقاذ الطفلة المعتدى عليها بالمهندسين
  • وزير فلسطيني: إسرائيل دمّرت 90% من المنشآت الصناعية بغزة (فيديو)
  • الطفولة والأمومة يتدخل لإنقاذ طفلة واقعة فيديو المهندسين
  • «الطفولة والأمومة» يتدخل لحماية طفلة المهندسين ضحية عنف والدها
  • جُلّهم من الأطفال والنساء.. ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين بقطاع غزة إلى 54.381 شهيدًا