في تصريحاته المتكررة في كل مؤتمر صحفي، يعيد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس التأكيد في كل مرة على أهمية تعزيز قوة جيش بلاده ورفده بعناصر إضافية كي يكون جاهزا للدفاع عن ألمانيا متى تطلب الأمر ذلك.

وكانت ألمانيا قد أُجبرت على تخفيض عدد جيشها إبّان هزيمتها في الحرب العالمية الثانية على يد الحلفاء ومُنعت من إعادة تسليحه أو إعادة التصنيع العسكري؛ خوفا من إمكانية تجدد النزعة النازية بين الجنود الألمان وعودة الحروب من جديد.

وبعد عام 1955، بدأ بناء الجيش الألماني الحالي المعروف باسم "البوندس فير" برعاية الولايات المتحدة واعتمادا على برامج التسليح الأميركية، لكن في هذه الفترة انحصرت مهامه على حفظ الأمن والمراقبة.

والجدير بالذكر، أنّ البرلمان الألماني "البوندستاغ" وافق عام 2011 على تعليق الخدمة الإلزامية في الجيش، إذ نصّ القانون على تفعيل التجنيد الإجباري فقط عندما يعلن البرلمان حالة الطوارئ في البلاد، وأصبحت الخدمة شبه تطوعية أو يمكن للأفراد التطوع في الخدمات الاجتماعية والعمل على رعاية المسنين بدلا من الجيش، وهو أمر يفضله غالبية الشباب الألمان.

بيستوريوس أكد مرارا على أهمية تعزيز قوة الجيش الألماني ورفده بعناصر إضافية كي يكون جاهزا للدفاع عن ألمانيا (غيتي) خطة إعادة بناء الجيش الألماني

إلا أنه وبعد الحرب الروسية الأوكرانية، بدأت تظهر أصوات جديدة تدعو إلى تعزيز قوة الجيش الألماني، وتوفير الدعم الخاص له بوصفه القوة العسكرية المطلوبة لحماية ألمانيا في حال امتدت النار المشتعلة في أوكرانيا ووصلت إلى برلين.

لذا فإنّ دعوة وزير الدفاع الألماني المتكررة لتعزيز الجيش وزيادة الدعم المادي له وتخصيص مبالغ إضافية من الموازنة العامة لهذا الغرض، بالإضافة إلى خطته التي كشف عنها في مؤتمره الصحفي في مايو/أيار الماضي، فإنّه سيتم إعادة تفعيل إلزامية الخدمة في الجيش الألماني على مراحل؛ حيث سيتلقى الشباب ممن بلغوا سن 18 ورقة استبانة تتضمن عدد من الأسئلة تتعلق بالجيش وطبيعة الخدمة داخله.

وبناء عليه، يتوجب على الرجال الإجابة عن الأسئلة في ورقة الاستبانة والخضوع لفحوصات طبية في حال تم اختيارهم لأداء الخدمة، أما النساء فلن يكون عليهن الإجابة عن الأسئلة، وسيبقى الموضوع اختياريا بالنسبة لهن؛ حيث إنّ إعادة إلزامهن بالخدمة داخل الجيش الألماني تتطلب تعديل الدستور الألماني الذي ينصّ على إلزامية الرجال بخدمة القوات المسلحة والعمل ضمن الخدمة المدنية إن تطلب الأمر ذلك.

وبحسب صحيفة "دير شبيغل" الألمانية، فإنّ أكثر من 400 ألف شخص سيتلقى أوراق الاستبانة قبل نهاية عام 2024، حيث يتعين عليهم الإجابة عنها وانتظار عملية الاختيار التي ستتم وفق معايير معينة تنصّ عليها قوانين الجيش الألماني حسب حاجته.

ومن ناحية أخرى، تشير التقارير الرسمية الصادرة عن المؤسسات الحكومية الألمانية المعنية إلى أنّ الجيش الألماني يعاني نقصا مستمرا في الأفراد؛ كما أوضح وزير الدفاع الألماني أنّ بلاده تحتاج إلى أن تكون مستعدة للحرب للتمكن من الردع بالتعاون مع شركائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وكانت خطة قدرات الجيش لعام 2018 تتطلب أكثر من 240 ألف جندي، إلا أنّه ومع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وزيادة التزامات الناتو منذ مطلع العام 2022، فإنّ العدد المطلوب سيكون أعلى من ذلك بكثير؛ ونقل موقع دويتشه فيله عن رئيس رابطة الجيش الألماني العقيد أندريه فوستنر أنّ الجيش يحتاج إلى أكثر من 200 ألف جندي.

ويفرض ذلك على السياسيين الألمان الاستماع إلى خطط وزير الدفاع الألماني والموافقة على تجنيد عدد أكبر من الشبان.

ومن جانبه، طالب فوستنر باتخاذ إجراءات أكثر جدية بهدف تنظيم أفراد الجيش الألماني وزيادة عدده وتوفير الدعم المالي اللازم له، حيث أوضح أنّ عدد أفراد الجيش الألماني الحالي غير كافٍ لمواجهة أية تحديات قد تواجه البلاد.

كونرت اعتبر أن قرار الجنسية الجديد من شأنه دفع عملية اندماج المهاجرين بشكل أفضل داخل المجتمع الألماني (غيتي) قانون الجنسية الجديد

ومع دخول قانون الجنسية الجديد الذي أقره البرلمان الألماني حيز التنفيذ في 27 يونيو/حزيران الماضي، زادت حدّة النقاشات داخل البرلمان الألماني، وبرزت مشكلة اللاجئين من جديد لتأخذ منحىً جديدا للنقاشات بين السياسيين الألمان.

فمن جانب اعتبر كيفن كونرت رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي -وهو حزب المستشار الألماني أولاف شولتز- أنّ القرار من شأنه دفع عملية اندماج المهاجرين بشكل أفضل داخل المجتمع الألماني، والإفادة من خبرات اللاجئين وأبنائهم على المدى الطويل، وتوفير عناصر جديدة تساهم في خدمة المجتمع الألماني سواء داخل الجيش أم في مجال الخدمة والرعاية الاجتماعية.

واستنكر كونرت، تصريحات زعيم حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي المعارض فريدريش ميرتس الذي انتقد بدوره قانون الجنسية الجديد وتبعاته على المجتمع الألماني، حيث شدد في أكثر من مناسبة على ضرورة التأني في منح الجنسية الألمانية، والتحري الكافي عن المتقدمين للحصول عليها، حتى لا تضعف قيمة الجنسية من جهة، ومن جهة أخرى كي تسهل محاسبة من يعتبرون خطرا على المجتمع الألماني وأمنه.

وكان البرلمان الألماني قد أقرّ مقترحا تقدم به أعضاء من الائتلاف الحاكم يتيح للمهاجرين الجدد الحصول على الجنسية الألمانية، والتمتع بمزاياها خلال فترة تصل إلى 5 سنوات، بعد أن كانت 8، وأن من يثبت اندماجه بشكل جيد داخل المجتمع الألماني من خلال تقديم شهادات تثبت إتقانه لمستويات متقدمة من اللغة أو من يقوم بأعمال تطوعية، فإنه يمكن أن يحصل على الجنسية الألمانية في فترة قد تصل إلى 3 أعوام.

ويرى أعضاء من الائتلاف الحاكم أنّ هذا القانون هو أقل شيء يمكن فعله لرد الجميل والاعتراف بالجهود المبذولة من قبل أولئك المهاجرين الذين ساعدوا في بناء ألمانيا الحديثة.

أمّا حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي المعارض -وهو حزب المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل– فاعتبر أنّ هذا القانون قد يشكّل خطرا أمنيا على المدى البعيد، وأنه من الخطأ التسرع في منح الجنسية الألمانية بدون أخذ فترة زمنية كافية لاختبار أولئك المهاجرين؛ حيث انتقد زعيم الحزب فريدريش ميرتس القانون بشدة، معربا عن مخاوفه من أنّ السماح بتعدد الجنسيات سيجعل الجنسية الألمانية أقل قيمة! ويتيح للذين يتلقون مساعدات اجتماعية التجنس بسهولة.

مخاوف المهاجرين

ويرى كثير من المهاجرين العرب أن تسريع إجراءات منح الجنسية الألمانية يصب في خدمة الحكومة التي تسعى إلى زيادة عدد أفراد الجيش والخدمة الاجتماعية.

ويقول رئيس الجمعية العربية الألمانية للتبادل الثقافي حسام المحمد إن "الحصول على الجنسية الألمانية كان أمرا صعبا جدا في الماضي، ولكن في ظل المخاوف من امتداد الحرب الروسية الأوكرانية إلى ألمانيا، فإنّ هناك حاجة ماسّة للإفادة من المهاجرين، كي يقوموا بدورهم تجاه المجتمع الذي يعيشون فيه".

من جانب آخر يرى نائل عمر، وهو مهاجر سوري يعيش في ألمانيا منذ عام 2015 ويعمل في مجال الرعاية الاجتماعية، إنّ قانون التجنيس الجديد سيشكل علامة فارقة في حياة السوريين في ألمانيا، إذ يقول: "هربت بأطفالي من سوريا كي أجنبهم ويلات الحرب والآن بعد حصولهم على الجنسية الألمانية بات من المؤكد مشاركتهم في الحرب إن قامت في هذه البلاد. إنه القدر الذي يلاحقنا".

ويتخوف قسم كبير من اللاجئين من تحويلهم إلى كبش فداء في الحرب المستعرة على الأراضي الأوكرانية، إذ يرون أنّ قرار التجنيس ليس سوى نقمة ستجر كثير من الويلات عليهم في حال نشوب الحرب في ألمانيا التي جاؤوها أساسا هربا من الحرب في بلادهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات على الجنسیة الألمانیة وزیر الدفاع الألمانی البرلمان الألمانی المجتمع الألمانی الجیش الألمانی الجنسیة الجدید أکثر من

إقرأ أيضاً:

قانون التجنيد: الحريديون يهددون بإسقاط الحكومة أو تبكير الانتخابات بالاتفاق

تهدد الأحزاب الحريدية، "يهدوت هتوراة" وشاس، بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو ، على خلفية تجنيد الحريديين وطلاب "الييشيفوت" (معاهد تدريس التوراة). وهدد مندوب حزب "أغودات يسرائيل" في كتلة "يهدوت هتوراة"، يتسحاق غولدكنوبف، الذي يتولى منصب وزير الإسكان، بالانسحاب من الحكومة.

ونقلت صحيفة "معاريف" اليوم الجمعة، عن قياديين في "أغودات يسرائيل" قولهم إن الحكومة ستسقط في حال عدم التوصل إلى صيغة متفق عليها لقانون التجنيد حتى يوم الثلاثاء المقبل. واعتبروا أنه إذا تقرر التوجه إلى انتخابات عامة مبكرة، فإن هذا سيحدث خلال دورة الكنيست الحالية، التي ستنتهي في 27 تموز/يوليو المقبل، وأنه "لا يوجد سبب للانتظار حتى دورة الكنيست المقبلة، لأنه لن تتم المصادقة على ميزانية الدولة في جميع الأحوال".

وطلب نتنياهو، أول من أمس، خلال اجتماع بمشاركة رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين، ومندوب الحريديين، الوزير السابق أريئيل أتيّاس، تسريع العمل على القانون، وأنه إذا وافق حزبا شاس و"يهدوت هتوراة" عليه فإنه لن تكون هناك صعوبة بتجنيد دعم باقي أحزاب الائتلاف.

يشار إلى أن الأحزاب الحريدية هددت بعدم تأييد ميزانية الدولة للعام الحالي على خلفية مطالبتهم بإعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية، لكنهم أيدوها لدى التصويت عليها في نهاية آذار/مارس الماضي. وفي حال عدم المصادقة على الميزانية بحلول 31 آذار/مارس تسقط الحكومة وتُحل الكنيست بشكل أوتوماتيكي.

وقال القياديون في "أغودات يسرائيل" إنهم لن ينتظروا أسبوعا واحدا بعد عيد نزول التوراة، الذي يصادف بداية الأسبوع المقبل. وأضافوا أنه "خدعونا مرارا من خلال التأجيل لأسبوع وثم أسبوعين. ليس لدينا ثقة. نريد أن نرى واقعا، أو أن الحكومة ستسقط. ويتعين على نتنياهو أن يقرر حتى يوم الثلاثاء إذا ستكون لديه حكومة".

وحسب أحد الحاخامات الحريديين، فإنه "توجد عقبات كثيرة بشأن قانون التجنيد، وإذا رأينا أنه لا يتم التغلب على العقبات، فلا جدوى في البقاء في هذه الحكومة".

ويفضل قادة حزب شاس التوصل إلى موعد للانتخابات يكون متفق حوله مع نتنياهو، والامتناع عن إسقاط الحكومة من خلال الانسحاب منها وتأييد قانون لنزع الثقة عنها وحل الكنيست. ويفضل ذلك أيضا حزب "ديغل هتوراة"، وهو الشق الآخر في كتلة "يهدوت هتوراة".

وتعمل الدائرة القانونية في لجنة الخارجية والأمن على صياغة القانون، لكنهم يطالبون بمهلة زمنية لإنهائها. لكن الأحزاب الحريدية تقدر أنه عندما يتم تقديم مسودة القانون، "سيكون من الصعب لدرجة المستحيل الاتفاق حولها، ما سيؤدي باحتمال كبير إلى تبكير الانتخابات"، وفقا للصحيفة.

والخلاف الأساسي هو حول العقوبات التي ستفرض على الحريديين الذين سيرفضون التجنيد، وحجم هذه العقوبات. ووفقا لمسودة القانون الجاري صياغتها، فإن عقوبات كهذه ستكون شخصية ضد الذين سيرفضون الخدمة وكذلك عقوبات على "الييشيفوت" التي لن تستوفي العدد المطلوب من طلابها الذين سيتجندون.

وتطالب لجنة الخارجية والأمن بعقوبات صارمة وتطبيقها بشكل كامل وفوري، بينما يطالب الحريديون بأن ينص القانون على أن تكون العقوبات تدريجية. والاعتقاد السائد في اللجنة هو أنه لن يكون بالإمكان التفسير أمام الجمهور سبب استمرار تمويل الييشيفوت من خزينة الدولة، وأن عقوبات تدريجية لن توافق عليها المحكمة العليا، بعد تقديم التماسات ضد قانون يشمل عقوبات كهذه.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية استطلاع إسرائيلي: أحزاب المعارضة ستحصل على 61 مقعدا بانتخابات مبكرة بن غفير: حان الوقت للدخول بكامل القوة إلى غزة هدف حرب إسرائيل هو طرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من غزة الأكثر قراءة ألمانيا: المساعدات التي دخلت غزة قليلة جدا ومتأخرة تفاصيل لقاء الرئيس عباس مع فصائل منظمة التحرير في لبنان "المنظمات الأهلية" تُعقّب على سرقة شاحنات تحمل الدقيق إلى قطاع غزة غزة: 60 شهيدا و185 إصابة خلال 24 ساعة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • تصاعد معارضة الحرب في صفوف الجيش الصهيوني لجريمة الإبادة في غزة
  • الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة
  • "ممارسات غير إنسانية".. الأصوات المعارضة للحرب على غزة تعلو في صفوف الجيش الإسرائيلي
  • بعد تسهيلات التجنيس.. عدد الأجانب الذين يحصلون على الجنسية الألمانية يفوق 250 ألفا عام 2024
  • إن بي سي: معارضة الحرب تتصاعد بصفوف الجيش الإسرائيلي
  • وزير الداخلية الألماني: أوروبا بحاجة إلى دول ثالثة مستعدة لاستقبال المهاجرين
  • وزير خارجية ألمانيا: تسليم مزيد من الأسلحة لإسرائيل رهين بوضع غزة
  • قانون التجنيد: الحريديون يهددون بإسقاط الحكومة أو تبكير الانتخابات بالاتفاق
  • الاحتلال يزعم إدخال أول نظام للتصدي للطائرات المسيرة بالليزر إلى الخدمة
  • الاحتلال يزعم إدخال أول نظام لللتصدي للطائرات المسيرة بالليزر إلى الخدمة