الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت: القرار الإتهامي قبل نهاية السنة؟
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
رغم اختلاط المشهد في الذكرى الرابعة لانفجار المرفأ بالقلق المتصاعد جراء تسارع مؤشرات الصدام الحربي في المنطقة، بدا رفع الصوت لأهالي الشهداء والضحايا في الانفجار، ناهيك عن أصوات المراجع الدينية والنخب الإعلامية والصحافية والمدنية والسياسية المنخرطة في دعم قضية الحق في كشف الحقيقة، وكانّه بمثابة تحذير مدوٍّ من التمادي بعد طويلاً في طمس وعرقلة اصدار القرار الاتهامي في هذا الملف من خلال تطويق متواصل لمهمة المحقق العدلي في الملف.
وذكرت "النهار" أن المحقق العدلي في ملف إنفجار المرفأ القاضي طارق بيطار مصمم على السير بالتحقيق في هذه القضية قريباً، على أن يسبق إتخاذه أي خطوة على هذا الصعيد التواصل مع النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار ليبني على الشيء مقتضاه، بحسب مصادر قضائية مطلعة أشارت إلى أنه في ضوء التواصل مع النائب العام التمييزي إما أن يسيران معاً في ما تبقى من هذا التحقيق الذي كان قطع شوطاً بعيدا وبات على عتبة إصدار القرار الإتهامي في صدده، أو أن يسير القاضي بيطار بمفرده آخذاً على عاتقه ما تبقى من إنجاز ما هو عالق فيه تمهيداً لإصدار القرار الإتهامي قبل نهاية السنة الجارية 2024، طبقاً لما سبق أن ذُكر في وقت سابق عن توقيت صدور هذا القرار.
وذكّرت"النهار" أنها تناولت قبل حوالى شهر إنسداد الأفق في شأن إطلاق يد القاضي بيطار في تحقيقاته وتساؤل عن إتجاه أن يبادر المحقق العدلي بتوجيه إجراء عبر النيابة العامة التمييزية للتنفيذ بإعتبار أن قرار النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات الى الضابطة العدلية وقلم النيابة العامة التمييزية غير ملزِم للقاضي الحجار وهو موضوع طلب مكتب وكلاء الدفاع عن أهالي ضحايا إنفجار المرفأ للرجوع عن هذا القرار ولم يجرِ بته بعد.
وجاء في" الديار": خيّب القضاة المعنيون بالملف وعلى رأسهم المحقق العدلي القاضي طارق البيطار آمال الاهالي الذين كانوا يتوقعون قرارا ظنيا قبل الذكرى السنوية الرابعة للانفجار. الا ان مصادر قضائية معنية تعتبر انه "من الظلم تحميل البيطار وحده مسؤولية ملف بهذا الحجم" لافتة الى ان "كمّ التعقيدات والضغوط والتهديدات التي تعرض لها كان كفيلا بدفع اي قاض آخر الى التنحي، اما هو فقرر مواجهة الجميع والسير بملفه قدما رغم اتهامه باغتصاب السلطة وعشرات الدعاوى لكف يده". وتؤكد المصادر لـ "الديار" ان "القرار الظني سيبصر النور خلال اشهر معدودة، والبيطار سيقوم قريبا باستكمال الاجراءات اللازمة لتبليغ المدعى عليهم الذين لم يستجوبهم بعد للمثول امام التحقيق وفي حال لم يتجاوبوا فهو سيرفع قراره الظني للنيابة العامة التمييزية".
وبعكس ما اعتقد كثيرون لم يشكل تعيين القاضي جمال الحجار مدعيا عاما تمييزيا بدلا من القاضي غسان عويدات نقطة تحول في هذا الملف. اذ انه وبعد نحو ٧ اجتماعات بين الحجار والبيطار للتوصل الى نقاط مشتركة تؤدي الى تحريك المياه الراكدة، ظلت الامور تراوح مكانها. وتقول المصادر القضائية: "يعتقد البعض ان القاضي الحجار قادر بسحر ساحر ان يحرر البيطار من عشرات الدعاوى ومن قرارات القاضي عويدات التي ادت عمليا الى محاصرته، الا ان المحامين والقضاة يعلمون تماما ان ذلك غير ممكن وان الشواغر القضائية تمنع البت في معظم الدعاوى، لذلك اقترح الحجار فصل الملفات (ملف القضاة وملف النواب والوزراء عن ملف قادة الاجهزة الامنية والموظفين) بمحاولة للسماح للبيطار باصدار قراره الظني لكن الاخير اصر على رفض الاقتراح، ما يجعلنا عمليا ندور في حلقة مفرغة". وتؤكد المصادر ان "القاضي الحجار مستعجل بعد اكثر من القاضي البيطار لصدور القرار الظني لكن ما يريده هو ان يكون قرارا لا لبس فيها ويضع الجميع امام مسؤولياتهم الحقيقية ولا يسمح لاي كان بالتشكيك فيه من خلال حجج كصلاحيات المحقق العدلي وغيرها".
وكانت انطلقت قرابة الخامسة عصر أمس أكثر من مسيرة ضمت آلاف المتظاهرين لتلتقي نحو تمثال المغترب قبالة المرفأ، وقد رفع المشاركون الأعلام اللبنانية وصور الشهداء واللافتات المطالبة بإحقاق العدالة وكشف الحقيقة. ونظمت الذكرى الرابعة بعنوان "الناس في وجه المجرمين، مستمرون لتحقيق العدالة". وألقيت كلمات في المناسبة لعدد من أهالي الضحايا أجمعت على المطالبة بتحقيق العدالة والمحاسبة وإصدار القرار الاتهامي، كما اتهم متحدثون "حزب الله" بعرقلة كشف الحقيقة.
وانضمت ممثلة الأمين العام للامم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت الى المعتصمين أمام مركز فوج الاطفاء، معلنة أنها تقف الى جانب اهالي ضحايا مرفأ بيروت، الذين يطالبون بموقف واضح منذ حوالى 4 سنوات، وأنها موجودة اليوم لتؤكد تضامن الأمم المتحدة معهم، وأن العدالة يجب أن تتحقق. وعن كيفية تحقيق تلك العدالة قالت: "نتحدث بهذا الأمر لاحقاً، لكنني أؤكد أن العدالة يجب أن تتحقق".
وفي سياق المواقف التي أعلنت في الذكرى، كتب الرئيس سعد الحريري عبر منصة "إكس" قائلاً: "أربع سنوات على جريمة المرفأ، وما زال البحث جارياً عن الحقيقة". وأضاف: "وحدها العدالة يمكن أن تنصف الشهداء الأموات والأحياء، وتعيد بعض الوهج لبيروت".
طالب البطريرك الماروني بشارة الراعي برفع التدخلات السياسية والحزبية عن القضاء لكي يستطيع التحرّك من أجل العدالة والحقيقة لكي لا يتكرّر مثل هذا الجرم، مطالباً «بتحقيق دوليّ ما دام القضاء المحلّي معطّلاً للسنة الرابعة».
من جهته، رأى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس إلياس عودة أن السكوت عن جريمة بحجم عاصمة «معيب، كذلك معيب تقاذف المسؤولية عوض مساعدة القضاء على جلاء الحقيقة». وسأل: «ما نفع دولة لا قانون فيها ولا عدالة؟ وما دور المسؤولين إن لم يطبقوا القوانين ويعدلوا؟ متى ينتفض الجسم القضائي على السياسة والسياسيين ويمنع كل يد تمتد لتعطيل عمله وتشويه صورته ودوره؟ ومتى ينتفض على نفسه لينقي نفسه من بعض المرتهنين وفاقدي الضمير؟».
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
فرسان الحقيقة في زمن الحرب الكبرى.. صمود غزة وتحديات الأمة
هي حرب "الفرس والروم" تتجدد في عالمنا المعاصر بين الشرق والغرب، لا احترام فيها إلا للقوة، ولا تقدير فيها للضعفاء. "بوتين" يملك ملفات عن "ترامب" تعود إلى عهدته الأولى قد تودي بموقعه الرئاسي وتاريخه السياسي إلى النهاية. المهم نحن، الذين نملك مخزونا من الثقافة الرسالية لعالم هو اليوم أحوج ما يكون إليها. يقف قادتنا أمام الصلف الأمريكي بسلال فيها بيض وملح، وسيد البيت الأبيض يستصغر ما يفعل هؤلاء ويهينهم أمام الملأ، وما لجرح بميت إيلام. إنها الأقدار العادلة عندما تسجل للطغاة مشاهد ذلة لطالما أذاقوا شعوبهم منها.
بين الأزهر و"ألبانيز"
الروح المساندة للمقاومة في أرض الرباط والتشنيع على الصهاينة وعلى مشروعهم الخائب في المنطقة، لا ريب أنه جهاد باللسان يستدعي وقفة رجل واحد من أحرار الشمال الإفريقي كله ضد التطبيع والخنوع، ودعوة كل الجهات الرسمية والشعبية إلى تقديم ما بيدها من إمكانات لإسناد أهلنا في غزة. فليس من الإنسانية والرجولة أن نظل نتغنى بالحقيقة ولا نتبناها فعليا. في المملكة المغربية تطبيع مرفوض شعبيا لا بد أن يسقط، وفي الجزائر دعم بالأقوال يحتاج إلى تجسيد في الميدان، وفي تونس وليبيا وموريتانيا وجع لا بد أن يستحيل إلى طوفان.
إنها امرأة بألف رجل، كما يقول المثل، "رجل" ذي صبغة رسمية يحاضر في الأخلاق وقلبه قلب عصفور. وبالمناسبة فإن رؤية الحقيقة لا تتعلق بأصول من يعشقها وينادي بها، فكم ممن يصدع رؤوسنا مناديا بالحريات وحقوق الإنسان وهو عبد ذليل للسلطان، أو ممن يرتدي مسوح الإيمان والتقوى وهو لا يقوى على دفع ذبابة، وما أكثر هؤلاء في المناصب السياسية والدينية والإعلامية! وحق للسيدة الإيطالية "فرانشيسكا ألبانيز" أن تكرم إذ أهانها المعتدون، وأن يهان في المقابل من يدعو فينا للخنوع والتطبيع.
الوعي وحده غير كاف، إن القطة عندما ترضع صغارها وترى الخطر قادما تهب للدفاع عن صغارها بما لديها من أنياب ومخالب، هذا وعي غريزي عند كل الكائنات. النبأ في الإدارة السورية الجديدة أنها تبحث عن طعام للرعية وعرينها مستباح من كل جهة، خاصة من الجنوب، بل إنها تسعى لإرضاء المعتدين بتقديم قرابين من لحمها الحي وتبني برجا في قلب دمشق لمن يرعى الإرهاب. فإلى أين تمضي السفينة يا حكام سورية؟ليأخذ من يخاف العزلة والتهديد العبرة من مجاهدي غزة أو ليستقل من منابر وجدت للدفاع عن الأمة، هناك من هو أقدر على حمل الأمانة. علماء الأزهر حملوا أنفسهم مسؤولية كبرى ولا مناص من تحملها أو فليتنازلوا عنها لمن يطيق حملها. من وقع على بيان غزة وفق فيه، ولم يكن موفقا حينما تراجع عنه.
هذه هي مشكلة المؤسسات الدينية غير المستقلة، لها سقوف يحددها ولي الأمر لا الضمير والشرع الحنيف، الذي يدعون سدانته والقيام عليه. بيان مشيخة الزهر عن دعم غزة وتحميل المسؤولية لكل مقصر ثم سحبه من الإعلام والتحجج بأن البيان قد يربك مفاوضات التهدئة محض هراء. فما أحوج الأمة اليوم وغدا إلى علماء مستقلين لا يخافون في الله لومة لائم، ثابتين على مواقفهم غير مبدلين ولا مغيرين، إلى أن يلقوا ربهم وهم على ذلك.
"وليجدوا فيكم غلظة"
الوعي وحده غير كاف، إن القطة عندما ترضع صغارها وترى الخطر قادما تهب للدفاع عن صغارها بما لديها من أنياب ومخالب، هذا وعي غريزي عند كل الكائنات. النبأ في الإدارة السورية الجديدة أنها تبحث عن طعام للرعية وعرينها مستباح من كل جهة، خاصة من الجنوب، بل إنها تسعى لإرضاء المعتدين بتقديم قرابين من لحمها الحي وتبني برجا في قلب دمشق لمن يرعى الإرهاب. فإلى أين تمضي السفينة يا حكام سورية؟
الحكم الحالي في سورية هو تتويج للثورة السورية بغض النظر عن قناعات بعض من هذا الشعب الأبي. وهو بعض أصيل ولكنه يقاد بعقول انفصالية لا تقبل بمنطق التاريخ والأغلبية، وما يفعله هؤلاء عبث بالوطن لا معنى له. فأن تتأبى على التسليم بواقع الحال المقبول لدى غالبية الشعب السوري فأنت تفتح الباب مشرعا لدخول الغزاة إلى بلدك. كان على الحكماء الحقيقيين من الدروز والكرد أن يأخذوا زمام المبادرة ويعلنوها ألا خصومة إلا تحت مظلة الدولة، ولا خصومة تستدعي إزهاق الأرواح وإراقة الدماء.
إشراك أهالي المنطقة الوحدويين من الموحدين الدروز في إدارة شؤونهم الأمنية والمدنية سياسة حكيمة، ولكن أين قدرة سورية على مواجهة العدوان وقد استهدفت في رموزها الوطنية، بل وفي قصرها الجمهوري؟ إنه لا معنى لتغليب مصلحة السوريين في بناء دولة تتقدم الأمم، كما قال الرئيس الشرع، من دون أن تكون لهذه الدولة منعة وشوكة. وقد أبان قصف قيادة الأركان بسهولة ويسر ما ينتظر عمران هذه الدولة من دون قوة رادعة. وليس معنى القوة أن تمتلك طيرانا ومضادات له، للشعوب فنون لا تعد ولا تحصى في تحقيق الردع المتكافئ والنيل من المعتدين.
تقرير رويترز عن واقع الاقتصاد السوري لا يختلف في أسلوبه عن تقارير المخابرات، التي تسعى إلى معرفة كيف تدير الدول الواقعة تحت التأثير الإسلامي أمورها، خوفا من أن تتحول إلى صداع لها في المستقبل. المصلحة السورية الوطنية تكمن في أن تدار أموال الشعب بأيد أمينة تعمل للصالح العام، أما معايير الإدارة الاقتصادية التي يراد لها أن تؤطر العملية الإصلاحية في الاقتصاد على الطريقة الغربية فليست أبدا عيارا شفافا للفساد أو للنزاهة. فحذار! إنها الليبيرالية تلبس لأمتها الجديدة.
سنرى أي معول سيتغلب، معول البناء أم معول الهدم؟ و"الدفع أقوى من الرفع" لمن يدعي السياسة الشرعية.