وفاة 100 شخص في السودان بسبب المجاعة يومياً حسب الأمم المتحدة
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
أغسطس 11, 2024آخر تحديث: أغسطس 11, 2024
المستقلة/- قالت بعثة المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة إن مائة شخص يموتون من الجوع كل يوم في السودان، مستشهدة بنتائج حديثة توصلت إليها لجنة من خمسة أعضاء من خبراء الأمن الغذائي الذين درسوا بيانات من الدولة التي مزقتها الحرب.
و قال السفير جيمس كاريوكي، نائب الممثل الدائم للمملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، متحدثًا في اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء: “لا يوجد سوى استنتاج واحد محتمل من بيانات لجنة مراجعة المجاعة: هناك مجاعة في السودان، و أن المجاعة من صنع الإنسان بالكامل”.
و قال الدبلوماسي: “اليوم، سيموت 100 مدني سوداني – رجال و نساء و أطفال – من الجوع. و غدًا، 100 آخرون”.
و أضاف: “ستستمر هذه الخسارة المروعة في الأرواح حتى يضع الأطراف المتحاربة شعب السودان قبل السلطة”، داعيًا الأطراف المتحاربة إلى الانضمام إلى محادثات وقف إطلاق النار في جنيف.
يعادل هذا العدد اليومي المقدر حوالي 3000 حالة وفاة بالمجاعة شهريًا. و حذر خبراء الأرصاد الجوية من أن المجاعة من المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر على الأقل و قد تشتد. بدأت ظروف المجاعة في يونيو/حزيران، إن لم يكن قبل ذلك.
يأتي بيان السفير البريطاني في أعقاب إعلان المجاعة من قبل منظمة مراقبة المجاعة IPC (اختصار لـ “تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل”) لمخيم زمزم و المناطق الأخرى حول الفاشر، عاصمة شمال دارفور. و يتأخر الإعلان عن ظهور ظروف المجاعة الفعلية بعدة أشهر.
جاء الإعلان بعد مراجعة بيانات الوفيات التي جمعتها و وزعتها منظمة أطباء بلا حدود وكالات إغاثة أخرى. و حذرت منظمة أطباء بلا حدود في فبراير/شباط 2024 من أن 13 طفلاً يموتون كل يوم في مخيم زمزم. و منذ ذلك الحين، أصبح الجوع أكثر انتشارًا في المخيم و في دارفور بشكل عام مع تصاعد الصراع و تدهور ظروف السوق و الوصول الإنساني.
ألقى السفير البريطاني باللوم على الأطراف المتحاربة في المجاعة، قائلاً: “إن مستوى المعاناة في السودان لا يمكن تصوره. فهو موجود خارج مخيم زمزم بكثير و هو نتيجة مباشرة لأفعال الأطراف المتحاربة. إن القوات المسلحة السودانية تعرقل إيصال المساعدات إلى دارفور بما في ذلك إغلاق معبر أدري، و هو الطريق الأكثر مباشرة لإيصال المساعدات على نطاق واسع. إن الهجوم المستمر لقوات الدعم السريع على دارفور أجبر الآلاف على الفرار و خلق الظروف لانتشار المجاعة.”
و رغم أن الفاشر هي المنطقة الوحيدة في السودان التي أعلن فيها برنامج الأمم المتحدة للأمن الغذائي رسمياً عن المجاعة، فإن أجزاء أخرى من السودان تعاني أيضاً من نقص الغذاء. و وفقاً للأمم المتحدة، يحتاج أكثر من 20 مليون شخص في السودان إلى مساعدات غذائية لمنع الجوع و سوء التغذية الحاد و الوفيات.
إن تفاقم الصراع و النزوح الجماعي و تعطل الزراعة، وتدمير الجسور و غيرها من البنية الأساسية للنقل و انهيار المؤسسات الحكومية و الاًنخفاض الهائل في قيمة العملة و فقدان الصادرات و غير ذلك من العوامل الاقتصادية و الصراعية، تخلق خطر يتمثل في تفاقم المجاعة واستمرارها بعد أكتوبر/تشرين الأول. و سيكون من الصعب معالجة الفجوة الغذائية الهائلة الناجمة عن هذه الظروف حتى لو توقف الصراع الآن.
وقال ستيفن أومولو، المدير التنفيذي المساعد لبرنامج الأغذية العالمي، إن وكالته مستعدة للمساعدة و لكنها لا تستطيع الوصول إلى أجزاء كبيرة من السودان، بما في ذلك المناطق التي تشتد فيها الحاجة إلى الغذاء على وجه السرعة
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: الأطراف المتحاربة الأمم المتحدة فی السودان
إقرأ أيضاً:
بين تهنئة محمد كاكا ودعم حفتر … ماذا يحدث في خاصرة السودان الغربية؟
بدت بعض التهاني المتبادلة في عيد الأضحى هذا العام، كستار كثيف يُخفي وراءه دخان المعارك وترحال المتحركات.
ففي ذات الوقت الذي وجه فيه الرئيس التشادي محمد ديبي (كاكا) برقية تهنئة للرئيس الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ، بمناسبة عيد الأضحى، كانت الرمال الليبية تهتز تحت عجلات عربات عسكرية في طريقها شرقًا، تعبر عبر المثلث الحدودي بين ليبيا وتشاد والسودان، متجهة نحو أقصى شمال دارفور، في محاولة جديدة لإعادة تموضع ميليشيا الدعم السريع الإرهابية.
وبين التحية والعبور، تتكشّف أبعاد تحالفات غير مرئية، تحاول ترسيخ واقع جديد على حدود السودان الغربية، باستخدام وكلاء بلا قضية، وإسناد عابر للسيادة.
*حفتر: جيش نظامي وخيوط مليشياوية متشابكة*
لا يمكن قراءة تحركات المشير خليفة حفتر دون استحضار تركيبة جيشه العسكرية ومشروعه السياسي. فالرجل الذي يسيطر على شرق ليبيا يدير قوة تتجاوز 70 ألف عنصر، تضم وحدات نظامية إلى جانب مليشيات قبلية ومقاتلين مأجورين. يتوزع نفوذه بين بنغازي وطبرق وسبها، مع تمدد واضح نحو الجنوب الليبي، خاصة في مناطق الكفرة ومرزق.
يعتمد حفتر في تسليحه على خليط من المدرعات الروسية والصينية، والطيران السوفيتي القديم، والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، إلى جانب دعم استخباراتي ولوجستي من جهات إقليمية متعددة.
لكن القوة الحقيقية لحفتر لا تقف عند قواته الرسمية، بل تمتد إلى مليشيات مثل:
• لواء الصحراء (الذي يضم مقاتلين من الطوارق والتبو)
• كتيبة طارق بن زياد المعروفة ببطشها في المناطق النائية
• ومجموعات من المرتزقة القادمين من تشاد والنيجر ومالي، يستخدمهم للعمليات غير النظامية، والتنقل في مناطق النفوذ المتداخلة.
*الدعم الحفتري للميليشيا: مناورات استراتيجية أم توريط غير مباشر؟*
مليشيا الدعم السريع الإرهابية، التي تخوض حرباً شرسة ضد الدولة السودانية، تسعى منذ أشهر للحصول على دعم عسكري خارجي يعوّض خسائرها المتلاحقة، بعد أن تلقت ضربات موجعة في العاصمة الخرطوم وأطرافها، من بعد أن تمّ طردها من ولايتي سنار والجزيرة، وبعد أن تلقت كذلك ضربات موجعة في معاقلها في دارفور.
وجدت المليشيا في خليفة حفتر ضالتها، إذ منحها ممرًا بريًا عبر الجنوب الليبي، لتجميع المرتزقة، وتمرير السلاح، وإعادة تموضع مقاتليها المنهكين، ومن الواضح أن حفتر تلقى طلباً، أو إمراً، من داعميه الإقليميين ليفعل ذلك.
تقدر المصادر التي تحدثت إلى “المحقق”، الحضور الميداني للميليشيا داخل ليبيا، ما بين 800 و1200 عنصر، نسبة كبيرة منهم من المرتزقة (تشاديين، نيجريين، وفلول الطوارق من شمال مالي)، مقابل عناصر سودانية قليلة ومنهكة.
تسليحهم لا يتجاوز البنادق الروسية (كلاشنكوف)، ومدافع PKM، وعدد محدود من العربات “التاتشر” المزودة بدوشكا، مع غياب تام للغطاء الجوي أو القدرات الدفاعية المتقدمة. وتنتشر هذه العناصر في محيط الكفرة وسبها، في بيئة قبلية لا توفر غطاءً مستقرًا، ولا شرعية ميدانية.
*نقاط الضعف التي يمكن استثمارها عسكرياً*
رغم هذا التحشيد، إلا أن مكامن الضعف فيه أكبر من مظاهر القوة الظاهرة:
• فالمرتزقة بلا عقيدة، وبلا دافعية للقتال.
• طرق الإمداد الصحراوية مكشوفة، يسهل رصدها واستهدافها جوًا.
• غياب الحاضنة الاجتماعية في شمال دارفور يحرمهم من أي امتداد حقيقي.
• انعدام السيطرة المركزية يجعل كل وحدة في الميدان جزيرة معزولة.
الجيش السوداني، بقوته المنظّمة ومعرفته الدقيقة بطبيعة الأرض والمجتمع، قادر على استثمار هذه الثغرات لتوجيه ضربات مركزة تقطع الإمداد، وتفكك التمركز، وتُفشل المخطط بأقل كلفة.
*الوجهة المحتملة: دارفور لا الشمالية*
رغم انتشار الشائعات حول توجه هذه القوات إلى الولاية الشمالية، إلا أن المعطيات الجغرافية والعسكرية تشير بوضوح إلى أن الهدف الحقيقي يبقى دارفور، خصوصًا محاور كبكابية، كتم، وزالنجي، في محاولة يائسة من الميليشيا لإعادة النفوذ المفقود.
فالولاية الشمالية بطبيعتها الجغرافية وبيئتها السكانية لا توفر أي حاضنة أو خطوط إمداد لوجستية لهذه الجماعات، ما يجعل مهاجمتها عملاً مكلفًا لا طائل منه.
*ميليشيا الدعم السريع: ارتباك القيادة وتآكل البنية*
منذ هزيمتها في أم درمان والخرطوم، تعيش ميليشيا الدعم السريع الإرهابية حالة من التخبط والفقدان الكامل للبوصلة. انقطعت خطوطها الرئيسية، وتفككت وحداتها، وتراجعت معنوياتها، وبدأت دائرة التمرد الداخلي في التوسع.
فشلت قيادتها في تعويض النقص البشري، فلجأت إلى المرتزقة، وهو ما زاد من الهشاشة الميدانية. ولم تعد تملك مشروعًا سياسيًا ولا قدرة على التحكم في مشهد معقد، وهو ما يجعلها اليوم عبئًا حتى على الجهات التي تساندها.
*الرد لا يكون بالسلاح وحده… بل بالضغط المتعدد المحاور*
المعركة الحالية تتجاوز جغرافيا الرصاص. بل المطلوب الآن عمل سياسي استخباراتي موازي يشمل:
• استهداف المليشيات الداعمة لحفتر داخل ليبيا بقصد تغيير مواقفها مما يحدث في السودان.
• فتح جبهة إعلامية ودبلوماسية تكشف ضلوع حفتر في زعزعة استقرار السودان.
• تحييد المرتزقة عبر التواصل مع دولهم الأم أو بوسائل التأثير الميداني.
بهذا التكامل بين الميدان والسياسة والمجتمع، يمكن بناء جدار منيع، لا تصمد أمامه تحالفات المرتزقة، ولا أوهام أمراء الحروب.
في الختام، فإن ما يجري في خاصرة السودان الغربية ليس مجرد تحرك عسكري، بل اختبار حقيقي لقدرة الدولة السودانية على حماية حدودها، وردع من تسوّل له نفسه استخدام ترابها كأرض عبور لمشاريع تخريبية.
الجيش السوداني اليوم لا يدافع فقط عن الجغرافيا، بل عن هوية وطن، ومستقبل أمة، وإرادة شعب يرفض أن يكون رهينة لوكلاء الخارج.
الخرطوم – المحقق
إنضم لقناة النيلين على واتساب