"لبنان يعيش أسوأ أيامه". هذا ما قاله أحد السياسيين المخضرمين، الذي يتابع بدقة ما يجري في الداخل والخارج. وهو يرى أن بعض الخارج صادق في حركته الديبلوماسية لتجنيب لبنان المغلوب على أمره آثار ردّات الفعل الحربية. ويُتوقع أن تكون كارثية على كل المستويات، خصوصًا أنه يعيش في هذه اللحظات على توقيت الساعتين الإسرائيلية والإيرانية، مع ما يمكن أن ينتج أيضًا عن ردّ "حزب الله" على اغتيال فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت من ردّ إسرائيلي آخر.
إلا أن ثمة أوساطًا سياسية مراقبة لا توافق على نظرية أن "لبنان يعيش أسوأ أيامه"، مستندة بذلك إلى الحركة الديبلوماسية الواسعة لتجنيب لبنان هذا "الأسوأ". وهذا ما تقوم به بالفعل كل من الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية مصر العربية ودولة قطر لضمان ما يمكن أن يصدر عن الاجتماع المزمع عقده في 15 الجاري في الدوحة أو في القاهرة في محاولة، قد تكون ربما الأخيرة، لوقف اطلاق نار شامل ونهائي في قطاع غزة واطلاق سراح الرهائن والمعتقلين وفق المبادئ التي وضعها الرئيس الأميركي جو بايدن وأقرّها مجلس الأمن الدولي في قراره الرقم 2735، الذي لاحظ ثلاث مراحل لاقتراح بايدن وقف النار، وهي:
المرحلة الأولى: وقف فوري وكامل لإطلاق النار مع إطلاق سراح الرهائن من بينهم نساء وشيوخ وجرحى ورفات بعض الرهائن الذين قتلوا ويتم تبادل ذلك بأسرى فلسطينيين، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المناطق المأهولة بغزة وعودة المدنيين الفلسطينيين إلى منازلهم وأحيائهم في كافة مناطق البلاد في غزة، بما في ذلك في الشمال، فضلا عن التوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة لجميع الفلسطينيين المدنيين الذين يحتاجون إليها، بما في ذلك الوحدات السكنية التي تقدمها المنظمات الدولية والمجتمع الدولي.
المرحلة الثانية: بناء على اتفاق الأطراف، يتم وقف دائم للأعمال العدائية، مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن الآخرين الذين ما زالوا في غزة، وبشكل كامل؛ وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة.
المرحلة الثالثة: بدء خطة إعادة إعمار كبرى متعددة السنوات في غزة والمنطقة وإعادة رفات أي رهائن متوفين ما زالوا في غزة إلى عائلاتهم.
ولأن نجاح المساعي لوقف النار في غزة سينعكس حتمًا على الجبهة الجنوبية، وبالتالي على كل لبنان، وفق ما سبق أن كرّره أكثر من مرّة الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله لجهة التزامه بوقف عملياته العسكرية ضد المواقع الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن الحكومة اللبنانية، التي قدّرت هذه الخطوة، تعتزم تقديم مقترح جديد لاستكمال تنفيذ البنود الاخرى بطريقة ترضي جميع الأطراف المعنية.
وبالتوازي مع التحضيرات للقاء الخامس عشر من آب، مع ما يرمز إليه هذا التاريخ في الوجدان المسيحي المريمي، يكثف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالاته بزعماء منطقة الشرق الأوسط، اعتقادًا منه وفريق عمله أن تجنيب لبنان الحرب الكبرى لا يزال أمرًا ممكنًا وواردًا، باعتبار أن نجاح المساعي في التوصل إلى وقف النار في غزة قد يقنع إيران بعدم التصعيد مع إسرائيل وحضّ شركائها في المنطقة على عدم إعطاء إسرائيل حجة إضافية لجرّ لبنان إلى الحرب التي تريدها وتسعى إليها. إلاّ أن آخر المعلومات المستقاة من "حارة حريك" تؤشرّ إلى أن "حزب الله" سيرّد في المكان والزمان المناسبين على عملية اغتيال القيادي فؤاد شكر حتى ولو تمّ الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
قاسم: الاحتلال ارتكب 3300 خرقا منذ بدء وقف إطلاق النار في لبنان
أكد أمين عام "حزب الله"، نعيم قاسم، مساء الأحد، التزام الحزب والدولة اللبنانية بشكل كامل ببنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين بيروت وتل أبيب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، مقابل ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي 3300 خرق له.
جاء ذلك في كلمة ألقاها أمين عام الحزب بمناسبة عيد المقاومة والتحرير، نشر الحزب نصّها عبر موقعه على منصة "تلغرام".
وقال قاسم: "نحن والدولة التزمنا بالكامل باتفاق وقف النار غير المباشر بين الدولة والعدو مقابل 3300 خرق للعدو الإسرائيلي، ونحن مستمرون بتلقي هذا العدوان".
ولفت إلى أن "نشأة المقاومة كانت طبيعة جدا مع شعب أبّي لا يقبل الذل ولا الاحتلال ولا أنْ يكون مستسلما للعدو الإسرائيلي"، مذكّرا بأن "المقاومة بدأت تنمو في الستينات والسبعينات وبرز الإمام السيد موسى الصدر كإمام للمقاومة وإنشائه حركة المحرومين".
وتابع قوله: "في عام 1978 صدر قرار 425 يدعو "إسرائيل" إلى أنْ تنسحب من الأراضي اللبنانية وأنشأت ما سُمّي وقتها "دولة لبنان الحر" برعايتها ورئاسة الرائد سعد الحر، وهي كانت خطوة أولى لاقتطاع جزء من لبنان وإقامة المستوطنات في لبنان".
ونوه إلى أنّه "في عام 1999 بدأ يتنافس رؤساء الوزراء في الكيان على الانسحاب من لبنان، وحاولوا أنْ يعقدوا اتفاقًا مع لبنان لكنْ لم يفلحوا، وحاولوا عبر سورية ولكنْ لم ينجحوا".
ولفت إلى أنّ "الإسرائيلي" خرج قبل الموعد المتوّقع وخرج في الليل ولم يخبر عملائه أنّه سيخرج"، معتبرا أن "25 أيار 2000 انتصار كبير جدًّا للمقاومة والشعب المضحّي الذي استطاع أنْ يكسر إسرائيل، بخروجها من دون قيد أو شرط من جنوب لبنان".
وأكد أن "عيد التحرير غيّر مسار المنطقة سياسيا وثقافيا وجهاديا، ونقلنا من الإحباط إلى الأمل، ومن الهزيمة إلى النصر، وبعد عيد المقاومة والتحرير أصبحت المقاومة مكونا أساسيا من مكونات لبنان، لأن مشكلة العدو ما زالت موجودة".
وتابع قائلا: "المقاومة والتحرير مرحلة مختلفة تمامًا عن المرحلة السابقة، وكل الفضل في التحرير والنصر لله تعالى وهو نصر إلهي لأنّ القلّة انتصرت على الكثرة".
وفي 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، شن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 أيلول/ سبتمبر 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف شهيد ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
ورغم بدء سريان اتفاق لوقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ارتكب الاحتلال مئات الخروقات التي خلفت أيضا 204 شهداء و501 جريح على الأقل، استنادا إلى بيانات رسمية.