بقلم: نزار بولحية

ما الذي قد يدفعها أصلا لفعل ذلك؟ ألن تخرق بتلك الطريقة، واحدا من أهم الأسس التي قامت عليها سياستها الخارجية وهي، الحفاظ على حيادها في ملف الصحراء؟ قد يقول البعض. لكن إلى متى يتحمل الموريتانيون وزر تلك العلاقة، التي اضطروا لربطها في وقت ما مع البوليساريو؟ ألم يحن الوقت لهم لأن يتخلصوا من أثقالها ويتحرروا من ضغوطها وإكراهاتها؟ ربما يرد آخرون.

لا شك بأن أي تغيير جذري أو راديكالي قد يقدمون عليه في ذلك الجانب قد لا يبدو سهلا بالمرة. غير أن دخول بلدهم، كما هو مفترض، بعد الانتخابات الأخيرة في مرحلة جديدة يطرح السؤال حول طبيعة خيارتهم في الفترة المقبلة، وما الذي سيسعون إلى تحقيقه في السنوات الخمس المقبلة، أي خلال العهدة الرئاسية الثانية للرئيس ولد الغزواني؟

فهل ستحافظ نواكشوط على قواعد اللعبة الإقليمية المعروفة، وتحاول بالتالي البحث عن سبل تحقيق أمنها وتأمين حدودها بالطرق والأساليب المعتادة؟ أم أنها ستحاول كسر البعض من تلك القواعد واثبات جهوزيتها التامة وقدرتها الذاتية على الرد على أي تهديدات خارجية قد تطالها؟

لا شك بأن الإعلان المفاجئ الذي صدر عن الرئاسة الموريتانية في يونيو الماضي حول امتلاك الجيش الموريتاني «لأول مرة لمسيرات هجومية تماشيا مع التطور المتسارع للتسليح عبر العالم»، بتزامن مع استعراض الرئيس الموريتاني لترسانة جديدة من الأسلحة متكونة من «وحدات مدرعة وأخرى مدفعية ميدانية ووحدات مضادة للدروع، وأخرى مضادة للطائرات وطائرات ومحطات رادار ومسيرات استطلاع وهجوم ذات فعالية عالية جدا، وقادرة على تغطية كامل الحوزة الترابية الوطنية، بما في ذلك المياه الإقليمية على مدار الساعة»، ينبئ عن ملامح أخرى لنواكشوط. لكن في وجه من يكشر الموريتانيون عن أنيابهم؟ قد لا يتعلق الأمر فقط بقوات فاغنر التي باتت تطرق أبوابهم بقوة من الجارة مالي، بل أيضا بالبوليساريو الذي قد يحاول في وقت من الأوقات أن يقلب الطاولة، بعد التطورات الأخيرة في الملف الصحراوي، ويستخدم أراضيهم مثلما فعل في مناسبات سابقة لشن هجمات أو ضربات على القوات المغربية. لقد حاول الرئيس الموريتاني في خطاب تنصيبه الخميس الماضي، أن يتطرق، في الجزء الأكبر من كلمته، للحديث عن القضايا والمسائل الداخلية البحتة، ولم يفته أن يقول في الأخير «إننا سنستمر على المستوى الخارجي في اعتماد دبلوماسية نشيطة قائمة على مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل والتعاون البناء والتمسك بقيم الأمن والسلم والإخاء بين شعوب العالم.. وسنظل كما كنا تاريخيا دعاة سلم وإخاء واتحاد، وحلقة وصل بين العالمين العربي والافريقي». وبالنسبة للضيوف الأجانب الذين حضروا ذلك الحفل، بدت لهم تلك الكلمات مطمئنة للغاية، لكن هل يمكن للدبلوماسية الموريتانية أن تخطو قدما وسط ما تلوح حقولا وعرة مليئة بالألغام؟ وهل يمكنها أن تتحرك بفاعلية تامة ونجاعة قصوى في محيط مضطرب ومهتز ومتقلب؟ إن المحك الحقيقي هنا قد يكون في تعاملها في المرحلة المقبلة مع البوليساريو. ولا شك بأن السياق الإقليمي الحالي يدعو الآن وأكثر من أي وقت مضى للسؤال حول مصير علاقتها بذلك التنظيم الذي لا تعترف الأمم المتحدة به كدولة. والأمر لا يخلو قطعا من التعقيد. فالموريتانيون يقفون اليوم أمام مخاطر إقليمية متعددة ومتنوعة، ففضلا عما يحصل من حولهم من توترات وتحولات داخل منطقة الساحل، ومن تصاعد لحمى المواجهات بين الفرقاء في مالي على مرمى حجر من حدودهم فإن حدثين بارزين حصلا بشكل متسارع ومتتابع في الفترة الأخيرة، لهما علاقة بالملف الصحراوي قد يدفعان بهم لمراجعة كثير من حساباتهم وهما، قرار الاتحاد الافريقي في اجتماعه الشهر الماضي في العاصمة الغانية أكرا بحظر حضور الكيانات غير المعترف بها من طرف الأمم المتحدة في الاجتماعات والقمم الدولية بين الاتحاد الافريقي والدول الكبرى، ما يعني ضمنا إقصاء البوليساريو من أي مشاركة في مثل تلك الاجتماعات، ثم التغير الحاسم الذي طرأ على الموقف الفرنسي من ذلك الملف من خلال الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي الثلاثاء قبل الماضي إلى العاهل المغربي وقال له فيها إنه «يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية» وإنه «بالنسبة لفرنسا فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية.. وإن دعمنا لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في سنة ألفين وسبعة واضح وثابت… وهذا المخطط يشكل من الآن فصاعدا الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ومستدام ومتفاوض طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».

ذلك كله يضعهم أمام واحد من خيارين، إما مواصلة انتهاج الخط المعتمد سابقا في التعامل مع المشكل الصحراوي أو محاولة تعديله، أو حتى تغييره بما يتلاءم مع المعطيات الأخيرة، وينسجم مع الآفاق التي تفتحها تلك المستجدات. لكن وبغض النظر عن ذلك فان علاقتهم بالبوليساريو تقف الان أمام مأزق جدي. إذ لم يعد سرا أن يتحدث البعض في هذا السياق عن وجود أزمة صامتة بين الطرفين، ربما تتضح ملامحها بشكل أوضح في الفترة المقبلة. ولعل واحدة من علامات البرود بين نواكشوط والبوليساريو كانت الزيارة الأخيرة، التي قام بها إبراهيم غالي الخميس الماضي إلى العاصمة الموريتانية لحضور حفل تنصيب الرئيس الموريتاني المنتخب ولد الشيخ الغزواني. فقد شاهد الجميع ومباشرة على الهواء مظاهر الجفاء والفتور التي استقبل بها زعيم الجبهة في قصر المؤتمرات، الذي جرت فيه مراسم التنصيب، خصوصا حين صعد إلى المنصة ليقدم التهنئة لولد الغزواني. ولم يكن ممكنا في تلك الحالة للغة الجسد بين الرجلين أن لا تكشف عن التباعد الواضح بينهما. فقد بدا من جانب المضيف أن هناك قدرا ما من الحساسية والتحفظ، وربما حتى التبرم من ضيف ثقيل وغير مرغوب فيه. وفي المقابل فإن الطرف الاخر لم ينجح في المهمة التي جاء من أجلها، وهي أن يثبت وبكل الطرق قوة ومتانة العلاقة التي تجمعه بالبلد الذي استضافه، ويثير بالتالي غضب الرباط من وراء تلك الزيارة. والمفارقة هي أن الطرفين كانا يدركان ذلك جيدا. لقد وجه الموريتانيون ومن دون شك دعوة لزعيم البوليساريو لحضور حفل التنصيب. لكنهم فعلوا ذلك تحت ضغط الجزائر، التي كان مهما بنظرها أن يجد غالي نافذة إقليمية أو دولية يطل منها، ليؤكد أن حل القضية الصحراوية بات وبعد اعتراف باريس بمغربية الصحراء أبعد مما كان عليه في السابق، ولم يعد بالتالي «في المتناول» مثلما حرص الرئيس الفرنسي على التأكيد عليه في رسالته الأخيرة للعاهل المغربي. لكن هل وصل صبر نواكشوط على البوليساريو إلى منتهاه؟ ربما سيكون من الخطأ أن يفهم صمتها إلى اليوم عكس ذلك.

*كاتب وصحافي من تونس

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

الأنظار تتجه إلى زيزو عقب خروج الأهلي من مونديال الأندية.. ماذا فعل؟

اتجهت الأنظار إلى رد فعل اللاعب أحمد سيد زيزو نجم الأهلي المنضم حديثا وذلك عقب خروج فريقه من كأس العالم للأندية 2025.. فماذا فعل؟

جدير بالذكر أن النادي الأهلي قد ودع بطولة كأس العالم للأندية 2025 متذيلا مجموعته برصيد نقطتين بعد تعادله المثير مع بورتو.

نجم الزمالك السابق: زيزو أفضل لاعب أهلاوي في مونديال الأنديةنجم الزمالك السابق : زيزو أفضل لاعب أهلاوي في مونديال الأنديةتقييم زيزو بعد تعادل الأهلي أمام بورتو في كأس العالم للأنديةفرج عامر: زيزو مكسب كبير للأهليالزمالك يبلغ لجنة التظلمات: زيزو ليس له أي مستحقات متأخرةإعلامي: وزارة الرياضة اطلعت على عقد زيزو مع الأهلي.. وهذه تفاصيل الأزمة

ويقع الأهلي في المجموعة الأولى في كأس العالم للأندية والتي تضم كل من: الأهلي وانتر ميامي وبالميراس وبورتو.

مباراة الأهلى وبورتو 

التقي الأهلي مع بورتو، فجر اليوم الثلاثاء في الجولة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات لبطولة كأس العالم للأندية 2025 المقامة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وانتهت المباراة، بنتيجة التعادل الإيجابي 4-4، لينهي الأهلي مشواره في بطولة كأس العالم للأندية، محتلًا المركز الرابع والأخير في المجموعة برصيد نقطتين.

سجل أهداف الأهلي وسام أبو علي (3 أهداف - هاتريك) ومحمد بن رمضان المنضم حديثا للفريق.

واختار الاتحاد الدولي "فيفا"، لاعب الأهلي، وسام أبو علي، أفضل لاعب في مباراة فريقه أمام بورتو، بعد تسجيله "هاتريك".

وحقق الأهلي تعادلين أمام إنتر ميامي بالجولة الأولى وبورتو بالجولة الثالثة، بينما خسر في لقاء الجولة الثانية أمام بالميراس 2-0.

ماذا فعل زيزو؟

أظهرت لقطات مصورة، متداولة في منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، جلوس أحمد سيد "زيزو" في منتصف الملعب بعد صافرة نهاية مباراة النادي الأهلي ونادي بورتو، إذ لم يتوجه على الفور إلى غرفة الملابس.

وبدت علامات الحزن والحسرة على وجه "زيزو" عقب نهاية مشوار "المارد الأحمر" مبكراً في المونديال بنظامه الجديد.

جدير بالذكر أن أحمد سيد "زيزو" (29 عاماً) كان قد انضم لصفوف النادي الأهلي قبل انطلاق بطولة كأس العالم للأندية، قادماً من نادي الزمالك.

وأعلن الجهاز الفني للنادي الأهلي عن منح لاعبي الفريق راحة مطولة من التدريبات (18 يوما)، عقب انتهاء مشاركتهم في بطولة كأس العالم للأندية 2025، التي تستضيفها الولايات المتحدة الأمريكية.

ومن المقرر أن يعود الفريق إلى التدريبات عقب انتهاء فترة الراحة، لبدء التحضيرات للموسم الكروي الجديد 2025-2026.

طباعة شارك زيزو الأهلي أخبار الأهلي كأس العالم للأندية 2025 مباراة الأهلى وبورتو

مقالات مشابهة

  • تركيا تتجه نحو تقنين زراعة وبيع القنب الهندي لأغراض طبية
  • الرئيس الإيراني في اتصال مع أمير قطر: طهران تسعى لتوسيع علاقاتها الأخوية مع الدوحة
  • الأنظار تتجه إلى زيزو عقب خروج الأهلي من مونديال الأندية.. ماذا فعل؟
  • أكثر من 6 مليارات دولار صادرات النفط العراقي للشهر الماضي
  • البنوك المركزية الأفريقية تتجه لزيادة احتياطات الذهب لمواجهة التقلبات النقدية
  • بوغالي في زيارة رسمية إلى موريتانيا
  • تحذير مرعب من واشنطن بعد قصف النووي: "ابقوا في منازلكم".. والأنظار تتجه إلى قطر
  • تقارير إعلامية: الصواريخ الأخيرة التي أطلقتها إيران استهدفت الجليل
  • إسلاميو موريتانيا ينددون بالعدوان الأمريكي ويؤكدون دعمهم لإيران
  • تنسيقية القوى الوطنية: تحالف “صمود” يناهض رفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي