تحذير مرعب من واشنطن بعد قصف النووي: "ابقوا في منازلكم".. والأنظار تتجه إلى قطر
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
البيت الأبيض (وكالات)
في خطوة مفاجئة ومثيرة للقلق، أصدر الحساب الرسمي للشؤون القنصلية بوزارة الخارجية الأمريكية على منصة إكس (تويتر سابقًا)، توصية عاجلة للمواطنين الأمريكيين الموجودين في دولة قطر، تدعوهم فيها إلى البقاء داخل منازلهم حتى إشعار آخر، دون الكشف عن الأسباب أو طبيعة التهديد المحتمل. لكنه يأتي في ظل التوتر مع إيران عقب قصف المنشآت النووية.
التحذير، الذي جاء بصيغة حازمة، أثار تساؤلات واسعة حول ما إذا كانت هناك مخاطر أمنية وشيكة أو تهديدات مستترة لم يُعلن عنها بعد، خاصة في ظل تصاعد التوتر الإقليمي المرتبط بإيران والتدخلات العسكرية المتسارعة في المنطقة.
اقرأ أيضاً تحذيرات عاجلة: هجمات إيرانية وشيكة ضد سفن أميركية 23 يونيو، 2025 العد التنازلي بدأ: واشنطن تتوقع ضربة إيرانية ورويترز تكشف موعدها 23 يونيو، 2025وحتى الآن، لم يصدر أي توضيح رسمي من السفارة الأميركية في الدوحة أو من السلطات القطرية.
يأتي هذا التطور في وقت حساس تشهده منطقة الخليج، وسط ترقّب عالمي لأي تحركات قد تجرّ المنطقة إلى دائرة اضطراب أمني جديد. ومع غياب التفاصيل، فإن الغموض وحده يكفي ليزيد المخاوف ويضع قطر تحت مجهر المراقبة الدولية.
المصدر: مساحة نت
إقرأ أيضاً:
تفاهمات صينية إيرانية لتحيّد الحوثيين في البحر الأحمر.. تجارة آمنة لبكين وخسائر لمنافسيها
بينما تواصل شركات الشحن العالمية الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح لتجنب تهديدات ميليشيا الحوثي، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن مسار مغاير تتبعه بكين لعبور سفنها بشكل أمن من مياه البحر الأحمر وخليج عدن، عبر اتفاق غير معلن مع إيران ووكلائها في اليمن يتيح لسفنها المرور صوب قناة السويس دون استهداف.
رغم أن الحوثيين صعّدوا هجماتهم الشهر الماضي بإغراق سفينتين، شهدت خطوط الشحن مرور ما لا يقل عن 14 سفينة صينية حاملة للسيارات من الموانئ الصينية إلى أوروبا عبر البحر الأحمر، بعدد مماثل في يونيو، وفق تحليل شركة لويدز ليست إنتليجنس البريطانية.
ويقول خبراء إن بكين، عبر علاقاتها الاستراتيجية مع طهران – المورد الحصري لصادراتها النفطية – نجحت في انتزاع ضمانات أمنية لأسطولها، ما منحها ميزة لم يحصل عليها أي طرف دولي آخر.
تكلفة الالتفاف حول أفريقيا
يمثل خيار الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح – الذي أصبح المسار الإجباري لغالبية شركات الشحن غير الصينية – عبئًا ماليًا وزمنيًا هائلًا على التجارة البحرية. فالعبور الآمن عبر البحر الأحمر وقناة السويس يوفر من 14 إلى 18 يومًا في الرحلة الواحدة، وهو ما يعني تقليص استهلاك الوقود وأجور الطاقم ورسوم التشغيل، إلى جانب تقليل استهلاك السفينة نفسها، بما يترجم إلى توفير مئات الدولارات على كل سيارة يتم شحنها.
في المقابل، يضيف المسار الطويل حول أفريقيا ما يعادل 300 إلى 400 ألف دولار في تكاليف الوقود والأجور والصيانة لكل رحلة واحدة، فضلًا عن الرسوم الإضافية للموانئ على طول الطريق. كما أن زيادة زمن الرحلة بنحو أسبوعين أو أكثر تؤدي إلى تعطيل جدول التسليم، ورفع تكاليف التخزين في الموانئ المستقبلة، وتكبيد الشركات خسائر غير مباشرة نتيجة تباطؤ دورة رأس المال.
ولا تقتصر الخسائر على الجانب المالي، إذ يترتب على هذا المسار الطويل زيادة كبيرة في الانبعاثات الكربونية، وهو ما ينعكس سلبيًا على صورة الشركات أمام المستهلكين الأوروبيين المهتمين بالمعايير البيئية، ويجعلها عرضة لضغوط منظمات المناخ ورسوم الكربون الأوروبية.
هذه المزايا النسبية تمنح شركات مثل BYD وSAIC Motor ميزة استراتيجية مزدوجة: خفض الأسعار في السوق الأوروبية بفضل تقليص تكاليف النقل، وتجاوز بعض تأثيرات الرسوم الجمركية الأوروبية على السيارات الكهربائية عبر طرح منتجات هجينة بأسعار تنافسية. وفي المقابل، تجد الشركات اليابانية والكورية والأوروبية نفسها مضطرة لرفع أسعار البيع أو تقليص هامش الربح لمجاراة المنافس الصيني الذي يستفيد من عبوره السريع والمضمون عبر الممرات البحرية التي ما تزال مغلقة عمليًا أمامهم.
تحييد الخطر الحوثي.. معادلة سياسية واقتصادية
نجحت الصين في صياغة معادلة دقيقة تجمع بين الدبلوماسية الاقتصادية وحماية خطوط الإمداد البحري، مستفيدة من موقعها كشريك تجاري أول لإيران، إذ تشتري عمليًا جميع صادرات طهران من النفط الخام، والتي تمثل نحو 6% من إجمالي الاقتصاد الإيراني ونصف ميزانية الدولة السنوية. هذا الاعتماد الإيراني الكبير على السوق الصينية منح بكين ورقة ضغط فعّالة، مكنتها – وفق تقديرات محللين – من التوصل إلى تفاهم غير معلن مع طهران، وبالتمديد مع جماعة الحوثي المدعومة منها، يقضي بتحييد السفن الصينية عن دائرة الاستهداف مقابل استمرار تدفق العوائد النفطية الحيوية لإيران دون عوائق.
هذه المعادلة تخدم طرفين في آن واحد: فمن جهة، تضمن الصين أمن ممراتها التجارية الحيوية عبر البحر الأحمر، وهو شريان أساسي لشحناتها من السيارات والبضائع إلى أوروبا، بما يوفر لها ميزة تنافسية زمنية ومالية على حساب منافسيها. ومن جهة أخرى، تحافظ إيران على زبونها النفطي الأكبر في ظل العقوبات الغربية، ما يعزز قدرتها على تمويل عملياتها الإقليمية، بما في ذلك دعم الحوثيين.
في المقابل، لا يخفف هذا التفاهم من الخطر على السفن الأخرى، إذ يواصل الحوثيون استهداف الناقلات وسفن الحاويات التي يشتبهون بارتباطها بإسرائيل أو موانئها، ما يعمّق الفجوة في أمن الملاحة بين السفن الصينية المحمية بموجب هذا التفاهم الضمني، والسفن التابعة لخطوط شحن أوروبية أو آسيوية أخرى، التي تضطر إلى الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح أو دفع أقساط تأمين باهظة لعبور البحر الأحمر.
ويرى مراقبون أن هذه الوضعية كرّست واقعًا جديدًا في الملاحة الإقليمية، حيث أصبح الأمن البحري في بعض الممرات الإستراتيجية سلعة يمكن شراؤها أو التفاوض عليها، وهو ما قد يعيد رسم خرائط النفوذ التجاري والسياسي في المنطقة خلال السنوات القادمة.
انعكاسات على النظام التجاري العالمي
يرى محللون أن ما يحدث في البحر الأحمر لا يمثل مجرد أزمة أمن ملاحي عابرة، بل يفتح الباب أمام حقبة جديدة من “خصخصة الأمن البحري”، حيث تتحول حماية خطوط الإمداد من مسؤولية المجتمع الدولي إلى امتياز انتقائي تمنحه القوى الكبرى لنفسها عبر صفقات سياسية أو تفاهمات سرية. في هذا الإطار، تستطيع بعض الدول، مثل الصين، توظيف ثقلها الاقتصادي وعلاقاتها مع أطراف مؤثرة في مناطق النزاع لضمان سلامة تجارتها، بينما تُترك شركات من دول أخرى لمواجهة واقع أكثر قسوة، يتمثل في تكاليف نقل بديلة بملايين الدولارات، أو أقساط تأمين مضاعفة، أو حتى الانسحاب الكامل من بعض الممرات البحرية.
هذا التحول يوجه ضربة لمفهوم “المشاعات العالمية” الذي كان يعتبر الممرات البحرية الدولية حقًا مشتركًا مفتوحًا أمام الجميع على قدم المساواة. إذ إن انقسام طرق الملاحة بين سفن “مؤمنة سياسيًا” وأخرى معرضة للخطر يخلق طبقية في التجارة البحرية، تجعل القدرة على الوصول الآمن إلى الأسواق مرتبطة ليس فقط بالكفاءة الاقتصادية، بل أيضًا بالعلاقات الجيوسياسية.
كما يعكس المشهد تراجع قدرة التحالفات البحرية الغربية، مثل عمليات “حارس الازدهار” أو الدوريات المشتركة بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، أو عملية "أسبيدس" التابعة للاتحاد الأوروبي على فرض حرية الملاحة في أحد أكثر الممرات حيوية للتجارة العالمية، وهو البحر الأحمر، الذي يمر عبره نحو 12% من التجارة البحرية الدولية. هذا التراجع لا يضعف فقط نفوذ هذه القوى في حماية “النظام القائم على القواعد” الذي تبنته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بل يمنح منافسين مثل الصين فرصة لتوسيع نفوذهم الجيوستراتيجي عبر دمج الأمن البحري في سياساتهم التجارية.
وبحسب خبراء النقل الدولي، فإن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي على المدى الطويل إلى إعادة رسم خريطة التجارة العالمية، بحيث تصبح بعض الممرات تحت حماية نفوذ معين، فيما تُستبعد شركات ودول أخرى من استخدامها إلا بشروط أو أثمان سياسية، وهو ما قد يُدخل الاقتصاد العالمي في مرحلة من “تجزئة العولمة” بدلًا من تكاملها.