#موقف_عمومي
د. #هاشم_غرايبه
يعيش الأردنيون هذه الأيام موسم الانتخابات النيابية، والتي يسمونها تضليلا عرسا ديموقراطيا، لكنه في الحقيقة ليس عرسا ولا ديموقراطيا، بل هو مجرد ملهاة كتلك القطعة المطاطية التي يضعونها في فم الطفل ليلهوه عن حاجته الى ثدي أمه الى أن ينام.
منذ أن يخرج المرء من بيته الى حين عودته، تصدم ناظريه عشرات الألوف من الصور، تتزاحم على كل عمود أو شجرة، ولا تترك فرجة في دوار أو واجهة عمارة إلا وملأتها، وبشكل عشوائي، مما يشكل تلوثا بصريا مزعجا.
الطريف أن هنالك اتفاق بين كل المترشحين على تجنب كتابة الشعارات وإعطاء الوعود، فاكتفوا بعرض صورهم، مما جعلني أتساءل: هل ذلك اعترافا منهم بأن النائب ليس بيده شيء يعد به، فيأملون أن سحر ابتسامتهم هي مؤهلهم الأول؟.
من هنا تولدت لدي الرغبة في رصد الوجوه للبحث عن أجمل الابتسامات، فوجدت تباينا كبيرا، فبعضهم كانت ابتسامته لشدة عرضها وظهور ما لا يقل عن عشرين سنا ناصعة البياض، لا توحي بغير البلاهة، وآخرون كانت ابتسامته مبتسرة لا تكاد تظهر، ويبدو أن هذا أقصى ما استطاع المصور أن يحصل عليه بعد عشرات المحاولات، والسبب أن المرشح اعتاد الوجه المتجهم، إما أنه يعتبره عنوان الهيبة، أو أنه كان يشغل وظيفة أمنية تفترض القسوة والصرامة، فلم يعتد الابتسام أصلا.
لذلك أسقطت عامل الابتسامة من حساباتي، كما أسقطت عامل الهندام أيضا، فقد باتت الملابس في مظهرها العام ليست عنوانا على الجاه والحسب، فهنالك ماركات مشهورة تجدها في سوق الملابس المستعملة أكثر من الجديدة.
لم يبق أمامي للحكم على الشخص من صورته إلا تقاسيم الوجه، فامتلاء الوجه والذقن يوحي بضخامة الكرش الذي لم يظهر في الصورة، والذي يشي بعدد المناسف التي التهمها في الولائم الرسمية أو المناسبات، مما قد يكون دليلا على الوجاهة، لكن ذلك يوحي بسلبية في الممارسة البرلمانية وهي الميل الى النوم في أثناء الجلسات وفقع الخطابات.
وبناء على ما سبق فلم أر في نشر تلك الصور الكثيرة سوى اعتقاد المرشح بأنه جذاب بهي الطلعة، فأراد ان يتخم العيون بسحره، رغم أنه لم يجد من يوافقه في رأيه غير المتزلفين طمعا بنوال أعطياته، والشخص الوحيد الذي يعتبره وسيما هو أمه.
كل عاقل يتساءل، بما أن هذه الأجواء المزعجة، ستسفر عن نتائج غير مدهشة للعارفين ببواطن الأمور، خاصة وأنه قد صار راسخا في كل الأنظمة العربية، أن هنالك ثلاث بقرات مقدسة لا يجوز التشكيك في قدسيتهن، وأسماؤهن حكيمة ورشيدة ونزيهة، فالقيادة دائما حكيمة، والحكومة التي تختارها هذه القيادة دائما رشيدة، والانتخابات التي تجري بإشراف أجهزتها الأمنية دائما نزيهة!.
لذا فما حاجتنا الى النظام الديموقراطي الذي تتقاسم فيه الحكم ثلاث سلطات، بعد إذ تولى الحكم في كل أقطار العروبة زعماء ملهمون، لا يمكن أن يخطئوا أو يزلوا، بل بات أغلبهم ملهِما، ويوجه الجميع، حتى الخبراء والمختصين، ولا يعلو على علمه أي عالم، فهو الأول في كل شيء: في السياسة والادارة والاقتصاد، وفي التربية والتعليم والصحة، وحتى في الفلك والأرصاد الجوية والجيولوجيا وعلوم البحار.
طالما الأمر كذلك، فما الحاجة للسلطات الثلاث، وأولها السلطة التشريعية؟.
لماذا لا تلغى وتستبدل بلجان استشارية طيارة، تستدعى حين الحاجة، لمناقشة ما توكله اليها الحكومة الرشيدة!؟.
فطالما أن الأجهزة الأمنية أعلم بمصلحة البلاد، ففي كل انتخابات تهيء ما يكفل انجاح النائب الأنفع للوطن وتستبعد الضار، فمقترحي جاد ولست هازلا: أقترح أن يعين المجلس النيابي تعيينا وليس بانتخابات، وبذلك تستغني البلاد عن حمل زائد مكلف وهو مجلس الأعيان، كما يوفر على الدولة كلف الانتخابات التي يصرفها المرشحون، والتي تتراوح ما بين 300 – 400 مليون دينار، ما بين صور واعلانات ودعايات ومهرجانات وتبرعات وأثمان أصوات، ويأمل الناجحون في استعادتها مضاعفة من أموال الخزينة ومن الأموال العامة، وبذلك تقارب خسارة الدخل القومي ما يقارب المليار، نحن في أشد الحاجة لها في ظل هذه الظروف المتردية، واستثمارها في تقليص حجم البطالة أنفع، وفي تحسين الخدمات وتخفيف الأحمال الضريبية التي تثقل كاهل المواطن أجدى.
فهل هنالك ضرورة لهذا العرس الباهظ الكلفة، الذي لا يفرح به سوى المؤسسات الإعلانية!؟. مقالات ذات صلة ماذا يخطط الإسرائيليون قرب الأردن؟ 2024/08/14
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: موقف عمومي
إقرأ أيضاً:
الرئيس يرحب بهم دائما | ما هي طائفة البهرة.. وسر علاقتهم التاريخية بمصر
استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم الإثنين، السلطان الدكتور مفضل سيف الدين، زعيم طائفة البهرة في الهند، برفقة أنجاله الأمير جعفر الصادق عماد الدين، الأمير طه نجم الدين، والأمير حسين برهان الدين، إلى جانب مفضل محمد، ممثل السلطان في القاهرة، وهو ما دفع كثيرون للبحث عن أصل البهرة، خاصة أن البعض يسمع عنها للمرة الأولى.
ترجع أصول كلمة البهرة إلى اللغة الهندية، والتي تعني التجارة أو التاجر باللغة الجوجارتية الهندية، وتُشير إلى طائفة من الشيعة الإسماعيلية آمنت بإمامة أحمد المستعلي الفاطمي، مع رفض إمامة أخيه نزار إمام الطائفة «النزارية»، بعد وفاة والدهما الخليفة المستنصر بالله الفاطمي، عام 1094، والذي اختار ابنه المستعلي ليكون واليًا.
وتشمل طائفة البهرة عدة فرق، أبرزها «البهرة الداوودية» نسبة إلى داود برهان الدين، ويتمركز أتباعها اليوم في الهند وباكستان، بعد أن انتقل مركزهم من اليمن في القرن العاشر الهجري، ويقودهم حاليًا السلطان مفضل سيف الدين من مقرهم الرئيسي في مدينة مومباي، وللطائفة حضور في أكثر من 40 دولة، بينها مصر واليمن والإمارات، ويُقدّر عددهم في مصر بنحو 15 ألفًا وفق دراسات ميدانية.
بدأ توافد البهرة إلى مصر منذ سبعينيات القرن العشرين، حيث استقروا في القاهرة الفاطمية، ومن أبرز مساهماتهم التاريخية ترميم مسجد الحاكم بأمر الله بموافقة الرئيس الراحل أنور السادات، الذي حضر افتتاحه وأدى الصلاة فيه، ومنذ ذلك الحين، ارتبط اسم الطائفة بإحياء المعالم الفاطمية في مصر.
وتلعب الطائفة دورًا بارزًا في ترميم وتجديد مقامات آل البيت، مثل أضرحة السيدة زينب، والسيدة نفيسة، والحسين، إضافة إلى مساجد أثرية كالأقمر والسيدة رقية، وتُعد من أبرز الجهات غير الرسمية التي تساهم في الحفاظ على التراث الإسلامي في مصر، إلى جانب تقديم أنشطة خيرية متنوعة.
ويعتمد البهرة على تقويم هجري قمري خاص بهم، جرى تطويره في العصر الفاطمي، ويرتكز على الحسابات الفلكية لتحديد الأشهر، ما يجعله يختلف عن التقويم الإسلامي التقليدي بفارق يوم أو يومين، حيث يحتفل أتباع الطائفة بعيد الفطر والأضحى، إلى جانب مناسبات خاصة مثل المولد النبوي، ويوم «غدير خم»، ويوم عاشوراء.
الدكتور مفضل سيف الدين، نجل السلطان الراحل محمد برهان الدين، تولى قيادة الطائفة رقم 53، وُلد في سورات بالهند في 20 أغسطس 1946، وتربى على يد والده الذي أعلن تعيينه خلفًا له عام 2011، قبل وفاته بسنتين.
له خمسة أبناء، ثلاثة منهم ذكور، جعفر الصادق، طه، وحسين، وقد حصل على عدد من التكريمات الدولية، منها الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة كراتشي عام 2015، وجائزة السلام العالمية في الهند في العام نفسه، تقديرًا لمبادراته في العمل الخيري، وتوزيع الغذاء، وتمكين المرأة، ودعم العدالة الاجتماعية.
الرئيس السيسي دائمًا يرحب بسلطان البهرة
تمتد العلاقة القوية بين مصر وطائفة البهرة على مدار عقود، خاصة أن طائفة البهرة لديهم ارتباط بمصر بشكل مستمر، كما أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يقدر دائمًا أي شخص يحب مصر أو آل البيت.
ويرحب الرئيس السيسي دائمًا بسلطان البهرة ويعتبره ضيفًا عزيزًا على مصر، حيث يقدر الشعب المصري جهود الطائفة في تطوير مساجد آل البيت، في إطار الحب الشديد لكل آل البيت من المصريين.
ودعم البهرة صندوق تحيا مصر، وأعربوا عن حفاوة الاستقبال في مصر، فضلًا عن تأكيدهم على الدور القيادي للدولة المصرية في المنطقة لتعزيز السلام والأمن، وتهدئة الأوضاع.