نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تقريرًا، تحدّثت فيه عن تداعيات الهجوم الأوكراني على مدينة كورسك الروسية، في آب/ أغسطس 2024.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن منطقة كورسك الروسية ليست غريبة على الحرب. وفي الأسبوع الماضي، كانت كورسك موقعًا لأول غزو كبير للأراضي الروسية. وهذه المرة، لم تكن آلة الحرب النازية مسؤولة عن الهجوم، بل كانت عملية أوكرانية وصفت بـ"الجريئة" أذلّت الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وقلبت جزءا من منطق الحرب بين روسيا وأوكرانيا.



وبدأت غزوة كييف لكورسك في 6 آب/ أغسطس، حيث اندفعت الدبابات والمركبات المدرعة الأخرى إلى روسيا؛ وضربت المدفعية الأوكرانية والطائرات المسيرة مواقع روسية. وبعد ستة أيام، قال المسؤولون الأوكرانيون إنهم يسيطرون على نحو 1000 كيلومتر مربع من الأراضي الروسية. وتم إجلاء عشرات الآلاف من السكان الروس وسط مخاوف متزايدة من أن تعزّز أوكرانيا وجودها وتستغل ميزتها.

وفي الثلاثاء الماضي؛ نشر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، على مواقع التواصل الاجتماعي أن القوات الأوكرانية قد استولت على نحو 74 مستوطنة في كورسك وتعامل المدنيين هناك بإنسانية. وأومأ برأسه إلى تقارير عن استسلام مئات الجنود الروس للأوكرانيين المتقدمين، ووصفهم بأنهم جزء من "صندوق التبادل" الذي من شأنه أن يُمكن عودة عدد لا يحصى من الجنود الأوكرانيين في الأسر الروسي. وكان المسؤولون الأوكرانيون حذرين بشأن خططهم للمنطقة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، هيورهي تيخي، للصحفيين، في كييف، إنه "على عكس روسيا، لا تحتاج أوكرانيا إلى ممتلكات الآخرين. أوكرانيا ليست مهتمة بالاستيلاء على أراضي منطقة كورسك، لكننا نريد حماية أرواح شعبنا".

وبالنسبة للكرملين؛ فإن التّطورات تُشكل ضربة لاذعة. ففي شباط/ فبراير 2022، شنّ بوتين غزوًا كامل النطاق لأوكرانيا، في نوبة من الانتقام الامبريالي الجديد، رافضًا سيادة أوكرانيا وهويتها المستقلة، فيما صوّر البلاد كجزء من روسيا الكبرى التي ستعود بشكل طبيعي إلى حضن مواطنيها المجاورين. وقد تبدّدت هذه الأوهام بسبب المقاومة العنيدة لأوكرانيا وارتفاع القومية الأوكرانية التي رافقت جهودها الحربية.

ووفقًا لأحد التقديرات؛ فقد استولت أوكرانيا على أراضٍ روسية في أسبوع، أكثر مما استولت عليه روسيا في أوكرانيا طوال السنة الجارية. وتكهّن مدونو الجيش الروسي بشأن المسؤولين الذين سيفقدون وظائفهم بسبب الكارثة، في حين اشتكى السّكان الغاضبون من الافتقار إلى التنسيق والمعلومات أثناء عمليات الاجلاء. ووصف المسؤولون في موسكو التوغّل بأنه عمل "إرهابي" وتعهدوا بالانتقام السريع.

وبعد أشهر من قصف أوكراني، أدّت العملية إلى قيام القوات الروسية بتنفيذ غارات قصف على أراضيها؛ فيما كتبت آنا نيمستوفا، في مجلة "أتلانتيك": "منذ الأسبوع الماضي، لجأ الروس، وليس الأوكرانيون، إلى وسائل الإعلام الاجتماعية والمدونات للتساؤل عما إذا كانت المحطة النووية الأقرب إلى منطقة القتال آمنة، ومشاهدة مقاطع فيديو لجنودهم الشباب المجندين وهم أسرى ومدنيون جُردوا من المأوى بينما تختفي منطقة كورسك خلف خط المواجهة النشط".

إنّ الهدف النهائي لأوكرانيا في الحملة الحالية ليس واضحًا تمامًا. فقد كان التوغل بمثابة دفعة معنوية كبيرة في وقت تكافح فيه كييف لاختراق تحصينات روسيا وتحقيق تقدم كبير في استعادة الأراضي المفقودة. وهو يخلق منطقة عازلة أكبر تحول، مؤقتا على الأقل، الضربات الجوية الرّوسية والقصف المدفعي بعيداً عن المدن والأراضي الأوكرانية. وقد يؤدي ذلك إلى سحب روسيا لبعض قواتها من أوكرانيا لخوض معارك في كورسك وغيرها من المناطق الحدودية المعرضة للخطر.


وقال دميتري ليخوفي، وهو المتحدث باسم الجيش الأوكراني، لصحيفة "بوليتيكو"، الثلاثاء الماضي: "نقلت روسيا بعض وحداتها من منطقتي زابوريزهيا وخيرسون في جنوب أوكرانيا". وتابعت بأنه نظرًا لاحتمال تراجع الدّعم الغربي لكييف في الأشهر المقبلة - وخاصة إذا أعادت الانتخابات الأمريكية، الرئيس السابق، دونالد ترامب، إلى السلطة - فإن الغارة على كورسك تمنح أوكرانيا المزيد من النفوذ لأي محادثات سلام مستقبلية.

كذلك، كتب مارك تيمنيسكي، وهو زميل غير مقيم في المجلس الأطلسي:٬ "مع تزايد حالة عدم اليقين في المشهد السياسي في الغرب، وزيادة الضغوط للدخول في مفاوضات السلام مع روسيا، قد تسعى أوكرانيا إلى فرض سيطرتها على الأراضي الروسية، والتي ستستخدمها كورقة مساومة في مقابل الأراضي التي تحتلها روسيا الآن".

ولكن الدّبلوماسية الجوهرية ليست في الأفق. وبينما تخطّط روسيا لرد ساحق، يشير المعلقون الغربيون إلى نجاح أوكرانيا في كورسك كدليل على أنّه ينبغي السماح لكييف باستخدام المزيد من الأسلحة الغربية بعيدة المدى لضرب أهداف عبر الحدود. وفي الوقت نفسه، لا تزال القوات الأوكرانية، التي تفوقها عددا وتسليحا، تقاتل ضد الصعاب على جبهات أخرى. 

وقال ضابط أوكراني بارز على خط المواجهة في منطقة دونيتسك لصحيفة "فاينانشال تايمز": "أنا سعيد لأن رجالنا يحققون النجاح في كورسك. ما زلنا نخوض معركة ساخنة هنا. آمل أن يتذكر القائد العسكري الأوكراني أوليكساندر سيرسكي هذا".

وحسب الصحيفة نفسها، يُعدّ غزو كورسك أحدث ضربة لهيبة بوتين منذ تمرد سنة 2023 القصير الأمد الذي قاده رئيس مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوزين، الذي شقّ طريقه عبر قلب روسيا قبل أن يستقر على بعد 100 ميل خارج موسكو. وقد تم فض التمرد - وتوفي بريغوزين لاحقًا في ظروف غامضة - لكنّه مثل صدمة للنظام وأوضح الضعف المتأصل في جهاز الأمن في الكرملين.


وكما لاحظ الأكاديمي بجامعة "هارفارد"، والتر كليمنس: "سواء بقيت القوات الأوكرانية في روسيا أو انسحبت، فقد أظهرت هشاشة نظام بوتين بأكمله".

قد لا تحقق أوكرانيا الكثير على جبهة كورسك، ولكن حتّى الآن، تمثّل العملية نقطة تحول قاتمة. وكما كتب سيرغي رادشينكو، وهو الباحث في جامعة "جونز هوبكنز": "في نهاية المطاف، أصبحت أوكرانيا مجرد نقطة اشتعال أخرى في صراع طويل الأمد دمر أوكرانيا بالفعل، ويعود الآن إلى روسيا للمطالبة بحصته الدموية. لقد أراد بوتين سحق أوكرانيا. والآن تعلم هو أيضًا أنه كما تدين تدان".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية روسيا واشنطن روسيا اوكرانيا المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی کورسک

إقرأ أيضاً:

شبكة العنكبوت.. ما هي خسائر روسيا بعد عملية المسيرات الأوكرانية؟

استطاعت أوكرانيا في ضربة غير مسبوقة داخل العمق الروسي،  اختراق منظومة الأمن الروسي وتوجيه ضربة قاسية لواحد من أهم الأسلحة الروسية وفي أكثر الأماكن بعدًا عن أوكرانيا على مساحة روسيا الممتدة.

وشنت أوكرانيا بتخطيط وتنفيذ من  جهاز أمني بها الأحد واحدة من أكبر هجماتها على روسيا منذ بدء الحرب بينهما.

استهداف قاذفات روسية بعيدة المدى بعملية شبكة العنكبوت

استهدفت أوكرانيا قاذفات روسية بعيدة المدى ذات قدرة نووية في سيبيريا وقواعد عسكرية أخرى في العمق الروسي.

وصف الهجوم الذي حمل اسم “شبكة العنكبوت” بأنه الأكثر ضراوة، حيث ألحق أضرارًا وخسائر مادية كبيرة بروسيا خلال دقائق معدودة، وبأسلحة رخيصة الثمن.


 دمرت الضربة أو عطّلت أكثر من 40 طائرة عسكرية روسية في قواعد جوية عدة وطال الهجوم ما نسبته 34% من القاذفات الروسية الإستراتيجية التي تحمل صواريخ كروز.

مفاجأة .. المصري منفذ هجوم كولورادو بأمريكا لعب في الزمالك والمنتخب ..صوراحذروا هذا الآن.. توجيه عاجل من سلطنة عمان لمواطنيها يخص استقدام العمالةجيش الاحتلال يحذر سكان غزة من التوجه إلى مراكز توزيع المساعداترايتس ووتش: يجب التحقيق في القصف الإسرائيلي على مطار صنعاء كجريمة حرب18 شهيدًا في قصف إسرائيلي لخيام النازحين بـ خان يونستحت حماية شرطة الاحتلال.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى 7 مليارات دولار خسائر .. فكيف قامت أوكرانيا بالهجوم؟

 استهدفت أوكرانيا بطائرات مسيرة خفيفة قاذفات روسية بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية في قاعدة عسكرية بسيبيريا، وهو أول هجوم من نوعه حتى الآن حيث تبعد خطوط المواجهة أكثر من 4300 كيلومتر وهو الأمر الذي كلف روسيا وفق التقديرات  7 مليارات دولار.

وأظهرت مقاطع فيديو وصور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قاذفات إستراتيجية روسية، الغرض منها إسقاط قنابل نووية على أهداف بعيدة، وهي تحترق في قاعدة بيلايا الجوية شمال إيركوتسك بعد انقضاض عشرات المسيرات الأوكرانية عليها.

وقالت أجهزة الأمن الأوكرانية إنها نفذت “عملية خاصة واسعة النطاق” استهدفت 4 مطارات عسكرية في أنحاء روسيا.

 وأضافت أن نحو 41 طائرة روسية تستخدم “لقصف المدن الأوكرانية” أصيبت، مشيرة خصوصًا إلى قاذفات إستراتيجية من طرازات “تو-95″ و”تو-22” وطائرات رادار من طراز “إيه-50”.

من داخل الأراضي الروسية

كشفت وزارة الدفاع الروسية إن المسيّرات أطلقت من مواقع “في المنطقة المجاورة مباشرة” للمطارات، أي من داخل الأراضي الروسية. 

قالت أن الهجوم استهدف أيضًا مطارات أخرى في مناطق إيفانوفو وريازان وأمور عند الحدود مع الصين في أقصى شرق روسيا، لكن تم صدها.

تهريب المسيرات 

بحسب ما قاله مراقبون ومصادر، لصحف أوكرانية، فقد قامت كييف بتهريب الطائرات المسيّرة إلى روسيا، حيث تم إخفاؤها في هياكل خشبية داخل حاويات شحن ومنها أطلقت.

وقال الرئيس الأوكراني زيلينسكي إنه تم التخطيط للعملية الأوكرانية منذ أكثر من عام ونصف، مؤكدًا أنه أشرف عليها بنفسه. وأوضح أن الهجوم تم باستعمال 117 مسيّرة وعدد مماثل من العناصر الذين تم إخراجهم من الأراضي الروسية في الوقت المناسب.

وأشاد زيلينسكي ومسؤولين أوكرانيين آخرين بنتائج الهجوم ووصفوه بأنه “رائع للغاية” و”يستحق أن يذكر في كتب التاريخ”.

اعتراف روسي

تحدث مراقبون روس عن فشل استخباراتي لروسيا  مؤكدين أن ما حدث  “يوم أسود للطيران” الروسي.

واعترفت وزارة الدفاع الروسية “باندلاع النيران في طائرات عدة بعد إطلاق مسيّرات” في منطقتي مورمانسك وإيركوتسك الواقعتين على التوالي في القطب الشمالي الروسي وشرق سيبيريا.

محادثات لوقف إطلاق النار

رغم العملية القاسية إلا إنه جرت في يوم الإثنين باليوم التالي للعملية جلسة محادثات بين مسئولين روس وأوكرانيين حول السلام ووقف إطلا النار في تركيا بإيعاز من ترامب، إلا إن الجلسة لم تتوصل إلى الإقرار بشئ أواتخاذ قرارات.

وميدانيًا، يرى محللون أن الرد الروسي قد  يكون مدويًَا وغير مسبوق على أوكرانيا.

طباعة شارك شبكة العنكبوت العمق الروسي ضربة غير مسبوقة أوكرانيا منظومة الأمن الأسلحة الروسية قاذفات روسية بعيدة المدى 7 مليارات

مقالات مشابهة

  • ترامب: بوتين أبلغني أنه سيرد على الهجوم الأوكراني العنيف على روسيا.. ومقتل أحد جنود جيش الاحتلال بعد إصابته بجروح خطيرة في غزة| أخبار التوك شو
  • ترامب: طلبت من بوتين عدم الرد على الهجوم الأوكراني على القواعد الجوية
  • ماذا طلب ترامب من بوتين بعد الهجوم الأوكراني؟
  • ترامب: بوتين أبلغني أنه سيرد على الهجوم الأوكراني العنيف على روسيا
  • ترامب: بوتين أبلغني أنه سيرد على الهجوم الأوكراني العنيف على الأراضي الروسية
  • عاجل.. ترامب: طلبت من بوتين عدم الرد على الهجوم الأخير الذي شنته كييف على المطارات الروسية
  • ترامب: الهجوم الأوكراني على روسيا "قوي ومُبهر"
  • الكرملين: ترامب أبلغ بوتين جهل واشنطن بالهجوم الأوكراني على المطارات
  • بعد مكالمة دامت 75 دقيقة.. ترامب يكشف ما قاله بوتين عن الهجوم الأوكراني على القواعد الروسية
  • شبكة العنكبوت.. ما هي خسائر روسيا بعد عملية المسيرات الأوكرانية؟