وزارة الاقتصاد: الصناعات التحويلية الأعلى نموًا بين قطاعات التنويع الاقتصادي
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
أوضحت وزارة الاقتصاد أن أداء قطاع الصناعات التحويلية خلال الربع الأول من العام الجاري الأعلى نموا بين القطاعات الرئيسية المستهدفة كركائز لدعم التنويع الاقتصادي خلال الخطة الخمسية العاشرة 2021-2025 وذلك من حيث نسب النمو المحققة في القطاع وحجم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. وأشارت الوزارة إلى أن القطاع سجّل نموًا حقيقيًا بنسبة 9.
وقال الدكتور سالم بن عبدالله آل الشيخ المتحدث الرسمي بوزارة الاقتصاد: إن أداء قطاع الصناعات التحويلية جاء مدعومًا بتقدم جهود وبرامج واستراتيجيات التنويع الاقتصادي التي عززت أداء القطاعات الصناعية وأسهمت في التحسن المتواصل في تنافسيتها وارتفاع حجم الصادرات الصناعية، ونمو الاستثمارات في المناطق الصناعية والحرة والخاصة، فضلًا عن دخول مشروعات استراتيجية صناعية جديدة حيز التشغيل من أهمها مصفاة الدقم.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العمانية: إن بيانات نمو الناتج المحلي تعكس ثمار هذه التطورات من خلال معدلات النمو المرتفعة التي سجّلتها كافة أنشطة الصناعات التحويلية، وهي صناعة المنتجات النفطية المكررة وصناعة المواد الكيميائية الأساسية والصناعات التحويلية الأخرى بنسب نمو 67.6 بالمائة و6.4 بالمائة و6.3 بالمائة على التوالي خلال الربع الأول.
وأرجع الدكتور سالم آل الشيخ عوامل النمو القوي لقطاع الصناعات التحويلية بمعدل 9.2 بالمائة إلى الاستثمارات الكبيرة في المشروعات الصناعية التي تم ضخها في إنشاء مصانع جديدة وتوسيع المصانع القائمة، مما عزز القدرات الإنتاجية للقطاع وتحسن الطلب المحلي والخارجي نتيجة ارتفاع الطلب على المنتجات الصناعية العُمانية في الأسواق المحلية والصادرات وتطوير البنية الأساسية الصناعية من خلال الاستثمارات الحكومية التي ضخت من أجل تحسين البنية الأساسية كالطرق والكهرباء والموانئ التي عززت قدرات القطاع الصناعي.
كما أرجع ذلك إلى الحوافز والتسهيلات للمستثمرين عبر تقديم حوافز ضريبية وتسهيلات للمستثمرين شجعت على زيادة الاستثمارات الصناعية وتحسن الإنتاجية والكفاءة من خلال تبني الصناعات التحويلية لتقنيات حديثة وبرامج تحسين العمليات الإنتاجية ورفع الإنتاجية والكفاءة والاستقرار الأمني والاقتصادي في سلطنة عُمان؛ حيث إن الاستقرار على الصعيدين الأمني والاقتصادي عزز من بيئة الأعمال وثقة المستثمرين.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة الاقتصاد: إن الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) تستهدف رفع مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي بنهاية الخطة إلى 12.2 بالمائة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الصناعات التحویلیة الناتج المحلی
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد الإبداعي لم يعد ترفا فكريّا
الاقتصاد الإبداعي هو أحد النماذج الاقتصادية الحديثة التي تحظى باهتمام عالمي على نطاق واسع، ويعد أحد المحركات الرئيسة للاقتصاد العالمي؛ كون الأثر المالي المتوقع من الاقتصاد الإبداعي كبيرا الذي بات يمثّل أكثر من 3% من حجم الاقتصاد العالمي، ويعادل نحو 2.3 تريليون دولار؛ وفقا لأحدث الإحصائيات المتوفّرة.
لكن التحدي الأكبر في الاقتصاد الإبداعي فكريًّا أنه ما زال محدود التأثير، وبحاجة إلى مزيدٍ من التجويد والاهتمام على مستوى الصناعات الإبداعية، والمحتوى المحلي. وفي رأيي أنَّ عدم إشباع الاقتصاد الإبداعي نقاشات وأطروحات من قبل الأغلبية أو الجماعة من حيث المفهوم، والتأثير على المجتمع والاقتصاد أدى إلى محدودية التفاعل مع الاقتصاد الإبداعي، والصناعات الإبداعية على وجه الخصوص.
وربما هو نتيجة الفهم غير الواسع عن المفهومين أو عدم ارتباطهما مباشرة بالحياة اليومية للأفراد، أي أنها لا تؤثر على حاجيّاتهم، وقد يراها البعض أنها جانب هامشي ليس أساسي، لكنها في الحقيقة هي تمثّل دخلا ماليا للفرد في حال استفاد من مهاراته وهواياته في تحويل الصناعات التي يقوم بها إلى صناعات إبداعية؛ خاصة فئة الحرفيين وصنّاع المحتوى وممارسي الفنون بمختلف أنواعها كالمسرح والأفلام والموسيقى إضافة إلى المشتغلين في البحوث والتطوير هم المحركين الأساسيين للاقتصاد الإبداعي.
رغم تعدد المفاهيم المصطلحات حول الاقتصاد الإبداعي إلا أنَّ المفهوم الأقرب إلى رأيي هو المكان الذي يمتزج من خلاله الفكر الفني بالتوجه الاقتصادي، ويتفاعلان معا؛ لإنتاج اقتصاد إبداعي، وبالتالي الإسهام في تحقيق التنمية المستدامة. وهنا من الجيد أن نشير إلى أنَّ الاقتصاد الإبداعي يعتمد كليًّا على مستوى المهارة، والإبداع في إخراج المحتوى؛ ولذلك مدى فاعليته تتأثر كثيرا بمستوى استحسان رأي الأغلبية، وبالأحرى مدى نجاح الاقتصاد الإبداعي قائم على إنتاج الإبداع المحمي بالملكية الفكرية وتسويقه، وأيضا مدى تطوّر مستوى المبدعين اقتصاديا في صناعة المحتوى الفني من خلال توظيف أفكارهم وهواياتهم في إنتاج محتوى إبداعي شريطة تسويقه جيدا بالاستفادة من أدوات التسويق الرقمي في المنصات الإلكترونية. فالاقتصاد الإبداعي أصبح محركا للاقتصاد ومعززا لنموّه من خلال توفير فرص عمل للباحثين عن عمل المبدعين وبالتالي زيادة مداخيلهم، وبلا شك سينعكس إيجابا على رفاهية المجتمعات، وهنا نستطيع القول بأن الاقتصاد الإبداعي هو اقتصاد العقول.
إن دفع عجلة التنويع الاقتصادي يعد هدفا وطنيا ساميا، وعلينا البحث عن الفرص الداعمة لإنجاح هذا التوجه الوطني المهم، والاقتصاد الإبداعي أحد المدخلات الفاعلة للتنويع الاقتصادي؛ كونه يتميّز بمرونة عالية وقدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية، ولا يتطلب إنفاقا على المواد الأساسية لإنتاجه سوى أن يوظّف الفرد فكره الثقافي والإبداعي في إنتاج محتوى يتميّز بالإبداع والقبول البصري، وبالتالي نستطيع الوصول إلى نمو مستدام بعيدا عن التفكير بشأن تقلبات أسعار الطاقة عالميا، ما يحسّن من مؤشرات التوظيف ورفاهية المجتمع؛ إذ تشير الإحصاءات المرصودة أنّ الاقتصاد الإبداعي استطاع توفير نحو 30 مليون وظيفة في مختلف بلدان العالم، وحجمه يمثّل نحو 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ويشير ذلك إلى أنّ الاقتصاد الإبداعي يتسارع في النمو، وأنّ علينا الاهتمام بهذا القطاع الحيوي عبر احتضان الموهوبين والمبدعين؛ للاستفادة من طاقاتهم وهواياتهم الإبداعية في تنمية الاقتصاد الإبداعي، وأن نكون على خارطة الدول المصدرة للصناعات الإبداعية عالميا.
إن الصناعات الإبداعية ليست ترفا فكريا كما يظنه البعض، بل مستقبل لصنع اقتصاد أكثر استدامة وازدهارا وإبداعا، وأرى أنّ المقترحات الآتية ربما تسهم في تنمية الاقتصاد الإبداعي، وتعزز من مكانته، وترسّخ مفهومه وأدواته:
- استحداث مركز مستقل في الجهاز الإداري للدولة يختص برسم السياسات اللازمة للاقتصاد الإبداعي، والتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى لتنمية هذا النوع من الاقتصاد من خلال اكتشاف الموهوبين والمبدعين المعوّل عليهم قيادة هذا القطاع؛ ليكون داعما للاقتصاد العُماني.
- تشجيع الشباب على تأسيس شركات، وتقديم الدعم اللوجستي لهم؛ بهدف إنتاج محتوى محلي إبداعي، واستقطاب الكفاءات والخبرات غير العُمانية؛ لتجويد صناعة المنتجات الإبداعية المحلية.
- تشجيع الباحثين على إجراء دراسات معمّقة عن قطاع الصناعات الإبداعية، وجدوى الاستفادة من القطاع اقتصاديا ومجتمعيا؛ بحيث تربط العلاقة بين الصناعات الإبداعية بتعزيز الهوية الوطنية لدى أفراد المجتمع، ومدى قدرة الأفراد على الاستفادة من منتجاتهم الإبداعية في تعزيز مداخيلهم وانعكاسات ذلك على منظومة الاقتصاد؛ تحديدا على عوامل الاقتصاد الكلي مثل: التوظيف، والنمو الاقتصادي، والناتج المحلي الإجمالي.
- بحث إمكانية تنمية مهارات الحرفيين؛ لإنتاج صناعات حرفية أكثر إبداعا مع دراسة مقترح تأسيس شركة وطنية ناشئة لتنمية الصناعات الحرفية، وتحويلها إلى صناعات حرفية إبداعية، وتصدير المنتجات إلى خارج سلطنة عُمان.
- غرس مفهوم الصناعات الإبداعية لدى النشء، وربطها بالاقتصاد الإبداعي من حيث تسويقها، وانجذاب أفراد المجتمع تجاهها مقارنة بالصناعات الأخرى منخفضة المستوى في الإبداع
راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي