ما السبب وراء زيادة العمليات الإرهابية في دول الساحل الإفريقي؟
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
شهدت منطقة الساحل الأفريقي تجددًا في ظاهرة الإرهاب، وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول التوقيت والسياق الذي يحدث فيه، يأتي هذا التصعيد في الهجمات بعد فترة من الهدوء النسبي، حيث كانت جيوش دول الإرهاب تسعى لاستعادة السيطرة على أراضيها وضمان استقرار المنطقة.
تزامن هذه الهجمات مع التغيرات السياسية الكبيرة التي شهدتها دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث أدت الانقلابات العسكرية إلى انسحاب القوات الغربية، مما جعل الدول الثلاث تواجه فراغًا أمنيًا حادًا، وعليه، بدأت تلك الدول في تشكيل تحالفات أمنية واقتصادية لتعزيز موقفها، بما في ذلك التعاون مع روسيا.
دول الساحل الإفريقي
ورغم هذه الجهود، فإن عودة الأنشطة الإرهابية تُلقي الضوء على التحديات المستمرة التي تواجه الأمن في غرب إفريقيا، وتدعو إلى تحليل أعمق للأسباب والدوافع وراء هذا التصعيد وتأثيراته على استقرار المنطقة.
وفقًا لخبراء تحدثوا لـ "الفجر"، فإن ذلك يعود إلى محاولات استغلال ضعف القوات المسلحة في المنطقة لسد الفراغ الأمني الذي نتج عن انسحاب القوات الفرنسية والأمريكية من الدول المعنية.
زيادة قوة الجماعات الإرهابيةمن جانبه قال الدكتور هشام النجار الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، إن تحوّل الصراع في دول الساحل الإفريقي، خاصةً في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، إلى ساحة حرب بالوكالة بين القوى الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، وروسيا، فقد تخلّت الحكومات العسكرية في هذه الدول عن النفوذ الغربي والأمريكي، واستبدلته بالوجود الروسي من خلال مجموعة مرتزقة "فاجنر".
القاعدةأضاف «النجار» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن زيادة قوة الجماعات الإرهابية، وخاصةً فرع تنظيم القاعدة المعروف باسم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، وتنسق هذه الجماعات مع الانفصاليين الأزواديين، حيث تقدم نفسها كمدافعة عن حقوق السكان المحليين وثرواتهم في مواجهة ما تعتبره استعمارًا جديدًا يسعى للسيطرة على الذهب والموارد.
أكمل الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، قد أظهرت ممارسات مرتزقة "فاجنر"، التي تضمنت ارتكاب جرائم بشعة وتهجير قسري للسكان المدنيين، مدى تأثير هذا النفوذ على تصاعد الأنشطة الإرهابية في المنطقة.
صعوبة السيطرةحيث أوضح الباحث السوداني كمال إدريس، المتخصص في الشأن الإفريقي، أن منطقة الساحل الافريقي تزايدًا الأعمال الإرهابية بشكل واضح، تتقاطع فيه المسببات بين الأوضاع الداخلية للدول في المنطقة المعنية، والتدخلات الخارجية الطامحة للاستفادة من المقدرات الكامنة لتلك الدول.
أضاف «إدريس» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، وانتشار الفقر والبطالة، خاصة بين الشباب، يجعل السوق مفتوحًا أمام الجماعات الإرهابية لتجنيد الشباب بالإغراءات المادية، في ظل انشغال الحكومات في نزاعات وسياسات ضيقة الأفق وبعيدة عن التنمية المطلوبة خاصة للمناطق النائية والريفية، الأمر الذي يوسع الفجوة ويغيب الثقة بين تلك الحكومات ومواطنيها، مضيفًا أن متلازمة الصراعات العرقية والنزاعات السياسية وضعف قدرات الأجهزة الأمنية والعسكرية أصبحت السمة المميزة لدول المنطقة، مما يغري بالتدخلات الخارجية، سواء من بعض الدول أو المنظمات الإرهابية.
واستكمل حديثه قائلًا:" أن الأقطاب العالمية كروسيا والولايات المتحدة وغيرها يعملون على توسيع نفوذهم في المنطقة، إذ لم يعد سرًا أن روسيا توفر الدعم السياسي والعسكري لبعض الحكومات في المنطقة مقابل امتيازات اقتصادية، فيما تحول بعض الدول الاوربية الحفاظ على أراضيها ومصالحها من انتشار الإرهاب والهجرة غير الشرعية من المنطقة".
الجماعات المتطرفة
أكد أن معالجة هذه التحديات المعقدة يتطلب جهودًا متكاملة على الصعيدين الأمني والتنموي من قبل الحكومات المحلية والجهات الإقليمية والدولية لتلافي نتائج التنافس الجيوسياسي المستند على الأطماع في موارد ومقدرات دول المنطقة، وفك فتيل الازمات منعًا لنشوب صراعات إقليمية أوسع نطاقًا بين القوى المتنافسة.
واختتم المتخصص في الشأن الإفريقي، أن الأوضاع السياسية المتفجرة في دول القرن الافريقي خاصة تتطلب تعاونا دوليا جادًا لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وذلك من خلال تعزيز القدرات الأمنية ومنع انتشار الأسلحة والذخائر في أيادي المدنيين، حيث سيصعب تماما السيطرة عليهم وإعادة الأمن مرة أخرى، فيما ستصبح البيئة الاستثمارية أكثر هشاشة، وتتحول الموارد والاهتمامات من التنمية الاجتماعية والاقتصادية إلى الأمن والدفاع.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: القاعدة أفريقيا فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
بنك التسويات الدولية: على الحكومات وقف ارتفاع الديون
دعا المدير العام لبنك التسويات الدولية، أجوستين كارستنز حكومات العالم إلى كبح جماح الارتفاع "المستمر" في الدين العام في الوقت الذي يجعل فيه ارتفاع أسعار الفائدة المسارات المالية لبعض البلدان غير مستدامة.
وأضاف أن حالات العجز الكبير في الميزانيات والديون المرتفعة بدت مستدامة عندما أبقيت أسعار الفائدة منخفضة بعد الأزمة المالية العالمية، ما سمح للسلطات المالية بتجنب اتخاذ خيارات صعبة مثل خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب.
مسارات غير مستدامةوقال كارستنز في خطاب ألقاه في مؤتمر استضافه بنك اليابان في طوكيو: "لكن أيام الفائدة المنخفضة للغاية ولّت. أمام السلطات المالية نافذة ضيقة لترتيب أوضاعها قبل أن تبدأ ثقة الجمهور في التزاماتها في التلاشي".
وأضاف: "بدأت الأسواق تستيقظ بالفعل على حقيقة أن بعض المسارات ليست مستدامة"، محذرا من أن الأسواق المالية قد تعاني فجأة من عدم الاستقرار في مواجهة الاختلالات الكبيرة.
وأردف: "لهذا السبب يجب أن يبدأ ضبط أوضاع المالية العامة في العديد من الاقتصادات الآن".
وجاءت التحذيرات في أعقاب الارتفاعات الأخيرة المطردة في عوائد السندات في الولايات المتحدة واليابان وأوروبا، مدفوعة بأسباب منها توقعات السوق بأن حكومات هذه الدول ستزيد من الإنفاق الممول من خلال زيادة الديون.
إعلانوقال كارستنز إن التخلف عن سداد الدين العام يمكن أن يزعزع استقرار النظام المالي العالمي ويهدد الاستقرار النقدي وقد تضطر البنوك المركزية إلى تمويل الدين الحكومي، مما يؤدي إلى التركيز على ضبط المالية العامة أكثر من السياسة النقدية.
وأضاف: "ستكون النتيجة ارتفاع التضخم وانخفاضا حادا في أسعار الصرف. وفي ضوء هذه الاعتبارات، من الضروري أن تعمل السلطات المالية على كبح جماح الارتفاع المستمر في الدين العام".
ويهدف بنك التسويات الدولية إلى تعزيز التعاون النقدي والمالي الدولي بين البنوك المركزية وأن يكون بنكا للبنوك المركزية.
وقال كارستنز إن العديد من البلدان ستواجه ضغوطا لزيادة الإنفاق العام بسبب شيخوخة السكان وتغير المناخ وارتفاع الإنفاق الدفاعي.
وتابع: "يجب أن توفر السلطات المالية مسارا شفافا وموثوقا لحماية الملاءة المالية، مدعوما بأطر مالية أقوى. ويجب عليها بعد ذلك أن تفي بالتزاماتها".
وبالنسبة للسياسة النقدية، قال كارستنز إنه ينبغي عدم توقع أن تعمل البنوك المركزية على استقرار التضخم "في آفاق قصيرة جدا وضمن نطاقات ضيقة".
وأضاف: "هذا مهم للغاية لأن التضخم، مثلما أظهرت الأحداث الأخيرة، سيعتمد على عوامل بعضها يخضع لسيطرة البنوك المركزية".
قفزة الديونكان تقرير لمعهد التمويل الدولي أظهر الشهر الجاري أن الديون العالمية زادت بنحو 7.5 تريليونات دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام لتصل إلى مستوى مرتفع غير مسبوق تجاوز 324 تريليون دولار.
وقال المعهد إن الصين وفرنسا وألمانيا كانت أكبر المساهمين في زيادة الدين العالمي، بينما انخفضت مستويات الدين في كندا والإمارات وتركيا.
وقال المعهد في تقريره: "ساهم الانخفاض الحاد لقيمة الدولار أمام عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين في زيادة قيمة الدين بالدولار، لكن الارتفاع في الربع الأول كان أكثر من 4 أمثال متوسط الزيادة الفصلية البالغة 1.7 تريليون دولار التي رصدت منذ نهاية 2022".
إعلانوارتفع إجمالي الديون في الأسواق الناشئة بأكثر من 3.5 تريليونات دولار في الربع الأول من العام إلى مستوى غير مسبوق تجاوز 106 تريليونات دولار.
وقال المعهد إن الصين استحوذت وحدها على أكثر من تريليوني دولار من هذا الارتفاع. وبلغت نسبة الدين الحكومي الصيني إلى الناتج المحلي الإجمالي 93% ومن المتوقع أن تبلغ 100% قبل نهاية العام.
وسجلت القيم الاسمية لديون الأسواق الناشئة بخلاف الصين أيضا رقما غير مسبوق، إذ شهدت البرازيل والهند وبولندا أكبر زيادات في قيمة ديونها بالدولار.
غير أن بيانات المعهد أظهرت أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأسواق الناشئة بخلاف الصين انخفضت إلى أقل من 180%، أي أقل بنحو 15% من أعلى مستوياته على الإطلاق.
كما تواجه الأسواق الناشئة رقما قياسيا يبلغ 7 تريليونات دولار لعمليات استرداد السندات والقروض في الفترة المتبقية من 2025، وبلغ الرقم للاقتصادات المتقدمة نحو 19 تريليون دولار.