تونس- يزداد المشهد الانتخابي تعقيدا في تونس بسبب استبعاد 3 مرشحين، بالرغم من قرار المحكمة الإدارية بقبول طعونهم ضد هيئة الانتخابات وإرجاعهم للسباق الانتخابي، لكن رفض الهيئة لقرارات المحكمة وتمسكها بقرار الاستبعاد جعلهم يرفضون التنازل عن ترشحهم للرئاسة.

ويبدو أن التوتر الحاصل في العلاقة بين هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية من جهة، وبين الهيئة والمرشحين المستبعدين سيزداد سخونة، لا سيما وأن هؤلاء المرشحين بصدد اللجوء إلى كل الخيارات القانونية الممكنة لإبطال قرارات الهيئة ومقاضاتها والطعن بنتائجها.

والمرشحون المعنيون هم عبد اللطيف المكي ومنذر الزنايدي وعماد الدائمي وكلهم يعارضون الرئيس قيس سعيد.
وأثار قرار هيئة الانتخابات -برفض تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية الباتة النهائية غير القابل للطعن وفق قانون الانتخابات- ردود فعل غاضبة تجاه الهيئة، التي واجهت سيلا جارفا من الانتقادات القانونية من أساتذة القانون الدستوري وعمداء كليات حقوقية ونشطاء ومعارضين.

وبالنسبة إلى المرشح عبد اللطيف المكي القيادي السابق بحركة النهضة والأمين العام الحالي لحزب العمل والإنجاز الذي تأسس في 2022، فإن فريقه القانوني انطلق منذ رفض الهيئة بإعادته للسباق الانتخابي في توجيه محاضر تنبيه عن طريق عدول تنفيذ ضد الهيئة.

رئاسيات تونس المتأهلون (الجزيرة) تجاوز السلطات

في السياق، يقول أحمد النفاتي نائب المرشح عبد اللطيف المكي بالحزب ومدير حملته الانتخابية للجزيرة نت إن أول خطوة قام بها الفريق القانوني لعبد اللطيف المكي هو توجيه محاضر تنبيه عن طريق عدول تنفيذ ضد الهيئة لكونها تمردت ولم تلتزم بتطبيق أحكام المحكمة الإدارية بإرجاع المكي.

ويؤكد أن الفريق القانوني يتجه إلى تقديم شكوى جزائية ضد هيئة الانتخابات التي يرأسها فاروق بوعسكر بتهمة تجاوز السلطات بعد رفضها تطبيق القانون والامتثال إلى قرارات الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية أعلى سلطة دستورية، وذلك في غياب المحكمة الدستورية.

ويعتبر النفاتي أن الغاية من ضرب هيئة الانتخابات عرض الحائط بأحكام المحكمة الإدارية هو التضييق على المرشحين الجديين لجعل الطريق مفتوحة أمام الرئيس قيس سعيد الساعي لولاية ثانية، مبينا أن عبد اللطيف المكي واجه مختلف أشكال الإقصاء من السباق.

بالنسبة إلى المرشح منذر الزنايدي الذي تقلد قبل الثورة مناصب وزارية عدة في حقبة الرئيس السابق زين العابدين بن علي، فإن فريقه القانوني قد أعلن أن المعركة الانتخابية ما زالت مستمرة، معربا عن رفضه التام لقرار هيئة الانتخابات ومتوجها للطعن في قرارها.

لم يتسن للجزيرة نت أخذ تصريح من محامية الزنايدي ليلى الوسلاتي حول الخيارات القانونية التي سيتبعها الفريق القانوني، لكن المحامي السابق الذي ترافع على الزنايدي أمام المحكمة الإدارية عبد الجواد الحرازي تحدث للجزيرة نت عن بعض الخيارات المتاحة.

محكمة الإدارية التونسية (مواقع التواصل) المحكمة الأفريقية

يقول الحرازي إن قرار استبعاد المرشحين لم يكن قرارا قانونيا، بل سياسيا وبالتالي لا يمكن الطعن في قرار سياسي، معتبرا أن توجه الفريق القانوني للزنايدي للطعن في قرار الهيئة من خلال رفع قضية في تجاوز السلطات وعدم تطبيق قرارات قضائية "يتطلب سنوات".

لكنه يقول إن الفريق القانوني ما زال لديه إمكانية الطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية المفترض إجراؤها في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل أمام المحكمة الإدارية، كما لم يستبعد فرضية اللجوء إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان للطعن في قرار هيئة الانتخابات الحالية.

وبالنسبة إلى المرشح عماد الدائمي، فإنه ومن خلال تدويناته على صفحته فيسبوك توعد هيئة الانتخابات بمقاضاة أفرادها السبعة بمقتضى مسؤوليتهم الشخصية بتهم متعددة منها تزوير وثائق والفساد واستغلال النفوذ وتجاوز السلط لتوجيه النتائج لصالح الرئيس سعيد.

ولا تقتصر التهم التي يسعى الدائمي لرفعها لدى القضاء الجزائي التونسي ضد الهيئة على تلك التهم، بل إنه يسعى لملاحقتها قضائيا بتهمة التآمر على أمن الدولة وتهديد استقرار البلاد ودفع المواطنين إلى التناحر وإهدار المال العام، ولوح بمقاضاتها أمام المحاكم الدولية.

منطق الغلبة

من جهة أخرى، يقول عبد الوهاب معطر المحامي وأستاذ القانون الدستوري والوزير السابق في عهد حكومة الترويكا الذي تقع استشارته من قبل بعض المرشحين المستبعدين إن المنطق الذي يحكم السجال الانتخابي في تونس هو منطق الغلبة والعبث، وفق تعبيره.

لكنه يقول للجزيرة نت إن هناك سبلا قانونية يمكن اتباعها من قبل المرشحين المستبعدين، منها تقديم قضية ضد الهيئة في تجاوز السلطة لعدم إذعانها لأحكام المحكمة الإدارية الباتة والنهائية، لكنه يوضح أن صدور أحكام في مثل هذه القضية تتطلب سنوات.

وكشف معطر أن المرشحين المستبعدين يتجهون أيضا لاستعجال النظر في مطالبهم لتقديم مطلب توقيف قرار هيئة الانتخابات لدى المحكمة الإدارية، موضحا أن رئيس المحكمة له حصريا الاختصاص للنظر في هذا المطلب في ظرف شهر دون أن يكون ملزما لذلك.

ويقول للجزيرة نت إن هناك سوابق تعلق بقضايا وقف التنفيذ لدى المحكمة الإدارية، لكن لم يقع البت فيها على غرار قضية رفعتها رئيس الحزب الدستوري الحر المسجونة عبير موسي والتي تقدمت بقضية في وقت تنفيذ قرار الهيئة باستبعادها كمرشحة من دون جدوى.

وعلى افتراض أن المحكمة الإدارية قد تقبل طلب وقف تنفيذ قرار هيئة الانتخابات باستبعاد المرشحين الثلاثة وإعادتهم إلى السباق، فإن هذا الاحتمال يفرض بطبيعة الحال تأجيل الانتخابات الرئاسية لأن إجراءات إعادتهم للسباق تتطلب بعض الوقت، وفق تقديره.

ولكن بالنظر إلى واقع الأشياء، فإن معطر يكرر في حديثه للجزيرة نت أن المنطق الذي يحكم السجال الانتخابي في تونس هو منطق الغلبة والعبث، مستبعدا أن تقبل هيئة الانتخابات بسياساتها الحالية تنفيذ أي قرارات أو أحكام تصدرها المحكمة الإدارية ضد صالحها.

المرشح زمال

أما المرشح المقبول رسميا من هيئة الانتخابات العياشي زمال الموقوف حاليا بسجن في محافظة جندوبة بعد إطلاق سراحه من سجن برج العامري القريب من العاصمة بتهم تتعلق بتزوير التزكيات وتلاعب بمعطيات شخصية، فإنه قد يخوض حملته الانتخابية من السجن.

وزمال رئيس حركة "عازمون"، وأمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي هما المرشحان الوحيدان اللذان بقيا في السابق الانتخابي. وبما أن ملفه قبل رسميا من هيئة الانتخابات يقول أعضاء حزبه وحملته الانتخابية وهيئة دفاعه إن السلطة تسعى لتلفيق التهم الكيدية ضده لإزاحته من السباق.

ويقول عضو هيئة الدفاع عن زمال المحامي عبد الستار المسعودي للجزيرة نت إن زمال بات مرشحا رسميا للانتخابات ولا يمكن استبعاده إلا بحكم قضائي بات من الدرجة الثانية أي صادر عن محكمة الاستئناف، موضحا أن محاكمته لا تزال بالطور الابتدائي فحسب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أحکام المحکمة الإداریة المرشحین المستبعدین عبد اللطیف المکی الفریق القانونی ضد الهیئة فی قرار

إقرأ أيضاً:

رئيس بلدية خزاعة للجزيرة نت: البلدة تعرضت لتدمير كل مكونات الحياة

غزة- أعلن رئيس بلدية خزاعة شحدة أبو روك أن البلدة "منطقة منكوبة" كليا، وقد حولتها الآلة الحربية لقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى كومة من الركام والأنقاض، جراء التدمير الممنهج لكل مقومات الحياة فيها من منازل سكنية ومنشآت عامة وخاصة، ومرافق وبنية تحتية، وأراض زراعية كانت بمثابة سلة غذائية.

وقال أبو روك للجزيرة نت إن خزاعة لم تعد بلدة، وهي خالية تماما في الوقت الحالي إلا من الركام والدخان المتصاعد نتيجة عمليات القصف والتدمير والتجريف الإسرائيلية، وقد أجبرت قوات الاحتلال سكانها على النزوح عنها، وباتوا مشتتين في الخيام ومراكز الإيواء، وسط أوضاع إنسانية كارثية تزداد تفاقما يوما بعد يوم.

ويتحدث بمرارة عما آلت إليه هذه البلدة الزراعية الصغيرة، التي كانت واحدة من أجمل مناطق قطاع غزة، ويقول إنها ليست المرة الأولى التي تتعرض بها البلدة للتدمير، فقد دمرت بنسبة تراوح 50% خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع عام 2014، وتم إعادة إعمارها.

لكن أبو روك -الذي يرأس بلدة خزاعة منذ العام 2014- يؤكد أن بلدته تعرضت خلال هذه المرة لإبادة شاملة، جراء الاستهداف المباشر لها منذ اندلاع الحرب عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته معه الجزيرة نت.

‎⁨أبو روك ترأس بلدة خزاعة منذ عام 2014 (الجزيرة) ما الذي كان يميز بلدة خزاعة قبل اندلاع الحرب؟ إعلان

هي بلدة كانت تتميز بالزراعة، وتتراوح مساحتها الإجمالية ما بين 5 و6 آلاف دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع) منها 2500 دونم سكنية، والمساحة المتبقية زراعية، تتميز بالزراعة المكشوفة، وفي دفيئات زراعية، وأغلبيتها خضار بأنواعها المختلفة.

وكانت البلدة تتمتع بالاكتفاء الذاتي، علاوة عن كونها سلة غذائية لمحافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، كما كان يوجد فيها مساحات مزروعة بأشجار الزيتون، من بينها معمرة، لكنها تعرضت للتدمير الشامل.

وكيف كان حال البلدة من حيث التركيبة السكانية والموقع الجغرافي؟

خزاعة بلدة حدودية مجاورة للسياج الأمني الإسرائيلي، الذي يفصل قطاع غزة عن أراضي الداخل المحتل من الناحية الشرقية في منطقة جنوب قطاع غزة.

وهي بلدة ريفية، كان أغلبية أهلها يعملون في مهنة الزراعة، ويتمتعون بعادات وتقاليد راسخة ومتوارثة لديهم عبر الأجيال، وكانت تقطنها 4 عائلات ممتدة، تجمعها صلات ترابط بالقرابة وصلة الدم والمصاهرة، وكان تعدادهم حوالي 15 ألف نسمة.

وكانت هذه البلدة الصغيرة تحتوي على 4250 وحدة سكنية، أنشئت عام 1973 وفق تخطيط حضري جعل منها واحدة من أجمل مدن القطاع، قبل أن تأتي عليها الحرب بالكامل وتحولها إلى منطقة منكوبة.

أعلنتم أن خزاعة منطقة منكوبة ما السبب وراء ذلك؟

كانت خزاعة تنبض بالخضرة، والسكينة، والعمل، وباتت الآن أرضا خالية إلا من الركام، والدخان والرماد، ومخلفات القصف والتجريف، نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المباشر الذي طاول مختلف مكونات الحياة فيها، حيث سوت آلة الاحتلال الحربية المنازل السكنية بالأرض، ودمرت المرافق الصحية والتعليمية، والطرق والبنية التحتية.

وتشتت سكان البلدة، وأجبروا على النزوح تحت القصف والنار مرارا، بدءا من نزوحهم لأول مرة عن البلدة مع بداية اندلاع الحرب، وحتى منذ نحو أسبوعين فقط، حيث اضطر بعض السكان الذين عادوا للبلدة للنزوح مجددا عنها، بموجب إنذارات إخلاء إسرائيلية لكل البلدات الشرقية من محافظة خان يونس.

إعلان

ومنذ ذلك الحين وهم مشتتون في مناطق مختلفة، يقيمون في الخيام ومراكز الإيواء وحتى في الشوارع، وسط أوضاع إنسانية كارثية تزداد تفاقما يوما بعد يوم.

إن حجم الدمار في خزاعة يفوق كل التقديرات، ويجعلها خارج نطاق الخدمة بشكل كامل، وهو التدمير الأكبر والأشمل لهذه البلدة، التي سبق أن تعرضت للتدمير بنسب متفاوتة خلال الحروب الإسرائيلية المتعاقبة على القطاع، أشدها كان بنسبة 50% في حرب عام 2014.

إن ما آلت إليه بلدتنا الصغيرة الجميلة الهادئة -بفعل آلة التدمير والتخريب الإسرائيلية- دفعنا إلى إعلانها منطقة منكوبة بالكامل وخارجة عن الخدمة بشكل كامل.

بلغة الارقام، ما خسائر خزاعة البشرية والمادية، من حيث التدمير بالمنازل والمرافق والبنية التحية والأراضي الزراعية؟

كان لخزاعة نصيبها من فاتورة الدم خلال الحرب، وفي تقديرات أولية فإن أكثر من 500 من سكانها، رجالا ونساء وأطفالا، التحقوا بقوائم الشهداء، وهناك أسر بأكملها أبيدت ومسحت تماما من السجل المدني، ولم يعد لها أثر نتيجة استشهاد جميع أفرادها من الوالدين والأبناء وحتى الأحفاد.

أما على صعيد الخسائر المادية، فإن الاحتلال حول هذه البلدة الصغيرة إلى كومة من الحجارة والأنقاض، ولم يبق فيها حجرا على حجر، وطال الدمار الشامل كل مقومات الحياة في هذه البلدة، من منازل سكنية، ومنشآت عامة وخاصة، وبنية تحتية من كهرباء ومياه وصرف صحي وغيرها، وشمل التدمير مباني ومقدرات البلدية، إضافة إلى تدمير كامل للبنية التحتية الزراعية من أراض ومنشآت.

ما مدى تخوفكم من ابتلاع ما تسمى المنطقة العازلة لأراضي البلدة بعد توقف الحرب؟

بكل تأكيد لدينا جميعا هذه المخاوف من أن تبتلع المنطقة العازلة التي يخطط الاحتلال لفرضها، زهاء 400 إلى 500 متر في عمق أراضي البلدة، على امتداد 12 كيلومترا من السياج الأمني، وكما ذكرت فإن خزاعة قرية صغيرة، واقتطاع هذه المساحة منها يدمر فيها مقومات الحياة القائمة على الزراعة.

إعلان

مع الإشارة مجددا إلى أن غالبية الأراضي الزراعية بالبلدة متاخمة للسياج الأمني، وتقع في نطاق هذه المنطقة التي يطلق عليها الاحتلال مسمى "أمنية عازلة".

مقالات مشابهة

  • رئيس بلدية خزاعة للجزيرة نت: البلدة تعرضت لتدمير كل مكونات الحياة
  • الداخلية تؤمّن نقل آخر شحنات بطاقات الناخب استعداداً لـ«انتخابات المجالس البلدية»
  • مفوضية الانتخابات تنفي شراء البطاقات الانتخابية من قبل المرشحين مقابل (600) ألف ديناراً
  • هشام حنفي: الأهلي يتبع الطرق القانونية في ملف زيزو.. وخسارة الإسماعيلي أمام سيراميكا ليست مفاجأة
  • حزب الاتحاد بالإسكندرية يبحث آليات الترشح على المقاعد الفردية في انتخابات الشيوخ
  • نتنياهو أمام المحكمة للمرة الـ37 للرد على قضايا الآلاف
  • موسكو: كل الخيارات مطروحة للرد على هجمات أوكرانيا
  • رئيس هيئة النيابة الإدارية يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك
  • بتعليمات من رئيس الحكومة.. تأجيل انتخابات الهيئة الوطنية للأطباء
  • رئيس هيئة النيابة الإدارية يهنئ السيسي بـ عيد الأضحى المبارك