تدهور حاد في عدد السكان: روسيا تواجه أزمة ديموغرافية غير مسبوقة
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
وصل معدل المواليد في روسيا إلى أدنى مستوياته منذ عام 1999 مع انخفاض عدد المواليد إلى أقل من 100 ألف في يونيو، ما أثار القلق في موسكو بشأن ما وصف بأنه تدهور حاد في عدد السكان. وقال المتحدث باسم بوتين ديمتري بيسكوف إن معدل المواليد المنخفض في البلاد سيؤثر بشكل "كارثي" على مستقبل روسيا.
أشارت البيانات التي نشرتها وكالة الإحصاء الحكومية الروسية (يوروستات) أنه ولد 599,600 طفل في روسيا ما بين يناير ويونيو من عام 2024، وهذا العدد أقل بـ 16,000 بالفترة ذاتها في 2023.
وتسارع الانخفاض السكاني في روسيا بنسبة 18٪ خلال المدة الزمنية نفسها، مع تسجيل 49,000 حالة وفاة إضافية في عام 2024 مقارنة بالعام السابق. ويعزى السبب في ذلك على الأرجح إلى الخسائر في الخطوط الأمامية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
وقالت رئيسة لجنة مجلس الدوما لحماية الأسرة نينا أوستانينا لوكالة أنباء روسيا "ريا نوفوستي"، إن هناك حاجة إلى "عملية ديموغرافية خاصة" في روسيا لتحفيز معدل المواليد - في إشارة إلى الحرب.
ووصف بيسكوف في يوليو\تموز، معدل المواليد المنخفض بأنه "كارثي"، وأضاف أن زيادة معدل المواليد كان من "الأولويات القصوى" لروسيا.
مشكلة سكانية مستمرة في روسياانخفض عدد سكان روسيا منذ التسعينيات بالرغم من أنها شهدت فترات قصيرة من الانتعاش. في عام 1999 كان معدل المواليد 1.6 (أي 1.6 مولود لكل امرأة) ما يعني أنه كان أدنى من المعدل في الحرب العالمية الثانية.
سعى بوتين منذ توليه المنصب إلى تحسين معدل المواليد واعتبر ذلك من أولوياته.
وصور الكرملين الأمومة الشابة بشكل مثالي إلى حد كبير. وفي عام 2020، وصف بوتين ذلك بأنه جزء من "الواجب التاريخي" لروسيا. ويُذكر أن بوتين يفضل استخدام مواضيع تقليدية كوسيلة للرد على الغرب.
أدخلت موسكو حينها سلسلة من التدابير التي تتماشى مع سياستها. وشمل ذلك زيادة الدعم المالي لرعاية الأطفال للأسر ذات الدخل المنخفض، وإدخال إعفاءات ضريبية للعائلات الكبيرة، وإعطاء وعود بإنشاء المزيد من أماكن الحضانة والرعاية.
ومنذ ذلك الحين، اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية ما أدى إلى تفاقم مشكلة موسكو السكانية من خلال إجبار مواطنيها على النزوح، بمن في ذلك الذين لا يوافقون على سياسات روسيا والشباب الذين يتهربون من التجنيد الإجباري. وساهمت قلة عدد القادمين إلى روسيا بالمقابل في تفاقم المشكلة.
قال أليكس كوكشاروف محلل المخاطر في مجموعة "يوروآسيا" إنه على الرغم من تقديم الحكومة الروسية حوافز مالية، إلا أن معدل الخصوبة في روسيا استمر في الانخفاض في الوقت الذي تواجه فيه روسيا حربا مع أوكرانيا.
وقال كوشاروف لـيورونيوز إن المال ليس العامل الوحيد. وأضاف أن حالة عدم اليقين من وجود الأمن والأمان في المناطق الحدودية خلال الحرب الروسية الأوكرانية المتواصلة للعام الثالث، تدفع العائلات للتأخر في اتخاذ القرارات بشأن إنجاب الأطفال".
قال تقرير المجلس الأطلسي إن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية من الممكن أن يخلف عواقب كبيرة على سكان روسيا، مما يؤدي في النهاية إلى عدد أقل من الروس.
وأضاف التقرير أن عدد الشباب الروس الذين يموتون في الحرب ضد أوكرانيا يمكن أن يغير النظرة المستقبلية لسوق العمل في البلاد. وحذر نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري تشيرنيشينكو وسائل الإعلام المحلية في يونيو\ حزيران من أن روسيا قد تواجه نقصًا يصل إلى 2.4 مليون عامل بحلول عام 2030 إذا لم يتم التعامل مع انخفاض عدد سكانها، على الرغم من أنه لم يربط ذلك علنًا بحرب موسكو.
يذكر أن معدل المواليد في روسيا هو نفس معدل المواليد في ألمانيا تقريبًا، وهي دولة يعتبر معدل المواليد فيها متوسطا في أوروبا، وفقًا ليوروستات. أما إسبانيا التي يبلغ معدل الإنجاب فيها 1.16 مولود لكل امراة، فلديها واحد من أسوأ معدلات المواليد في أوروبا. وتتمع فرنسا بواحد من أفضل المعدلات الذي يبلغ 1.79 مولود لكل امرأة.
المصادر الإضافية • Tamsin Paternoster
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الكرملين: روسيا سترد على الضربات ضد أراضيها بالشكل المناسب تايلاند تسعى لتفادي "أزمة سكانية" بسبب تراجع معدل المواليد معدل المواليد في الصين في 2021 كان الأدنى منذ 1949 فلاديمير بوتين روسيا خصوبة إحصاء- تعداد سكاني أوروبا الحرب في أوكرانياالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل قصف دونالد ترامب المفوضية الأوروبية الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل قصف دونالد ترامب المفوضية الأوروبية الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فلاديمير بوتين روسيا خصوبة أوروبا الحرب في أوكرانيا إسرائيل قصف دونالد ترامب المفوضية الأوروبية الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كامالا هاريس روسيا الاتحاد الأوروبي إيطاليا العدالة حركة حماس السياسة الأوروبية الحرب الروسیة الأوکرانیة معدل الموالید فی یعرض الآن Next فی روسیا
إقرأ أيضاً:
كيف نفهم إستراتيجية روسيا في البحر الأسود؟
تعكس إستراتيجية روسيا في البحر الأسود مزيجا من الطموحات الجيوسياسية والمصالح العسكرية، في منطقة تعد محورية لأمنها ونفوذها الإقليمي.
وتقول الباحثة ناتالي سابانادزه، وهي زميلة أبحاث أولى في برنامج روسيا وأوراسيا، والباحث جاليب دالاي، زميل استشاري أول في مبادرة تركيا ضمن برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في تقرير نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)، إنه على مدى جزء كبير من عقدين من الزمن، قللت أوروبا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) من شأن روسيا ودوافعها للهيمنة على منطقة البحر الأسود.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بعد حرب الـ12 يوما مع إيران.. بماذا أوصت مراكز الأبحاث الإسرائيلية نتنياهو؟list 2 of 2"دبلوماسية التجارة لا المعونة".. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقياend of listويعتبر فهم أنماط الاستمرارية والتكيف في نهج موسكو في البحر الأسود أمرا أساسيا لتوقع سلوكها الإستراتيجي في المستقبل. فاستمرار روسيا في استخدام الحرب الهجينة والحرب الشاملة في البحر الأسود، إذا ما كتب له النجاح، ستكون له "تداعيات مدمرة" على المنطقة الأوسع نطاقا.
ويقول الباحثان إن الحفاظ على سيطرة أوكرانيا على أوديسا وساحلها المجاور يعد أمرا جوهريا لأمن البحر الأسود. ويجب أن تتضمن أي هدنة أو اتفاق سلام مستقبلي بنودا لضمان الردع طويل الأمد ضد أي محاولات روسية متجددة لقطع وصول أوكرانيا إلى البحر الأسود. فمثل هذه الخطوة لن تقوض فقط الجدوى الاقتصادية لأوكرانيا، بل ستضعف أيضا أهميتها الإستراتيجية الأوسع نطاقا.
أهمية دور تركياوكان لالتزام أنقرة باتفاقية مونترو -التي تمنع دخول السفن العسكرية إلى منطقة البحر الأسود خلال زمن الحرب- تأثير كبير على طموحات روسيا.
وبالتالي، ستظل تركيا فاعلا محوريا في البحر الأسود وشريكا حيويا للغرب، نظرا لتحكمها في المضائق التركية، وامتلاكها لأطول شريط ساحلي في المنطقة، وثقلها الجيوسياسي الكبير.
ويرى الباحثان أن البحر الأسود يعد جزءا لا يتجزأ من إعادة روسيا تصور هويتها الإمبريالية الجديدة، وسعيها إلى مكانة القوى العظمى، وحساباتها الجيوسياسية الأوسع. ففي هذه المنطقة تحديدا يتجلى النزوع الروسي نحو المراجعة ما بعد السوفياتية بأوضح صوره. وإن فهم أنماط الاستمرارية والتكيف في نهج موسكو في البحر الأسود يعد أمرا أساسيا لتوقع سلوكها الإستراتيجي في المستقبل.
إعلانوتمثل الحرب في أوكرانيا، إلى حد كبير، محاولة من روسيا لتحقيق طموحها طويل الأمد في الهيمنة على البحر الأسود، بما في ذلك الممرات التجارية وممرات الطاقة الحيوية. ورغم أن هذه الحرب تشكل تصعيدا، فإنها لا تمثل تحولا جذريا في النظرة الإستراتيجية لموسكو، والتي تقوم أساسا على مقاومة النفوذ الغربي، ولا سيما نفوذ الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، في المنطقة.
ومن هذا المنطلق، من المرجح أن تكون روسيا أكثر عدائية تجاه احتمال انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي مما توحي به خطاباتها الرسمية. وفي هذا السياق، يجب تنفيذ إستراتيجية الاتحاد الأوروبي الجديدة الخاصة بالبحر الأسود بشكل عاجل وفعال، بما يظهر التزاما راسخا بأمن المنطقة وسياسة الردع فيها.
ويقول الباحثان إن الحفاظ على سيطرة أوكرانيا على أوديسا وساحلها المجاور يعد أمرا محوريا لأمن البحر الأسود. وينبغي أن تتضمن أي هدنة أو اتفاق سلام مستقبلي بنودا تضمن الردع طويل الأمد ضد أي محاولات روسية متجددة لقطع وصول أوكرانيا إلى البحر الأسود. فمثل هذه الخطوة لن تقوض فقط الجدوى الاقتصادية لأوكرانيا، بل ستضعف أيضا أهميتها الإستراتيجية الأوسع نطاقا.
ويضيف الباحثان أن كلا من الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، أساءا حتى وقت قريب، تقدير النوايا الإستراتيجية لروسيا، وقللا من شأن إصرارها على تحقيق تلك النوايا. ففي أثناء الحرب الباردة، كانت الوظيفة الأساسية لحلف الناتو هي الردع والدفاع ضد التهديد السوفياتي.
وبوصفها خليفة للاتحاد السوفياتي، لطالما نظرت روسيا إلى الناتو ليس فقط بوصفه تهديدا نتيجة لتوسع الحلف، بل كمنظمة عدائية تتكون من خصوم الكرملين في الحرب الباردة. فروسيا تعارض وجود الناتو ذاته. وبينما يواصل الردع الفعال منع اندلاع مواجهة تقليدية مباشرة مع أعضاء الحلف، تتجه موسكو بشكل متزايد إلى استخدام أساليب الحرب الهجينة، مثل التأثير السياسي وحملات المعلومات، لتحقيق أهدافها.
تزايد المخاطرومع تراجع الحضور الأمني الأميركي في المنطقة، تتزايد المخاطر التي تهدد البحر الأسود والأمن الأوروبي الأوسع. وفي هذا السياق، فإن تحديد آليات التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وتركيا بشكل واضح يعد أمرا بالغ الأهمية. كما أن تعزيز التعاون بين حلفاء الناتو المطلين على البحر الأسود بات أمرا ملحا.
وتشكل مبادرة إزالة الألغام الجارية بقيادة بلغاريا ورومانيا وتركيا نموذجا واعدا للتعاون العملي، وهو نموذج يمكن توسيعه ليشمل مجالات أخرى. وتدرك روسيا تماما مثل هذا التنسيق، ومن المرجح أن تسعى إلى تقويضه عبر التخريب وحملات التضليل.
ويقول الباحثان إنه بدلا من السعي إلى إنشاء بنية أمنية إقليمية تعاونية، تقوم الرؤية الروسية للبحر الأسود على ترتيبات فعلية تشبه تقاسم النفوذ مع تركيا، على غرار الديناميكيات التي سادت في حقبة الحرب الباردة، إذ تسعى موسكو إلى فرض سيطرتها على الحوض الشمالي، وتركيا على الجنوب.
ويتطلب هذا النهج من روسيا إدارة علاقة تبادلية مع تركيا تزداد تعقيدا، لا سيما في ظل مؤشرات على تقارب متجدد في سياسة أنقرة الخارجية والأمنية مع الغرب. وتبقى تركيا الفاعل المحوري في البحر الأسود، نظرا لسيطرتها على المضائق التركية، وامتلاكها لأطول شريط ساحلي في المنطقة، وثقلها الجيوسياسي الكبير.
إعلانوتعارض تركيا توسيع بصمة الناتو في البحر الأسود، لكنها ترفض في الوقت نفسه احتمال الهيمنة الروسية. لذا يتمحور الموقف الإستراتيجي لأنقرة حول الحفاظ على توازن القوى الإقليمي، من خلال دعم القدرات الأوكرانية ومواجهة الطموحات الهيمنية لروسيا، مع تجنب توسيع كبير في انخراط الناتو المباشر.
وفي ظل احتمال تقليص الدور الأميركي في المنطقة، فإن الدفاعات في منطقتي البلطيق والبحر الأسود بحاجة إلى إستراتيجية مشتركة لاحتواء روسيا. وستظل أوكرانيا القوية والمرنة، المدعومة باستمرار من قبل أوروبا وشراكات إقليمية متينة، عنصرا أساسيا لضمان أمن طويل الأمد في البحر الأسود.
تنافس مع الصينويرى الباحثان أنه إذا تمكنت روسيا من إعلان النصر في أوكرانيا، أو حتى إذا تم النظر إليها على أنها انتصرت، فإن مثل هذه النتيجة ستخلف عواقب خطيرة على جوار روسيا الأوسع. فمن المرجح أن تقوم موسكو مدفوعة بنشوة الانتصار، بانتهاج مقاربة أكثر حزما لإعادة تشكيل المنطقة كما تتخيلها.
وبالنسبة لكثير من الدول المجاورة، قد لا يبقى أمامها خيار سوى الاصطفاف مع روسيا تحت الضغط. وتعد مناطق البحر الأسود وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى مترابطة ضمن إطار الإستراتيجية الروسية المتطورة تجاه جوارها. ويجب أن يشكل هذا الواقع استجابة أورو-أطلسية منسقة، تهدف إلى بناء سياسات متماسكة ومترابطة عبر هذه المناطق لموازنة النفوذ الروسي وتعزيز القدرة الإقليمية على الصمود.
وعلى الرغم من أن الحضور الاقتصادي للصين في منطقة البحر الأسود لا يزال محدودا، فإنه يشهد توسعا مطردا، مما يسهم في تنامي التصور الإقليمي بوجود تعددية قطبية، وهي معادلة ستضطر روسيا بشكل متزايد إلى التعامل معها.
وعلى عكس موسكو، فإن بكين غير مثقلة بإرث إمبريالي، مما يسمح لها بالتعامل مع الفاعلين الإقليميين من دون قيود تاريخية كبيرة. وبينما لا تعرب الصين صراحة عن تأييدها لطموحات روسيا الإمبريالية الجديدة، فإنها لا تعارض رؤيتها للتعددية القطبية القائمة على مناطق نفوذ حصرية.
وبالنسبة لموسكو، فإن التعددية القطبية لا تتمحور حول تنوع مراكز القوة، بل حول بناء إطار مناهض للغرب لإعادة تشكيل النظام العالمي. وعلى المدى المتوسط، من المرجح أن تتسامح روسيا، بل وقد ترحب، بالحضور الصيني في المنطقة بوصفه ثقلا موازنا للغرب. أما على المدى البعيد، فقد تتحول هذه الشراكة البراغماتية إلى تنافس إستراتيجي، ولا سيما مع تعمق النفوذ الصيني.