تداعيات إعصار فرانسين.. كيف تأثر إنتاج النفط والغاز في أميركا؟
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
ما زالت توابع إعصار فرانسين تتوالى على مستوى صناعة النفط والغاز البحرية ومصافي التكرير وصادرات الخام عبر خليج المكسيك الأميركي، إضافة إلى انقطاع الكهرباء عن مئات الآلاف من المواطنين.
وأدى الإعصار الذي ضرب ساحل لويزيانا، الأربعاء الماضي، إلى انقطاع التيار الكهربائي عن 450 ألف عميل صباح الخميس، معظمهم يقطنون غرب الولاية، بحسب تقارير إعلامية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة (مقرها واشنطن).
كما تواجه بقية لويزيانا، إضافة إلى ولايتي مسيسيبي وألاباما، انقطاعات أخرى في التيار الكهربائي، ويُتوقع حدوث المزيد منها مع تقدم الإعصار الذي خفضت شدته إلى عاصفة استوائية، وسط توقعات باستمرار الانقطاعات لمدة 10 أيام.
ولم يُوقَف تشغيل مولدات الكهرباء حتى الآن، لكن محطات الطاقة النووية التابعة لشركة إنتيرجي (Entergy) في ولاية لويزيانا أعلنت دخولها إلى إجراءات الطقس السيئ في عمليات التشغيل.
تأثيرات إنتاج النفط والغاز والتكريرامتدت تأثيرات إعصار فرانسين إلى عمليات إنتاج النفط والغاز البحري في الولايات المتحدة؛ إذ اضطر مشغلو الحقول إلى وقف الإنتاج مع اقتراب العاصفة.
وأدى ذلك إلى توقف 42% من إنتاج النفط الخام، و53% من إنتاج الغاز الطبيعي في خليج المكسيك حتى ظهر يوم الخميس، مع اضطرار مشغلي 169 منصة إنتاج بحرية في المنطقة إلى إجلاء موظفيهم، بحسب تقرير حديث نشرته إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
منصات إنتاج بحرية في خليج المكسيك الأميركي – الصورة من رويترزكما اضطرت مصافي التكرير في لويزيانا بمدن باتون روج، وليك تشارلز، ونيو أورلينز، إلى العمل بمعدلات تشغيل منخفضة بسبب إعصار فرانسين؛ حيث اضطرت شركة إكسون موبيل إلى تخفيض نشاط التكرير في مصفاة باتون روج التي تبلغ طاقتها التكريرية وحدها 523 ألف برميل يوميًا.
وتبلغ طاقة التكرير المجمعة لهذه المصافي قرابة 3 ملايين برميل يوميًا؛ ما يمثل سدس طاقة التكرير في الولايات المتحدة، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
الرسم التاريخي التالي يوضّح أهمية منطقة خليج المكسيك في قطاع النفط والغاز الأميركي، فضلًا عن تداعيات الأعاصير على إنتاج النفط الخام تاريخيًا:
صادرات النفط الخام والغاز المسالاضطر العديد من المواني على ساحل الخليج الأميركي إلى الإغلاق أو فرض قيود على عمليات الشحن جراء إعصار فرانسين، مع العلم بأن هذه المواني تتحكم في مرور 95% من صادرات النفط الخام الأميركي البالغة 4 ملايين برميل يوميًا.
أما بالنسبة لصادرات الغاز الطبيعي المسال؛ فقد تفاوتت تأثيرات إعصار فرانسين في محطات التصدير؛ حيث استمرت العمليات في المحطات الواقعة جنوب تكساس، كما ظلت المواني مفتوحة مع بعض القيود.
بينما انخفضت عمليات تسليم الغاز الطبيعي إلى محطة كاميرون للغاز المسال جنوب لويزيانا قبل وصول إعصار فرانسين إلى اليابسة، ثم انخفضت بنسبة 60% أو بمقدار 0.9 مليار قدم مكعبة يوم الخميس (12 سبتمبر/أيلول 2024)، مقارنة بنحو 1.5 مليار قدم مكعبة يوم الأحد (8 سبتمبر/أيلول)، أي قبل الإعصار بعدة أيام.
كما أغلقت مواني محطات كاميرون وليك تشارلز بسبب الإعصار، وتجري الآن عمليات تقييم لإعادة فتحها، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
تأثيرات إعصار بيريل في تكساسعادة ما تكون تأثيرات الأعاصير والعواصف في البنية التحتية للطاقة مختلفة من إعصار إلى آخر، على حسب شدتها وموقعها.
ففي يوليو/تموز الماضي، ضرب إعصار بيريل اليابسة في تكساس، ورغم انخفاض شدته في غضون ساعات قليلة ونزوله إلى تصنيف العاصفة الاستوائية؛ فإن آثاره في البنية التحتية للطاقة ظلّت محسوسة لعدة أيام على طول ساحل الخليج الأميركي.
إعصار فرانسين على ساحل لويزيانا – الصورة من NBC Newsوكان من آثار هذا الإعصار، انقطاع الكهرباء على 2.7 مليون عميل في تكساس، بعضهم عانى ذلك لمدة أسبوع كامل، بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للكهرباء خاصة على مستوى خطوط النقل والتوزيع.
وواجهت شركة خدمات الكهرباء والغاز الطبيعي في تكساس سنتر بوينت إنرجي (CenterPoint Energy) تكاليف إصلاح باهظة نتيجة لذلك بلغت قيمتها 1.3 مليار دولار، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ورغم ذلك؛ فقد كان تأثير إعصار بيريل ضعيفًا في عمليات إنتاج النفط والغاز البحري بخليج المكسيك ولم يتجاوز 10%؛ حيث ضمّت المنطقة الغربية القريبة من الإعصار عددًا قليلًا من منصات الإنتاج البحرية، في حين تفاوتت التأثيرات على مستوى مصافي التكرير وصادرات النفط الخام والغاز المسال.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.Source link مرتبط
المصدر: الميدان اليمني
كلمات دلالية: إنتاج النفط والغاز إعصار فرانسین خلیج المکسیک النفط الخام
إقرأ أيضاً:
هل تستجيب الصين لمطالب أميركا بوقف استيراد النفط الروسي والإيراني؟
بعد أن توصلت أميركا والصين إلى هدنة بشأن الرسوم الجمركية تقبل فيها الصين بزيادة رسوم جمركية 30% على صادراتها السلعية لأميركا، مقابل رفع القيود عن الصادرات التكنولوجية الأميركية للصين، فإن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد.
وعلى ما يبدو أن الجولات المقبلة سوف تشهد اتساع دائرة موضوعات التفاوض، ويتوقع أن تبدأ الجولة الجديدة بين البلدين في أغسطس/آب 2025.
وفي ما يعد تمهيدًا للمفاوضات ، نشرت وسائل الإعلام مؤخرًا تصريحات لوزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت قال فيه "إن الجولة المقبلة من المحادثات بين الولايات المتحدة والصين قد تتضمن مناقشة مُشتريات الصين من النفط الروسي والإيراني، في إشارة إلى أن التركيز قد يتحوّل من القضايا التجارية التقليدية إلى تلك التي تتداخل مع مسائل الأمن الوطني".
ومن هنا، فالأوضاع لا تشير إلى مجرد تفاوض على تنظيم علاقات شائكة بين الدولتين في المجال الاقتصادي والتجاري، ولكن الأوضاع انتقلت لما يمكن أن نسميه التحكم في علاقات الصين الاقتصادية مع دول أخرى، ويأتي هذا الاستنتاج في ضوء ما تفرضه أميركا والاتحاد الأوروبي من عقوبات على روسيا وإيران.
ومنذ أيام قليلة اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارات جديدة تتعلق بفرض حزمة من العقوبات الاقتصادية على روسيا، تعد الحزمة 18 بغرض الضغط على روسيا لإنهاء حربها على أوكرانيا، وقد شملت هذه العقوبات بعض البنوك والشركات الصينية العاملة في روسيا.
وهو ما دعا الصين للقول على لسان أحد متحدثيها: إنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تلك العقوبات، وإنها سترد بما يحمي مصالح شركاتها في الخارج. وعلى ما يبدو أن الصين تواجه ضغوطا مزدوجة من قبل أميركا والاتحاد الأوروبي، على الرغم مما ظهر من تقارب بين الاتحاد الأوروبي والصين، في إطار مواجهة الحرب التجارية التي أشعلها ترامب.
إعلانلكن هل تستجيب الصين لمثل هذا المقترح الأميركي الذي يقيد حريتها في استيراد النفط من روسيا وإيران؟ وهل شجعت نتائج جولة المفاوضات الأولية أميركا على الحصول على تنازلات أكبر من الصين؟ وهل مصالح الصين التجارية مع أميركا تفوق ما تجنيه من شراء النفط الرخيص من إيران وروسيا؟
تتناول السطور الآتية الإجابة عن هذه الأسئلة، وفق ما يتوفر من أرقام وحقائق تخص الصراع الدائر بين القوى الكبرى، الصين من جهة، وأميركا والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.
يمثل الوقود الأحفوري (النفط، والغاز، والفحم) نسبة 86.7% من احتياجات الصين من الطاقة، وذلك وفق أرقام قاعدة بيانات البنك الدولي لعام 2022، وكانت هذه النسبة في عام 2011 عند 91.6%، وهو ما يعني أن النفط لا يزال يمثل عصب احتياجات الصين من الطاقة، شأنها شأن أغلب دول العالم.
وفي يونيو/حزيران 2025 قدر إجمالي واردات الصين من النفط عند 49.8 مليون طن، منها ما يقدر بنحو 8.35 ملايين طن من روسيا، وبما يمثل نسبة 16.6% من الواردات النفطية الصينية، أما إيران فشكلت نسبة 15% من إجمالي واردات الصين النفطية.
وبافتراض أن صادرات النفط من روسيا وإيران تشكل قرابة 30% من الواردات النفطية للصين، فإن تفريط الصين في هذه الحصة ستكون تكلفته فقدان ميزة انخفاض أسعار النفط من روسيا والصين، وهو ما يمثل ميزة للصين في انخفاض تكلفة الإنتاج، والقدرة التنافسية لصادراتها.
جدير بالذكر أن الصين دولة منتجة للنفط، بنحو 4.8 ملايين برميل يوميا، لكن هذا الإنتاج لا يكفي تغطية احتياجاتها من الطاقة وهي أكبر مستوردي النفط على مستوى العالم منذ سنوات.
كما أن الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وله دور رئيس في تحريك التجارة العالمية، يعتمد سياسة استيراد النفط ليس فقط لتغطية الاحتياجات الجارية، لكن بغرض تكوين احتياطي إستراتيجي.
وقد مكّن هذا الاحتياطي الصين من أن تمر بأزمة الطاقة الدولية التي عاشها الاقتصاد العالمي إبان بدء الحرب الروسية الأوكرانية، من دون أن يرتفع التضخم لديها بمعدلات كبيرة.
وفي حالة تفكير الصين في تحويل تجارتها النفطية نحو دول أخرى بعيدا عن إيران وروسيا، فإن المنتجين الآخرين، وخاصة من منطقة الشرق الأوسط، قادرون على تعويض الصين.
ولعل الإحصاءات المنشورة مؤخرًا عن زيادة الصادرات النفطية السعودية للصين في يونيو/حزيران الماضي، بنحو 16% على أساس سنوي، تعكس إمكانية تحقيق هذا التحول، أو على الأقل تخفيض حصص استيراد الصين للنفط من روسيا وإيران.
لكن هذا السيناريو لا بد أن يأخذ في الاعتبار أن ثمة مصالح للصين مع كل من روسيا وإيران، تشمل جوانب سياسية واقتصادية أخرى، تفرض عليها إجراء عملية توازن دقيقة، قد تدفع الصين إلى أن يكون لها دور في إنهاء الخلاف لكل من روسيا وإيران مع أميركا والغرب.
وتفيد البيانات الرسمية الأميركية عن التجارة السلعية مع الصين بأن التبادل التجاري بين البلدين تراجع خلال الفترة من يناير/كانون الثاني حتى مايو/أيار 2025 بنحو 28.8 مليار دولار، مقارنة بالفترة المناظرة من عام 2024، وكانت الأشهر الأكثر تراجعًا خلال الفترة من أبريل/نيسان حتى مايو/أيار 2025.
إعلانوفي الوقت الذي بلغت فيه قيمة التجارة بين البلدين في الفترة بين يناير/كانون الثاني حتى مايو/أيار 2024 عند 223.8 مليار دولار، أتت نتائج الفترة نفسها من عام 2025 عند 195 مليار دولار.
وإن كانت هدنة أبريل/نيسان بين الصين وأميركا سوف تفضي إلى عودة التجارة لمعدلات شبه طبيعية، لما كانت عليه قبل مجيء ترامب، إلا أن دائرة التفكير الأميركي ومعها ممارسات الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على الكيانات التي تتعامل مع روسيا وإيران قد تجعل الصين تعيد النظر في أمر استيراد النفط الروسي والإيراني، وبخاصة أن البدائل متاحة وميسورة، وأسعار النفط في السوق الدولية ما زالت تحت سقف 70 دولارا للبرميل، وهو سعر مقبول، ولا يؤدي إلى تضخم، أو زيادة تكاليف الإنتاج، وإن كانت الصين تحصل على النفط الروسي والإيراني بأسعار أقل من السوق الدولية.
وثمة شواهد على إمكانية تخفيف الصين من أعباء ملف استيراد النفط من إيران وروسيا خلال المرحلة القادمة، وبما يمكنها من علاقات أفضل مع أميركا والاتحاد الأوروبي، منها تراجع واردات الصين النفطية من البلدين خلال يونيو/حزيران 2025، وإن كانت نسب التراجع ضئيلة.
والشاهد الثاني هو غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن قمة "بريكس" في مطلع يوليو/تموز 2025، وإن كان سبب غياب الرئيس الصيني لم يُعلن عنه.
وإذا نظرنا إلى الأثر المترتب على اختيار الصين بين النفط الروسي والإيراني من حيث انخفاض سعرهما، وبين تجارتها مع أميركا والاتحاد الأوروبي، فبلا شك ستذهب الصين لتفضيل تجارتها مع أميركا والاتحاد الأوروبي، والتي تصل إلى قرابة 1.4 تريليون دولار، وتحقق فائضًا تجاريًا معهما بنحو 646 مليار دولار.
ولا يعني ذلك أن الصين تخوض هذا الصراع بلا أوراق ضغط، لكن التوازن بين المصالح المحققة لها من الاتحاد الأوروبي وأميركا من جهة، وروسيا وإيران من جهة أخرى، سيجعلها تتخذ ما يناسبها من قرارات.
فتراجع التجارة والعلاقات الاقتصادية مع أميركا والاتحاد الأوروبي يعني وجود تأثير سلبي على النشاط للصين، يتعلق بإنتاج الشركات، وتوظيف العمالة، وتمويلات البنوك، وشركات الشحن والتأمين، وغيرها، أما توقف أو تراجع الصين عن استيراد النفط الروسي والإيراني لن يكون له هذا التأثير السلبي، بل يمكن القول إن التأثير السلبي سيكون على اقتصاد كل من روسيا وإيران وهو ما تريده أميركا والاتحاد الأوروبي.
متغير الزمنلم تعد الصين دولة نامية، ولكنها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ولديها عوامل قوة أخرى تجعلها تنافس على خريطة القوى العالمية، وقد رأينا رد الفعل الصيني تجاه قرارات ترامب الخاصة برفع الرسوم الجمركية، إذ كانت القرارات تتسم بالندّية.
لكن لعل قبول الصين بهدنة أبريل/نيسان 2025 مع أميركا تمهيدًا لإنهاء الخلاف التجاري يكون في إطار تكتيكي يمكّن الصين من استكمال عناصر القوة، وبخاصة في المجال التكنولوجي، حيث نلاحظ أن ثمة منتجات صينية أكثر تقدمًا ومنافسة للمنتجات الأميركية على مدار الفترة القصيرة الماضية، أو أن تتوسع الصين في خريطة تجاراتها العالمية، بحيث يمكنها التعامل مع أميركا والاتحاد الأوروبي بشروط أفضل.
وختامًا، توجه أميركا والاتحاد الأوروبي بفرض المزيد من الشروط على شركائهم الاقتصاديين، بسبب الخلافات السياسية، وبدعوى الأمن القومي، حتى إن كانت هذه الخلافات لا تخصّ الشركاء بشكل مباشر، هو نوع من فرض النفوذ، ودليل على التأثير بشكل أكبر على خريطة القوى الاقتصادية الدولية.