صحافة عربية تخلط بين شركة الإخوان الماليزية وجماعة الإخوان المسلمين
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
كوالالمبور- ذكرت هيئة تطوير الشؤون الإسلامية في ماليزيا "جاكيم"، التي تستند في معاييرها إلى "مؤسسة الحلال الماليزية"، أن منتج الخبز الذي تنتجه شركة "الإخوان القابضة للخدمات والتجارة" لا يحمل شهادة الحلال، مما يعني أن المنتج "غير قانوني" حسب معايير الهيئة، ونشرت على صفحتها في فيسبوك أنها ستتخذ إجراء قانونيا ضد الشركة المنتجة لـ"روتي إخوان".
وجاء تحريم "خبز الإخوان" بعد يومين من مداهمة الشرطة الماليزية 20 مركزا للرعاية الاجتماعية على علاقة بالشركة بعد معلومات عن تعرض أطفال فيها للاغتصاب.
وبحسب تصريحات قائد الشرطة الماليزية رزار الدين حسين، فإن المعلومات التي تلقتها الشرطة تفيد بالاشتباه في تعرض 13 طفلا لاعتداءات جنسية، من بين أكثر من 400 طفل يتلقون الرعاية في مؤسسات تدعمها شركة "الإخوان القابضة".
وتشهد القضية تفاعلا في الأوساط السياسية والإعلامية الماليزية، لكن في إطارها الطبيعي بسبب أن "جماعة دار الأرقم" المحظورة في تسعينيات القرن الماضي سبق أن أعادت تموضعها على شكل شركات تجارية ناجحة، حيث اتهمت الجماعة بتبني فكر صوفي ونشر أفكار منحرفة، مثل الاعتقاد بأن زعيمها أشعري محمد هو "المهدي المنتظر"، لكنه توفي عام 2010.
فوجئت الأوساط السياسية والحزبية الماليزية على اختلاف أطيافها بزج صحف ومواقع عربية اسم "جماعة الإخوان المسلمين" في قضية لا علاقة للحركة بها، لا سيما أن مؤسساتهم في ماليزيا معروفة ولم تشر إليها السلطات عند الحديث عن "شركة الإخوان القابضة"، أو "جماعة دار الأرقم" في السابق.
وسخر النائب في البرلمان الماليزي سيد إبراهيم بن سيد نوح مما وصفها بـ"سخافة الربط بين هيئتين مختلفتين في المنطلقات الفكرية والعقائدية والتجارية وحتى الاجتماعية"، وقال في تصريحات للجزيرة نت "لعل الخلط جاء من مصطلح الأخوة الإسلامية الذي يربط بين جميع المسلمين".
وأضاف ابن سيد نوح، وهو قيادي في حزب عدالة الشعب الحاكم، إنه لا يوجد أي علاقة من قريب أو بعيد بين حركة الإخوان المسلمين المعروفة وشركة "غلوبال إخوان"، وأن الإجراءات التي اتخذتها السلطات ضد الشركة لم تمس أيا من المؤسسات المعرفة بصلتها بجماعة الإخوان المسلمين، إذ إن هناك أحزابا ومؤسسات في ماليزيا لا تنكر علاقتها بالجماعة فكريا أو تنظيميا مثل "الحزب الإسلامي الماليزي" أو "مؤسسة إكرام".
وعلّق وان سبكي، وهو أحد مسؤولي "إكرام"، في حديثه للجزيرة نت على ما سمّتها صحف ومواقع تصدر باللغة العربية "فضيحة جنسية للإخوان المسلمين الماليزيين" بالقول "إنها فضيحة محرري هذه المواقع الذين يجهلون الواقع الماليزي، وحاولوا الاصطياد في الماء العكر".
أما رئيس الحزب الإسلامي الشيخ عبد الهادي أوانغ، فنفى في تصريحات صحفية أن يكون لحزبه علاقة بشركة "غلوبال إخوان"، وأكد أن الحزب يتبع منهجا صارما في التربية والأخلاق، ولا يترك مجالا لإثارة الإشاعات.
بدورها، لم تبد شركة الإخوان القابضة أي تحد للسلطات، وأبدت رغبتها في الإصلاح والتعاون في التحقيق، واعتبر رئيسها نصير الدين محمد علي أن "التهم يجب أن توجه للأفراد المشتبه في ارتكابهم جرائم، وليس بالتعميم" وفق تعبيره، لا سيما أن السلطات جمدت حسابات وأصول الشركة.
وفرقت "غلوبال إخوان" بين المجموعة التجارية ودور الرعاية الاجتماعية التي ترعاها، وأكدت أن الشركة حققت نجاحات كبيرة باستثمارها في مشاريع صغيرة ومتوسطة مثل المقاهي والمطاعم والصناعات الغذائية، واتسعت أنشطتها إلى نحو 20 دولة، إضافة إلى مئات الأفرع في ماليزيا.
كما يتجنب مسؤولو الشركة نبش الماضي عند الحديث عن أسباب منع "جماعة دار الأرقم"، ويفضلون الحديث عن تعزيز المجتمع وتماسكه، إذ إن الشركة تتبنى سياسة التشجيع على تعدد الزوجات وتقيم له مهرجانات خاصة وتنظم حفلات زواج جماعي، وتقول إنها تهدف إلى تدريب الزوجات على الحياة المشتركة، والأزواج على العدالة والإنفاق والمسؤولية، ويقول المسؤولون إنهم حققوا نجاحات كبيرة في مجال التعاون الاجتماعي، ظهرت بتراجع حالات الطلاق في الأسر المتعددة الزوجات.
ويتساءل بعض نشطاء الشركة عن توقيت "الهجوم الأمني والإعلامي" عليهم، وعزاه بعضهم إلى احتمال التغطية على سياسات غير مقبولة شعبيا، أو بتعبير أحدهم "إذا كان الخبز غير مسجل في دائرة الحلال الرسمية، فلا يعني أنه حرام".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإخوان المسلمین شرکة الإخوان فی مالیزیا
إقرأ أيضاً:
عن متلازمة لا شفاء منها.. متلازمة الإخوان!
سُحق "الإخوان" - وما يشبههم من جماعات وأحزاب - تنظيميا في موطن ظهورهم، ثم توالت عليهم الضربات بتصاعد "الثورة المُضادة"، على تفاوت بين بلد وآخر.
اللافت أن حجم الهجوم الإعلامي عليهم ما زال يتواصل بذات الزخم القديم، كأن شيئا لم يحدث، حتى إن وجود فريق منهم في قطاع غزة، قدّم آلاف الشهداء من قادة وكوادر، لم يخفّف من وطأة الهجوم، بل ربما صعّده عند البعض، وطبعا لأنه اعتبر "الطوفان" مددا معنويا هائلا لمسيرة الجماعة التي تنتمي "حماس" إلى "تيارها".
يبدو أنها أصبحت "متلازمة" لا يُشفى منها مَن أُصيب بها، فتراه مثل "الَّذي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ".. يذْكُرهم في كل حين وفي كل برنامج أو مناسبة، ويراهم خلف أيّ مصيبة، وينشر ويكتب ويُحاضر عنهم بلا توقّف، وطبعا في سياق من مساعي "شيطنتهم"!
المصيبة التي يواجهها المعنيُّ ولا تأذن له بالشفاء، هي أنه يستهدف بشرا عاشوا بين الناس وأكلوا معهم وشربوا، ولم يكونوا كائنات فضائية جاءت لغزو الأرض واستغلال ثرواتها وإبادة أهلها!
أناسٌ كانت الآخرة بوصلتهم، وتحقيق الخير للناس هدفهم، على تفاوت بينهم، تماما كما يتفاوت البشر.. منهم من رحل شهيدا أو أسيرا أو طريدا، أو عاش ومات آمنا.. منهم من بلغ أعلى المناصب، ومنهم من بقي في الظل.. منهم من كان ثريّا، ومنهم من عاش ومات فقيرا.
يبقى القول إن "المتلازمة" إياها، لا تنحصر في "الإخوان"، وهم تيار له تجلّيات وفروع متباينة الاجتهادات، أكثر منهم "تنظيما" بالمفهوم التقليدي، بل تشمل كل المُنتمين إلى ما يُسمّى "الإسلام السياسي"، أو قواه،
بعضهم مرّ على التجربة ثم رحل بسلام تبعا لظروفه أو رؤاه (كُنت شخصيا أحد هؤلاء حتى قبل عقدين ونيف)، ومنهم من تاجر بها لأجل صيْد، لكن الخط العام بقي هو ذاته، ومؤكّد أن تقييم الأعمال الجماعيّة إنما يكون عبر حصيلتها الكليّة ضمن أهدافها، وليس عبر تفاصيل صغيرة لا ينجو منها أي تجمّع بشري.
وهنا لا يجادل عاقل في أن "الإخوان" هُم من زرعوا شجرة الصحوة الإسلامية، وسقوْها بدمائهم وعرقهم وأعمارهم، وهُم من أعادوا الاعتبار للهوية الإسلامية لمجتمعاتهم، فيما تضافرت جهود كثيرة بعد ذلك في ذات السياق، وإن لم تكتمل لأسباب موضوعية، بعضها بخطأ اجتهاد منهم، وأكثرها خارجية ذات صلة بموازين القوى بمفهومها الشمولي.
مرضى "المتلازمة" إياها، وأقلّه بعضهم، يدركون أنهم يقدّمون دعاية مجانية لـ"الإخوان"، لكن المريض يحتاج إلى التنفيس كي لا يختنق، وهذا ما يحدث.
يبقى القول إن "المتلازمة" إياها، لا تنحصر في "الإخوان"، وهم تيار له تجلّيات وفروع متباينة الاجتهادات، أكثر منهم "تنظيما" بالمفهوم التقليدي، بل تشمل كل المُنتمين إلى ما يُسمّى "الإسلام السياسي"، أو قواه، وتمتدّ أكثر لتشمل حتى "جماعة التبليغ". أما حين تتفاقم، فلا توفّر الدين ككل، برموزه وشرائعه وشعائره.
"إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ"، "وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ".