نستكمل حديثنا اليوم عزيزى القارئ مع اللاجئين الذين يشكلون عبئا على مصر سواء فى النواحى الاقتصادية، أو حتى الأمنية، لأن هؤلاء اللاجئين قد يهربون ومعهم السلاح، وقد يفكرون فى استخدام الأراضى المصرية فى شن هجوم مضاد داخل الأراضى السودانية، كما أن بعضهم قد يفكر فى التغلغل داخل الأراضى المصرية لحساب دول أخرى تهتم بزعزعة الأمن القومى المصرى، والمقصود بذلك تحديدا إسرائيل، خاصة بعدما أثبتت أحداث أزمة جنوب السودان، وأزمة دارفور وجود علاقات إسرائيلية مشبوهة سواء مع الجيش الشعبى لتحرير السودان فى الجنوب، أو بعض حركات التمرد فى دارفور مثل حركة تحرير السودان جناح عبدالواحد نور الذى افتتح منذ أكثر من خمسة شهور تقريبًا مكتبًا لحركته فى تل أبيب، فأى مساس بالاستقرار فى السودان هو مساس بالأمن القومى المصرى، ومن ثم فإن مصر ترغب دائما فى البقاء على استقرار السودان ومنع تفتيته وتجزئته إلى أقاليم فرعية، أو حتى إضعافه كما ترغب فى ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل والعديد من الدول أصحاب المصالح.

مصر أصبحت الآن عزيزى القارئ جزيرة بمعناها المعروف تحيطها الفوضى والعنف من كل جانب، من الشرق إسرائيل وقطاع غزة ومن الغرب ليبيا، ومن الجنوب السودان، وحتى البحر يوجد به صراع أساطيل، فالأسطول الامريكى والبريطانى وحاملات للطائرات وقاعدة روسية فى طرطوس، وتأثير الحوثيين على حركة الملاحة فى البحر الأحمر وقناة السويس، فلا يوجد الآن مكان آمن فى المنطقة غير مصر، فالغرب والشرق يريدون محاولة ترتيب أوراق المنطقة، المخاوف والقلق ان الموضوع من المحتمل ان يشمل لبنان والأردن وسوريا واليمن.

لعل هذه المخاوف تزداد مع كثرة محاولات تغلغل لاجئي دارفور فى إسرائيل عبر الحدود المصرية، حيث قامت السلطات المصرية بالقبض على العديد منهم، لكن يبدو أن محاولات التغلغل لن تنتهى، ولعله من المفيد فى هذا الشأن تذكر الانعكاسات الاجتماعية والأمنية السيئة لمشكلة اللاجئين السودانيين فى ميدان المهندسين قبل ثلاثة أعوام تقريبا واعتصام هؤلاء فى هذا الميدان بسبب رفض مفوضية اللاجئين منحهم حق صفة لاجئ، مما اضطر السلطات الأمنية المصرية إلى تفريق هذا التجمع بالقوة، وهو ما أثر بالسلب على العلاقة بين البلدين، فشمال السودان الذى يعد نقطة التماس المباشر مع الحدود المصرية بدأت تظهر فيه بعض الحركات التى يمكن أن تشكل تهديدا للأمن القومى المصرى، ومن ثم فإن الأحداث الأخيرة كان يمكن أن تنشط هذه «الخلايا النائمة» وتدفع فى اتجاه تعزيز مطالبها بشأن السودان «الممزق» فى هذه الحالة.

إن حدوث قلاقل فى السودان قد يؤثر على إمكانية زيادة حصة مصر من مياه النيل مستقبلا، فمصر تشهد حاليا حالة من الندرة المائية أدى إليها تزايد عدد السكان مع ثبات كمية المياه الواردة إلى مصر منذ اتفاقية ١٩٥٩ (والتى تقدر ب٥٥ مليار متر مكعب سنويا)، وتعيش مصر الآن تحت خط الفقر المائى (مقدار هذا الخط ألف متر مكعب للفرد سنويا، فى حين يبلغ متوسط دخل الفرد المصرى من المياه ٩٨٥ مترا مكعبا عام ٢٠٠٠، ويتوقع أن يصل إلى أقل من خمسمائة متر مكعب فقط خلال الفترة القادمة، ومعنى ذلك أن مصر مطالبة بتوطيد علاقاتها مع دول حوض النيل خلال الفترة القادمة، ومحاولة التوصل إلى اتفاقيات جديدة تسمح بزيادة كميات المياه الواردة إليها، ومعروف أن مياه النيل هى شريان الحياة لدى كل المصريين، ومن ثم فإن المساس بها يعد قضية أمن قومى بدون أدنى شك وفق للتعريف السابق، ومعروف أن حصة مصر من المياه تأتى بالكامل عبر الأراضى السودانية من خلال النيلين الأبيض والأزرق، كما أن من الأمور التى ينبغى تذكرها فى هذا الشأن هو كيف أن مشروع قناة جونجلى توقف بسبب أزمة الجنوب.

إن السودان يعد بوابة العبور المصرى تجاه القارة الأفريقية، خاصة دول حوض النيل الثمانى غير مصر والسودان، ولعل الأسباب السابقة عزيزى القارئ تكشف لنا أن أى مساس بالاستقرار فى السودان هو مساس بالأمن القومى المصرى، ومن ثم فإن مصر ترغب دائما فى البقاء على استقرار السودان ومنع تفتيته وتجزئته إلى أقاليم فرعية، أو حتى إضعافه، كما ترغب فى ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، وللحديث بقية

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: من الإخوان الإرهابية السودان يامصر اللاجئين النواحي الاقتصادية القومى المصرى

إقرأ أيضاً:

تحذيرات من تنامي الأنشطة الإرهابية في مالي

أحمد شعبان (باماكو، القاهرة)

أخبار ذات صلة الصومال.. القضاء على 25 مسلحاً من «الشباب» هجمات مسلحة تستهدف موقعين عسكريين في مالي

حذر خبراء في الشأن الأفريقي والإرهاب الدولي، من تزايد العمليات الإرهابية للتنظيمات المتطرفة في مالي خلال الفترة المقبلة، واستمرار التهديد الأمني بمنطقة الساحل وغرب أفريقيا، خاصة بعد العمليات المسلحة التي شهدتها البلاد في منتصف فبراير ومقتل 16 شخصاً، في هجوم من ميليشيا مرتبطة بتنظيم «القاعدة».
وأوضح السفير الدكتور صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية  لـ«الاتحاد»، أن ما يجري في مالي يرتبط بما يحدث في بعض الدول، مثل بوركينا فاسو، والنيجر؛ لأن هناك تحالفاً ثلاثياً لمواجهة الأنشطة الإرهابية، وتعاوناً فيما يتعلق بالمواقف السياسية والعلاقات الاقتصادية خاصة بعد الانفصال من مجموعة «إيكواس». 
ويرى السفير حليمة أن مالي من المحتمل أن تشهد تزايداً للأنشطة الإرهابية، لذلك هناك حاجة للتعاون العسكري بين دول المنطقة لمواجهة التنظيمات المتطرفة، بجانب التنمية وتصحيح الأفكار وفتح حوار مع العناصر الإرهابية.
وأعلنت حكومة مالي أنها ستبدأ في إدماج ألفي مقاتل من الجماعات المسلحة المتحالفة معها في صفوف الجيش وقوات الأمن؛ بهدف بناء السلام مع مختلف الحركات التي كانت تتبنى القتال ضد النظام القائم.
ومن جهته، قال منير أديب، الباحث في شؤون التنظيمات المتطرفة والإرهاب الدولي، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن هناك ثلاث صور لمواجهة الجماعات المتشددة في مالي، أولها الأمنية، بهدف تفكيك وقتال التنظيمات، معتبراً أن هذه أضعف صور المواجهة ولا تؤتي ثمارها في القضاء عليها، والثانية عسكرية لها علاقة بالمعلومات الاستخباراتية التي تستطيع من خلالها المواجهة الأمنية وتنفيذ مهامها، ثم المواجهة الفكرية والتي لها علاقة بتفكيك الأفكار.

مقالات مشابهة

  • نموذج “بوكو حرام”: كيف تستغل الجماعات الإرهابية ثغرات “تيك توك”؟
  • وعن الطيران نحكي تاركو اتاريها كده.. تاركو أصلها كده
  • تحذيرات من تنامي الأنشطة الإرهابية في مالي
  • برلماني: جرائم الإخوان لن تسقط بالتقادم ولا لعودة الفوضى مرة أخرى
  • برلماني: ثورة 30 يونيو أنقذت الدولة المصرية من مخطط الإخوان لتفكيك الوطن
  • شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري:‬‮الإخوان ‬‭ ‬وطريق‭ ‬الألف ميل‭
  • جينا إبنة نجيب الريحاني تزور قبر والدها في ذكرى رحيله
  • المنشآت الفندقية: نجحنا في حل مشاكل 5 فنادق مع الضرائب
  • إنفجار في محطة كهرباء ومقتل فنيين وبيان من كهرباء السودان يوضح تفاصيل مأساوية
  • بعد نقله إلى الوادي الجديد .. أبو بكر: سنظل أبناء الدولة المصرية ووزارة الأوقاف مهما حدث