كانت المناظرة الأولى بين نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب لحظة محورية في السباق الرئاسي لعام 2024، حيث قدمت للناخبين تباينا واضحا في وجهات نظر السياسة الخارجية، لا سيما فيما يتعلق بالصراع بين إسرائيل وحماس. ومع استمرار تصاعد التوترات في المنطقة، لا تعكس المقاربات المختلفة للمرشحين فلسفاتهم الفردية فحسب، بل تثير أيضا تساؤلات حول الاتجاه المستقبلي للسياسة الخارجية الأمريكية.



وأوضح هاريس وترامب مواقف مختلفة بشكل أساسي فيما يتعلق بالصراع بين إسرائيل وحماس. وأكدت هاريس مجددا التزامها بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، مؤكدة على الحاجة الملحة إلى اتباع نهج متوازن يأخذ بعين الاعتبار الأزمة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون. وأضافت: "ما نعرفه هو أن هذه الحرب يجب أن تنتهي. يجب أن تنتهي على الفور، والطريقة التي ستنتهي بها هي أننا بحاجة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ونحتاج إلى إطلاق سراح الرهائن". ويعكس هذا دعمها لحل الدولتين، الذي تعتقد أنه ضروري لتحقيق السلام والأمن الدائمين لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين.

وفي تناقض صارخ، تبنى ترامب موقفا أكثر عدوانية، معلنا أنه إذا تم انتخاب هاريس رئيسة، فإن "إسرائيل لن تكون موجودة في غضون عامين من الآن". واتهمها بإيواء عداء عميق تجاه إسرائيل، مدعيا أنها "تكره إسرائيل"، وانتقدها بزعم أنها فاتها خطاب مهم ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس، مشيرا إلى أنها كانت في "حفلة نسائية" بدلا من ذلك. لقد ركز خطاب ترامب على أمن إسرائيل دون معالجة الأزمة الإنسانية في غزة بشكل مناسب، وهو الموقف الذي أثار انتقادات من مختلف الجهات.

سياسات محددة اقترحتها هاريس

اقترحت هاريس عدة سياسات محددة تهدف إلى معالجة الصراع بين إسرائيل وحماس، وشددت على الحاجة إلى حل الدولتين، وأعربت عن نيتها العمل "على مدار الساعة" للتوسط في وقف إطلاق النار وتسهيل إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس. كما سلطت الضوء على أهمية إعادة إعمار غزة وضمان كرامة الشعب الفلسطيني وتقرير مصيره.

موقف ترامب مقارنة بالسياسات السابقة

يعكس موقف ترامب من الصراع بين إسرائيل وحماس إلى حد كبير سياسات إدارته السابقة، والتي اتسمت بالدعم القوي لإسرائيل والنهج المتشدد تجاه إيران. خلال المناظرة، زعم أنه لو كان لا يزال في البيت الأبيض، فإن الحرب بين إسرائيل وحماس "لم تكن لتبدأ أبدا". وإن تأكيده على أن إسرائيل ستتوقف عن الوجود في عهد هاريس يعكس العودة إلى خطابه العدواني السابق.

وتميزت إدارته باتفاقيات أبراهام، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية مع تهميش القضية الفلسطينية. يشير خطاب ترامب الحالي إلى استمرار هذا النهج، مع التركيز على تعزيز العلاقات مع إسرائيل مع إهمال الحاجة إلى حل شامل يتضمن معالجة الحقوق والمظالم الفلسطينية.

ردود الفعل في إسرائيل على تصريحات المرشحين

كانت ردود الفعل في إسرائيل على تصريحات المرشحين متباينة. وأشار محللون إلى أن دعوة هاريس لوقف إطلاق النار الفوري وحل الدولتين قد يتردد صداها لدى بعض شرائح السكان الإسرائيليين التي تنتقد سياسات رئيس الوزراء نتنياهو المتشددة. وأشارت ميراف زونزين، المحللة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن تعليقات هاريس يمكن أن تجذب انتباه أولئك الذين دعموا ترامب في السابق ولكنهم الآن يشعرون بخيبة أمل من نهج نتنياهو في مناقشات وقف إطلاق النار.

وعلى النقيض من ذلك، فإن تأكيد ترامب على أن هاريس تكره إسرائيل وتوقعاته بزوال إسرائيل تحت قيادتها قد يجذب الناخبين الأكثر تحفظا الذين يعطون الأولوية لموقف قوي ضد التهديدات المزعومة لإسرائيل. ويتماشى خطابه مع مشاعر أولئك الذين ينظرون إلى دعم الولايات المتحدة لإسرائيل على أنه أمر بالغ الأهمية، بغض النظر عن الآثار الإنسانية.

تأثير وجهات النظر على إيران

لقد أثرت وجهات نظر كلا المرشحين حول إيران بشكل كبير على مواقفهما من الصراع بين إسرائيل وحماس. وكررت هاريس التزامها بضمان أمن إسرائيل ضد تهديدات إيران ووكلائها، قائلة: "سأمنح إسرائيل دائما القدرة على الدفاع عن نفسها، خاصة فيما يتعلق بإيران". وهذا يعكس استراتيجية أمريكية أوسع لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، والتي يبدو أن كلا المرشحين يؤيدانها.

من ناحية أخرى، انتقد ترامب إدارة بايدن بسبب ضعفها تجاه إيران، مدعيا أن سياساتها أدت في السابق إلى شلل الاقتصاد الإيراني. وقال إنه في عهد بايدن، أصبحت إيران تهديدا هائلا، مما أدى إلى تفاقم الصراعات التي تشمل حماس والجماعات المسلحة الأخرى. ويتماشى تركيزه على إيران كقوة مزعزعة للاستقرار مع استراتيجيات إدارته السابقة، التي سعت إلى عزل إيران دبلوماسيا واقتصاديا.

ذكر اتفاقات وقف إطلاق النار

أقر كلا المرشحين بالحاجة إلى وقف إطلاق النار، وإن كان ذلك في سياقات مختلفة. ودعت هاريس صراحة إلى وقف فوري لإطلاق النار، مشددة على أنه من الضروري معالجة الأزمة الإنسانية في غزة وتأمين إطلاق سراح الرهائن. وقد صاغت ذلك كجزء من استراتيجية أوسع لتحقيق حل الدولتين.

وبينما أقر ترامب بالصراع، لم يقدم تفاصيل محددة حول كيفية التفاوض على وقف إطلاق النار أو التعامل مع كل من إسرائيل وحماس. وبدلا من ذلك، ركز على انتقاد نهج هاريس وإعادة تأكيد إيمانه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها دون تحديد مسار واضح للسلام.

انعكاسات مواقف المرشحين بشأن الشرق الأوسط
لن تشكل وجهات النظر المختلفة هذه حملات المرشحين فحسب، بل ستشكل أيضا مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط. وفي مناخ سياسي مستقطب، قد يؤثر أداء المرشحين في هذه المناظرة على الناخبين المترددين
سلطت المناظرة الضوء على مواقف المرشحين الأوسع نطاقا فيما يتعلق بالسياسة تجاه الشرق الأوسط. ويعكس نهج هاريس الرغبة في دور أمريكي أكثر دبلوماسية وإنسانية في المنطقة، والدعوة إلى حلول تعالج المخاوف الأمنية والإنسانية على حد سواء. إن التزامها بحل الدولتين واعترافها بالأزمة الإنسانية في غزة يشيران إلى تحول محتمل في السياسة الأمريكية إذا تم انتخابها.

في المقابل، يشير خطاب ترامب إلى استمرار نهج أكثر عسكرية وأحادي الجانب، يعطي الأولوية لأمن إسرائيل دون معالجة المحنة الفلسطينية بشكل كاف. ويشير تركيزه على إيران كتهديد رئيسي إلى استعداده لمواجهة الخصوم بقوة، مما قد يؤدي إلى إدامة دورات العنف في المنطقة.

سلطت المناظرة بين كامالا هاريس ودونالد ترامب الضوء على الاختلافات الكبيرة في وجهات نظرهما بشأن الصراع بين إسرائيل وحماس والسياسة الأوسع في الشرق الأوسط. ويتناقض تركيز هاريس على الدبلوماسية والاعتبارات الإنسانية وحل الدولتين بشكل حاد مع موقف ترامب العدواني والتركيز على الدعم العسكري لإسرائيل.

مع اقتراب الانتخابات، لن تشكل وجهات النظر المختلفة هذه حملات المرشحين فحسب، بل ستشكل أيضا مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط. وفي مناخ سياسي مستقطب، قد يؤثر أداء المرشحين في هذه المناظرة على الناخبين المترددين، ولا سيما أولئك المعنيين بالسياسة الخارجية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المناظرة هاريس ترامب إسرائيل غزة إسرائيل غزة مناظرة ترامب هاريس مدونات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة تفاعلي سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصراع بین إسرائیل وحماس السیاسة الخارجیة وقف إطلاق النار الشرق الأوسط فیما یتعلق من إسرائیل فی المنطقة على أن

إقرأ أيضاً:

موسكو تؤكد: ملتزمين بعملية سلمية لإنهاء الصراع مع أوكرانيا وضمان مصالحنا

عواصم "وكالات": قال الكرملين اليوم الثلاثاء إنه "على علم" بتصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تقليصه المهلة التي سبق أن حددها لموسكو للتوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا وإلا فإنها ستواجه عقوبات.

وحدد ترامب مهلة جديدة مدتها 10 أو 12 يوما لروسيا لإحراز تقدم نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا أو مواجهة التداعيات، مما يؤكد إحباطه من الرئيس فلاديمير بوتين فيما يتعلق بالصراع المستمر منذ ثلاثة أعوام ونصف العام.

وقدم المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف ردا مقتضبا عندما سُئل خلال مؤتمر عبر الهاتف مع صحفيين اليوم عن تصريح ترامب.

وقال بيسكوف "نحن على علم بما قاله الرئيس ترامب اليوم. العملية العسكرية الخاصة مستمرة"، مستخدما المصطلح الذي تعتمده موسكو للإشارة إلى مجهودها الحربي في أوكرانيا.

وأضاف "لا نزال ملتزمين بعملية سلمية لإنهاء الصراع مع أوكرانيا وضمان مصالحنا في سياق هذه التسوية".

وكان ترامب قد هدد في 14 يوليو بفرض عقوبات جديدة على روسيا ومن يشترون صادراتها في غضون 50 يوما، وهي مهلة كانت ستنتهي في أوائل سبتمبر.

لكنه قلص تلك المهلة خلال زيارة لبريطانيا أمس قائلا "لا داعي للانتظار... نحن ببساطة لا نرى أي تقدم يحرز".

وفي السياق، جدد الرئيس الامريكي ترامب اليوم تهديداته لروسيا بفرض عقوبات "ثانوية" أي تستهدف الدول التي تشتري منتجات روسية ولا سيما النفط والغاز بهدف تجفيف إيرادات موسكو.

وبعد عودته إلى السلطة في يناير، أعرب ترامب عن استعداده للتفاوض مع الرئيس الروسي، كما انتقد مساعدة بلاده لكييف، وسعى إلى تعزيز العلاقة مع بوتين.

لكنه أعرب منذ ذلك الحين عن "خيبة أمل" من بوتين الذي لم يوافق على وقف إطلاق النار الذي تطمح إليه كييف وواشنطن.

وأسف الناطق باسم الرئاسة الروسية اليوم لـ"تباطؤ" تطبيع العلاقات بين واشنطن وموسكو، مؤكدا أن بلاده "مهتمة بدينامية" أفضل في هذه العملية، وأكد "للمضي قدما، نحتاج إلى الدفع من الجانبين".

رغم التحذير الجديد، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن هجمات روسية على بلاده أسفرت عن مقتل 22 شخصا وإصابة 85 آخرين على مدى الساعات الأربع والعشرين الماضية، وكتب زيلينسكي على إكس " عندما شعر الجميع مرة أخرى بالأمل في أن القتل قد يتوقف، قتل الجيش الروسي 22 شخصا في أوكرانيا".

من جهة ثانية، اكد مسؤولون أوكرانيون مقتل 17 سجينا على الأقل وإصابة أكثر من 80 آخرين جراء هجوم جوي روسي على سجن في منطقة زابوريجيا جنوب شرق أوكرانيا.

وقالت مصلحة التنفيذ الجنائي الأوكرانية إن الهجوم، الذي وقع مساء أمس، استهدف مؤسسة "بيلينكيفسكا" الإصلاحية بأربع قنابل جوية موجهة.

وتم نقل 42 سجينا على الأقل إلى المستشفى مصابين بجروح خطيرة، فيما تعرض 40 شخصا آخرين، من بينهم أحد العاملين، لإصابات متفاوتة.

وذكرت السلطات أن الهجوم أسفر عن تدمير قاعة الطعام في السجن، وألحق أضرارا بالمباني الإدارية ومباني الحجر الصحي، لكن السياج الخارجي المحيط بالسجن صمد ولم يتم الإعلان عن أي حالات هروب.

وأدان المسؤولون الأوكرانيون الهجوم، مشيرين إلى أن استهداف البنية التحتية المدنية، مثل السجون، يعد جريمة حرب بموجب الاتفاقيات الدولية.

كما أعلنت السلطات مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة ثمانية آخرين في منطقة دنيبرو.

وقالت القوات الجوية الأوكرانية إن روسيا شنت هجمات على أوكرانيا باستخدام صاروخين باليستيين من طراز "إسكندر-إم"، بالإضافة إلى 37 طائرة مسيرة هجومية.

وأضافت القوات الجوية أن الدفاعات الجوية الأوكرانية اعترضت أو أسقطت 32 طائرة مسيرة.

وفي دنيبرو، استهدفت صواريخ مدينة كاميانسكي، مما أدى إلى تدمير جزئي لمبنى من ثلاثة طوابق وإلحاق أضرار بمنشآت طبية قريبة، من بينها مستشفى للولادة وجناح في مستشفى بالمدينة.

وأعلن رئيس الإدارة الإقليمية في دنيبرو، سيرهي ليساك، مقتل شخصين وإصابة خمسة آخرين بجروح، من بينهم امرأة حامل في حالة خطيرة الآن.

واستهدفت هجمات روسية أخرى تجمعات سكنية في منطقة سينيلنيكيفسكي بطائرات مسيرة من طراز "إف بي في" وقنابل جوية، مما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة اثنين آخرين.

وقال ليساك إن القوات الروسية استهدفت أيضا تجمعا سكنيا في فيليكوميخايليفسكا، مما أسفر عن مقتل امرأة تبلغ من العمر 75 عاما وإصابة رجل يبلغ من العمر 68 عاما.

ضابط اوكراني من قوات إنفاذ قانون يمرّ أمام مبنى مدمر في سجن بيلينكيفسكا الإصلاحي إثر غارة جوية على بيلينكي بمنطقة زابوريزهيا اليوم. "أ.ف.ب"

مقالات مشابهة

  • عراقجي: إيران لن تقبل بأن تمضي الأمور كما كانت عليه قبل حرب الـ12 يوم مع “إسرائيل”
  • واشنطن تُشهر سلاح الرسوم ضد نيودلهي.. وترامب: على الهند أن تدفع ثمن علاقتها بروسيا
  • كامالا هاريس تحدد موقفها من الترشح لمنصب حاكمة كاليفورنيا
  • عبد العاطي يبحث مع ويتكوف سبل وقف إطلاق النار في غزة واستئناف مفاوضات إيران
  • ترامب يُمهل بوتين 12 يومًا لإنهاء الحرب .. فهل ترد روسيا العظمى بقصف واشنطن؟ مدفيديف: لسنا (إسرائيل أو إيران)
  • صحف عالمية: على بريطانيا معاقبة إسرائيل وحماس تقود حربا نفسية فعالة
  • ميدفيديف يرد على”مهلة ترامب”: لسنا إيران أو إسرائيل
  • موسكو تؤكد: ملتزمين بعملية سلمية لإنهاء الصراع مع أوكرانيا وضمان مصالحنا
  • إيران تنفي مزاعم التدخل في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
  • مدفيديف يحذر ترامب: روسيا ليست إسرائيل أو إيران ولغة الإنذارات تقود إلى الحرب