جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-29@08:17:15 GMT

الخطة (ب)!

تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT

الخطة (ب)!

 

فاطمة الحارثية

 

تقارب وجهات النظر لا يعني بالضرورة توافقًا فكريًا أو ودًّا في العلاقة، فمعظمنا استقى معرفته وعلمه من ذات الكتب والبعض من ذات المعلم، الاختلاف يحدث من الزاوية التي نرى منها الأمور، ومقدار الفهم، ثم العائد والمصلحة، وقبلها المنبع أو بتعبير أدق البشر الذين كتبوا كُتبنا التي تعلمنا منها، فمن اختلفت مناهجه التعليمية لظروف الغربة، سوف يختلف؛ فهل نختلف بسبب الاختلاف؟

كان للأولين حظ الاختيار، القبول أو الرفض للمدارس الفكرية التي يتقدمون إليها، ودُور العلم والعلماء والكتب التي يدرسها ويتدارسها، بيد أنه في وقتنا الحاضر لا نملك الخيار ولا ننتقي ما نتعلمه ومن نتتلمذ على يديه؛ وهذا ما أوجد التحديات الجسام، وساهم في ظل العولمة في ضعف الاستقرار الفكري والتناسخ العلمي وندرة الابداع.

"إذا ما أنا، ما غيري!" على ماذا قد تنشر الفساد والفتن أو تُهلك الجهود؟ فالاستثمار الناجع يرتكز ويعتمد على إتقان لعب دور الشريك، أكثر من قوة الضمانات "الوساطات والمعارف" أو حجم العوائد التي قد تحققها، فكلاهما غير مستقر ولا يدوم؛ فطبيعة الإنسان الشك في كل شيء، وإن أجدت التعبير هنا سوف أقول "الحذر" بدل الشك، كلا يرى من زاويته، والشريك المناسب، من يُكمل نقصك وأنت تكمل نقصه، وهذا الذي يُديم العلاقة ويُبقيها مع الانتباه على موضوع التعود، الذي يُعد خطرًا حقيقيًا في تجانس وبقاء أية علاقة، فنحن كطبيعة بشرية نعتاد على الأشخاص والأمور، حتى نخال أنها جزء طبيعي ونستطيع العيش بدونها، والاستغناء أو أضعف الوضع الاستبدال، وهذا لمحدودية الإدراك والوعي في القادم من الحياة، وحقيقة المسائل مثل الروتين والرتابة والاستقرار، لنا أن نضيف مفاهيم الاختلاف، مثل السعادة والقبول؛ لأن المتعارف أننا نضجر سريعًا، ونُسلم بأن النعم دائمة ومستحقة، وفي حقيقة الأمر، أننا لا نعلم الغيب ولا نُدرك حجم التغيير الذي قد يحدث في حالة الاستغناء أو الاستبدال، أو حتى التجاهل، وأضف أيضًا التفرد والبصمة التي يتميز بها الناس بعضهم بين بعض، وهذا ما يُصعب علينا حقيقة التعويض الذي يأتي بعد الاستغناء أو الاستبدال أو التجاهل، فيحدث الندم.

نمارس مفهوم الخطة "ب" في الأعمال أحياناً لكن نادرا ما نضعه في مضمار أحلامنا أو خططنا الشخصية، لهوس قد نصاب به اسمه "الغرور"، أو يُلهنا الأمل، وربما لأسباب أخرى كثيرة تنبع من البيئة أو المعتقد، والأهم أنَّ قبول التغيير يُعتبر عاملا أساسيا للخطة "ب"، أي القضاء وحكم الله.

الخطة "ب"، تحتاج أن تُحتسب وأن تكون جزءًا من المخطط الأساسي، في عمق مضامين آليات التنفيذ ومرونة التأقلم مع المستجدات والمتغيرات، طالما الهدف الرئيسي قائم بثبات؛ قد يقول البعض إن هدفي أن أعمل ضمن ما أحب أو أُتقن، وأقول لهم، هدف العمل اثنان أولهما بناء موارد الحياة الأساسية أي المال والثاني التعلم والنمو أي الارتقاء الاجتماعي، وما تُحب وتتقن ربما ليس إلا جزءا يسيرا جدا من إمكانياتك وكفاءتك، وربما ما تتقن ليس حقيقة شغفك، والتردد أو ضعف الاستثمار الذاتي مخاطرة بحد ذاتها؛ قال لي أحدهم، نحن نعلم الكثير، والتحدي لم يعد بمقدار ما نعلمه بل القدرة على تحويل الكم الهائل من المعرفة التي لدينا إلى أدوات ومبادرات تنفع الناس، وترفع من أدائنا العملي، وهذا نبهني إلى الجدل الذي يقدمه شخوص الـ "أعرف/أعلم"، مقابل النتائج العملية التي صنعوها وترجموها من الكم المعرفي والعلمي الذي لديهم.

أكثر ما يؤرق الخطة "ب" مشاعرنا غير الواقعية، مثل المنافسات العدائية الفاسدة والتحفيز السلبي، والغيرة والمقارنات، وغيرها من التكتلات النفسية التي لا توصل الإنسان إلى نتائج حقيقية، أو نفع عام، الخطة "ب" تحتاج إلى تسليم تام وقبول لتستطيع أن تمتلك المرونة اللازمة للاستمرار بنفس مشرقة راضية مرضية.

إن طال...

الجُهد الذي يُبذل في العلاقات، فيه الكثير من العناء، ليس علينا أن نقترض القبول، فمثل هذا الدين عظيم، يبقى على الأعناق إلى يوم الدين، ومن اشتريت وده وقربه بهدية يبيعك بهدية أغلى.

لا تُؤلم أو تلُم قلبي، فنحن خاضعين لقول الله تعالى (لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ). ولله السمع والطاعة والرضا.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الإطار يراهن على التشتت: هل تنجح الخطة في المدن السنية؟

29 مايو، 2025

بغداد/المسلة: تزاحمت الخلافات الداخلية داخل “الإطار التنسيقي” الشيعي الحاكم في العراق لتدفع التحالف نحو التراجع عن قرار خوض الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر 2025 بقوائم موحدة في المحافظات ذات الغالبية السنية، لكن مصادر في الاطار تبرر ذلك بانه تكتيك سياسي باتجاه القوائم المنفردة  كونها اجدى في النتائج.

وأعلن الإطار، في بيان صدر مساء الثلاثاء 27 مايو 2025، تبنيه استراتيجية جديدة تقضي بخوض الانتخابات بقوائم متعددة في جميع المحافظات، بما فيها ديالى وصلاح الدين ونينوى، التي كان قد أكد قبل يوم واحد فقط عزمه الدخول فيها بتحالفات موحدة.

وكشفت مصادر سياسية عن اجتماعات محمومة عقدت خلال يومي الإثنين والثلاثاء، أفضت إلى قرار الانقسام إلى ست قوائم رئيسية، تعكس تنافساً متصاعداً داخل المكون الشيعي.

وأرجعت المصادر هذا التحول إلى صراعات حول توزيع النفوذ والمقاعد، حيث تسعى كل فصيل إلى تعزيز قاعدته الشعبية في ظل متغيرات إقليمية وداخلية.

وأوضحت أن هذا الانقسام لا يعني تفككاً سياسياً، بل هو تكتيك انتخابي يهدف إلى استهداف شرائح اجتماعية متنوعة قبل إعادة التوحد لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر بعد الانتخابات.

وأثارت هذه الخطوة مخاوف من تكرار سيناريوهات سابقة شهدتها العراق، كالأزمة السياسية التي أعقبت انتخابات 2021، حين أدت الخلافات إلى أزمة استمرت 11 شهراً، تخللتها احتجاجات عنيفة في بغداد، وانسحاب التيار الصدري من العملية السياسية بعد فشله في تشكيل حكومة أغلبية.

وأشارت تقارير إلى أن الإطار يسعى من خلال هذا التشتت الاستراتيجي للاستفادة من نظام “سانت ليغو” الانتخابي، الذي يعتمد التمثيل النسبي ويجعل كل محافظة دائرة انتخابية واحدة بمعامل قسمة 1.7، مما يتيح للقوائم الأصغر فرصة الحصول على مقاعد.

وتوقع محللون أن يؤدي هذا النظام إلى توزيع أصوات الناخبين على نحو يعزز هيمنة الأحزاب التقليدية، بينما تواجه القوى الناشئة تحديات جمة.

وبرزت في المشهد السني انقسامات مماثلة، حيث قرر حزب “تقدم” بزعامة محمد الحلبوسي خوض الانتخابات منفرداً، بينما يسعى تحالف “السيادة” بقيادة خميس الخنجر لتشكيل تحالف سني واسع.

وأكدت مصادر أن نسبة المشاركة المتوقعة قد تصل إلى 60%، مقارنة بـ44% في انتخابات 2021، مما يعكس إقبالاً متزايداً من فئات الشباب.
 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (…. بس)
  • عون: توافقتُ مع السيسي على إجراءات لتفعيل العلاقات
  • الإطار يراهن على التشتت: هل تنجح الخطة في المدن السنية؟
  • خبراء: فشل عسكرة المساعدات في غزة كان متوقعا لتناقضه مع القوانين الدولية
  • قاذورات بشرية
  • صحيفة إسرائيلية: الخطة الجديدة لغزة تُخفي رؤية كابوسية
  • بلدي جنوب الباطنة يتابع مشاريع الخطة الخمسية
  • "لجنة سيداو" تناقش الخطة الوطنية للمرأة العُمانية
  • أسعار الذهب تتراجع من جديد.. وهذا ثمن عيار 21 الآن
  • «لن أتخلي عن المبادئ الإنسانية».. استقالة مدير مؤسسة إغاثة غزة