تايمز: الدماء تسيل في السودان والأمم المتحدة تغض الطرف
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
حذّرت صحيفة "تايمز" البريطانية من أن "الحرب الأهلية" التي تدور رحاها في السودان تنذر بالتحول إلى دوامة من الاضطرابات الجيوسياسية الهائلة، قائلة إن الاستجابة الضعيفة لما يجري هناك تنم عن التضاؤل السريع لنفوذ مجلس الأمن الدولي.
ووصفت الحرب بأنها ليست مجرد جثث تتراكم بسبب القتال وتقدرها آخر الإحصائيات بنحو 150 ألفا، بل أيضا مجاعة من المتوقع أن يموت 2.
ومع ذلك، تغض الأمم المتحدة -التي تنعقد جمعيتها العامة حاليا في نيويورك- الطرف عما يجري في السودان، وفق تقرير المحرر الدبلوماسي للصحيفة، روجر بويز.
ثقب أسودورغم أن هناك الكثير من الأزمات الأخرى المشتعلة في العالم، مثل غزو روسيا (العضو المؤسس في مجلس الأمن الدولي) لأوكرانيا، وجبهة الحرب الجديدة في الشرق الأوسط (بين إسرائيل ولبنان)، فإن الحرب في السودان وحدها التي سقطت عميقا في "ثقب أسود"، وبالكاد تحظى بالتغطية الإعلامية، لتصبح ليس فقط "ضحية" الميزانيات المستنزَفة لوسائل الإعلام، ولكن أيضا للامبالاة من قِبل المؤسسات الدولية.
وقد أخذت الحرب الأهلية بين الجيش السوداني و"مليشيا تطلق على نفسها اسم قوات الدعم السريع" -حسب وصف التايمز اللندنية في تقريرها- بعدا عالميا، حيث طالت 21% من مساحة القارة الأفريقية، واجتذبت مرتزقة روسا، ووحدات من الجنود الأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة ويجري تسخيرهم لأداء أعمال وضيعة.
ووفقا للتقرير، فإن منظمة الأمم المتحدة جرت هيكلتها بعد الحرب العالمية الثانية لإدارة الأزمات المتعددة وتوقع حدوثها مثل تلك التي يتعرض لها السودان، ولديها وكالات تراقب تدفقات الهجرة، وتقدم المشورة بشأن الاستجابات الدولية للأمراض الوبائية، وتكافح سوء التغذية، ويُنتظر منها أيضا إيجاد السبل لإقرار السلام.
كيان بلا فاعليةوقالت "التايمز" إن المنظمة الدولية ووكالاتها "مغمورة" بالأزمات التي يصعب إدارتها، ثم إن مجلس الأمن الدولي الذي يعيقه حق النقض، والذي تهيمن عليه القوى النووية التي غالبا ما تتجاهل القواعد العالمية كما في حالة روسيا والصين، أصبح كيانا بلا فاعلية.
وأضافت أن صمت المنظمة الدولية إزاء الحرب المستمرة طيلة الـ16 شهرا الماضية تشي بأن روح الدبلوماسية المتعددة الأطراف التي توختها الأمم المتحدة في بواكير تأسيسها قد ذبلت.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن المشكلة اليوم واضحة؛ إذ يتعين إصلاح مجلس الأمن وتوسيع عضويته، وإعادة النظر في حق أعضائه الدائمين بعرقلة القرارات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات مجلس الأمن فی السودان
إقرأ أيضاً:
د.عبد الله علي ابراهيم ورقصة التانغو!
رشا عوض
يا دكتور عبد الله علي ابراهيم ، هذه الحرب ليست مثل ” رقصة التانغو” كما زعمت في مقابلتك التي بثتها قناة الجزيرة، هذه الحرب “عرضة وفي نصها بطان”!!
اعتقد التشبيه معيب جدا حتى لو كان وجه الشبه المقصود هو ان الحرب بين طرفين فقط ولن تتوقف الا اذا قرر احدهما التوقف !
هذه الحرب لها طرف لا يراه احد ! طرف مرغم عليها! هو من يدفع الثمن الاكبر بسببها مرغما ! هذا الطرف هو ضحاياها من الجوعى والمرضى والمشردين ! من الذين يقاسون ويلات الاعتقال والتعذيب سواء في معتقلات الد.عم السريع او في معتقلات الاستخبارات العسكرية لمجرد الاشتباه، هذا الطرف هو عشرات القتلى الابرياء بالرصاص الطائش والدانات وقصف الطيران ،هذا الطرف هو من خرجوا من هذه الحرب باعاقات جسدية دائمة وبامراض نفسية مدمرة، هذا الطرف هو من سلبت امواله وانتهكت اعراضه وقبل ان تجف دموعه على خساراته الفادحة تم تتويج احد المسؤولين عن خسارته ابطالا وتم منحهم الرتب الرفيعة بواسطة الجيش مثل سيادة اللواء ابوعاقلة كيكل! هذا الطرف ليس مجرد متفرج على رقصة تانغو يستمتع بتناغم الرقص الرومانسي مع موسيقى عذبة ، بل هو من المعذبين في الارض بحرب قذرة مفروضة عليه بكل غلظة وعدم انسانية تصب على رأسه الويلات المتلاحقة.
فكيف يجرد الدكتور عبد الله علي ابراهيم هذا الطرف المنكوب من مجرد ان يكون له رأي في قضية ايقاف هذه المقتلة والمحرقة! ويجعل هذا الحق حصريا للجيش فهو من يقرر التفاوض من عدمه! وكأنما هذا الجيش يدفع فاتورة الحرب من جيوب جنرالاته لا من دماء هذا الشعب وماله وحاضره وجزء من مستقبله! وكأنما هذا الجيش يقرر بمعزل عن عصابة علي كرتي!
اليس هذا نفس الجيش الذي كانت قياداته حتى الامس القريب تتغزل في الد.عم السريع وتخرس منتقديه بانهم بفضله – اي الد.عم السريع- ينامون في بيوتهم امنين وحدود بلادهم محروسة؟! فما الذي تغير سوى متطلبات صراع السلطة والغنائم؟! وما هو الخطأ في ان نطالب بادارة صراع السلطة والغنائم هذا بوسائل سلمية وايقاف طاحونة الحرب التي دمرت وطننا ولو استمرت ربما فقدنا الوطن بحدوده الحالية؟
المحير بحق في كل مداخلات الدكتور عبد الله علي ابراهيم في قناة الجزيرة حول الحرب هو النظرة العدمية لاي رؤية مستقلة عن طرفي الحرب ، ومصادرة الحق في بناء سردية للسلام من موقع ديمقراطي! فهو يزعم ان كل الشعب يجب ان يكون طرفا في الحرب خلف الجيش! وهذه مغالطة كبيرة للواقع، فالجيش اختار ان يكون حزبا سياسيا له موالون ومعارضون وبالتالي فهو من الناحية الموضوعية عاجز عن توحيد الشعب السوداني خلفه! جزء من هذا الشعب يقف خلف الد.عم السريع ، جزء من هذا الشعب يقف خلف القوات المشتركة وهي ليست خلف الجيش بل هي مع الجيش في زواج مصلحة مهدد بالانهيار متى انهارت المصلحة، وهي تخوض الحرب لدوافع ليس من بينها انها تؤمن بالجيش ايمان العجائز! لانها كانت في الامس القريب تحارب هذا الجيش الذي كان يصفها بنفس ما يصف به الد.عم السريع الان: الخونة والعملاء والمرتزقة! والخطر الذي يريد تدمير الدولة السودانية لاقامة دولة الزغاوة الكبرى! لا جديد في خطاب الجيش الان سوى استبدال دولة الزغاوة بدولة العطاوة!
من كل ذلك يتضح جليا ان دولتنا السودانية مأزومة وازمتها مركبة لا يجدي في مقاربتها اي منطق تبسيطي يختزل هذه الحرب في ثنائية الحق والباطل او الخير والشر، او الوطنية والخيانة، على اساس ان الجيش هو الحق والخير والوطنية ، ومن يحاربه او يعارضه هو الباطل والشر والخيانة!
من اراد ان ينحاز لاي طرف في هذه الحرب فهو حر في انحيازه، ولكن يجب ان يبتعد عن منطق الثنائيات الحدية والمفاصلات الاخلاقية الارثوذكسية التي ستدخل صاحبها في تناقضات مع معطيات الواقع الراهن والتاريخ القريب جدا !
هذه الحرب من وجهة نظري جريمة مكتملة الاركان في حق السودان شعبا ووطنا ودولة، مرتكبوها هم الكيزان والجيش والد.عم السريع ، اتمنى ان نفكر جديا في ايقاف هذه الجريمة ونتواطأ بشكل جماعي على وضع التدابير السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية التي تضمن عدم تكرار مثل هذه الجريمة في المستقبل.