الأورومتوسطي .. ينبغي التدخل العاجل لضمان دفن عشرات الشهداء مجهولي الهوية وكشف ملابسات وفاتهم
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
#سواليف
طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بتدخل دولي عاجل وشامل للتحقيق في ظروف وفاة عشرات القتلى الفلسطينيين مجهولي الهوية الذين سلمهم جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم في قطاع غزة، وضمان دفنهم بما يتوافق مع كرامتهم وحقوقهم الإنسانية.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان: إنه تابع بأسف المعلومات عن تسليم جثامين 88 فلسطينيا من الجيش الإسرائيلي في كونتينر دون أي بيانات أو معلومات تدل على هوية أصحابها وأماكن انتشالها ووقت وظروف الوفاة.
وأضاف أنه إثر وصول الجثامين بهذه الحالة، أعلنت وزارة الصحة في غزة أنها أوقفت إجراءات استلام الكونتينر لحين استكمال كامل البيانات والمعلومات حول هذه الجثامين للتعرف على أصحابها وأسمائهم.
وأوضح أنه إثر ذلك بقي “الكونتينر” وبه جثامين القتلى في أحد شوارع خانيونس، وهو أمر كارثي ويمكن أن يتسبب بكارثة صحية، وفيه انتهاك خطير لحقوق المتوفين وعائلاتهم، ويحتاج إلى تدخل دولي عاجل، يشمل التحقيق الشامل والمستقل بظروف مقتل هؤلاء الفلسطينيين وتشريح رفاتهم البشرية، وتحديد هوياتهم وإعادتهم إلى عائلاتهم لدفنهم بكرامة.
وقال إن التزام إجراء هذه التحقيقات هو التزام دولي لا مفر منه يقع على عاتق جميع الجهات الدولية المختصة بما يتوافق مع المعايير الدولية.
وشدد الأورومتوسطي على أن إسرائيل ملزمة بموجب القانون الدولي، لا سيما الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، بعدم إساءة معاملة الموتى ورفاتهم، ويجب عليها اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحديد هوية الأشخاص المتوفين، بما في ذلك تسجيل أكبر قدر ممكن من المعلومات وتسليمها، وتسليم الجثامين على نحو يحفظ كرامتهم، وعدم التعرض لقبورهم.
وأبرز ما أعلنته اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأنها قدّمت المساعدة الفنية والمادية للمستجيبين والمتخصصين في الطب الشرعي لدعمهم في انتشال الجثث والتعامل معها بما يليق بالكرامة الإنسانية وما يتماشى مع أفضل الممارسات في هذا المجال، وشمل ذلك توفير أكياس الجثث ومعدات الحماية الشخصية، لا يعفيها من مسؤولية استلام الجثامين دون توفر بيانات تفصيلية عنهم وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي يؤكد وجوب التعامل مع الأفراد الذين خسروا أرواحهم في أثناء النزاع المسلح بما يحفظ كرامتهم الإنسانية والتعامل مع جثامينهم بالشكل الصحيح والملائم. كما يتطلب القانون البحث عنهم وانتشالهم وإجلائهم، مما يساهم في ضمان عدم بقائهم في عداد المفقودين.
وطالب المرصد بتدخل دولي عاجل لإجراء كافة التحقيقات اللازمة في ظروف وملابسات مقتل هؤلاء الفلسطينيين، وذلك لضمان مساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها ومنع افلاتهم من العقاب، وإعمالا لحقوق الضحايا وعائلاتهم بالانتصاف ومعرفة الحقيقة، وضمان حق جميع الأسر في الحصول على أي معلومات عن أحبائها وتنفيذ مراسيم دفنهم بما يحفظ كرامتهم الإنسانية ويتفق مع الأعراف والتقاليد.
كما طالب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر للمبادرة بشكل فوري لدفن الضحايا والعمل مع الاحتلال الإسرائيلي على توفير المعلومات وتحديد هوياتهم والتوقف عن الحط من الكرامة الإنسانية للأموات واساءة معاملتها.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف
إقرأ أيضاً:
مجلد نفيس ينبغي ترجمته للعربية فورا
الأحد، 26 مايو 1991، سان دييجو، كاليفورنيا
(1)
أحب كافكا كثيرا: رسالته إلى أبيه فيها من الفكاهة ما يُفجعني ويُضحكني.
(2)
ليست الحكمة امرأة، ولستُ مقاتلا.
الإثنين، 27 مايو 1991، سان دييجو، كاليفورنيا
هناك شيء آخر سأكتشفه الليلة: فِتَنٌ وحتوف غير الجبين، والعينين، ومنبت النهدين، واللسان، والردفين، والخد، والخاصرة، والعنق.
هناك أعضاء أخرى في عائلة الموت واللذة سأتعرف إليها الليلة. ما ذهب المرء في جسد امرأة مرَّة إلا واختفى زاد الرحلة، وتعاظَم (للمرة الأولى، دوما).
الأربعاء، 29 مايو 1991، سان دييجو، كاليفورنيا
كلمة أصغر من كل الحروف.
الأحد، 2 يونيو 1991، سان دييجو، كاليفورنيا
(1)
بيني وبين الله كل ما بين حبيبين.
(2)
قراءات لآيزنشتاين وعنه. كان يُفترض أن يكون عُمر آيزنشتاين طويلا، وعمر ستالين قصيرا.
الثلاثاء، 4 يونيو 1991، سان دييجو، كاليفورنيا
اليوم، الدخول إلى مصحَّة Alvarado Parkway Institute لإجراء جلسات علاج الاكتئاب المزمن الحاد بالصَّدمة الكهربائية. اتخذت هذا القرار بصورة حاسمة قبل مدة، واستكملت الإجراءات المهنيَّة المعتادة مع طبيبي النَّفسي، وقد آن أوان التنفيذ.
طلبوا مني، فيما طلبوا، اسم أحد أفراد العائلة من الدرجة الأولى ورقم هاتفه للتواصل في حالة حدوث طارئ. منذ أن جئت إلى هذه البلاد البطريركيَّة بامتياز وأنا ألاحظ تكريس مؤسسة العائلة في كل شيء. اسم عائلتك وقنوات التواصل مطلوبة في كل مكان في هذا النظام الأبوي مسرف السيطرة. لا بد أن يكون للجميع «آباء» يمكن التواصل معهم حين يتطلب الأمر والنِّظام. أستطيع فهم أن الدخول إلى مصحَّة نفسيَّة يتطلب وجود قناة اتصال عائليَّة، لكن حتى في مواقف أقل وجاهة فإن المطلب حاضر، وقد كان يسقط في يدي دوما. في عُمان يطلبون اسم وموافقة «الشيخ» في كل شيء، وهنا يصرُّون على حضور «الأب» في كل شيء. هذا هو «التَّقدم»!
قلت لهم إن ليس لي عائلة وأب؛ فأنا طالب أجنبي هنا، وكل «عائلتي» تقيم في بلادي البعيدة. وحين أصروا على وجود رقم للتواصل مع صاحبه في حالة الطوارئ أعطيتهم رقم هاتف إملي التي لم أخبرها أصلا بقراري دخول المصحَّة، بل قلت لها إني سأكون خارج المدينة لبعض الوقت، وإن عليها ألا تقلق.
بدا الأمر في المصحة وكأنه فندق لا بأس به (فلأقل إنه من فئة الثلاث أو الأربع نجوم).
الأربعاء، 5 يونيو 1991، سان دييجو، كاليفورنيا
إجراء الفحوص والتحاليل الجسمانيَّة والكيميائيَّة لمعرفة مدى قابليتي لتحمل الصَّدمات الكهربائيَّة، والتوقيع على أوراق تحمل المسؤولية التي مهرتها من دون أن أقرأها، إلخ.
أظن أن ثلاثا من أعظم الهدايا التي قدمها الإيطاليون للبشريَّة اختراع الصَّدمة الكهربائيَّة بغرض العلاج من مرض الاكتئاب المزمن الحاد، وغرامشي، وبازوليني. أما الحضارة الرومانيَّة البربريَّة أكثر بكثير مما توحي به آثارها المعماريَّة، والأدبيَّة، والفنيَّة «الخالدة» فقد ذهبت، مثل كل الحضارات، إلى تاريخ القسوة والاضطهاد.
لكن، أه، يبدو أنه لولا «الحضارة الرُّومانيَّة» لما تمكن الإيطاليون من تطويع الصَّدمة الكهربائيَّة لصالح علاج المصابين بالاكتئاب المزمن الحاد، ولما انبثق غرامشي وبازوليني (والأخير، في أية حال، يقول «إن إيطاليا هي أقسى بلاد في العالم»، وأنا أشكر الرب دوما؛ لأنه ليس من مواليد مجز الصُّغرى).
تعاملت مع الأمر برمَّته على أنه مسألة إجرائيَّة وبيروقراطيَّة، وحاولت ألا أتذكر أي أحد، بل إنني شعرت بسعادة لئيمة (تقريبا) ألا أحد يعرف أين أنا إلا أنا. كما شعرت ببعض الاستغراب من مزاجي الداخلي التَّهكمي، واللامبالي، والسَّاخر في ظرف كهذا.
أنا في مصحة عقليّة لإجراء الصدمة الكهربائية بسبب إصابتي المرضيَّة، وكفِّ العقاقير عن مساعدتي حتى بالحد الأدنى، ولذلك لا بأس من بعض السُّخرية من كل شيء؛ فالأمر، بِرمَّته، بهذه البساطة التي تتنزَّه عن أي تعقيد وعواطف لا داعي لها.
بعد سلسلة من الإجراءات البيروقراطيَّة والإجرائيَّة التي كنت أتوقعها ولم أشعر بأي استياء منها، أعادوني إلى سرير المبيت الذي كان مرتَّبا ونظيفا (في هذه البلاد كل شيء مرتَّب ونظيف إذا كنت تستطيع دفع ثمنه. بمعنى ليس أقل صحة في هذه الحالة: إذا كان تأمينك الصحي يستطيع. أما المُشردون بلا مأوى [الـ homeless] فهم «أقل حظَّا» فحسب كما يقول الإعلام الأمريكي في مناسبة «عيد الشُّكر»).
هناك سمعت أحدهم وهو يقرأ لأحدهم برهبة أو خوف، أو بكليهما معا، شيئا من حِكَم الإنجيل. لقد كان «يقري عليه» (حرفيَّا)؛ فلم أتمالك نفسي من الضحك بصوت مسموع وغير إرادي أولا، ثم حاولت ابتلاع الضحكة وإكمالها في سرِّي كيلا تندلق إلى الخارج، وذلك مراعاة لمشاعر المؤمنين في سان دييجو ومجز الصُّغرى.
بعد ذلك واصلت قراءة كتاب ممتاز يحتوي على مختارات من أعمال روبرت فالزر. استوقفتني بصورة خاصة مادته «جواب عن طلب». كتابة كبيرة فعلا، ولا يجد المرء أدنى صعوبة في أن يفهم لِمَ كان كافكا يقرأ نصوص فالزر بصوتٍ عالٍ ومُنتشٍ.
الجمعة، 7 يونيو 1991، سان دييجو، كاليفورنيا
(1)
أيقظوني مبكرا في الصَّباح، وقلت في نفسي إن موعد الإيقاظ هذا هو بالضبط موعد تنفيذ أحكام الإعدامات السياسيَّة في بلداننا نحن الذين ننتمي إلى العالم الثالث عشر (حسب آخر تصنيف). لا بأس في أني ما أزال قادرا على الإتيان بهذه الدعابة الذاتيَّة الكئيبة.
بعدها أجروا المزيد من الفحوصات الروتينيَّة في مثل هذه الحالات (قياس الضغط، معرفة نسبة السُّكر في الدم، وفحوص أخرى لا أفقه أسماءها ولا دواعي إجرائها، إلخ)، ثم أُخذتُ في سيارة ركاب عاديَّة (وليس في سيارة إسعاف) إلى منشأة طبيَّة قريبة تابعة للمصحَّة. استوقفني صمت السائق المتجهم، والذي بدا وكأنه عضو في عصابة، والمرافق الذي كان له مظهر وجوهر إنسان آلي (قلت: «صباح الخير»، ولم أسمع ردَّا لغاية الآن). فكَّرت ساخرا في الأمر بأنه عملية اختطاف مُتقنة السيناريو والتنفيذ، غير أني استدركتُ بالرُّكون إلى الظن أن معظم الناس لا يرغبون في الحديث في الصباح الباكر خاصة إذا كان بمعيَّتهم شخص سيتعرض للكهرباء بعد قليل، وهذا من حميد الخصال في كل الأحوال.
عند حوالي السَّابعة أجروا الصَّدمة الكهربائية الأولى. قبيل ذلك تأملت في ابتسامةٍ أمريكية مثاليَّة صادرة من أخصائيَّة التخدير الذي جرى على مرحلتين. لا بأس، فهم يبتسمون كثيرا في هذه البلاد، وهذا ما يجعلهم أفضل ولو قليلا من الإنجليز الذين يتعاملون مع الابتسام بأسوأ من طريقة تعاملهم مع مؤخراتهم.
بعد إفاقتي من تنفيذ الصدمة كنت برُبع وعي لم يَحُل دون الشُّعور بأنني هنا، وبأنني قادم من بعيد، وأريد أن أذهب إلى مكان أبعد. كنت، تقريبا، مثل غاليلي وهو يقول بصوت خافت وواثق من نفسه: «E pur si muove» «لكنها تدور» كلما فتحت عيني وأغمضتهما بسرعة اضطرارية دائخة بسبب دوران الأرض من فوقي، وأنا ممدد على السرير الطبي ذي العجلات وهم يدفعونه من غرفة إلى أخرى لفحص هذا أو التيقن من سلامة ذاك.
حقا، «لكنها تدور». وقالوا لي ما بالكاد سمعته وفهمته إنهم قرروا إجراء الصدمة أحاديَّة الجانب مرة كل يومين، وسيشرحون التفاصيل في وقت لاحق.
(2)
بصعوبة شديدة، في المساء، بمرافقة الصُّداع والغثيان والإحساس بفقدان الوزن والاتزان، مواصلة قراءة ما أمكن من مجلَّد The Cineaste Interviews. مجلَّدٌ نفيسٌ فعلا، وينبغي أن يترجَم إلى العربيَّة فورا.
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عُماني