بوابة الوفد:
2025-05-16@18:37:36 GMT

لا مُشاحَّة فى الذوق

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

طالت المناقشة بينى وبين أحد الأصدقاء عن معنى الجمال ومعياره وما المثال الأعلى له، حيث يرى صديقى أن ثمة معيارًا للجمال لا يختلف عليه اثنان، فيما كنت أرى أن الجمال حتمًا أمر نسبى يختلف من شخص لآخر وفقًا لاعتبارات عديدة تتعلق بتكوينه الثقافى وانتمائه العرقى والدينى بل تختلف باختلاف المكان والزمان، وضربت له مثلًا بتعلق البعض بالجمال الأشقر فيما يهيم آخرون عشقًا بالسمراوات، وذكَّرته بأنه فى بدايات العشرينات كان معيار المرأة الجميلة كان ذات القوام الممتلئ، فيما تحولت الدفة الآن لصالح القوام الرشيق أو «الفرنسى» قلبًا وقالبًا، مختتمًا حديثى له: «يا صديقى، لا مُشاحَّة فى الذوق».

والحقيقة أن المرة الأولى سمعت فيها تلك العبارة كانت بين جدران مدرج «غربال» بكلية آداب عين شمس وكان قائلها هو المرحوم د. عز الدين إسماعيل، أستاذ النقد الأدبى بقسم اللغة العربية، عميد كلية الآداب الأسبق، فى سياق محاضرة عن علم الجمال وأساسياته باعتباره مبحثًا فلسفيًا فيما يسمى بالاستاطيقا التى تختص بدراسة المحسوسات عمومًا.

 وإذا نظرنا للمعنى اللغوى لجملة «لا مُشاحَّة فى الذوق» فإنه يعنى «لا مناقشة» أو «لا مماحكة» أو «لا جدال» فيما يختص بالذوق، أى أنه ببساطة ليس هناك نمط بعينه يجب الاحتذاء به للحكم على ذوق إنسان ما، فللإنسان أن يبدع كما يشاء فى مجالات الأدب والفن عمومًا، فلكل فنان أسبابه الإبداعية ولكل تيار فنى أو أدبى معاييره الخاصة، باعتبار أن الذوق هو ملك صاحبه ككائن بشرى، ذو ذائقة شخصية تماثل بصمته الخاصة فيما تراه حواسه جميلًا.

وبعيدًا عن مدارات فلسفة الجمال، والتعصب لرأى دون آخر فيما يراه البعض نسبيًا وما يراه البعض غير نسبى وما يراه آخرون بأن الجمال لا يتعلق بالشىء نفسه بقدر ما يتعلق بعين المتلقى وترجمته لما يراه وفقًا لتكوينه الذاتى الخاضع لاعتبارات النشأة والثقافة بل المجتمع والعصر الذى يعيش فيه، وما يراه فريق آخر بأن ثمة ما يسمى بالذائقة الجمعية التى يتكوّن لديها شبه إجماع على المثال الفائق للجمال، فإننى أجد أن كل وجهة نظر لها وجاهتها وتمثل جهدًا فلسفيًا يجبر المرء على الإعجاب به لما يمثله من رغبة إنسانية دؤوب لفهم العالم بما يحتويه من مدركات ومحسوسات. 

وفى الحقيقة، فإن تلك العبارة تندرج أيضًا على كل ما يتصل بحياة الإنسان بصفة عامة، فلا ينبغى فرض ذوق بعينه سواء فيما تسمعه أو تشاهده أو تتذوقه أو حتى ما تشجعه رياضيًا، فبعض الناس يعشقون تناول أكلات بعينها قد لا تطيق اشتمام رائحتها من الأساس، فيما يحب آخرون مشاهدة فنان كوميدى معين دون آخر، أو تفضيل مغنٍ بعينه على آخر، وأذكر فى هذا المقام أحد الإخوة الليبيين وهو يتعجب من عشق المصريين خاصة والعرب عامة لكوكب الشرق أم كلثوم قائلًا لي: «شخصيًا لا يطربنى صوت أم كلثوم بل أفضل عليها فيروز صاحبة الصوت العذب» ورغم استهجانى لرأيه فإنه لا غضاضة فى ذلك، فهكذا هم البشر منذ الخليقة مختلفون وأذواقهم مختلفة ولا ينبغى لذلك يومًا ما أن يزعجنا أو يثير حفيظتنا، إذ «لا مُشَاحَّة فى الذوق».

[email protected]

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: خارج السرب

إقرأ أيضاً:

فيما أهل غزة يتضورون جوعاً .. مليارات الدولارات تنتظر ترامب في زيارته المرتقبة للمنطقة ! ..

صلاح المقداد*

من المُقرر أن يبدأ الرئيس الأمريكي المهووس دونالد ترامب الثلاثاء الثالث عشر من مايو الجاري زيارة رسمية للمنطقة هي الأهم لرئيس أمريكي منذ عقود طويلة، وتشمل زيارة ترامب بقرته الحلوب ( السعودية) وإمارة قطر ودويلة الإمارات .

وتنتظر ترامب المتلهف كثيراً للحصول على أموال مشيخات النفط الخليجية مُفاجآت عدة سارة يسيل لها لعابه، قد تعوض أمريكا بعض ما خسرته بسبب قراراته المثيرة للجدل المتعلقة بفرض الرسوم الجمركية على عدد من الدول والتي استهل بها فترة رئاسته الثانية.

حيث من المنتظر أن يوقع ترامب خلال زيارته للرياض اتفاقيات وصفقات مع ابن سلمان تحصل بموجبها أمريكا على ترليون دولار، غير الهدايا الثمينة والنفيسة التي سيحصل عليها من بني سعود، في الوقت الذي يتضور فيه ملايين الفلسطينيين بغزة جوعًا بسبب استمرار العدوان الصهيوني عليهم ومحاصرتهم من قبل سلطات الإحتلال والدول العربية المحيطة والمجاورة لقطاع غزة.

فيما أشارت وسائل اعلام غربية ومنها شبكة “إيه بي سي” الأمريكية إلى أن إمارة قطر بدورها قدمت طائرة بوينغ 747-8 الفاخرة للغاية، كهدية للرئيس ترامب بقيمة 400 مليون دولار، والتي قد تكون الهدية الأكثر قيمة على الإطلاق التي تُقدم للولايات المتحدة من حكومة أجنبية .

وتأتي هدية قطر هذه لسيد الأعراب ومولاهم ترامب تعبيراً عن الولاء للعم سام وتأكيداً لتبعية هؤلاء الأعراب لسيد البيت الأبيض .

كذلك من المتوقع أن يحصل ترامب من دويلة الأمارات أثناء زيارته لأبو ظبي على مليارات الدولارات نظير اتفاقيات وصفقات متعددة يبرمها مع بن زايد، وستذهب هذه الأموال إلى الخزينة الأمريكية التي تمول جريمة إبادة الشعب الفلسطيني بغزة وتقتل اليمنيين في بلادهم بلا ذنب سوى تحركهم لإسناد اخوتهم بالقطاع في معركة طوفان الأقصى .

وبهذا يبلغ السفه العربي مُنتهاه ومبلغه الذي لا يُطاق ولا يمكن تبريره والسكوت عليه ، لا سيما وقد تجاوز هذه المرة حدود المعقول والممكن والمقبول والمحظور، على أن الأدهى والأنكى من ذلك أن هذا السفه العربي الغير مسبوق يأتي في ظل استمرار أمريكا في دعمها اللامحدود للصهاينة ليستمروا في إبادة ملايين الفلسطينيين المحاصرين في غزة ، ومع استمرار آلة الحرب الصهيونية الفتاكة الأمريكية الصنع في حصد أرواحهم بشكل يومي وإرسالهم إلى ثلاجات الموتى بالمشافي ثم إلى المقابر، والبعض منهم قد قطعت ومزقت أعضائه وصاروا أشلاء في مشهد دامي وقاسي لم يهز ضمير العالم والإنسانية أو يحرك ساكنًا في عالم منافق صامت وفي الصدارة من يسمون أنفسهم عربًا ومسلمين ! .

وفي المحصل فإن ما ستكسبه أمريكا خلال زيارة رئيسها ترامب المرتقبة للمنطقة من أموال تقدر بمليارات الدولارات من أعراب الخليج تكفي لتحقيق نقلة نوعية لشعوب ودول عربية فقيرة وحل الكثير من مشاكلها الإجتماعية والإقتصادية.

كما يؤكد ذلك السفه لحكام المشيخات النفطية الخليجية حقيقة انعدام عدالة توزيع الثروة التي تعاني منها الأمة كمعضلة تاريخية مزمنة وجزء من اشكالية العالم العربي المستمرة، حيث تحتكر الثروة أقلية مترفة مرتهنة للخارج وتقوم بتبديدها بكل صفاقة وسفه وهي حق عام لكل أبناء الأمة جمعاء.

فضلاً عن ذلك فإن بقاء هذه الثروة بأيدي سفهاء هذه الأمة ومترفيها يجعل من تلك الثروة نقمة لا نعمة، إذ أن التصرف بها واهدارها على ذلك النحو جعلها كذلك وحولها لأن تكون أخطر معاول الهدم والتدمير لهذه الأمة ، وجرى تسخيرها لتدمير بلدان وشعوب كما حدث ويحدث في أكثر من بلد عربي والنماذج والأمثلة كثيرة .
وآن لأنظمة الخليج التي تُمارس العهر السياسي بإحترافية عالية أن تنتهي وتتوقف عن تبديد الثروة التي هي ملك للأمة العربية قاطبة ويعود حكامها إلى رشدهم ويرعوون عن ذلك السفه والواجب أن تسخر تلك الثروة لما فيه مصلحة الأمة وتنمية دولها وشعوبها لا أن تذهب عائداتها وريعها للأعداء وعلى رأسهم أمريكا، وعلى مثل حكام الخليج ينطبق قوله تعالى : “إن الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة” .

*المقال يعبر عن رأي الكاتب

مقالات مشابهة

  • مجزرة مرورية في المكسيك… 21 قتيلاً في تصادم مروّع بثلاث مركبات
  • مقتل 21 شخصاً في حادث مروري بالمكسيك
  • ترمب لأمير دولة قطر: أحببنا بعضنا البعض
  • شهداء وإصابات في قصف الاحتلال أنحاء متفرقة من قطاع غزة
  • عاجل| جمال وشاحنات سايبرترك.. طقوس استقبال ترامب في الدوحة
  • استقبال ترامب في قطر بموكب من الجمال وشاحنات سايبرترك حمراء
  • تسهيلات جديدة للأزواج الذين لديهم أطفال فيما يخص قروض الزواج
  • فيما أهل غزة يتضورون جوعاً .. مليارات الدولارات تنتظر ترامب في زيارته المرتقبة للمنطقة ! ..
  • كاريكاتير.. فيما ترامب يستنزف البقرة الحلوب صواريخ اليمن تحلق فوق رأسه وتدك العدو
  • فيما أهل غزة يتضورون جوعاً