موقع النيلين:
2025-07-13@06:32:18 GMT

هذا هو حميدتي .. خطاب إعلان الإفلاس

تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT

أول ملاحظة في خطاب حميدتي هي خروجه لمخاطبة الناس بشكل مباشر على غير العادة حيث كان يخرج بخطاب معد ومكتوب يعبر عن رؤية محددة هي رؤية التحالف السياسي للمليشيا وقحت.

لقد جاء الخطاب هذه المرة بشكل تلقائي وحميدتي (نسبة إلى حميدتي نفسه) للغاية. خطاب يعبر عن غياب المشروع وغياب الرؤية. لقد حصر حربه في الدفاع عن النفس وعاد مرة أخرى إلى المظلومية والتبرير والندم، كعادته دائما.

إذا قرأنا هذا مع حديث الناطق باسم حلفاء المليشيا بكري الجاك وحديث ياسر عرمان والاثنين أظهرا تراجعا واضحا في الموقف من الجيش، وكذلك الكلام الذي خرج من إعلام المليشيا، هجوم عبدالمنعم الربيع العنيف على قحت، وكذلك “جوج ماجوج” أحد القادة الميدانيين، كل ذلك يدل على أن التحالف بين المليشيا وقحت قد تصدع وربما انهار. فقد فشل كل طرف في توفير ما يريده الطرف الآخر؛ فشلت المليشيا عسكريا وفشلت قحت في توفير الغطاء السياسي داخليا وخارجيا.

في نفس السياق فقد هاجم حميدتي الاتفاق الإطاري وقال إنه سبب الحرب. في حين أنه في بداية الحرب وفي اليوم الأول قال إن حربه هي من أجل تنفيذ الاتفاق الإطاري. وهذا الكلام هو تماما عكس ما كان يقوله قبل الحرب. والتسجيلات موجودة.

لقد خرج حميدتي ليقول لمقاتليه أنهم يقاتلون بلا مشروع وبلا رؤية ولا أهداف. فلا أدري كيف يريدهم أن يستمروا في القتال!

لذلك فهذا الخطاب هو خطاب إعلان الإفلاس. لقد أعلن فشل الاتفاق الإطاري وأنه تسبب في الحرب. وألقى باللوم على الدول التي كانت تقف وراء الاتفاق الإطاري وحملهم المسئولية فيما وصلت إليه البلد. ويبدو أن حميدتي يبحث كعادته عمن يعلق عليه فشله مثل كل مرة.
السؤال الطبيعي هو إذا كان حميدتي يرى أن الإطاري سيتسبب في الحرب، فلماذا كان يدافع عنه بتلك القوة ولماذا ظل يحشد قواته لشهور في الخرطوم استعدادا لهذه الحرب؟ أما كان الأفضل عدم المضي في هذا الاتفاق؟

لم يقل لنا حميدتي من الذي أقنعه بالاستمرار في دعم هذا الاتفاق وحشد القوات لشهور في الخرطوم وإعداد مسرح الحرب.

بربك ما الذي كنت تتوقعه وأن تدعم اتفاقا تعرف أنه سيشعل الحرب وسيدمر البلد وبالتزامن مع ذلك كنت تعمل على تجهيز قواتك للحرب. فأنت شاركت في الإتفاق وأنت أعددت للحرب. فهذه الحرب ليست بين الجيش وقحت، ولكنها بين الجيش والدعم السريع. أنت طرف في الحرب وطرف أساسي، فكيف تتكلم عنها وكأنها شيء خارج عن إرادتك تسبب فيه الاتفاق الإطاري. أنت قررت أن تحارب بدليل استعدادك لها مع دعمك لسببها الرئيسي، وأنت كنت تعلم أن الوسيلة الوحيدة لتنفيذ الاتفاق الإطاري هي الحرب وعملت لها.

منتهى الغباء مع الجبن والهروب من المسئولية. الإطاري هو سبب الحرب ولكن أداة الحرب هي الدعم السريع، وبدون الدعم السريع لا يمكن للإطاري أن يتسبب في الحرب؛ لأن قحت لا تملك السلاح.

أنت دمرت قواتك ودمرت أهلك ونفسك ودمرت البلد والشعب السوداني. ولكنك أجبن من أن تواجه هذه الحقيقة، لذلك تبحث عن شماعات لفشلك.

الحقيقة هي أن حميدتي أراد أن يحكم. وحارب لأجل ذلك؛ وحارب بكل قوة وبكل جدية؛ إستعد لهذه الحرب لفترة طويلة وتلقى دعما هائلا بالمال والسلاح والمرتزقة وعقد تحالفات سياسية وتلقى وعود خارجية بالدعم والمساندة. حارب بكل ما يملك ولكنه فشل وخسر الحرب. هذه هي الحقيقة.

والآن جاء يتكلم بهذا الارتباك والضعف تحت وطأة الهزيمة الأخيرة في جبل مويا. رغم أنها ليست الهزيمة الوحيدة التي تلقتها المليشيا في الأيام الأخيرة. ولكن لأن خطابه انفعالي ولحظي فقد تجاهل بقية محاور القتال. لم يتطرق أبدا إلى الخرطوم ومعركة عبور الجسور إلى الخرطوم وبحري وتمدد الجيش في العاصمة. ترى ما هي الرسالة التي تتلقاها بقايا المليشيا في العاصمة ودارفور والجزيرة وهي ترى القائد حميدتي يتجاهل حتى وجودها. ربما ظنوا أن القائد قد نسيهم ونسي وجودهم وأنه لا يملك ما يقدمه لهم.

لقد تكلم كشخص مهزوم يستجدي جنوده كي يقاتلوا من أجل هدف غير موجود. إذا كنت قائد عسكري في المليشيا وأملك القليل من العقل لماذا أستمر في هذه الحرب؟ فهي حرب خاسرة بالمقاييس العسكرية باعتراف القائد نفسه وبلا هدف سياسي وتضعني في مواجهة شعب كامل وجيش يملك سلاح طيران فتاك؟ لماذا أقاتل؟

أخيرا، ما دامت هذه حرب بلا مشروع ولا أهداف كما هو واضح من خطاب قائد المليشيا، وقد خسرتها المليشيا باعتراف قائدها، أتمنى أن يجدد القائد العام للجيش مرة أخرى النداء لمن تبقى من المليشيا لكي يستسلموا ويسلموا أنفسهم، مع عفو عام عن كل من لم يرتكب جريمة بحق المواطن. كفرصة أخيرة.

حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الاتفاق الإطاری هذه الحرب فی الحرب

إقرأ أيضاً:

رأي.. عمر حرقوص يكتب: إيران أولاً.. خطاب خامنئي والصراع حول تعريف الثورة

هذا المقال بقلم الصحفي والكاتب اللبناني عمر حرقوص*، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

في خطاب هو الأبرز منذ اندلاع المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل، خرج المرشد الإيراني علي خامنئي بموقف، بدا فيه كما لو أنه يعيد ضبط نغمة الخطاب السياسي الإيراني: من شعارات الثورة الإسلامية العابرة للحدود، إلى نبرة ترفع "الوطن الإيراني" فوق كل اعتبار، وربما مقدمة لتحول أوسع في مفهوم إيران لنفسها ولدورها في الإقليم.

خامنئي، الذي طالما عُرف بتمسكه بالمفاهيم الثورية مثل "تصدير الثورة"، و"الأمة الإسلامية"، و"المستضعفين في الأرض"، اختار في خطابه الأخير التوجه إلى الداخل الإيراني بلغة السيادة الوطنية، والردع القومي، والحفاظ على مصالح إيران العليا. استُبعدت من خطابه مفردات كـ"نصرة محور المقاومة" و"الولاء المطلق لخط الولي الفقيه"، وحل مكانها خطاب أقرب إلى القومية الواقعية التي تستبطن حسابات الدولة، لا مبادئ الثورة فقط.

ولكن هل يعبّر هذا التحول عن تغير حقيقي في بنية النظام الإيراني؟ أم مجرد مناورة ظرفية أملتها التحديات المتزايدة داخلياً وخارجياً؟

أثبتت الحرب الأخيرة مع إسرائيل، والتي دامت 12 يوماً، أن إيران ليست قادرة على إدارة حرب مباشرة إقليمية واسعة على أكثر من جبهة. في السابق لم تتورط طهران مباشرة بالحروب ضد الولايات المتحدة ولا ضد إسرائيل، بل فضلت استغلال ما يسمى بالأذرع، مستعملة بالمقابل خطاب "الردع الهادئ" والقدرة على التحكم في التصعيد.

ولكن الحروب منذ السابع من أكتوبر 2023 أدت إلى استنزاف الأذرع، فنقلت إسرائيل المواجهة إلى الأرض الإيرانية. انتهت المعركة ووجدت طهران نفسها أمام تحول جديد، العمل للحفاظ على حضورها في المنطقة ومنع نقل المعركة مجدداً إلى أراضيها. وتلك هي النقطة المفصلية التي تفسر ربما انتقال خطاب خامنئي من رجل دين على رأس نظام يقود ميليشيات وأذرع في الخارج إلى سياسي يقود دولة.

قبل أعوام اغتالت مسيرة أميركية القيادي بالحرس الثوري قاسم سليماني في العراق، يومها أعادت طهران قراءة دورها الإقليمي بواقعية أكبر، وبدل أن تفتح حرباً مع "العدو الأكبر"، فضلت قصف مواقع بالعراق بعد إبلاغ واشنطن بموعد الضربة، وهو ما كررته الشهر الماضي في الرد على القصف الأميركي لمواقع نووية إيرانية، بمهاجمة قاعدة العديد في قطر بعد إبلاغ واشنطن لتحضير قواتها لمواجهة الصواريخ، ليظهر هنا أن الحرب فرضت معادلة جديدة تقول: ليس كل ما يُمكن فعله أيديولوجياً، يمكن تحمله سياسياً واقتصادياً.

وبهذا المعنى، فإن خطاب خامنئي الأخير لا يبدو ارتجالياً، بل ثمرة تراكم في مؤسسة الحكم، التي وجدت نفسها أمام خيار بقاء الثورة أو بقاء النظام، فانتقلت لحماية النظام عبر التورية، حيث يستطيع نائب الولي الفقيه بغياب "المهدي المنتظر" أن يعود للعب دور رجل السياسة، يحاور ويناور، ويزيح جانباً دور رجل الدين الذي يقود الأذرع المدافعة عن النظام، بانتظار التحولات التي تفرض تغييراً بالمنطقة.

من الجائز القول إن التركيز المفاجئ على "إيران أولاً" قد يخدم النظام داخلياً. ففي ظل تآكل الثقة، وانهيار العملة، وضجر أجيال جديدة من لغة الثورة بعد تراجع طهران عن "فرصة إزالة إسرائيل"، يبدو اللعب على وتر "الهوية الوطنية الإيرانية" أشبه بمحاولة استعادة السيطرة الرمزية على الداخل.

لكن في المقابل، من السذاجة تجاهل أن النظام الإيراني يجيد الازدواج الخطابي، فهو يقدم وجهاً وطنياً عاقلاً للخارج، فيما يستبطن وجهاً أيديولوجياً صلباً عند الحاجة، وبالتالي، فإن "الوطنية" في خطاب خامنئي قد تكون مناورة تكتيكية لتحسين وضع إيران التفاوضي، أو تغييراً إستراتيجياً مزمناً نحو بناء إيران كقوة إقليمية، لا فقط كثورة دائمة.

الواقع أن خامنئي لم يتخل عن أدوات الثورة، لكنه قد يعمل على إعادة ترتيبها، "حزب الله"، "الحشد الشعبي"، "أنصار الله الحوثي"، "الجهاد الإسلامي" و"حركة حماس" ما زالوا أوراق نفوذ مهمة، لكنها لم تعد تحرك كما كانت سابقاً بسبب الاختراق الإسرائيلي الذي سبب لها ضربات قاسية.

إيران قد تكون بصدد تحول تاريخي من "ثورة الإسلام" إلى "دولة إيران". لا يعني هذا بالضرورة انقلاباً على النظام، لكنه يعني بداية فصل جديد: حيث يتقاطع الأمن القومي مع السيادة، وتصبح الوطنية الإيرانية غطاء مشروعاً لكل خيارات البقاء. ولكن هل يستطيع النظام الحفاظ على هذا التوازن، أم أن الأيديولوجيا ستعود للواجهة حين تنتهي الحاجة التكتيكية لخطاب "إيران أولاً"؟

الأيام المقبلة لا سيما مع تصاعد ملفات التفاوض والضغط الإقليمي ستُظهر ما إذا كان خطاب خامنئي الأخير لحظة صدق نادرة، أم مجرد فصل جديد في فن البقاء السياسي الإيراني.

*عمر حرقوص، صحفي، رئيس تحرير في قناة "الحرة" في دبي قبل إغلاقها، عمل في قناة "العربية" وتلفزيون "المستقبل" اللبناني، وفي عدة صحف ومواقع ودور نشر.

أمريكاإسرائيلإيرانرأيعلي خامنئينشر الخميس، 10 يوليو / تموز 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • حبس مستأجر سوق المواشى بدمنهور بتهمة تقديم خطاب ضمان مزور
  • والي الجزيرة يشيد بجهود القوات النظامية في تأمين الولاية وكشف المتعاونين مع المليشيا
  • محكمة أميركية تلغي صفقة إقرار بالذنب لخالد شيخ محمد
  • نتنياهو يعود إلى إسرائيل دون إعلان اتفاق لوقف النار.. وغزة على صفيح المفاوضات الساخن
  • استشهاد وإصابة 5 من القوات المشتركة بقصف حوثي ورد مكثف يكبد المليشيا خسائر بالحديدة
  • ماذا سيُعلن الرئيس أردوغان؟ كل الأنظار تتجه نحو صباح السبت
  • سلمى عبدالجبار تدعو شباب السودان إلى لعب دور أكبر في محاربة خطاب الكراهية وتعمير ما دمرته الحرب
  • تفاصيل إسرائيلية داخلية حول مجريات صفقة التبادل ومواقف الأطراف منها
  • بالمناسبة الحزب الشيوعي أحد داعمي المليشيا
  • رأي.. عمر حرقوص يكتب: إيران أولاً.. خطاب خامنئي والصراع حول تعريف الثورة