«الصناعات»: الذكاء الاصطناعي يسهم في الوصول بنسبة الخطأ إلى مستوى الصفر
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
أكد محمد عنتر، عضو اتحاد الصناعات، أن الذكاء الاصطناعي يعمل على تطوير الأتمتة التي يقصد بها العمل بنظام التحكم الآلي، وذلك من خلال تحويل العملية الصناعية إلى عملية قائمة على الروبوتية الدقيقة والصناعة الآلية، بما يمكن من زيادة الإنتاج وتخفيض التكلفة، وذلك عن طريق البرامج الحاسوبية دون تدخل لأي عنصر بشري.
وأضاف «عنتر» في حديثه مع برنامج أوراق اقتصادية بقناة النيل للأخبار، أن الذكاء الاصطناعي يسهم أيضا في الوصول بنسبة الخطأ في الإنتاج إلى مستوى الصفر، حيث إنه يعمل على أتمتة جميع العمليات، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنه لا يمكن الوصول بعملية الأتمتة إلى مستوى 100%، في ظل ضرورة أن يوجد عامل أو مهندس على الأقل يتابع عمل الآلية بشكل كامل لمعرفة أي مشكلة ممكن أن تظهر من الماكينة نفسها؛ حيث تقوم الماكينة من خلال الذكاء الاصطناعي بعرض أي مشكلة أو تطور في الأداء على شاشات المراقبة.
وأشار إلى أنه في ضوء هذه الحقيقة فإن الذكاء الاصطناعي سوف يوسع من الأتمتة ويدفعها إلى عصر الازدهار، ولكنه في الوقت نفسه لن يقضي على دور العنصر البشري، ولكنه سوف يطور منه، حيث سوف يتطلب عصر الأتمتة والذكاء الاصطناعي عنصر المهارة والعلم في العامل الذي سوف يتعامل مع الماكينة حتى يمكنه اكتشاف العيوب والأخطاء فيها.
تنامي ظاهرة محاربة منظومة الذكاء الاصطناعي.. لماذا؟ونبه عضو اتحاد الصناعات إلى تنامي ظاهرة محاربة العمالة لمنظومة الذكاء الاصطناعي، اعتقادًا منه أنها سوف تؤدي إلى فقدان عمله دون أن يحاول التكيف معها ورفع مهاراته للتعامل مع التطور التقني الذي تأتي به منظومة الأتمتة، مشددًا على ضرورة إخضاع العمالة للتدريب المكثف على هذه التقنيات للدرجة التي تتشكل معها لديه قناعة بأن المنظومة ليست عدوا له ولكنها مساعدة له لإظهار إمكانياته وقدراته الإبداعية في التشغيل، ومن ثم تطوير مهاراته وزيادة دخوله المالية ومن ثم التكيف مع التقنية.
وأوضح «عنتر»، أن ما بين 30% إلى 35% من المصانع في مصر تتميز بالأتمتة الكاملة؛ حيث يركز أصحاب الأعمال الخاصة في مصر في تأسيس مصانعهم الجديدة على إقامتها على أسس الأتمتة الكاملة وتجنب العمل اليدوي وتشغيل الروبوت في عملية تجميع المنتج النهائي، مشيرًا إلى أن كثيرا من مصانع الرخام في شق الثعبان ومصانع تجميع السيارات تقوم على عملية الأتمتة.
الذكاء الصناعي من شأنه تقليل تكلفة الإنتاجوأكد أن الأتمتة والذكاء الصناعي من شأنها تقليل تكلفة الإنتاج وزيادة السيولة النقدية، وذلك من خلال تجنب نسب الخطأ الكبرى التي تحدث جراء العمل اليدوي أو التحكم اليدوي في العملية الإنتاجية؛ إذ إن الخطأ في الصناعة القائمة على الأتمتة يكاد يكون غير موجود أو بنسب هامشية غير مؤثرة.
وأشار عضو اتحاد الصناعات إلى أن عملية الأتمتة تنتشر حاليا في مصر في ظل قدراته على تحقيق وفورات الإنتاج الكبير وتوفير الطاقة المستخدمة بشكل كبير.
ولفت إلى أن الأتمتة تعمل على خلق وفورات إنتاج كبيرة في الطاقة وتخلق لدى المصنع توجه دائم نحو التخفيض في الطاقة والطاقة المستدامة من خلال إدماج الأتمتة مع الاعتماد على الطاقة الشمسية في تزويد المصنع بالطاقة اللازمة له.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي اتحاد الصناعات العملية الصناعية الذکاء الاصطناعی من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
كثر الحديث مؤخرًا عن لجوء بعض الكتّاب إلى «الذكاء الاصطناعي»؛ ليكتب عنهم المقالات الصحفيَّة في ثوان قليلة، ما اختصر لهم الوقت، وأراحهم من عناء الجهد والبحث. والنتيجةُ أنّ تلك المقالات افتقدت الروح، وغاب عنها الكاتب، فصارت كلُّ المقالات متشابهة في الشكل والمضمون، لدرجة أن أصبح القارئ يستطيع أن يميّز بين مقال الكاتب والمقال المنقول حرفيًّا من الذكاء.
إزاء تنامي الجدل حول الموضوع؛ هل هو انتحال وسرقة أم أنه بحكم التطور وضع طبيعي؟ قررتُ أن أخوض حوارًا مباشرًا مع أحد هذه الأنظمة؛ بحثًا عن فهم أعمق لهذا الكائن الرقمي. كانت المفاجأة أني كنتُ في حوار أقرب ما يكون مع إنسان وليس مع آلة، وبدا لي أنّ الذكاء الاصطناعي أداة ذات قدرات هائلة تفيد الكاتب في جوانب كثيرة في البحث عن المعلومة والترجمة وفي تقييم المقال نفسه، لكنه مهما كان من أمر فإنه لا يمكن أن يعوّض عن حضور الكاتب. سألتُ الذكاء عن هذا الأمر، فأقرّ بأنّ البعض يستخدمه لأداء المهمة كاملة دون تحرير أو إضافة ذاتية ما يجعل النص أقرب للانتحال، حتى لو لم يكن هناك مؤلف بشري يُنسب له المحتوى. سألتُ: هل يمكن أن يُقدّم الذكاء المقال نفسه لشخص آخر؟ فردّ بأنّ ذلك ممكن، خاصةً إذا كانت الأسئلة متشابهة أو عامة، ما يُظهر أهمية التفرّد في الطرح، والحرص على أن تكون الكتابةُ نابعةً من هوية الكاتب نفسه. هنا سألته: ماذا يمكن أن يفيد الذكاء الكتّاب والصحفيين؟ كان الرد: «دعم الكتابة والتحرير عن طريق صياغة الأفكار، وتوليد المحتوى، واقتراح زوايا مختلفة للموضوع أو حتى تقديم مسودة أولية. ويمكن الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المعلومات في وقت قصير، واستخلاص النقاط المهمة». وأهم نقطة ذكرها أنّه بترجمته الفورية السريعة يسهل التواصل مع مصادر من ثقافات مختلفة، ويمكنه استخراج الخلاصة من مقابلات طويلة، أو من وثائق كثيرة.
تشعّب الحديث بيننا - وكأني أمام صديق مثقف - سألتُه: كيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه؟ فردّ قائلًا: «إنّ الحفاظ على هذا التوازن يتطلب ترسيخ القيم الإنسانية في تصميم الأنظمة، وسن تشريعات ذكية، وتوعية الناس بعدم الاستسلام المطلق للأداة».
انتقلنا في الحديث عن الكتابة إلى الطب، فسألتُه سؤالًا سبق أن أثار جدلًا واسعًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي وظيفة الطبيب العام مثل الكثير من الوظائف التي ستُلغى؟ أجاب أنّ دوره سيتغيّر، لكنه لن يُلغى، فبينما يستطيع الذكاء دعم التشخيص، وتحليل البيانات يظل الطبيب البشري يتمتع بقدرة لا يمكن للآلة أن تمتلكها، وهي التعاطف، والحدس، والتعامل مع تعقيدات النفس البشرية.
طرحتُ عليه سؤالًا يحمل بُعدًا أمنيًا وأخلاقيًا، وقد تردّد كثيرًا عبر المنصات: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعلّم الناس صناعة القنابل أو الأسلحة؟ فكان جوابه حازمًا: «الشركات المطوّرة تضع فلاتر صارمة لمنع هذه الاستخدامات، لكن يبقى الخطر قائمًا إذا تم التحايل أو إساءة الاستخدام. وهنا تزداد الحاجة إلى يقظة قانونية ومجتمعية تتجاوز التطوّر التقني نفسه».
أخذني الحماس فسألتُه عن أغرب طلب وُجِّه إليه فقال: «هناك من طلب مني أن أكتب خطابًا يعتذر فيه عن حادثة كسر كوب زجاجي أمام مجلس تنفيذي لشركة كبرى، ويجب أن يتضمن استعارات عن تحطم الأحلام والزجاج المعشق». وواصل: «هناك من يسألني عن أسرار الكون، ومن يطلب صياغة قصيدة غزلية، ومن يبحث عن دعم نفسي في لحظة صعبة، وحتى من يطلب نصيحة قبل أن يُقدِم على مغامرة جديدة. وهناك من يريد أن أفسّر له الأحلام. أشعرُ وكأنّي كتابٌ حيّ مفتوح دومًا مليء بالمفاجآت». ولم ينس أن يسألني: هل لديك سؤالٌ غريب يا زاهر؟!
حقيقة أنّ الذكاء الاصطناعي الآن قوي، ومع الأسف صار الكثيرون يعتمدون عليه في الكتابة الحرفية فقط، وتركوا الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدّمها. وفي تصوري أنّ ما ينتظره العالم منه في المستقبل يفوق التصوّر، وهو ما أكده لي عندما سألتُه عمَّا هو متوقع منه في المستقبل؟ فأجاب: «سيصبح الذكاء الاصطناعي مثل «سكرتير رقمي» يعرف جدولك، وشخصيتك، ومزاجك، حتى نواياك، يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويُقدِّم خيارات حياتية مصممة لك بالذكاء. أما في المجال الطبي فسيتمكن من تحليل الحمض النووي لكلِّ فرد وإعطاء علاج خاص به، وقد يُساعد في اكتشاف الأمراض قبل ظهور أعراضها بسنوات». أما عن مجال التعليم فقد قال: «تخيّل فصلًا دراسيًّا لكلّ طالب على حدة، يُدرّسه الذكاء الاصطناعي حسب سرعة فهمه واهتمامه. سيساعد الذكاء في ردم الفجوة التعليمية بين المناطق المختلفة».
ولكن المثير أنه قال: «ستجري روبوتات عمليات جراحية، وترعى كبار السن، وتُناقشك في الفلسفة، تمزج بين الحس العاطفي والذكاء التحليلي. سيشارك الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى، كتابة الروايات، رسم اللوحات، وحتى ابتكار نكات».
لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن «يفهم» المشاعر؟ كان الرد: «إنّ الأبحاث تتجه نحو أنظمة تُدرك نبرة الصوت، وتعابير الوجه حتى المزاج!».
الذكاء الاصطناعي يشكّل قفزة كبيرة تُشبه القفزات النوعية في التاريخ، مثل اختراع الطباعة أو الإنترنت. وكلُّ هذا مجرد بداية رغم أنّ الناس باتوا يرونه من الآن مستشارًا، وشريكًا معرفيًّا، ومُحفِّزًا للإبداع، وأحيانًا صديقًا للدردشة.
كشفَتْ لي تجربةُ الحوار المطول، قدرات الذكاء الاصطناعي، وصرتُ على يقين بأنّ محرِّكات البحث مثل «جوجل» قد تصبح من الماضي؛ لأنّ البديل قوي، ويتيح ميزات لا توجد في تلك المحرِّكات، كالنقاش، وعمق البحث عن المعلومة، والترجمة الفورية من أيِّ لغة كانت. وما خرجتُ به من هذا الحوار - رغم انبهاري الشديد - هو أنّ الأداة لا تُغني عن الإلهام، وأنّ الكلمة لا تُولَد من الآلة فقط، بل من الأفكار، ومن التجارب الإنسانية، ومن المواقف، ولكن لا بأس أن تكون التقنية مساعِدة، وليست بديلة، فهي مهما كانت مغوية بالاختصار وتوفير الجهد والوقت؛ فستبقى تُنتج محتوىً بلا روح ولا ذاكرة ولا انفعالات، وهذه كلها من أساسيات نجاح أيِّ كتاب أو مقال أو حتى الخطب. وربما أقرب صورة لتوضيح ذلك خطبة الجمعة - على سبيل المثال -؛ فعندما يكون الخطيب ارتجاليًّا يخطب في الناس بما يؤمن به فسيصل إلى قلوب مستمعيه أكثر من خطبة بليغة مكتوبة يقرأها الخطيب نيابةً عن كاتبها.
وبعد نقاشي المطول معه، واكتشافي لإمكانياته أخشى أن يُضعف هذا (الذكاء) قدرات الإنسان التحليلية والإبداعية في آن واحد؛ بسبب الاعتماد المفرط عليه، خاصة أني سألتُه: هل يمكن لك أن تجهِّز لي كتابًا؟ كان الرد سريعًا: نعم.
في كلِّ الأحوال لا غنى عن الذكاء الاصطناعي الآن، لكلِّ من يبحث عن المعلومة، ويريد أن يقويَّ بها كتبه ومقالاته وأبحاثه. لكن النقطة المهمة هنا هي أنه يجب أن يبقى خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه، كأن يتجاوز أدواره - مثلًا -، ويحل محله في أمور تتطلب الحكمة، أو الوجدان، أو الأخلاق. ويجب أن يبقى معاونًا وشريكًا، ولكن ليس بديلًا كاملًا عن الإنسان كما يريده البعض.