آخر تحديث: 31 أكتوبر 2024 - 10:07 صبهاء محمود علوان حين نقولُ بأن المسرح هو انعكاس حقيقي لحالة المجتمع، والمرآة الصادقة التي تعكس لنا بصدق تلك الحالة التي نُريد دراستها. وحين يطلبُ من المسرح أن يكون عاملا مؤثراً في المجتمع، فهذا يعني بالضرورة أن تكون أركان المسرح والعرض المسرحي متكاملة من كل الجوانب، ونعني هنا نصاً وإخراجاً وسينوغرافيا وإداء ومعمارية العرض على الخشبة وأزياءً وديكورا، فضلا عن تنسيق الأداء بين الممثلين، حينها يمكننا أن نقول بأن المسرح ممكن له أن يؤدي دوره المطلوب منه.
وحين تشرفنا ليلة الخميس 24 تشرين الأول بزيارة عرض “أحوال وأمثال”، وجدنا هذا التكامل المطلوب للعرض المسرحي الناجح. هذا العرض الذي لم يكن امتدادا للمسرحية الناجحة والكبيرة “الخيط والعصفور” فحسب، بل كان امتدادا أصيلاً للمسرح الجاد والذي يمكن أن يعتبر الإنسان فيه هو المحور والمستهدف من العملية المسرحية برمتها، لِذا حين نعود لمقولة الكاتب المسرحي الألماني برتولت برشت “الإنسان هو مؤثرٌ ومتأثر، مغيرٌ ومتغير”. وانطلاقاً من هذهِ المقولة دعونا نعكس ذلك على مسرحية “امثال واحوال”، ومن المهم هنا التقاط هذهِ العوامل التي أثارتها في داخلي ومنها: اولاً: العودة إلى المسرح التعليمي الهادف الذي يثير قضية مهمة ملقاة على عاتق المسرح منذُ بدايات الحداثة على خشبة المسرح والتي أسس لها إيرون بيسكاتور، وكذلك المجدد والثائر برشت. فنجدُ دقة اختيار المثل والهدف المرجو منه، وهذا كان دليلاً على رسالة كان يريدُ الأستاذ مقداد حمادي صاحب التاريخ الطويل إيصالها.ثانياً: حين نظّرَ الكاتب فريدرك شيلر إلى اخلاقيات المسرح وأيده برشت بالتركيز على تلك الاخلاقيات، وحين قال شيلر بأن المسرح هو “مؤسسة اخلاقية” الهدف منه هو عنصر بث القيم الفاضلة داخل المجتمع حين ننظر إلى الجمهور، كونه مجتمعاً مصغراً. فإن في مسرحية “امثال واحوال” ذلك المبدأ الكبير الذي قد لا يتوفر في الكثير من العروض. ثالثاً: العودة إلى الاقتراب من المسرح العائلي وهذا بحد ذاته من أسمى المبادئ التي يقوم عليها المسرح في ارجاء العالم كافة، وفي هذهِ المسرحية التي مزجت بين المتعة والهدف، حيث المزيج الذي تمكن من إيصال الأهداف بطريقة سلسلة ومقبولة لدى الجمهور. رابعاً: استخدام الموروث الشعبي وتوظيفه بشكل صحيح لتحقيق هدفٍ أسمى وهو إيصال رسالة إلى الجمهور مفادها الاستفادة من ذلك الموروث، وتلك الحكم التي تمثل خبرات متراكمة للمجتمع، “وقد اشار ، حسين علي هارف” لتلك الجزئية عبر العرض.خامساً: الاقتراب من دور الراوي في المسرح الملحمي، والذي لعب تلك الشخصية ببراعة واتقان حسين علي هارف، كونه مسلحاً بالمعرفة الأكاديمية، والدراية الناضجة للدور، فضلاً عن كونه ممثلاً بارعاً يحمل تقنيات الإخراج وفن كتابة النص، لذا كان ذلك التكامل جلياً بطريقة الصوت، ومخارج الألفاظ، والحركة الرشيقة على المسرح. سادساً: يجب التوقف عن المهمة الصعبة للأستاذ مقداد حمادي، صاحب التاريخ الجاد والملتزم، حيثُ تشاهدهُ كمن يحفرُ في الصخر وصولاً إلى الهدف. وبدورنا نحيي هذا المتفاني مسرحا، والجادُ التزاماً، والغزيرُ عطاءً.سابعاً: التنسيق الواضح بين الممثلين والذين كانوا في تناغم رائع، قد أجاد المخرج في توزيع الادوار بينهم، كلٌ وقدراته التي تتناسب والدور الملقى على عاتقه، وكان حسين علي هارف محوراً اساسياً في العرض، فضلاً عن غيره. ثامناً: كنتُ اتمنى أن يكون الفصل الثاني أقصر مما هو عليهِ (45) دقيقة، لتجنب التكرار وزيادة الشد العاطفي لدى الجمهور، وكذلك التماهي مع متطلبات الحداثة في العرض المسرحي. وهذا قد يُزيد العرض تشويقاً وإثارة أكثر. تاسعاً: توظيف العملية المسرحية في إظهار الواقع، عبر انتقاد بعض الظواهر المجتمعية التي تسهم في تهديم المنظومة القيمية داخل المجتمع، ومحاولة إيجاد الحلول لتك الظواهر، وهذا كان جلياً بتناول موضوعة التشتت والابتعاد الأسري من خلال الاستخدام المفرط للهاتف للنقال. عاشراً: هنالك التفاتة قوية ومهمة داخل العرض، وهي أن تكون الوصية مشروطة بتواجد أفراد الأسرة كافة، وبما أن الأسرة قد شابها التشتت، وهذا انعكاسٌ آخر مهم تشير له المسرحية، لذا نجد بأن الوصية قد حققت الهدف من دون أن تتم قراءتها. وهذا بحدِ ذاتهِ من عناصر التغريب في المسرح الملحمي. وهنا يجب الإشارة إلى أن التغريب ممكن أن يكون تغريباً نصياً، أو أدائياً، أو تغريب الفحوى كما فعل برشت في مسرحية “بنادق السيدة كارار” حين انقلبت كارار في موقفها بعد مقتل ابنها خوزيه. أحد عشر: توظيف الديكور ومعمارية خشبة العرض لغرض إثراء العرض وتفعيل عنصر التشويق لدى المتلقي، فنلاحظ أن معمارية الخشبة جاءت منسجمةً مع الأزياء والملابس للممثلين، وكذلك مع اللهجة المستخدمة في الحوار، والتي تضمنت أسلوب اللغة الدارجة، وفي هكذا منظور بيئي توجب اختيار اللهجة بعناية فائقة، حتى يُخلق ذلك التناغم والانسجام بين مكونات العرض المسرحي.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
أكاديمية الفنون تنظم حفل تكريم لـ الراحل السيد بدير
تنظم أكاديمية الفنون، حفل تكريم لـ الفنان الراحل السيد بدير، أحد أبرز رواد المسرح المصري، وذلك تقديرا لمشواره الفني الحافل بالعديد من الأعمال الناجحة.
ويأتي الحفل تحت رعاية الدكتورة غادة جبارة رئيس اكاديمية الفنون، وتحت إشراف الدكتورة هنادي عبد الخالق، وذلك ضمن مبادرة إحياء تراث المسرح المصري الكلاسيكي وتعريف الأجيال الجديدة بأعمال رواده الذين تركوا بصمة خالدة في تاريخ الفن.
ومن المقرر أن تقام الاحتفالية بالمشوار الفني للراحل السيد بدير، على داخل أكاديمية الفنون على خشبة مسرح المعهد العالي للفنون المسرحية، وذلك يوم الأحد المقبل الموافق 26 أكتوبر، في تمام الساعة الثامنة مساء.
ويشهد حفل تكريم السيد بدير عرض فيلم تسجيلي قصير يوثق مسيرته الفنية وإسهاماته الكبيرة في المسرح والسينما والإذاعة، إلى جانب تقديم العرض المسرحي «عائلة سعيدة جدًا» الذي يقدمه طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية.
ويذكر أن العرض المسرحي «عائلة سعيدة جدًا»، كان آخر عمل مسرحي قدمه السيد بدير على خشبة المسرح الكوميدي بمسرح محمد فريد في شارع عماد الدين، وضم في بطولته عدد من نجوم الكوميديا، من أبرزهم المنتصر بالله، مصطفى حشيش، وأمين الهنيدي.
أبرز المعلومات عن السيد بديرسيد بدير من مواليد 11 يناير عام 1915 ويعرفه أهل الفن بلقب الفنان الشامل، وعمل في الترجمة، والإخراج بالإذاعة وقدم إرثا فنيا كمؤلف ومخرج لا يقل عن أدواره السينمائية التى كان أشهرها دور عبد الموجود ابن كبير الرحيمية قبلى، خصوصًا في فيلم ابن ذوات أمام إسماعيل ياسين، وعمر الجيزاوي، وعبد السلام النابلسي.
ودرس الفنان سيد بدير الطب البيطري ولكنه لم يحب العمل فيه واتجه للسينما وكانت أولى تجاربه عام 1944 في فيلم وحيدة، ليتبعه بعدد من الأفلام منها الماضي المجهول، والسوق السوداء.
وكتب سيد بدير وأخرج للإذاعة حوالي ثلاثة آلاف تمثيلية ومسلسل، وأنتج وألف وأخرج للمسرح حوالي 400 مسرحية إلى جانب المسلسلات، ومن أشهر أعماله جعلوني مجرمًا، شباب امرأة، رصيف نمرة 5، حميدو، سكر هانم، أم رتيبة، وكان آخر فيلم شارك فيه بالتمثيل عام 1980 وهو فيلم «عمل إيه الحب في بابا» وتوفى في 30 أغسطس 1986.
اقرأ أيضاًعمرو عابدين: توقعت نجاح مخرجة فيلم «ولنا في الخيال حب»
عودة ياسمين عبد العزيز وأحمد العوضي.. ليلى عبد اللطيف تثير الجدل من جديد
خلال ساعات.. عرض فيلم «السادة الأفاضل» بطولة محمد ممدوح في دور السينما