أنور قرقاش: تعزيز صوت الإمارات على طاولة الحوار الدولي
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
أكد الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أن الإمارات تنطلق في سياستها الخارجية من 3 معايير تشمل البعد القيمي والأخلاقي، والبعد السياسي، والبعد الاقتصادي والتكنولوجي، مشيراً إلى أن البعد السياسي الذي يتعلق بأمن واستقرار الإمارات وأمن أجيالها يعتبر أولوية في رؤية القيادة الحكيمة، إضافة إلى أن التنمية الاقتصادية المستدامة ومواكبة التوجهات الدولية المؤثرة في هذا المجال مثل التطورات العلمية والتكنولوجية والذكاء الاصطناعي تعتبر من الأولويات الاستراتيجية.
وقال في جلسة رئيسية ضمن أعمال اليوم الأول من الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2024، إن الإمارات حريصة على مسيرتها التنموية الشاملة واستمرارها واستدامتها مع حرصها على المنطقة واستقرارها وتجنيبها الأزمات.
وأضاف أن المشهد الإقليمي والدولي صعب واستثنائي ويواجه الكثير من التحديات ولا يمكن اختزاله في المشهد السياسي الذي يشهد احتقاناً كبيراً، لذلك نحن في الإمارات نعمل على محورين متوازيين، الأول المحور الداخلي وما يتطلبه من تسريع جهود التنمية وتعزيز تنافسيتنا العالمية، ونستفيد في هذا الأمر من النظام الدولي وما يقدمه من الفرص الاستثمارية ومن دور الإمارات الكبير في المناخ وملف المياه وسلاسل الإمداد والأمن الغذائي، ونعمل لتعزيز صوت الإمارات على طاولة الحوار الدولي في القضايا المهمة، وفي المحور الثاني وهو المحور الخارجي نحتاج إلى أن ندير شؤوننا في الإقليم في ظل التطورات الجيوسياسية.
وأكد قرقاش أن التطورات الجيوسياسية في المنطقة والتي تجاوزت العام حتى الآن، تعتبر مخاضاً، سينتج عنها حتماً تبعات كثيرة في المشهد الإقليمي، وعلى دول الإقليم أن تكون جاهزة للتعامل مع هذه التبعات والتحكم فيها، والإمارات دائماً لديها استباقية في التعامل مع أي ظروف، وعلى سبيل المثال فإن بناء جسور التعاون التي رسختها الإمارات تعتبر قوة استباقية لها في هذا المجال.
وشدد على أن الدول العربية تحتاج في مواجهة هذه التبعات إلى تعزيز البناء العربي وعلى وجه الخصوص استعادة دور الدولة الوطنية والوقوف بحزم أمام حركات التطرف، وهذا هو موقف الإمارات الواضح، وعلى الدول العربية أن تنتبه إلى الأزمات التي قد تسببها هذه التبعات للمنطقة، وأن تعمل بشراكة قوية من أجل ذلك.
وحول الانتخابات الأمريكية ونتائجها، قال قرقاش إن علاقة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية هي علاقات مؤسساتية، ولا ترتبط بنتائج الانتخابات، والشراكة القوية بين البلدين تمتد إلى أكثر من التعاون السياسي، فهو تعاون من أجل المستقبل، ويشمل التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والعلمي، ومثلما تنظر الإمارات إلى علاقتها مع الولايات المتحدة بأنها مهمة، فإن الولايات المتحدة تنظر إلى العلاقة مع الإمارات كذلك على أنها علاقة مع شريك مهم وموثوق.
وبالنسبة لعلاقات الإمارات مع روسيا وانضمامها إلى منظمة بريكس، أكد أن ذلك لا يعد تحولاً في الموازين، فشبكة علاقاتنا مهمة للجميع، الذين ينظرون إلينا كشريك يمتلك الثقة والمصداقية، وهي ثقة ومصداقية تحتاج إلى سنين لتبنيها الدول، وقد رسختها الإمارات على مدى سنوات، منذ عهد المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعززها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إذ إن سموه لطالما يؤكد أن المصداقية والموثوقية في سياستنا هي رصيد إيجابي ومهم للإمارات.
وأضاف أن شبكة العلاقات الواسعة على المستوى الدولي مهمة جداً لتوجهاتنا الاقتصادية والتنموية، في ظل الطموحات والتطلعات الكبيرة لدولة الإمارات.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات أنور قرقاش الإمارات
إقرأ أيضاً:
عادل الباز يكتب: لماذا نتفاوض مع الإمارات؟ وعلى ماذا يدور هذا التفاوض؟ (1/2)
1 خلفية التفاوض : من المليشيا إلى الدولة الراعية
أصبح الحديث علنيًا في أروقة السياسة العامة والخاصة يدور حول التفاوض مع الإمارات، وليس مع المليشيا. فقد انقضى أمر هذه الأخيرة، ويُنتظر إعلان انهيارها التام في أي لحظة مع تقدم طلائع الجيش إلى دارفور.
الحقيقة أن محاولات التفاوض مع الإمارات لم تتوقف، أو لنقل إن مساعي الإمارات للتواصل مع السودان لإيجاد مخرج من مأزقها لم تنقطع. في هذا السياق، شهدنا اتصالين معلنين: الأول في 19 يوليو 2024، حين تواصل محمد بن زايد مع الرئيس البرهان بوساطة إثيوبية عقب زيارة رئيس إثيوبيا إلى بورتسودان. أما المناسبة الثانية فكانت في 20 يناير 2024، حين شاركت الإمارات في مفاوضات سودانية-سودانية فيما عُرف باتفاق المنامة.
هناك العديد من التقارير التي تشير إلى لقاءات غير معلنة، وآخرها تقرير من “Africa Intelligence” الذي أشار إلى رفض الجيش السوداني المشاركة في اجتماع سري مع الإمارات في 12 مايو 2025 بسبب مطالب مبالغ فيها من أبوظبي. ولم يحدد التقرير تلك المطالب، وراجت أنباء أن الإمارات طالبت بضرب الإسلاميين ومنحها استثمارات محددة كشرط لوقف الحرب، غير أن هذه التقارير لم تُؤكد من مصادر رسمية أو مصادر موثوقة. لكن يظل السؤال قائمًا: لماذا التفاوض مع الإمارات؟ وما هي محددات هذا التفاوض؟ وعلى ماذا يدور تحديدًا؟ هذا ما سنناقشه في هذا المقال.
2
عندما يتمدد تمرد داخلي إلى هذا الحد، ويبلغ هذا المستوى من التسليح والمساعدات اللوجستية، ويصمد لسنوات رغم ضراوة المعارك، يصبح السؤال المركزي: من أين له كل هذا الدعم؟
الدعم الكبير والمؤكد الذي تلقته قوات الدعم السريع من الإمارات أصبح حقيقة مثبتة في تقارير الأمم المتحدة، والتحقيقات الدولية، وشهادات شهود الحرب، وحتى في أروقة الكونغرس الأمريكي. لم يعد الأمر محل جدل. التفاوض مع الإمارات إذًا ليس تراجعًا عن مواجهة العدو الداخلي، بل هو اعتراف سياسي بأن المليشيا لم تكن سوى أداة عسكرية لمشروع خارجي، وأن مفتاح الحل لم يعد في الميدان، بل في أبوظبي.
3
لماذا التفاوض مع “دولة العدوان”؟
لأن معادلة الحرب تغيّرت، فمن يملك قرار استمرار أو إنهاء الحرب لم يعد قادة المليشيا، بل غرف التحكم الخارجية. المليشيا فقدت السيطرة على الأرض والشعب وحتى حواضنها، وانتقل القرار العسكري والسياسي والمالي إلى أبوظبي، التي تواصل تقديم الدعم تحت واجهات متعددة: مساعدات إنسانية، مبادرات سياسية، وتأثير مباشر في مراكز القرار في الغرب عبر استثماراتها ونفوذها المالي.
إذن، التفاوض هنا مع من يمول الحرب ويخطط لها ويغذي استمرارها.
4
التفاوض: أداة مكملة للحسم العسكري
التفاوض ليس بديلًا عن الحسم العسكري، بل أداة مكمّلة له. فكما أن النصر في الميدان يتحقق بالإنهاك والتطويق والتقدم، فإن النصر السياسي يُصان ويُستثمر بالتفاوض من موقع القوة.
إذا كانت الإمارات قد استثمرت في الحرب لتحقيق مكاسب استراتيجية أو اقتصادية أو جيوسياسية، فالتفاوض وسيلة لإقناعها بأن كلفة هذه المقامرة باتت تفوق عائدها، وأن مشروعها خاسر على كل المستويات، وأن السودان لن يُدار من الخارج ولا بالمليشيات.
التفاوض هنا هو رسالة واضحة: نحن ندرك من أنتم، ونعرف ما تريدون، وندير الصراع على كل مستوياته العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية. التفاوض يُكمل الحسم العسكري.
5
إذا كانت هذه مسببات التفاوض مع الإمارات، فإن شرطًا واحدًا يظل هو الحاسم في أي حديث عن التفاوض، ألا وهو وقف العدوان ابتداءً؛
بمعنى أن تتوقف أبوظبي عن تمويل المليشيا بالسلاح وكافة أشكال دعمها، ثم بعدها يمكن أن نذهب إلى موائد التفاوض.
أما أن يكون السلاح متدفقًا، والإمارات مستمرة في تسعير الحرب بواسطة المليشيا أو وكلائها في المنطقة، حفتر وغيره، فإن ذلك مجرد عبث سياسي ومضيعة للوقت.
6
محددات التفاوض
المشكلة ليست في التفاوض بحد ذاته، بل في محدداته وشروطه. فلا ينبغي أن يُدار التفاوض من موقع المساواة بين طرفين متكافئين، بل من موقع دولة تخاطب دولة أخرى تجاوزت الأعراف الدبلوماسية والسيادة، واتخذت العدوان وسيلة لتحقيق أهدافها.
لذا، يجب أن يُدار التفاوض عبر قنوات دبلوماسية سيادية وشفافة، من موقع قوة، وليس من موقع مساواة مع دولة تجاوزت السيادة.
ثانيًا : التفاوض من موقع القوة.
السودان ليس دولة تابعة ولا خانعة، وهو اليوم في لحظة مفصلية تمنحه أوراقًا تفاوضية نادرة:
فلا استقرار في البحر الأحمر دون السودان، ولا نمو حقيقي في شرق أفريقيا دون ممراته، ولا مستقبل للمشاريع الإقليمية مهما تكاثرت الموانئ دون إرادته المستقلة.
كل هذا يجب أن يكون على الطاولة، لا من باب التهديد، بل من باب إثبات الحضور والندية.
ثالثًا : التفاوض مع الإمارات لا يجب أن يتحول إلى رهن سيادة السودان أو فرض خارطة سياسية على مقاس طرف خارجي.
ما قد يُطلب اليوم كتنازل سياسي، قد يصبح غدًا سببًا في انفجار جديد إذا شعر السودانيون أنهم استُبعدوا لإرضاء جهة أجنبية، أو أن مواردهم نُهبت باسم الاستثمار.
المطلوب اليوم ليس فقط الانتصار في الميدان، بل الانتصار في معركة الحفاظ على القرار الوطني.
طلبات أبوظبي قد تُعرض، لكن قبولها أو رفضها يجب أن يتم من داخل مؤسسات دولة ذات سيادة، وينبغي أن يكون التفاوض شفافًا ومعلنًا. على ماذا نتفاوض مع الإمارات ؟ نواصل في الحلقة القادمة.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتساب