مخاطر تهويد “الأقصى” تتعاظم في العهد الجديد لترامب
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
الثورة / وكالات
في السادس من ديسمبر 2017م، أعلن الرئيس الأمريكي – آنذاك – دونالد ترامب مدينة القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، وفي إعلانه الشهير قال “إننا اليوم نعترف أخيرا بما هو جلي، وهو أن القدس عاصمة إسرائيل، وهذا ليس أقل أو أكثر من اعتراف بالواقع، بل هو أيضا الأمر الصحيح الذي يجب القيام به، إنه أمر يجب القيام به”.
يلقي اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ظلالًا ثقيلةً على مدينة القدس بالنظر إلى رصيده السيئ في هذا الملف الحساس، حيث كان أول رئيس أمريكي يعلن رسميًا اعتراف بلاده بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ويقرر تنفيذ قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس نهاية عام 2017م، وفق مقالٍ للكاتب والمختص في شؤون القدس عبد الله معروف.
ورغم أن تهويد القدس وخرق الوضع القائم في المسجد الأقصى يعد سياسة إسرائيلية قديمة متبعة منذ احتلال شرقي القدس عام 1967م، فإن إعلان ترامب أطلق يد إسرائيل أكثر في تنفيذ مخططاتها وسياساتها العنصرية في المدينة المحتلة.
واليوم، ومع عودة دونالد ترامب المرتقبة إلى البيت الأبيض، فإن الصورة السوداوية التي مثلتها فترته الرئاسية الأولى باتت تخيم من جديدٍ على أجواء المدينة المقدسة الملبدة أصلًا بأجواء الحرب .
ووفق معروف، فإن انتخاب ترامب وعودته إلى البيت الأبيض يعنيان بالدرجة الأولى أن ملف القدس سيعود للواجهة من جديد، فترامب كان منذ بداية الحرب يرى أن قرار إنهاء الحرب الحالية يجب أن يكون بيد نتنياهو الذي عليه أن “يفعل ما عليه فعله بسرعة” حسب تعبير ترامب.
وتحدث معروف عن مركزيةِ قضيةِ الأماكنِ المقدسة في القدس ضمن هذا الصراع، فالحليف الأقوى لنتنياهو وترامب في إسرائيل، أي تيار الصهيونية الدينية، يرى أن قضية الأماكن المقدسة وتحديدًا المسجد الأقصى المبارك تعتبر بالنسبة له قضيةً مبدئيةً جوهريةً لا يمكن أن يتنازل فيها عن هدفه المعلن بتأسيس معبدٍ يهودي في المسجد الأقصى.
وعاد معروف للتذكير أن صهر ترامب، جاريد كوشنر عراب ما كان يسمى “صفقة القرن”، كان من أشد المنادين بفكرة فتح المسجد الأقصى المبارك “لجميع المؤمنين” لأداء الصلوات على حد تعبيره، وغني عن القول هنا أن هذا التعبير يشير في الحقيقة إلى فتح المسجد الأقصى لصلاة اليهود تحديدًا بحريةٍ كاملةٍ، وهو ما يقوم بتنفيذه حاليًا زعماء تيار الصهيونية الدينية وعلى رأسهم بن غفير وشرطة الاحتلال على قدم وساقٍ، في مقدمةٍ لبناء معبدٍ داخل المسجد والسيطرة عليه بالكامل.
كما أن التيار المسيحي الخلاصي الذي يسيطر حاليًا على الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، ليس بعيدًا بدوره عن هذه التوجهات والمطالبات، فرجل الدين المسيحي المتطرف جون هاغي – على سبيل المثال – يعد أحد الأصوات المنادية علانيةً بتحقيق بناء المعبد الثالث في مكان المسجد الأقصى المبارك لتسهيل “نزول المسيح المنتظر”، وهذا الشخص يعتبر من أكثر رجال الدين نفوذًا في تيار المحافظين الجدد بالحزب الجمهوري الأمريكي، وكان يُدعَى باستمرار إلى البيت الأبيض في فترة رئاسة ترامب الأولى، وهو ذو كلمةٍ مسموعةٍ بين مؤيدي هذا الحزب، وفق معروف.
وتابع: وليس ذلك فقط، فـ “هاغي” يدعو علانيةً لإقامة إسرائيل الكبرى على أراضي مصر، والأردن، ولبنان، وسوريا، والسعودية، والعراق، والكويت، ولا يخجل من التبشير بقرب تحقق ذلك في عصرنا الحالي.
ولعل الأيام القادمة حُبلى بضغطٍ هائلٍ سيسعى لتنفيذ أجندة هذه التيارات الخطيرة.
وفي السياق، أكد الكاتب والخبير في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة أنه سنلمس خلال ولاية ترامب الجديدة انفلاتا أكثر تجاه كل ما هو عربي إسلامي، وسينعكس هذا الانفلات أيضا تجاه القدس بشكل أساسي.
ووفق الكاتب “أثبت العرب على امتداد عام ونيف من الإبادة في غزة أنهم غير قادرين على فرض موقف على إسرائيل لمنعها من وقف المجازر التي ترتكبها على الأقل، وفي حال قرر نتنياهو ويمينه الذهاب إلى تنفيذ أجندتهم بالمدينة المقدسة والمسجد الأقصى تحديدا، لن يشعر ترامب بتهديد العالم العربي والإسلامي، فلديه شواهد على ما جرى خلال السنة الماضية”.
ويعتقد الباحث والأكاديمي المقدسي أنه “في إطار المقايضات التي ستجري بين ترامب ونتنياهو، فمن الممكن أن يقدم الأخير هدية لترامب بوقف الحرب، وفي المقابل سيعده ترامب بامتيازات تتعلق بالتطبيع مع بلدان أخرى، أو بضم الضفة الغربية أو القفز قفزة نوعية في قضية المسجد الأقصى”.
ويرجح هلسة أن الأقصى سيكون في عين العاصفة، وأن القدس ستشهد انتهاكات جديدة لأن ترامب سيذهب إلى اتخاذ كل ما من شأنه أن يفرض الرواية الإسرائيلية، وما يمكن أن يدفعه إلى التراجع -كأن تكون مصالح الولايات المتحدة مهددة من خلال ضغط وموقف عربي- غائب وغير موجود، وبالتالي لن يتردد في القول إن اليهود لهم حق في الصلاة بمكان خاص ومستقل في المسجد الأقصى بفرض التقسيم المكاني على مستوى رسمي.
وأضاف أنه خلال الولاية الجديدة لترامب سيقسم المسجد الأقصى تقسيما مكانيا كاملا، ولن يقتصر الإعلان عن ذلك من خلال صفحات نشطاء جماعات الهيكل فحسب، بل قد يكون الإعلان عن ذلك رسميا، وهو ما سيعتبر إنجازا كبيرا لليمين الإسرائيلي الحاكم، وقد تنفذ تغييرات على الأرض باقتطاع مساحة عبر وضع الحواجز والسواتر، على غرار ما تم فرضه في الحرم الإبراهيمي بالخليل.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
إصابة طبيب برصاص الاحتلال واستمرار اقتحامات الحرم القدسي
أصيب فلسطيني برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، بالتزامن مع اقتحام مستوطنين الحرم القدسي، في وقت حذرت فيه محافظة القدس من التضييق التي تمارسه سلطات الاحتلال والمستوطنون على التجمعات البدوية حول مدينة القدس المحتلة.
وقالت مصادر طبية، إن الطبيب أصيب بالرصاص الحي في الفخذ، أطلقه جنود الاحتلال المنتشرون داخل مخيم جنين، أثناء مغادرته أحد بيوت العزاء.
وفي سياق متصل، اقتحمت قوات الاحتلال قرية بيتين، شمال شرق رام الله وسط الضفة المحتلة، في حين قام مستوطنون بإضافة منازل متنقلة إلى المستوطنة المقامة على جبل صبيح، في بلدة بيتا جنوب نابلس شمال الضفة.
اقتلاع ممنهجمن جانب آخر، حذّرت محافظة القدس من التصعيد الخطير الذي تنفذه قوات الاحتلال والمستوطنون بحق التجمعات البدوية المنتشرة في محيط المحافظة وعددها 33 تجمعا.
وأكدت المحافظة أن هذه السياسات الممنهجة تشكل حملة اقتلاع تدريجية تستهدف الوجود الفلسطيني في المناطق الشرقية من المحافظة، ضمن إطار مخطط واسع يقوم على خنق الحياة اليومية، وتعميق معاناة الفلسطينيين.
وتواجه التجمعات البدوية المحيطة بالقدس واحدة من أخطر موجات الاقتلاع الممنهج منذ عقود، مع تسارع الخطوات الإسرائيلية لتنفيذ مخطط (E1) الاستيطاني، الهادف إلى فصل شمال الضفة المحتلة عن جنوبها وقطع الامتداد الجغرافي الفلسطيني لصالح ربط القدس بمستوطنة معاليه أدوميم.
وأشار تقرير للمحافظة أن اعتداءات المستوطنين اليومية تشمل مهاجمة الأهالي، وقطع خطوط المياه، وسرقة المواشي، فضلا عن إتلاف محاصيل القمح والشعير.
كما تُحاصر هذه التجمعات بـ21 بؤرة رعوية استيطانية تُستخدم كأدوات ضغط لطرد السكان ومنعهم من الوصول إلى مراعيهم الطبيعية.
ودعت محافظة القدس المؤسسات الدولية والحقوقية إلى التدخل الفوري لحماية أكثر من 7 آلاف فلسطيني يواجهون خطر التهجير القسري.
مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى في القدس بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي#فيديو pic.twitter.com/uLwdLY7X67
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 11, 2025
اقتحام الأقصىفي غضون ذلك، اقتحم 348 مستوطنا المسجد الأقصى اليوم الخميس على شكل مجموعات، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوسا تلمودية، بحماية قوات الاحتلال.
إعلانوأقدم حاخام على تثبيت لفافة توراة مُحرّفة على حجارة باب القطانين أحد أبواب المسجد الأقصى.
وذكرت محافظة القدس، في بيان مقتصب، أن الحاخام ادعى بعد تثبيت تلك اللفافة المحرفة أنها تجلب البركة والحماية.
وأشارت المحافظة إلى أن هذا الانتهاك، بتثبيت لُفافة توراة تُدعى (مزوزاه)، على باب من أبواب المسجد الأقصى الغربية ليس الأول، إذ سبق وثُبتت لُفافتان على بابي سور القدس، الخليل والأسباط.
ويتعرض المسجد الأقصى المبارك لاقتحامات المستوطنين يوميا عدا السبت والجمعة (عطلة رسمية لدى الاحتلال) على فترتين صباحية ومسائية، في محاولة لفرض التقسيم الزماني والمكاني.
وفي موازاة ذلك، تواصل شرطة الاحتلال فرض قيود مشددة على دخول المصلين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، من خلال التدقيق في هوياتهم واحتجاز بعضها عند بوابات الحرم، ما يفاقم من التضييق المفروض على المصلين والمرابطين.