إسرائيل توسع عمليتها البرية في لبنان.. ما الدوافع الجديدة؟
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
في ظل الجهود الدولية المكثفة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، جاءت مصادقة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الأحد، على توسيع العملية البرية في جنوب لبنان لتقوض التفاؤل الذي بدأ البعض في بنائه بشأن قرب توقف العمليات العسكرية.
ومع تراجع هذا التفاؤل إثر مصادقة هاليفي على القرار العسكري، عاد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، ليكشف الاثنين عن "بعض التقدم" في المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار.
وأوضح ساعر في مؤتمر صحفي عقده في القدس أن إسرائيل تعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة لتحقيق هذا الهدف، مشيراً إلى أن قوة حزب الله تضاءلت بشكل كبير بعد تدمير معظم قدراته الصاروخية. لكنه أكد في الوقت نفسه أن الحرب مع التنظيم لم تنته بعد، مما ترك اللبنانيين في حالة من الحيرة بشأن مصيرهم.
ويثير قرار توسيع العملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان تساؤلات عدة بشأن دوافعه وأبعاده. فهل يأتي هذا التصعيد كجزء من استراتيجية إسرائيلية للضغط على حزب الله لإجباره على قبول شروط معينة، أم أنه يعكس تطوراً خطيراً في مسار الصراع قد ينذر بانفجار أكبر في المنطقة؟ كما تبرز تساؤلات حول مدى فعالية الجهود الدولية في الوصول إلى وقف لإطلاق النار وسط هذه التناقضات.
ورقة ضغط أم واقع ميداني؟
يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد المتقاعد نزار عبد القادر، أن "قرار توسيع العمليات العسكرية ليس بيد رئيس أركان الجيش، بل في يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والكابينت الإسرائيلي، أي المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، وهو وسيلة ضغط لتحقيق أهداف سياسية إسرائيلية".
ويشرح عبد القادر في حديث لموقع "الحرة" أن "توسيع العمليات على الأرض يعدّ طريقة فعّالة تهدف إلى إخضاع حزب الله لقبول الشروط الإسرائيلية التي تتعدى نص وروح القرار الدولي 1701، بحيث يقبل على الأقل بالشروط الأساسية التي ترغب بها إسرائيل، إن لم يكن بكل شروطها. وأعتقد أن أهم شرط تريده إسرائيل هو حرية تحركها العسكري في حال شعرت بتجاوزات من حزب الله لما تم الاتفاق عليه".
كذلك يرى الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد المتقاعد أكرم سريوي، أن قرار توسيع العملية البرية " ورقة ضغط على حزب الله لإجباره على قبول الشروط إسرائيلية"، مشيراً إلى أن "إسرائيل تفاوض تحت ضغط النار، إذ تعتمد على نهج توجيه ضربات قاسية بهدف الإيلام والانتقام، وتحقيق أقصى قدر من الدمار قبل الوصول إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار" ومع ذلك، يؤكد أن "المعطيات على الأرض لا تشير إلى استعدادات حقيقية لتوسيع هذه العملية".
ويشدد سريوي في حديث لموقع "الحرة" على أن "الوضع الميداني لا يخدم الموقف الإسرائيلي، إذ لم تنجح القوات الإسرائيلية في تحقيق أي تقدم ملحوظ رغم مرور حوالي 50 يوماً من القتال البري، حيث فشلت في السيطرة على قرى حدودية مثل عيتا الشعب، مارون الراس، كفركلا، والخيام".
ويشير إلى أن "حزب الله تمكّن من استهداف العمق الإسرائيلي بالصواريخ والطائرات المسيرة، حيث يستهدف يومياً مواقع جديدة بأسلحة مختلفة، كما أنه يمتلك بنك أهداف كبير، وذلك في سياق حرب وصفها وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، بأنها تدار دون بوصلة، ومن الضروري تحديث أهدافها، فيما وصفها جنود وضباط إسرائيليون بالصعبة والمعقدة بسبب طبيعة الجنوب اللبناني الجغرافية، التي تتميز بتضاريسها الوعرة، مما يجعل المواجهة البرية أصعب مقارنة بقطاع غزة".
وفي المقابل، يعتبر الباحث في "معهد الشرق الأوسط" بواشنطن، حسن منيمنة، أن قرار توسيع العملية البرية على جنوب لبنان "نتيجة طبيعية للتطورات الميدانية"، ويشير في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "ذلك يأتي استجابة للمقاومة التي تواجهها القوات الإسرائيلية في القرى الحدودية، مما أدى حتى الآن إلى توغلات إسرائيلية محدودة تليها انسحابات. وبالتالي، فإن تصريحات هاليفي تأتي في سياق عسكري بحت وليست مجرد مناورات كلامية".
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، يسرائيل كاتس، كشف خلال مراسم تنصيبه، الأحد، أن أهداف إسرائيل الحالية "واضحة جداً"، ومن بينها "إحباط العدوان الإيراني في كافة أذرعه: لبنان وغزة واليمن والعراق وسوريا، ومنع إقامة جبهة شرقية في الضفة الغربية".
واعتبر كاتس أن اغتيال حسن نصر الله يمثل "جوهرة التاج" للعمليات الإسرائيلية التي "قضت على حزب الله"، والمهمّة الآن "تحقيق ثمار هذا الانتصار من خلال تغيير الواقع الأمني في الشمال".
تحركات غير جدية؟
وخلال كلمته في القمة العربية-الإسلامية، يوم الاثنين الماضي، طالب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي بالتحرك مع لبنان للوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار، وبدء تنفيذ القرار 1701، مؤكداً التزام الحكومة اللبنانية الثابت والراسخ بهذا القرار بكل ما يندرج تحته، وتعزيز انتشار الجيش في الجنوب وبالتعاون الوثيق مع القوات الدولية لحفظ السلام، والعمل على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الحدود المعترف بها دولياً.
وأشار ميقاتي إلى أن القصف الإسرائيلي أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 3 آلاف شخص، وإصابة أكثر من 13 ألفاً آخرين، بالإضافة إلى نزوح نحو مليون ومئتي ألف لبناني في ساعات قليلة. كما لفت إلى أن تقديرات البنك الدولي الأخيرة قدرت الأضرار والخسائر المادية حتى اليوم بحوالي 8.5 مليار دولار، منها 3.4 مليار دولار تشمل التدمير الكلي أو الجزئي لنحو 100 ألف مسكن، فيما بلغت الخسائر الاقتصادية 5.1 مليار دولار، شملت قطاعات التربية والصحة والزراعة والبيئة وقطاعات أخرى.
ورغم الحديث عن محاولات دبلوماسية للتوصل إلى وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، يرى منيمنة، أن "الحراك الجدي لتحقيق ذلك ما زال غائباً، إذ أن ما يتم تداوله حول هذا الموضوع يعتمد على تسريبات صحفية إسرائيلية، فالتفاؤل القائم على التفاوض يستند إلى رؤية مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة، لكن هذا لا يعني اقتراب التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو وضوح معالم اتفاق بهذا الشأن".
ويشرح أن "إسرائيل تسعى لوقف إطلاق الصواريخ من قبل حزب الله وانسحابه من جنوب نهر الليطاني، وفقاً للقرار 1701، مع الاحتفاظ بحق استهداف الحزب متى وأينما تشاء. وهذه الصيغة قريبة من التصور الأميركي الإسرائيلي المشترك، لكنها غير مقبولة للبنان، ولا توجد مؤشرات على انخراطه في هذا التفاؤل".
وكان الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، ربط وقف إسرائيل إطلاق النار على لبنان بشرطين: الأول هو الميدان، والثاني الجبهة الداخلية الإسرائيلية، حيث أكد أنه "يجب أن تصل الصواريخ والطائرات إلى إسرائيل لتدفع ثمناً حقيقياً وتعلم أن هذه الحرب ليست قابلة للنجاح بالنسبة للإسرائيلي".
وفي كلمة له، الأربعاء الماضي بمناسبة مرور أربعين يوماً على اغتيال سلفه حسن نصر الله، أكد قاسم أنه "عندما تقرر إسرائيل وقف الحرب، هناك طريق محدد للمفاوضات، هو التفاوض غير المباشر عبر الدولة اللبنانية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يحمل راية المقاومة السياسية"، موضحاً أن أساس أي تفاوض يجب أن يبنى على أمرين: أولاً، وقف إطلاق النار، وثانياً، أن يكون السقف المبدئي للتفاوض هو حماية السيادة اللبنانية بشكل كامل وغير منقوص.
مسار الحرب
وفيما يتعلق برؤية إسرائيل لمسار الحرب، يؤكد منيمنة أن "التفسير القائل بأنها ترغب في وقف الحرب في لبنان غير صحيح، فهي ترغب في إنهائها بعد تحقيق أهدافها، التي تشمل إعادة السكان إلى الشمال وضمان عدم تعرضهم لهجمات مستقبلية. وهذا يعني أن الهدف ليس فقط دفع حزب الله للتراجع إلى نقطة معينة، بل القضاء عليه بشكل كامل".
أي محاولة إسرائيلية لتوسيع العملية البرية ستعتمد بشكل أساسي "على سلاح الجو"، كما يقول سريوي، "مما يعني تصعيد القصف بهدف إلحاق أكبر قدر من الأضرار وخلق ضغط نفسي على الشعب اللبناني".
فيما صرح مسؤولون في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن "الخطط الجديدة تهدف إلى تمكين الجيش الإسرائيلي من تعميق الإنجازات المحققة حتى الآن والوصول إلى مناطق إضافية حيث ينشط حزب الله".
ومنذ أواخر سبتمبر، كثّفت إسرائيل ضرباتها الجوية وبدأت عمليات برية في لبنان بعد نحو عام من تبادل القصف عبر الحدود مع حزب الله المدعوم من إيران على خلفية حرب غزة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: توسیع العملیة البریة وقف إطلاق النار لإطلاق النار قرار توسیع حزب الله إلى وقف إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية لبنان: إسرائيل تفصل مسار التفاوض عن إطلاق النار وتحضر لتصعيد كبير
وأضاف في لقاء خاص مع الجزيرة (يبث لاحقا) أن الحكومة اللبنانية تلقت تحذيرات غربية وعربية حملها موفدون دوليون مباشرة إلى بيروت، وتفيد بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لتوسيع عملياته في الجنوب وفي مناطق أخرى، وأن وتيرة الغارات الحالية تأتي في سياق هذا التمهيد.
وأوضح الوزير أن هذه الرسائل تزامنت مع إعلان إسرائيل عمليا فصل المسارين السياسي والعسكري، بحيث لا يؤثر تقدم المفاوضات على قرارها بالتصعيد، وهو ما عبّرت عنه بوضوح في الاتصالات التي وصلت إلى الخارجية اللبنانية خلال الأيام الأخيرة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4هيئة البث: إسرائيل أعدت خطة لهجوم واسع على حزب اللهlist 2 of 4إسرائيل تشن سلسلة غارات على لبنان وتعلن مهاجمة مراكز لحزب اللهlist 3 of 4الدويري: إسرائيل توسع بنك أهدافها لجر لبنان لاتفاقيات أبراهامlist 4 of 4بري ينتقد تصريحات المبعوث الأميركي حول ضم لبنان إلى سورياend of listوأشار إلى أن إدخال السفير السابق سيمون كرم لترؤس الوفد اللبناني المفاوض يندرج ضمن جهود بيروت لتثبيت قواعد تفاوض واضحة، لكنه لا يعني -على حد قوله- أن وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية ستتراجع، فالاتصالات الدولية تفيد بأن هناك مرحلة تصعيدية قد تكون واسعة.
وقال الوزير إن الحكومة اللبنانية تكثف اتصالاتها مع أطراف عربية ودولية ومع الأمم المتحدة في محاولة لمنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مفتوحة، موضحا أن بيروت تعمل على "تحييد المرافق العامة" وتقليل الأخطار المحتملة التي قد تطال البنية التحتية الحيوية.
تفاوض غير تقليديوأضاف أن المسار التفاوضي الحالي غير تقليدي، وأن لبنان يسعى من خلاله إلى إعادة تثبيت اتفاقية الهدنة لعام 1949، مشيرا إلى أن الحديث عن معاهدة سلام ليس مطروحا حاليا، وأن الأولوية تتمثل في وقف الاعتداءات وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وإطلاق الأسرى.
وقال الوزير إن المفاوضات مع إسرائيل مستمرة عبر آلية قائمة، لكن بالتوازي تخوض الحكومة حوارا داخليا مع حزب الله بخصوص سلاحه، إلا أن الحزب -بحسب ما نقل عنه- يرفض حتى الآن تسليم السلاح.
وذكر أن سلاح حزب الله لم ينجح في حماية لبنان، ولا غزة أو القدس، معتبرا أنه استجلب الاحتلال إسرائيلي على لبنان.
وفيما يتعلق بإيران، أكد الوزير أنه رفض زيارة طهران مؤخرا، وأن أي لقاء مع نظيره الإيراني يجب أن يتم في دولة محايدة، معللا ذلك باستمرار التدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية وإطلاق تصريحات تمس السيادة، إضافة إلى "تمويل تنظيم غير شرعي" على حد قوله.
وشدد على أن المعطيات التي وصلت إلى بيروت حول نية إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية واسعة تضع البلاد أمام مرحلة خطيرة، لافتا إلى أن التهديدات لم تعد في إطار التصريحات الإعلامية، بل وصلت عبر قنوات دبلوماسية متعددة ومن موفدين غربيين.
وقال الوزير إن الهدف المباشر لتحرك الدبلوماسية اللبنانية هو منع انزلاق الوضع الميداني، وأن الحكومة تتعامل على أساس أن الضربة الإسرائيلية قد تكون وشيكة، خصوصا بعد إصرار تل أبيب على التعامل مع مساري التفاوض والتصعيد كملفين منفصلين بالكامل.
وأضاف أن الجيش اللبناني سيعلن نهاية العام الجاري استكمال مهمة حصر السلاح في جنوب الليطاني وفق الخطة الموضوعة، رغم الاعتداءات المستمرة، لكن الوزير أشار إلى أن رسائل غربية أفادت بأن ما هو مطلوب من لبنان يتجاوز جنوب الليطاني ليشمل مناطق أخرى شماله أيضا.
العلاقات مع سورياوفي ملف العلاقات مع سوريا، أوضح وزير الخارجية أن العلاقات تمر بمرحلة إيجابية هي "الأفضل منذ استقلال البلدين"، وأن دمشق تتعامل بمرونة مع الملفات العالقة، غير أن ذلك لا يغيّر من حقيقة أن التصعيد الإسرائيلي هو التحدي الأكبر حاليا بالنسبة لبيروت.
وأكد الوزير اللبناني أن فصل إسرائيل لمسار التفاوض عن مسار التصعيد يمثّل مؤشرا خطيرا، وأن الحكومة اللبنانية تتصرف وفق هذا المعطى، مشددا على أن أي جهد دبلوماسي يجري اليوم يهدف أولا إلى حماية المرافق العامة وتقليل احتمالات الانزلاق نحو مواجهة واسعة.
وشن الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة سلسلة غارات على جنوب لبنان وشرقه، زاعما استهداف أماكن تابعة لحزب الله، في تصعيد جديد وخرق يضاف إلى سلسلة خروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار.
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024 ارتكبت الأخيرة آلاف الخروقات، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات اللبنانيين، إلى جانب دمار مادي.
وتتحدى إسرائيل الاتفاق بمواصلة احتلالها 5 تلال لبنانية في الجنوب استولت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.
Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 16:15 (توقيت مكة)آخر تحديث: 16:15 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ