الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على “عبد الرحمن جمعة” القائد بقوات الدعم السريع
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
فرضت الخزانة الأميركية عقوبات على “عبد الرحمن جمعة” القائد بقوات الدعم السريع لدوره في انتهاكات حقوق الإنسان في غرب دارفور. الشرق للأخبار – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حيازة السندات الأميركية.. لماذا تراجعت الصين وتقدمت بريطانيا؟
لم يعد سوق السندات الأميركية مجرد أداة تمويل مالي، بل بات ساحة تتقاطع فيها الحسابات الاقتصادية مع الرسائل الجيوسياسية. فعندما تشتري دولة سندات الخزانة، قد تعبّر بذلك عن ثقة في النظام المالي الأميركي، وحين تتخارج منها، فقد يكون ذلك تحوّطًا استباقيًا أو رسالة سياسية غير معلنة.
ويرى محللون أن القرار لم يعد ماليًا بحتًا، فالبنوك المركزية وصناديق الاستثمار السيادية باتت تنفّذ ما تمليه الحسابات الجيوسياسية للعواصم. فالدول لا تتصرّف كمستثمرين فقط، بل كفاعلين إستراتيجيين: يتقدّمون، يتراجعون، يُلوّحون، ويبعثون رسائل ضمنية عبر تحركات ظاهرها اقتصادي.
من الحرب التجارية إلى أخطار العقوبات، ومن تقلبات العوائد إلى اضطراب النظام المالي العالمي، تتبدل خريطة كبار حاملي السندات الأميركية عامًا بعد عام.
في هذا التقرير، نرصد: من أين يبدأ الدين الأميركي؟ من هم كبار اللاعبين؟ لماذا قلّصت الصين حيازتها إلى أدنى مستوى منذ 14 عامًا؟ وما سر الصعود البريطاني المفاجئ؟
الدين الأميركي.. مستويات تحاكي زمن الحرببلغ إجمالي الدين العام الأميركي بنهاية مايو/أيار 2025 نحو 36.66 تريليون دولار، بزيادة قدرها 1.71 تريليون دولار مقارنة بالعام السابق. وتجاوزت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 122%، وهو مستوى لم يُسجّل سوى خلال فترات الحروب الكبرى.
وفي حين سجّلت الحكومة الفدرالية عجزًا سنويًا يُقدّر بأكثر من 1.9 تريليون دولار، فقد تخطّت مدفوعات الفائدة السنوية حاجز التريليون دولار، لتُشكّل نحو 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي و18.4% من الإيرادات الفدرالية.
هذا الواقع المالي المتدهور يدفع وزارة الخزانة لإصدار كميات متزايدة من السندات، مما يزيد الضغط على السوق ويُعمّق اعتمادها على المستثمرين المحليين والأجانب.
المحليون يملكون النصيب الأكبر من ديون أميركا رغم تصاعد أهمية الحيازة الأجنبية، لا يزال المستثمرون المحليون يحتفظون بنحو 78% من إجمالي الدين العام الأميركي، أي ما يعادل 27 تريليون دولار. ويتوزع هذا الرقم بين 21% لجهات حكومية أبرزها صناديق الضمان الاجتماعي، و14% للاحتياطي الفدرالي الأميركي، بينما تذهب النسبة المتبقية إلى صناديق ادخار، شركات تأمين، صناديق تقاعد، ومستثمرين أفراد يسعون إلى عوائد مرتفعة في بيئة فائدة مشددة. إعلانويعكس هذا التركيب اعتماد تمويل الدين الأميركي على الداخل أكثر من الخارج.
خريطة الحيازة الدولية لسندات الخزانةتشكل الحيازة الأجنبية نحو 22% من الدين الأميركي البالغ 36.66 تريليون دولار حتى مايو/أيار 2025، مما يعكس دورًا مهمًا للمستثمرين الدوليين دون أن يكون مهيمنًا.
تتصدر اليابان القائمة بـ1.06 تريليون دولار تليها المملكة المتحدة 809 مليارات ثم الصين 756.3 مليارا جزر كايمان 441 مليارا كندا 430 مليارا بلجيكا 415 مليارا لوكسمبورغ 413 مليارا فرنسا 375 مليارا أيرلندا 327 مليارا سويسرا (304) مليارا الهند 235 مليارا البرازيل 212 ملياراأما منطقة اليورو ككتلة مالية، فقد تضاعفت حيازاتها من 534 مليار دولار في 2012 إلى 1.87 تريليون في 2025، وتتركز 82% منها في فرنسا، بلجيكا، لوكسمبورغ، وأيرلندا.
رغم دقة أرقام وزارة الخزانة الأميركية، فإن خلفها نقطة تقنية بالغة الأهمية: ما يُسجَّل في التقارير لا يُمثّل جنسية المالك الحقيقي، بل الدولة التي صَدَر منها أمر الشراء.
فعندما يشتري مستثمر أجنبي أو صندوق سيادي من آسيا أو الشرق الأوسط سندات خزانة أميركية عبر مؤسسة مالية مقرّها لندن أو جنيف، تُسجَّل الحيازة كـ"بريطانية" أو "سويسرية"، رغم أن المالك الفعلي ليس كذلك.
كما أن نوع الجهة المشترية يؤثر في التصنيف: الجهات السيادية (مثل الحكومات، البنوك المركزية، الصناديق السيادية) تُدرج ضمن "الجهات الرسمية". الجهات الخاصة (شركات، صناديق، بنوك تجارية، أفراد) تُدرج ضمن "القطاع الخاص"، وتُنسب إلى الدولة التي صدر منها أمر الشراء.وتُحفَظ هذه السندات عادةً في حسابات أمين سجل داخل تلك المؤسسات المالية، مما يضفي على بلد الحفظ صفة "المالك الظاهري"، رغم أن المال قد يكون عائدًا لطرف آخر تمامًا.
لذلك، تظهر دول مثل لوكسمبورغ، جزر كايمان، سويسرا، وأيرلندا في تقارير الخزانة كحائزين كبار، لكنها في الواقع مراكز حفظ أصول أكثر من كونها مالكين فعليين.
ويرى خبراء ماليون أن قراءة بيانات الحيازة الأجنبية تتطلب حذرًا، لأن ما يُسجَّل كـ"حيازة بريطانية" أو "سويسرية" قد يكون في الواقع أموالًا عربية أو آسيوية، تُدار خارجيًا وتُحفَظ في مراكز مالية دولية كبرى.
القطاع الخاص يملأ فراغ الحكوماتمن أصل 9.05 تريليونات دولار تمثل الحيازة الأجنبية لسندات الخزانة الأميركية حتى مايو/أيار 2025، لا تعود هذه الحيازة بالكامل إلى الحكومات أو الكيانات الرسمية، بل تنقسم إلى شقين رئيسيين:
الجهات الرسمية الأجنبية تمتلك نحو 3.5 إلى 3.6 تريليونات دولار، أي ما يعادل 44% من الإجمالي. القطاع الخاص الأجنبي يحتفظ بـ5.15 تريليونات دولار، أي 56%، ويشمل صناديق استثمار، شركات تأمين، صناديق تقاعد، بنوكا تجارية، ومستثمرين أفرادا.وبحسب بيانات وزارة الخزانة، سجّل القطاع الخاص صافي شراء بنحو 55 مليار دولار في مايو/أيار وحده، وبلغ صافي مشترياته السنوية 815 مليار دولار، ما يعكس تنامي الاعتماد على الأسواق غير الحكومية.
كما تشير الوزارة إلى أن صافي مشتريات الأجانب من جميع الأصول المالية الأميركية طويلة الأجل -بما فيها سندات الخزانة والشركات والوكالات الفدرالية والأسهم- بلغ 287 مليار دولار في مايو/أيار فقط.
إعلانويرى محللون أن هذا التحوّل يُبرز صعود القطاع الخاص كمموّل رئيسي للدين الأميركي بدلا من الحكومات.
شهدت سوق السندات الأميركية في 2025 قفزة نادرة في العوائد لم تُسجَّل سوى 9 مرات منذ 2010، بينها 3 مرات في الأشهر الأولى من 2025.
وبلغ عائد السندات لأجل 10 سنوات أقل قليلًا من 4.5%، واقترب عائد الـ30 عامًا من 5%. ويراقب المستثمرون النطاق الحرج بين 5.031% و5.037%، إذ قد يشير تجاوزه إلى دخول السوق مرحلة تشدد جديدة.
ويُرجع خبراء هذه القفزة في العوائد إلى 5 نقاط رئيسية:
تصاعد القلق من الدين الأميركي، المتوقع أن يتجاوز 40 تريليون دولار بنهاية 2025. ضغوط ترامب على الفدرالي لخفض الفائدة، مما أربك الأسواق، خصوصًا مع خطة إنفاق تُضيف 3.3 تريليونات دولار خلال 10 سنوات. ارتفاع المعروض من السندات وتراجع شهية المستثمرين، مما اضطر وزارة الخزانة إلى رفع العوائد. استمرار الضغوط التضخمية، وتعزز توقعات الإبقاء على معدلات فائدة مرتفعة. تزايد عدم اليقين السياسي والاقتصادي، مما عمّق طلب المستثمرين على علاوة مخاطرة أعلى.وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن العوائد لم تعد تعكس التوقعات الاقتصادية فقط، بل باتت تمثّل "سعر الثقة" في قدرة واشنطن على تمويل دينها دون زعزعة الأسواق.
بريطانيا.. الصعود إلى المركز الثانيفي مايو/أيار 2025، ارتفعت حيازة المملكة المتحدة من سندات الخزانة الأميركية إلى 809.4 مليارات دولار، متجاوزة الصين التي تراجعت إلى 756.3 مليار دولار، لتصبح بريطانيا ثاني أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة بعد اليابان. وهذه هي المرة الأولى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2000 التي تتراجع فيها الصين إلى المركز الثالث.
تاريخيًا، تراكمت الحيازة البريطانية بسرعة: 150 مليارًا في 2011، ثم 210-250 مليارًا في 2015، و425 مليارًا في 2020، و620.8 مليارًا في نهاية 2022، وصولًا إلى 809.4 مليارات في 2025، أي نمو يفوق 439% خلال 14 عامًا.
زيادة غير سياديةورغم الرقم المرتفع، تفيد تقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2023 بأن الغالبية العظمى من السندات المُسجّلة باسم بريطانيا لا تعود لجهات سيادية بريطانية.
وتُستخدم المملكة المتحدة كمركز مالي عالمي لحفظ أصول المستثمرين الأجانب، ويُقدَّر أن أكثر من 80% من هذه السندات تعود لمؤسسات غير بريطانية، مثل صناديق خليجية، وشركات آسيوية، وبنوك دولية تستخدم لندن كمنصة تنفيذ أو حفظ.
وتدعم خدمة أبحاث الكونغرس الأميركي هذه الصورة، إذ تشير إلى أن الجهات السيادية البريطانية، مثل الحكومة وبنك إنجلترا، لا تملك سوى ما بين 100 و140 مليار دولار فقط من سندات الخزانة الأميركية حتى نهاية عام 2023.
وبناءً على هذه التقديرات ونسبة الـ80%، يُرجَّح أن ما بين 640 و700 مليار دولار من الحيازة المسجّلة باسم بريطانيا في مايو/أيار 2025 تعود لمؤسسات أجنبية.
ويشير محللون إلى أن الزيادات الأخيرة تُعزى بالأساس إلى تدفقات مالية خاصة أجنبية تم تنفيذها عبر مؤسسات مالية بريطانية، لا إلى قرارات سيادية داخلية.
الصين.. الانسحاب الصامتواصلت الصين تقليص حيازتها من سندات الخزانة الأميركية بوتيرة ثابتة منذ ذروتها عام 2011 عند 1.32 تريليون دولار. وظلّت مرتفعة حتى نهاية 2021، قبل بدء موجة تخارج متسارعة.
وفي مايو/أيار 2025، خفّضت بكين حيازتها بمقدار 900 مليون دولار لتصل إلى 756.3 مليار دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ فبراير/شباط 2009، حين كانت تبلغ 744.2 مليار دولار فقط.
وبذلك، تراجعت حصة الصين إلى أقل من 3% من سوق السندات الأميركية البالغ 28 تريليون دولار، بعدما كانت تمثل نحو 14% في عام 2011.
كما فقدت مركزها كثاني أكبر دائن لصالح بريطانيا، لأول مرة منذ مطلع القرن.
بلغت حيازة الصين من سندات الخزانة الأميركية ذروتها في عام 2011 عند 1.320 تريليون دولار، لكنها تراجعت تدريجيًا إلى 756.3 مليارًا في مايو/أيار 2025، بانخفاض إجمالي قدره 563.7 مليار دولار، يُمثّل تراجعًا نسبته 42.7% من أعلى مستوياتها.
إعلانغير أن اللافت، وفق مراقبين، ليس حجم التراجع وحده، بل تسارع وتيرته الحادة في السنوات الأخيرة. فقد شهدت الفترة من 2022 إلى نهاية 2024 أكبر موجة تخارج مركّزة منذ بدأت بكين تقليص حيازتها:
في عام 2022، خفّضت الصين نحو 173.2 مليار دولار. في عام 2023، قلّصت قرابة 50.8 مليار دولار. في عام 2024، سحبت نحو 57 مليار دولار إضافية.ويُلاحظ أن هذا التخفيض المركّز يشكل قرابة 49.8% من إجمالي ما تخلّت عنه الصين من سندات الخزانة منذ عام 2011، مما يعني أن ما سحبته خلال 3 سنوات فقط يُعادل تقريبًا التخفيض الذي نفذته على مدار 11 عامًا كاملة بين 2011 و2021 (282 مليار دولار).
ويرى خبراء أن هذا التحوّل الحاد يُمثّل نقلة إستراتيجية من انسحاب تدريجي حذر إلى فك ارتباط مالي أكثر حسما وسرعة، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والمالية مع واشنطن.
تحوّل من الدولار إلى الذهبضمن سياسة فك الارتباط المالي، اتجهت الصين بشكل ممنهج إلى تعزيز حيازاتها من الذهب. فمنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أي بعد أشهر من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، بدأ بنك الشعب الصيني إضافة كميات شهرية منتظمة إلى احتياطاته.
وفي مايو/أيار 2025، أضاف البنك 60 ألف أونصة، ثم 70 ألفًا في يونيو/حزيران، ليصل إجمالي ما يحتفظ به إلى 73.9 مليون أونصة (أي نحو 2298.5 طنًا)، مسجلًا بذلك 8 أشهر متتالية من الارتفاع.
وتُظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن الأصول المقومة بالدولار شكّلت 55% فقط من احتياطيات الصين الرسمية بنهاية عام 2019، انخفاضًا من 79% في عام 2005، وأقل من المتوسط العالمي البالغ 61% في ذلك العام.
ومنذ ذلك الحين، لم تُصدر بكين أرقامًا محدثة عن هذا التوزيع، مما يضفي مزيدًا من الغموض على إستراتيجيتها النقدية العالمية.
لماذا تتخارج الصين؟ وما حدود هذا المسار؟وفق تقديرات إستراتيجية، فإن تخارج الصين من سندات الخزانة الأميركية لم يكن ردّ فعل عابر، بل نتيجة لتراكمات مقصودة تجمع بين التحوّط الاستباقي والاستجابة لمؤشرات متصاعدة على صراع دولي يقترب.
فعلى المستوى الجيوسياسي، تُتابع بكين منذ سنوات تصاعد التوترات مع واشنطن: من مواجهات عسكرية غير مباشرة، إلى استفزازات في بحر الصين الجنوبي، وملف تايوان، ومحاولات أميركية لخنق الحليف الروسي بهدف عزل الصين، وسط تسارع سباق التسلّح العالمي.
أما اقتصاديًا وماليًا، فيشير مراقبون إلى أن الحرب التجارية، والعقوبات على التكنولوجيا الصينية، وتفاقم الدين الأميركي، وتآكل الثقة بالدولار، إلى جانب إدارة أميركية تضرب ركائز اقتصادها، وتحولات في خارطة النفوذ والتحالفات، كلها مؤشرات على تغيرات بنيوية في النظام العالمي.
ولم تغفل بكين، بحسب باحثين، الدرس الروسي في 2022، حين جُمّدت مئات المليارات من احتياطاتها الأجنبية. لذا، انتقلت من الترقّب إلى ما يمكن تسميته "التحوّط الوقائي" كضرورة سيادية.
ويرى اقتصاديون أن كل سند تبيعه الصين لا يثقل فقط كاهل واشنطن ماليًا، بل يرفع كلفة خدمة ديونها ويُضعف مركزية الدولار في نظام بات يعتمد بشكل متزايد على الاستدانة كأداة تمويل. وفي المقابل، تملك الولايات المتحدة سلاح العقوبات والتجميد.
لكن استمرار هذا المسار، وفق محللين، يبقى مرهونًا بتطورات المواجهة بين الجانبين: هل تتجه الأمور نحو تهدئة تدريجية، أم نحو مزيد من التصعيد؟ ومن سيكون الأقدر على تحمّل كلفة استخدام هذه الورقة إذا اشتدّت المواجهة؟