لجريدة عمان:
2025-07-30@18:56:59 GMT

الترامبية الجديدة .. بين شعارين!

تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT

من خلال الاختيارات والنماذج التي انتخبها ترامب لرموز إدارته السياسية الجديدة، تلك التي رشحت عبر وسائل الإعلام، يبدو واضحًا أن الرجل يتجه نحو إعادة انتاج روح إدارته القديمة، وهي روح تصطبغ بها شخصيته المستنفرة وانحيازاته الشعبوية.

وإزاء حال كهذه، كيف يمكن لمراقب سياسي أو لمؤرخ في التاريخ المعاصر للولايات المتحدة أن يفهم ذلك الجمع التي تطرحه الترامبية السياسية بين مفهومين ، لكن -رغم اختلافهما- تريد الحركة الترامبية أن توحي بأنهما متماثلان!

نعني بذلك مفهوم: «أمريكا أولًا» الذي طالما ظل الشعار الأثير للترامبية السياسية، وبين مفهوم «أمريكا القوية» الذي تتوهم الحركة الترامبية أنه سيكون نتيجة للاختيارات السياسية لشعار: «أمريكا أولًا».

وإذا كان بالإمكان لباحث سياسي أن يستخلص سمات متميزة من ماضي «أمريكا القوية» في التاريخ المعاصر، فإنه ربما لو تأمل عبر استقصاء سريع لبعض نماذج محطات قوة السياسة الدولية التي توفرت عليها أمريكا طوال المائة عام الأخيرة، لوجد اختلافًا كبيرًا بين المفهومين الذين تريد الحركة الترامبية الجمع بينهما !

فــ«أمريكا القوية» تجلَّت عالميا في الكثير من المحطات التاريخية الخارجية، مثل مبادئ الرئيس ويلسون، والاضطلاع بأعباء ملف الحرب العالمية الثانية عبر التدخل الحاسم للولايات المتحدة الأمريكية، ومشروع مارشال الأمريكي بعد نهاية الحرب (الذي يعود إليه الفضل في إعادة بناء أوروبا).

وحيال محطات تاريخية كتلك التي ألمحنا إليها من التجارب السياسية الدولية الكبرى للولايات المتحدة، لا يبدو ثمة تماثل بين مفهومي «أمريكا أولًا» و «أمريكا القوية».

فإذا كان المفهوم الأول «أمريكا أولًا» يعكس إيحاءً بالعزلة والتعب السياسي من أعباء العالم الحديث (الذي بدت فيه الولايات المتحدة بمثابة محور دولي استراتيجي رئيس في صناعة ذلك العالم، بحسب حنة آرندت) فإن مفهوم «أمريكا القوية» هو في تقديرنا مفهوم لا يمكن تصوره بعيدًا عن الانخراط الفعال للولايات المتحدة في شؤون العالم الحديث، وبهذا المعنى في تحديد الفرق بين المفهومين يمكننا أن نلمح التناقض الرئيس الذي يكمن بينهما في أي قراءة سياسية تتتبع المفهومين في التاريخ الأمريكي الحديث.

وإذ ظلت الولايات المتحدة مثالًا لمفهوم بلاد «العزلة السعيدة» (ذلك الاسم الذي كان يطلق عليها قبل انخراطها في تشكيل العالم الحديث، الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية) فإنه نخشى القول إن ذلك التسويق الذي تروج له الترامبية السياسية في الجمع بين مفهومي «أمريكا أولًا» و«أمريكا القوية» عبر خطة الإدارة السياسية الجديدة لترامب قد يكشف عن إعادة انتاج نموذج آخر من الشعبوية السياسية في عالم لا تتحمل تناقضاته الجيوسياسية اليوم قيادة شعوبية في هرمه الدولي!

ولعل هذا ما تخوف منه الأستاذ ممدوح المهيني في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط أمس حين قال: «هناك من داخل النخبة الفكرية والسياسية وداخل الحزب الجمهوري من يخشون من طريقة التفكير هذه؛ لأنهم يرون أنه سيدفع إلى مزيد من الفوضى في النظام الدولي، ويعدّون ماسك والجوقة المحيطة به تفتقد أي خبرة بالسياسة الخارجية، ويرون الواقع على غير حقيقته الذي هو عبارة عن صراع القوى العظمى لتشكيل العالم على صورتها. ويقولون إن العالم استقر في العقود الأخيرة ولم نشهد حروبًا مدمرة بسبب أن قوة ليبرالية رأسمالية مهيمنة فرضت نموذجها على العالم».

ثم يختم الأستاذ ممدوح مقاله متسائلا: «ومع تراجع أمريكا وصعود قوى جديدة سنعود للصراعات الكبرى من جديد كما حدث في النصف الأول من القرن الماضي. هل يقرر ترامب الابن وماسك كيف يفكر ترامب بشكل حاسم أم يصطدم بالواقع كما فعل من سبقوه الذين دخلوا بنظريات مثالية لكن التطبيق لم يكن كما كانوا يتخيلونه»؟

هل يمكننا القول إن ثمة اختلافًا جوهريًا سيحدث بين عهدي ترامب (2016 - 2020 و 2024 - 2028)؟ .. وفق الاختيارات التي رشحت عن وسائل الإعلام بخصوص الرموز السياسية الجديدة في إدارة ترامب؛ لا يمكن التسليم بذلك الاختلاف. ولكن هذا لا يعني أن النتائج السياسية التي ستترتب على سياسات الإدارة الترامبية الجديدة هي ذاتها تلك التي ترتبت على قراراته السياسية في الإدارة السابقة؛ لأن التعقيدات الجيوسياسية لعالم اليوم أكبر بكثير مما كانت عليه في عام 2016.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: للولایات المتحدة أمریکا القویة أمریکا أول ا

إقرأ أيضاً:

ترامب يرفع الرسوم الجمركية على واردات أمريكا من الهند إلى 25%

أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، أن الرسوم الجمركية التي ستفرض على واردات أمريكا من الهند ستصل إلى 25% اعتبارًا من يوم الجمعة الموافق 1 أغسطس المقبل.

وقال ترامب عبر حسابه على منصة «تروث سوشيال»: « إن الإجراءات ستدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من الأول من أغسطس، وهو الموعد النهائي الذي حددته الولايات المتحدة لإبرام صفقة تجارية» ووصف ترامب الهند بأنها صديقة «لها تعريفات جمركية مرتفعة للغاية، وهي من بين الأعلى في العالم».

وأضاف أن الهند اشترت الغالبية العظمى من معداتها العسكرية من روسيا، كما أنها تعد أكبر مشتر للطاقة الروسية إلى جانب الصين.

وقال ترامب: إن العقوبات على صناعات مختارة ستكون أعلى بكثير بسبب استمرار الهند في التعامل التجاري وإعادة التصدير مع شركات النفط الروسية.

جاءت هذه التحولات في الرسوم الجمركية المفروضة من أمريكا على الصادرات الهندية لأسواقها في أعقاب إشارات من دبلوماسيين هنود تفيد بأن التوصل إلى اتفاق نهائي سيستغرق وقتًا، مما أثر سلبًا على الطلب على السلع من أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للهند.

اقرأ أيضاًقناة السويس تمد العمل بتخفيض رسوم عبور سفن الحاويات 15% حتى نهاية 2025

بنك مصر يحصد جائزتي أفضل بنك في ائتمان الشركات والمسؤولية المجتمعية

بنسبة 1.18%.. تكلفة التأمين على الدين السيادي المصري تنخفض في 41 يوما

مقالات مشابهة

  • أوراق أمريكا المتساقطة في خريف ترامب
  • ترامب يرفع الرسوم الجمركية على واردات أمريكا من الهند إلى 25%
  • وزير الخارجية الصيني: مستعدون لتعزيز الاتصالات مع أمريكا وتجنب سوء التقدير
  • أمريكا.. إمبراطورية الأزمات
  • هل ستعترف أمريكا بالدولة الفلسطينية بعد إنذار بريطانيا؟ ترامب يرد
  • كوريا الشمالية: على ترامب القبول بحقيقتنا النووية الجديدة
  • حمزة: الدورة الـ 62 لمعرض دمشق الدولي ستكون دورة استثنائية بكل المقاييس وستعكس صورة سوريا الجديدة القوية المنفتحة الواثقة بقدراتها ومستقبلها
  • ترامب: أنقذت العالم من 6 حروب.. وسأقلل مهلة الـ 50 يوما التي منحتها لبوتين
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • الرجل الذي أنقذ العالم من جحيم الحر.. من هو كارير مخرع التكييف؟