سودانايل:
2025-06-04@02:11:36 GMT

الحرب في السودان: كيف يمكن مواجهة أزمة البطالة؟

تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT

بروفيسور حسن بشير محمد نور

من الصعب علي أي انسان عاقل مهما كان تقاؤله ان يري نهاية قريبة للمأساة الجارية في السودان، وامكانية وقف الحرب ووصول حكم رشيد يتمكن من تحقيق شروط اعادة الاعمار ومعالجة المشاكل المركبة العميقة التي خلفتها الحرب. جميع المؤشرات تدل علي ان الوضع الداخلي والخارجي والمواقف حول ما يجري في السودان لا تسير في اتجاه ايجاد حل ناجع وسريع لمثل هذه المشكلة، التي هي اكثر تعقيدا مما حدث في العديد من دول الاقليم التي لم تجد الحل حتي الان رغم مضي عقود علي حدوثها.


بالرغم من كل ذلك لابد من تسليط الضؤ علي المشاكل التي يعاني منها السودان والتي تشكل تحديا مستقبليا لانسانه ومنها مشكلة البطالة التي تعتبر أزمة قومية مستعصية حتي فبل الحرب.
تعتبر هذه الأزمة معقدة ولا يمكن معالجتها بجهود داخلية فحسب، خاصة في ظل الصعوبات التي يواجهها السودان نتيجة الحرب. يمكن للمجتمع الدولي وأصدقاء السودان من الدول المانحة والمنظمات غير الحكومية تقديم مساهمات فعالة للتخفيف من حدة البطالة، في حالة وصول حكومة تجد القبول الداخلي والخارجي الذي يضمن الاستقرار المناسب، الذي يمكن من تنفيذ برنامج انتقالي لتجاوز اثار وتداعيات الحرب المدمرة، كما ان هذا يعتمد ايضا علي (متي سيحدث ذلك؟). عندها يمكن معالجة تلك المشكلة من خلال برنامج يشتمل علي:
1. دعم الاستقرار السياسي والأمني: قبل كل شيء لابد من تكثيف الجهود الوطنية والدولية والعمل علي استقطاب المساعدة في الوصول إلى حلول سلمية للنزاع، حيث إن الاستقرار يعتبر شرطًا أساسيًا لإعادة الاعمار ومن ثم تدوير عجلة الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات.
2. يأتي بعد ذلك تقديم برامج تدريب وتأهيل للخريجين والمهنيين: من خلال التعاون مع الجامعات والمعاهد والمؤسسات السودانية، ويمكن للمجتمع الدولي دعم برامج تدريب وتطوير المهارات. توفر هذه البرامج فرص تدريبية على تقنيات حديثة ومجالات مطلوبة عالميًا مما يرفع القدرات الفردية والمؤسسية ويعزز فرص العمل محلياً وخارجياً.
3. يمكن الاستقرار من استقطاب الاستثمار الأجنبي، الذي لا غناء عنه لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المهمة لما بعد الحرب. يمكن لأصدقاء السودان والمنظمات الدولية تقديم الدعم المالي والتقني للمؤسسات العامة ولرجال الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر تسهيلات تمويلية ومنح، ما يساعد في إنعاش الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة.
4. إعادة تأهيل البنية التحتية: تحتاج هذه المهمة لتوظيف رؤوس اموال وقدرات بشرية ومادية وتقنية هائلة لا تتوفر للسودان في مرحلة اعادة الاعمار. بالضرورة لابد من دعم جهود إعادة بناء البنية التحتية الأساسية كالكهرباء، والمياه، والطرق والجسور وتأهيل المواني البحرية والبرية والمطارات، والخدمات الاجتماعية، مما يساهم في تحسين بيئة العمل، ويتيح للمؤسسات القائمة فرصًا أكبر للعودة للعمل أو توسيع نشاطها مجددًا.
5. مساعدة الشركات المتضررة: من خلال تقديم الدعم المالي والفني للشركات المتضررة أو التي اضطرت للتوقف عن العمل بسبب الحرب، يمكن أن يتم عبر آليات الإقراض الميسر والمساعدات المباشرة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العصب الأساسي لتشغيل العمالة.
6. إطلاق برامج للريادة الاجتماعية: يمكن لمنظمات المجتمع المدني ودول ومنظمات الدعم أن تشجع وتدعم الشباب ورواد الأعمال الجدد لتطوير مشاريع مبتكرة تهدف إلى معالجة قضايا مجتمعية واقتصادية، وتتيح الفرصة لهم لتوظيف قدراتهم وحل مشاكل المجتمع من خلال مشاريع مدرة للدخل.
7. بالضرورة بالطبع رفع قدرات المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الاقراض التي لا غناء عنها للنشاط الاقتصادي الداعم للعمالة.
هذه خطوط عريضة يمكن ان تطور لبرامج خاصة بالجهات المسؤولة عن اعادة الاعمار وتأهيل البنيات التحتية والمختصة بالعمل، في حالة نجحت الجهود في ايقاف الحرب وتحقيق الاستقرار المطلوب ووضع اساس لحكم رشيد.
إن أزمة البطالة في السودان بعد الحرب ستكون علي درجة كبيرة من الحدة والتعقيد، مما يتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية للتخفيف من حدتها، خاصة مع الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي ستواجه البلاد خلال فترة اعادة الاعمار. لا يمكن للاقتصاد السوداني أن يتعافى دون استقرار سياسي وأمني، بالإضافة إلى الدعم المالي والفني من أصدقاء السودان والمنظمات الدولية بما يتوافق مع المصالح الاستراتيجية للبلاد. كما أن الاستثمار في الشباب وتدريب الخريجين الجدد على المهارات المطلوبة في سوق العمل، ودعم المشاريع الصغيرة، يمكن أن يسهم بشكل كبير في حل مشكلة البطالة المستعصية ويفتح أفقًا أفضل للتنمية المستدامة في سودان ما بعد الحرب.

mnhassanb8@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: اعادة الاعمار فی السودان من خلال

إقرأ أيضاً:

الزيارة الإثيوبية إلى بورتسودان: قراءة في تحولات الإقليم وهواجس التوازن

م. فؤاد عثمان عبدالرحمن

شكّلت زيارة الوفد الإثيوبي الرفيع إلى بورتسودان، برئاسة مدير الاستخبارات رضوان حسين، وعضوية القيادي السابق في جبهة تحرير تيغراي قيتاشو ردا، خطوة لافتة في سياق التفاعلات الإقليمية المتسارعة. وبعيدًا عن المجاملات الدبلوماسية، توحي هذه الزيارة برسائل تتصل بمستجدات الخرائط السياسية في المنطقة، وبمخاوف معلنة وغير معلنة في محيط السودان المضطرب.

تيغراي وإثيوبيا: العودة من الهامش

ظهور قيتاشو ردا ضمن الوفد الإثيوبي، بعد خروجه من قيادة الحكومة المؤقتة في تيغراي ومن عضوية الجبهة الشعبية لتحرير الإقليم، يعكس محاولة إثيوبية لاحتواء الملف التيغراوي ضمن ترتيبات مركزية أكثر تحكمًا. من المرجّح أن يكون ضمّه للوفد مقصودًا كرسالة بأن أديس أبابا ما تزال قادرة على مخاطبة الملفات الشائكة في الداخل من موقع سيطرة.

غير أن ذلك لم يمنع بعض المراقبين من ربط هذه الخطوة بمحاولات استباقية لاحتواء تحولات إقليمية محتملة، وسط تسريبات غير مؤكدة عن تقارب آخذ في التبلور بين قيادات من تيغراي والحكومة الإريترية، بدفع أو تنسيق سوداني غير معلن.

تقارب محتمل: إعادة خلط الأوراق أم تسوية جديدة؟

يشير محللون إلى أن الأشهر الأخيرة حملت إشارات خافتة عن إمكانية فتح قنوات حوار بين تيغراي وإريتريا، رغم ما بينهما من ماضٍ دموي خلال الحرب الإثيوبية الأخيرة. وإذا ما صحت هذه المؤشرات، فإنها قد تنبئ بتحولات إقليمية جذرية، خصوصًا إذا تمّت برعاية طرف ثالث مثل السودان، أو بدافع الحاجة لإعادة تموضع جميع القوى الإقليمية في ضوء الحرب السودانية المشتعلة.

من المبكر الجزم بطبيعة هذا الانفتاح أو مدى استدامته، لكنه، على أي حال، يعكس سيولة التحالفات في منطقة القرن الأفريقي، واستعداد الفاعلين لتجاوز الخطوط الحمراء القديمة حين تفرض الوقائع الجديدة حسابات مختلفة.

السودان في قلب التفاعلات: لاعب أم ساحة؟

رغم الحرب، يجد السودان نفسه اليوم في موقع لا يمكن تجاوزه في حسابات الإقليم. فالتقارير المتداولة (غير المؤكدة رسميًا) عن دعم إثيوبي سياسي أو لوجستي لأحد أطراف الصراع السوداني، تقابلها مواقف معلنة من جانب إريتريا تؤيد المؤسسة العسكرية السودانية، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول ما إذا كانت المنطقة تشهد اصطفافات غير مباشرة حول الصراع السوداني.

إلا أن من المهم، في خضم هذا، عدم الانزلاق إلى تفسير كل تحرك باعتباره جزءًا من حرب محاور مكتملة الأركان. فبعض التحركات قد تُقرأ أيضًا كمساعٍ لاحتواء التصعيد، أو لتحييد انعكاسات الحرب السودانية على الداخل الإثيوبي، الذي يواجه بدوره تحديات أمنية واقتصادية متزايدة، في تيغراي وأمهرا وغيرهما.

تحولات بلا ثوابت

الزيارة الإثيوبية لبورتسودان – والتي سبقتها وتلتها تحركات إقليمية هادئة – تؤشر إلى أن القرن الأفريقي يعيش لحظة تغيّر لا تحكمها ثنائيات صلبة. لم تعد العلاقة بين الأطراف الإقليمية خاضعة فقط لمنطق الحلفاء والخصوم، بل لمنطق المصلحة المتغيرة، والتهدئة المؤقتة، وإعادة التموضع.

وسط هذه التحولات، يبقى السودان طرفًا محوريًا لا مجرد ساحة نفوذ، إذا ما أحسن إدارة انفتاحه الإقليمي من موقع متماسك، يسعى لبناء السلام، لا تعميق الانقسام.

خاتمة

من المهم قراءة هذه التحركات المتبادلة من زاوية الفرصة، لا فقط من زاوية القلق. فربما، وسط تناقض المصالح وتشابك الحسابات، يجد الإقليم طريقًا نحو تهدئة أوسع، إذا ما التقت إرادة الداخل السوداني مع تحرك إقليمي عقلاني، يتجاوز الرهانات القصيرة نحو استقرار طويل المدى.

الوسومفؤاد عثمان عبدالرحمن

مقالات مشابهة

  • تحذير أممي من تهديد الاستقرار العالمي.. 4 ملايين لاجئ سوداني بسبب الحرب
  • الزيارة الإثيوبية إلى بورتسودان: قراءة في تحولات الإقليم وهواجس التوازن
  • نزوح أكثر من 165 ألف شخص بسبب الحرب في جنوب السودان
  • أسوأ أزمة إنسانية في العالم..  نزوح 4 ملايين شخص من السودان
  • الأمم المتحدة: أربعة ملايين شخص فروا من السودان منذ بدء الحرب  
  • أزمة سياسية في السودان بعد أول قرار أصدره رئيس الوزراء كامل إدريس
  • أزمة الشاباك غير المسبوقة: الجهاز المحصّن يهتز 
  • انخفاض قليل في معدل البطالة بالأردن
  • أوغندا: أزمة تمويل تهدد نحو مليوني لاجئ بينهم أكثر من 110 ألف سوداني
  • رئيس وزراء السودان يحل الحكومة..ويشدد على أولوية الأمن واستعادة الاستقرار