نيويورك- رويترز

استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) اليوم الاثنين ضد مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو الطرفين المتحاربين في السودان إلى وقف الأعمال القتالية على الفور وضمان توصيل المساعدات الإنسانية.

وصوتت كل الدول الأخرى في المجلس، الذي يضم 15 عضوا، ومن بينها الصين، لصالح مشروع القرار الذي صاغته بريطانيا وسيراليون.

وكانت روسيا الدولة الوحيدة التي صوتت ضد مشروع القرار، في خطوة وصفها وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بأنها "وضيعة وبذيئة وخبيثة" وتبعث برسالة إلى الطرفين المتحاربين مفادها أن بإمكانهما فعل أي شيء بدون عقاب.

واندلعت الحرب في أبريل 2023 بسبب صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية قبل انتقال كان مقررا للحكم المدني، مما أدى إلى أكبر أزمة نزوح في العالم.

ودعا مشروع القرار طرفي الصراع إلى "وقف الأعمال القتالية على الفور والانخراط بحسن نية في حوار للاتفاق على خطوات لتهدئة الصراع بهدف الاتفاق بشكل عاجل على وقف إطلاق النار على مستوى البلاد".

ودعا مشروع القرار الطرفين أيضا إلى الانخراط في حوار للاتفاق على هُدن وترتيبات إنسانية، وضمان المرور الآمن للمدنيين، وتوصيل ما يكفي من المساعدات الإنسانية، وغير ذلك من إجراءات.

واتهمت روسيا بريطانيا بمحاولة التدخل في الشؤون السودانية.

وقال دميتري بوليانسكي نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة في الاجتماع "نتفق مع كل زملائنا في مجلس الأمن على أن الصراع في السودان يتطلب حلا سريعا. ومن الواضح أيضا أن الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي موافقة الطرفين المتحاربين على وقف إطلاق النار".

واتهم بوليانسكي مؤيدي مشروع القرار "بازدواجية المعايير" لأنهم أعطوا الضوء الأخضر لإسرائيل لمواصلة انتهاكها للقانون الإنساني الدولي في غزة، وقال إن انتقادات وزير الخارجية البريطاني "دليل ممتاز على الاستعمار البريطاني الجديد".

وقال وزير الخارجية البريطاني في الاجتماع "وقفت دولة واحدة في طريق المجلس وتحدثت بصوت واحد. دولة واحدة هي التي أعاقت (مشروع القرار). دولة واحدة هي عدو السلام. الفيتو الروسي عار، ويظهر للعالم مرة أخرى (الوجه) الحقيقي لروسيا".

وأضاف "أسأل الممثل الروسي... كم من السودانيين يجب أن يُقتل؟ كم عدد آخر من النساء يجب أن يُغتصب؟ كم عدد آخر من الأطفال يجب أن يُحرم من الطعام قبل أن تتحرك روسيا؟".

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف عدد سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات مع انتشار المجاعة في مخيمات النازحين وفرار 11 مليون شخص من ديارهم، منهم أكثر من ثلاثة ملايين غادروا إلى دول أخرى.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الإمارات.. جهود بارزة لدعم القطاع الزراعي في السودان

أحمد مراد، أحمد عاطف (أبوظبي)

أخبار ذات صلة «الفارس الشهم 3» تبدأ حفر آبار مياه في غزة «الاتحاد» تستقبل وفداً من كبار ممثلي وسائل الإعلام الصينية

عصفت الحرب الدائرة في السودان، منذ أبريل 2023، بغالبية القطاعات الحيوية، حيث يُعد القطاع الزراعي الأكثر تضرراً، في ظل تعرض البنية التحتية الزراعية للتدمير الكامل، جراء تصاعد العمليات العسكرية في المناطق التي تمثل القلب النابض للإنتاج الزراعي، خصوصاً الجزيرة وسنار ودارفور وكردفان، ما فاقم معاناة السكان.
وتسببت الحرب في تداعيات كارثية طالت معظم جوانب القطاع الزراعي السوداني، إذ تُشير بعض التقديرات إلى خروج نحو 60 % من مساحة الأراضي المستخدمة عن دائرة الإنتاج. علماً بأن السودان يمتلك 170 مليون فدان صالحة للزراعة، وكان المستخدم منها قبل الحرب 40 مليوناً فقط.
ويُعد مشروع الجزيرة الذي يمتد على مساحة 2.3 مليون فدان واحداً من أكثر المشاريع الزراعية تضرراً من الحرب، مما تسبب في خسائر اقتصادية واجتماعية فادحة، نظراً لكونه أكبر مشروع في العالم يروى بنظام الري الانسيابي، ويشكل مصدر الدخل الأساسي لأكثر من مليون أسرة سودانية.
وفي دارفور، تبدو الأوضاع أكثر كارثية، وأكثر تعقيداً، حيث يعتمد نحو 85 % من سكان الإقليم على الزراعة، وقد أجبرت العمليات العسكرية غالبيتهم إلى الفرار والنزوح بعيداً عن أراضيهم الزراعية. 
كما تُعد سنار والنيل الأزرق وشمال وغرب كردفان أكثر الولايات المتضررة من الحرب، حيث شهدت انخفاضاً ملحوظاً في المساحات المزروعة، ولم تسجل ولايتا شمال وغرب كردفان أي إنتاج زراعي في موسم المحاصيل الصيفي لعام 2023.
وبحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة العالمية «الفاو»، فإن إنتاج السودان من الحبوب تراجع بنسبة تزيد على 60%، موضحة أن أكثر من 1.8 مليون أسرة سودانية تعمل في الزراعة والرعي، وبات غالبية المزارعين يجدوا صعوبة في الوصول إلى الأراضي والمواد الأولية.
وتسبب اتساع رقعة الحرب على امتداد نحو 70% من مناطق السودان في تعطيل عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي، لا سيما مع فقدان 85% من قدرات شبكات الري.

دعم الإمارات
منذ اندلاع النزاع في السودان، في أبريل 2023، تحرص دولة الإمارات على دعم جميع القطاعات الحيوية في البلاد، ومن بينها القطاع الزراعي، حيث وقعت اتفاقية مع منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» لتقديم تمويلاً قدره 5 ملايين دولار يوجه لمشروع تخفيف المجاعة ودعم أصحاب المشروعات الزراعية الصغيرة والأسر الرعوية المتأثرة بالحرب.
ويوفر المشروع مساعدات طارئة في مجال المحاصيل والماشية والخدمات البيطرية لنحو 275 ألف أسرة من صغار المزارعين والرعاة الضعفاء، ويستفيد منه نحو مليون و375 ألف شخص.
كما يهدف إلى الحد من الخسائر في الثروة الحيوانية من خلال التطعيم الوقائي ضد الأمراض العابرة للحدود، ويستهدف مليوني رأس من الحيوانات، ويستفيد منه نحو 600 ألف شخص، 25% منهم من الأسر التي تعيلها النساء.

تراجع حاد
شددت الباحثة في الشؤون الأفريقية، نسرين الصباحي، على أن تداعيات الحرب في السودان لم تقتصر على المشهدين السياسي والإنساني فحسب، بل امتدت لتضرب بشدة القطاع الزراعي الذي يُعد أحد أهم ركائز الاقتصاد السوداني، إذ يعتمد عليه ملايين السكان في حياتهم اليومية.
وأوضحت الصباحي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن تدهور القطاع الزراعي في السودان جاء نتيجة مباشرة لعدة عوامل تراكمية أفرزها النزاع المسلح، أبرزها موجات النزوح الجماعي التي ضربت المجتمعات الريفية، والتي تُعد الحاضنة الأساسية للنشاط الزراعي في البلاد.
وأشارت إلى أن النساء والفتيات اللاتي يُمثلن عماد القوة العاملة الزراعية في كثير من مناطق السودان، هن الأكثر تضرراً من النزاع، ليس فقط بفعل العنف والنزوح، بل أيضاً نتيجة تحملهن لأعباء جديدة، أبرزها محاولة تأمين الغذاء في بيئات صارت غير صالحة للإنتاج الزراعي بفعل الدمار وانعدام الأمن.
وقالت الباحثة في الشؤن الأفريقية، إن التقارير الأممية تُظهر أرقاماً مرعبة، إذ بلغ عدد النساء والفتيات النازحات داخل السودان نحو 5.8 مليون، ضمن أكثر من 12 مليون نازح داخل السودان وخارجه، وكثير من هؤلاء كانوا في الأصل من سكان المناطق الزراعية، مما يعني فقداناً جماعياً للأيدي العاملة، وانهياراً للقدرة الإنتاجية في قطاعات الزراعة والرعي، لا سيما في مناطق مثل دارفور وكردفان والنيل الأزرق.
وأضافت أن المرأة السودانية في الأرياف أصبحت مضطرة للعب أدوار متعددة، في ظل غياب الرجال بسبب الحرب أو النزوح أو القتل، من الزراعة والرعي إلى رعاية الأطفال وتأمين الغذاء والمأوى، وهو ما يجعل النساء يتحملن العبء الأكبر في مجتمع منهك أصلاً اقتصادياً واجتماعياً.
ونوهت الصباحي بأن استمرار النزاع وتصاعد المعارك، خصوصاً في مناطق الإنتاج الزراعي الأساسية، يُهددان بإدخال السودان في مرحلة انعدام أمن غذائي غير مسبوق، مشددة على أهمية تقديم الدعم الإنساني والإغاثي العاجل، وإعادة التفكير في سبل تأهيل المجتمعات الزراعية المتضررة، مع التركيز على خدمات الدعم النفسي والصحي للنساء اللواتي تحولن من ضحايا مباشرة للحرب إلى خط الدفاع الأول في مواجهة الجوع والانهيار الاقتصادي.

ضربة قاصمة
قالت الباحثة في الشؤون الأفريقية، نورهان شرارة، إن القطاع الزراعي السوداني كان يمثل ما بين 30 و%35 من الناتج المحلي الإجمالي، ويُعد مصدر رزق لنحو %60 من القوى العاملة. ومنذ اندلاع الحرب، تلقى القطاع ضربة قاصمة، حيث تشير التقارير الدولية والمحلية إلى أن السودان فقد معظم موارده الطبيعية والبشرية، مع نزوح نحو 12 مليون شخص داخل وخارج البلاد، كثير منهم من المزارعين الذين كانوا يشكلون العمود الفقري للمواسم الزراعية.
وأضافت شرارة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن البيانات تشير إلى أن البنية التحتية الزراعية تعرضت لانهيار شبه كامل، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج الوطني من الحبوب بنسبة لا تقل عن %60، في ظل انقطاع الإمدادات الأساسية من بذور وأسمدة، بسبب تفاقم الأوضاع الأمنية في مناطق الزراعة الأساسية مثل الجزيرة والنيل الأزرق وكردفان.
وأكدت أن السودان يقف على حافة المجاعة، وفقاً لتصنيف الأمن الغذائي المتكامل (IPC)، حيث يعاني نحو 18 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ورغم وصول بعض المساعدات الإغاثية، فإن المستقبل يبدو قاتماً، مشيرة إلى أن معالجة الانهيار الكارثي للقطاع الزراعي لن تكون سريعة أو سهلة، بل ستتطلب سنوات من العمل، وتمويلاً دولياً ضخماً، وأهم من كل ذلك استقراراً سياسياً حقيقياً يؤسس لإعادة بناء ما دمرته الحرب في الريف السوداني.

مقالات مشابهة

  • الدويش ينتقد ازدواجية المعايير تجاه النصر
  • العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟
  • ترامب: لم أطلع بعد على مشروع قانون العقوبات الجديد على روسيا
  • صحيفة: واشنطن تعطل التصويت على مشروع القرار الجزائري بشأن الوضع الإنساني في غزة
  • روسيا: وقف إطلاق النار ليس كافياً لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • تعرف على موسكو أكبر مدن أوروبا وقلب روسيا النابض
  • تفاصيل المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يوما
  • للحرب وجوه كثيرة
  • عقوبات ستارمر لإسرائيل.. ورقة انتخابية أم سعي جاد لوقف الحرب؟
  • الإمارات.. جهود بارزة لدعم القطاع الزراعي في السودان