قرقاش: الإمارات ترى أن أمن واستقرار المنطقة كل لا يتجزأ
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
أكد الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، اليوم الأربعاء، أن الإمارات ترى أن أمن واستقرار المنطقة كل لا يتجزأ.
وكتب قرقاش في تغريدة على تويتر: "اتسمت مواقف الامارات دائما بالشجاعة والأصالة والتقييم الاستراتيجي الذي يرى أن أمن واستقرار وازدهار المنطقة كل لا يتجزأ".
وأضاف: "تبقى هذه رؤيتنا حتى وإن تغيرت الظروف والأدوات، وتبقى مواقفنا مع الأشقاء والأصدقاء راسخة و مستمرة".
وتابع: "الإمارات لا تتغير وتسمو فوق منطق القيل والقال".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: رئيس دولة الامارات امن واستقرار المنطقة
إقرأ أيضاً:
الخليج مركز الثقل العربي!
أفصحت زيارة ترامب إلى المنطقة عن أمور عديدة، مثل أن الديكتاتور المفضل له لم يعد السيسي، بل محمد بن زايد، وبدرجة أقل محمد بن سلمان، وأنه رجل يمكن إغضابه بشدة إذا تم التلاعب به، مثلما فعل نتنياهو معه في القناة الخلفية التي فتحها مع مايك والتز وتحركه في اتجاه معاكس في الشأن الإيراني، فلم يزُر كيان الاحتلال، وهذا الغضب لن يُنسينا أن ترامب يتلاعب بالجميع.
كما أفصحت الزيارة أن مركز الثقل العربي بات مستقرّا في الخليج، ولم يعد في مصر أو سوريا أو العراق، فالأخير خارج المشهد، وسوريا تُقدَّم في المحافل الدولية برعاية خليجية، ومصر انتهى دورها منذ أن استلم حكمها السيسي الذي يقدم كل شيء لمن يدفع إليه، حتى بات لا يملك سوى الانصياع وانتظار التعليمات، أو المشاكسة من بعيد بورقة يمسكها هنا أو هناك، ليلفت الأنظار إليه ويستجلب بعض المال بعدما أثقل كاهل داعميه.
مركز الثقل العربي بات مستقرّا في الخليج، ولم يعد في مصر أو سوريا أو العراق، فالأخير خارج المشهد، وسوريا تُقدَّم في المحافل الدولية برعاية خليجية، ومصر انتهى دورها منذ أن استلم حكمها السيسي الذي يقدم كل شيء لمن يدفع إليه
هذا التحول في مراكز القوة طبيعي في عالم السياسة، فـ"الأيام دُوَل"، إلا أن لكل ثابت استثناء، مثل أن الشام ومصر كانتا مركز ثقل في المنطقة على مدار التاريخ، فلا يمكن الانتقال من آسيا إلى أفريقيا إلا عبر بوابة مصر، والعكس بالعكس، وهذا جعل الدولتين طَوال تاريخهما مركزي ثقل كبيرين، حتى لو كانتا تابعتين لدول أو إمبراطوريات أخرى، وكان العراق حاضرة ثقافية تُشِعُّ النور والمعارف قبل الفتح الإسلامي وبعده، فكان قِبلة ثقافية، وباستقرار الخلافة العباسية فيه بات مركز السياسة الأكبر في المنطقة لقرون. فهذه الحواضر الثلاث تعد استثناء من فكرة تداول الثقل الدولي في الإقليم.
تتشابه تلك الحالة مع الحالة الإنجليزية التي ظلت طوال تاريخها قوة بحرية كبيرة معزولة بعازل مائي عن أوروبا، ما جعلها قوة متفردة، وروسيا بحجمها الكبير طوال قرون، وإيطاليا مركز الكاثوليكية، وغير ذلك من النماذج التي تُظهر أن هناك استثناء لفكرة تداول القوة، فقد تخفت سطوة إحدى هذه الدول، لكنه لا يعدو الخفوت أو الضعف النسبي دون الانزواء الكامل.
إذا، كيف حدث التحول في المنطقة من ثلاثية مصر- العراق- سوريا إلى قطر- الإمارات- السعودية؟
تداخلَ عاملان مع بعضهما في إحداث هذا التحول؛ أولهما الاستبداد العسكري الذي نخَرَ عظام الحواضر العربية التاريخية، وقد فعل الحكم العسكري ما لم يستطع الاحتلال فعله في هذه الدول، فقد بقيت تصدِّر الثقافة والعلوم رغم الاحتلال، وما إنْ وصل العسكر إلى الحكم بدأ المخزون ينفد تدريجيّا. وإذ أردنا عقد مقارنة بين المثقفين الذين وُلدوا في النصف الأول من القرن العشرين، ومن وُلدوا في النصف الثاني منه، سنجد بونا واسعا بين الذين تربوا في ظل ثقافة وطنية مقاومة للاحتلال ومشروعه السياسي والاجتماعي والثقافي، وبين أولئك الذين تربوا في ظل حكم الضباط الذين سحقوا الثقافة والكرامة والوعي السياسي والقيم الوطنية التي تُعلي من شأن المواطن ليرتقي الوطن.
أما العامل الثاني، فهو المال الخليجي، وهو الأقل تأثيرا في التسبب بحدوث هذا التغير، إذ إنه موجود في الخليج منذ نحو قرن، وبسببه كان الخليج -بدءا من خمسينيات القرن الماضي تقريبا- وجْهة لتحسين الأوضاع المعيشية، وفي السبعينيات أصبحت الدول النفطية في الخليج والعراق وليبيا حلما للعرب البسطاء. ورغم هذه العقود لم يحوِّل المالُ دولَ الخليج إلى مركز ثقل، لذا يبقى المال -مع أهميته- الأقل تأثيرا في هذا التغير الإقليمي، وفي الوقت ذاته بات محور هذا الانتقال الجديد، فلم تستطع حواضر عربية ملء الفراغ المصري الشامي العراقي، رغم التاريخ الثقافي لدول المغرب العربي، لكن الاستبداد جاء حائلا مرة أخرى أمام نهوضها، فأصبح المال هو مركز القوة ومحورها، فانتقل الثقل إلى حيث يوجد.
كان المال من عوامل القوة على مدار التاريخ لكن بوصفه أداة توظيف للقوة وليس سببا لها، ولم يكن الثراء سببا لاكتسابها بمعزل عن القدرات الاجتماعية والسياسية والثقافية، إذ إن المال يمكن اكتسابه من طرق غير مشروعة، أو عن غير قصد ودون عناء، كما في حالة الخليج الذي يعيش على بحيرة من الثروات البترولية، أما الثقافة فلا تُكتسب إلا بعد طول تعلم وتأديب، فيصير تفكير المثقف مضبوطا بمعارف متنوعة، بخلاف غيره ممن اكتسب الثراء دون عناء وهو محدود الخبرات والتجارب. وهذا توصيف لما حدث وليس من قبيل الانتقاص، فالثروات الطبيعية هبة إلهية، ويُحسب للخليج حُسن استعمالها.
الإشكال الذي يواجه المنطقة في تلك المسألة، أن دخول المال في القرار السياسي، صار مصحوبا بشخصيات ليس لديها شعور وطني يتيح للمواطنين حقوقهم، ولا شعور عروبي ينافح عن قضايا المنطقة وهمومها، ولا شعور ديني يتأسَّى بمفهوم الجسد الواحد
الإشكال الذي يواجه المنطقة في تلك المسألة، أن دخول المال في القرار السياسي، صار مصحوبا بشخصيات ليس لديها شعور وطني يتيح للمواطنين حقوقهم، ولا شعور عروبي ينافح عن قضايا المنطقة وهمومها، ولا شعور ديني يتأسَّى بمفهوم الجسد الواحد، بل يقوم حكام المملكة والإمارات بكل ما يؤدي إلى تمزيق هذه العلاقات المتداخلة؛ الوطنية المحلية والعروبية والإسلامية، ولا تقارن قطر بالمملكة والإمارات، فلها دور كبير في دعم شعوب المنطقة ورفع سقف الحريات وإنجاح ثوراتهم، ويبقى سلوكها السياسي محل اتفاق واختلاف طبيعي، ويقع الخلاف في التفاصيل أكثر من وقوعه في التوجه العام لسياستها.
إن تغير مراكز ثقل القرار العربي ليس محل استنكار، فكل دولة تكتسب مكانتها بحسب سعيها إلى ذلك، لكن النَّكير ينبع من هدف وطريقة هذا التغير، وللأسف لا يجد أي مراقب للأوضاع إلا أن سياسة الإمارات باتت ذراعا صهيونيّا متوغلا في المنطقة بالسوء، ولا تتدخل في أي قُطر من أقطار الإقليم إلا بما يخدم المصالح الصهيونية خدمة علنية ومباشرة وفجَّة، وهذه الطريقة المتبجحة تتجنبها المملكة، لكنها تتلاقى مع الإمارات في مهاجمة الديمقراطية في المنطقة، أو التودد إلى الأمريكان في ملفات كثيرة ومنها القضية الفلسطينية، ولكن بحساب وحدود، وهو ما نرجو للمملكة أن تتخلص منه تماما، وتعود بقوتها في وجه المشروع الصهيوني، كما فعل الراحل الملك فيصل مع الزعماء العرب في حرب 1973 عندما أوقفوا إمدادات البترول دعما لمصر.
تحتاج شعوب المنطقة إلى حكومات تستجيب إلى تطلعاتها، وتستخدم قوتَها ومواردَها لبناء أمة كبرى تفيد الحضارة البشرية، وتقود العمل في سبيل تحقيق العدل والمساواة، لا أن تكون حكومات تابعة لدول أجنبية، أو قامعة لحقوق الشعوب، وهذا الوضع سيجعل مركز القوة أكثر استقرارا لا مرتبطا بالمال الذي قد يتعرض لاضطرابات أو نضوب مصدره.