عين على المؤسسات الصحية الخاصة
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
١ ـ في صيدلية المجمع الطبي الخاص كانت المرأة بحاجة إلى ربع ساعة من الانتظار حتى تحصل على وصفتها الدوائية لأن الصيدلاني واجه مشكلة في التقاط شبكة الإنترنت ليتأكد من أسماء الأدوية التي تشابهت عليه.
وحتى لا يثير حفيظة المرأة التي بدأت في الارتياب بسبب ربكته الواضحة وليتخلص من طابور المُنتظرين دون إثارة للقلق اتصل بالطبيب الواصف على هاتفه النقال.
٢ ـ إذا كنت ممن «يفِكون» الخط بالإنجليزية امنح نفسك قليلًا من الوقت وأقرأ الوصفة التي بين يديك على مهل أو اسأل الصيدلاني عن الأدوية التي سيصرفها لك.. افعل ذلك لأن واحدًا منها أو أكثر دُس دون هدف ولست مضطرًا لشرائه كـ«الفيتامين» أو«مضاد الحموضة» أو «خافض الحرارة» إنما تسلل إلى الوصفة من باب «التربح» و«الاستغفال» استنادًا إلى المثل الشعبي القائل «إذا ما نفع ما ضر».
٣ ـ نتجنب الذهاب إلى المستشفيات العامة ونلجأ إلى العيادات أو المجمعات الخاصة التي تتناسل كالذَّر. تروق لنا لأسباب معروفة وهي السأم من طول الانتظار أو لتأخر المواعيد أو مراعاة للـ«بريستيج»الذي تفرضه مكانتنا الاجتماعية أو وفرتنا المالية.
نزورها ولدينا كل القناعة بأن المؤسسات الصحية الخاصة توفر خدمة عالية الجودة في زمن قصير وتقدم استشارات دقيقة. كما تتميز بتقديم إقامة ذات خصوصية وأدوية عالية الجودة وهذا صحيح إلى حد بعيد لكن الصحيح أيضًا أن الإفادة من خدمات كهذه مُكلف للغاية لكثير منا وأن الأمر لا يخلو من ابتزاز.
الصحيح أن علاج بعض الأمراض خاصة المزمنة يجب أن يكون بين أقسام المستشفيات العامة لأنها تمنح مراجعات مستمرة وفحوصات متكررة وأدوية نوعية دون استغلال ولأنها تمتلك إمكانات مهنية وأجهزة طبية عالية الجودة.
المؤسسات الصحية العامة لا تنظر إلى طالب الخدمة باعتباره منجم ذهب ولا ترهقه ماليًا بدءًا من قيمة فتح الملف ومقابلة الطبيب مرورًا بالفحوصات وانتهاءً بالعمليات والمراجعات إنما باعتبار صحته هدفًا أساسيًا والخدمة التي تقدم من أجله هي حق أصيل من حقوقه كمواطن.
٤ ـ تطرَح بعض المؤسسات الصحية الخاصة خلال المناسبات عروضًا خيالية مجانية لعمل الفحوصات الشاملة ـ المتوفرة مجانًا في المؤسسات الصحية العامة ـ يعتقد البعض أن هذه العروض تُقدَم من أجل «سواد عينيه» أو بهدف الترويج والدعاية للمؤسسة فقط ولا يعرف أن هناك أهدافًا بعيدة أُخرى تقف خلفها.
تتمثل هذه الأهداف في أن نتائج تلك الفحوصات ستتبعها حتمًا مقابلة مجموعة من الأطباء الذين سيصِفون أدوية تُصرف من صيدلية المؤسسة نفسها مع توصية مُشددة بأهمية المتابعة المستمرة التي تستلزم بالطبع مواعيد متكررة وعلاجات متعددة والأكثر أهمية من كل ما تقدم أخذ الشخص إلى مسار جديد يُدخِله إلى عالم الفحوصات الدورية السنوية «غير الضرورية» ليبدأ من هناك رحلة الترقب والقلق وانتظار مواعيد الفحوصات القادمة وبالتالي الدوران في حلقة مُفرغة لا سبيل للخروج منها.
النقطة الأخيرة..
ما ورد خلال المقال لا يعني أن المؤسسات الصحية الخاصة لا تُتيح خدمات مميزة بل أنها في أحايين كثيرة - رغم ارتفاع تكلفة العلاج - تكون المناسبة لعلاج المتاعب الطارئة والأمراض غير المزمنة التي ليست بحاجة إلى مراجعات. كما أنها تساعد في التخفيف من الضغط على المستشفيات العامة وقبل هذا وذاك هي مشروعات استثمارية تقدم خدمات ضرورية لذا يجب أن تستمر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المؤسسات الصحیة الخاصة
إقرأ أيضاً:
"منظومة إجادة" من منظور علمي.. بين الرؤية والتأمل (2- 4)
د. سالم بن محمد عمر العجيلي **
ويُعَدّ الأسلوب العلمي في تنفيذ واتخاذ القرارات الفنية والإدارية، وخاصة بالإنتاجية، مهمًا، ويجب أن يكون هناك تكامل بين تصميم الخدمات والمنتجات والأداء المتحقق منها. وهناك العديد من المعايير والمواصفات العلمية الخاصة بها، أهمها في إدارة الجودة الأساليب الإحصائية، التي تُساهِم في ضبط الجودة، بجانب التحسين والتطوير، والوقاية من الأخطاء قبل وقوعها، لأن تكلفتها ستكون أقل من معالجتها.
والجودة تعتمد على الرقابة المستمرة للأداء لتفادي الخطأ، ويتطلب وجود معايير مقبولة لقياس جودة الخدمات والمنتجات أثناء الإنتاجية بدلاً من تطبيقها بعد وقوع الأخطاء. كما أن توجيه وتدريب العاملين يعتمد على تحفيز وإطلاق جميع الطاقات لممارسة الأعمال وزيادة شعورهم بالولاء للمؤسسة، ومنحهم بعض الامتيازات كالتأمين الاجتماعي والأمن الوظيفي والتأمين الصحي، بجانب توفير المناخ الملائم للعمل التنظيمي القائم على الثناء والتقدير وحرية التعبير والمشاركة والتطوير؛ فهي عملية جماعية شاملة تعتبر التدريب والاستمرارية في التحسن والتطوير أساسيات لتطوير عملية الإنتاجية والنجاح.
ويؤدي ذلك إلى تطبيق قواعد وأدوات الجودة وتبسيط الإجراءات والفاعلية التشغيلية، لتحسين مستوى العمل والأداء وتطور المؤسسة لأعلى درجات الجودة.
وإدارة الجودة تُشكِّل أهمية كبيرة وتعطي قيمة هائلة للعملية الإنتاجية وأنشطة المؤسسة في أعين عملائها، وترفع من معنويات العاملين وتزيد من ولاء العملاء لها. وقد ينجح البعض في تطبيقها وقد يفشل غيرهم، فهناك العديد من المشاكل والأخطاء تقف أمام حلم تطبيقها، فهي مقياس مهم لتطوير أداء المؤسسة والعاملين بقطاعاتها، ينعكس على مستوى الخدمات والسلع ويرفع من قيمتها.
ويجمع خبراء الجودة والتميز في العالم على أن توظيف أي خطة رؤية ناجحة للمستقبل لا بد له من رؤية ورسالة وأهداف رئيسية وفرعية وقيم. وتمتلك الرؤية الجيدة للمؤسسة ورسالتها أهمية كبيرة في نموها ونجاحها المستقبلي، بصرف النظر عن نوعها أو حجمها أو طبيعة عملها؛ فالرؤية والرسالة تعملان معًا على توجيه الأعمال والموظفين، وتساعدان في تسويق العلامة التجارية للمؤسسة. والرسالة تُساهِم في توجيه الرؤية والخطة الاستراتيجية مستقبلاً، ولكل منهما وصف ووظيفة؛ فالرؤية تركز على الغد وما ستكون عليه، والوضع الذي ترغب الشركة أو المنشأة أو المنظمة أن تصل له في المستقبل.
أما الرسالة فتركز على الوقت الحاضر والأعمال التي تنفذها من أجل تحقيق أهدافها، والحالة والأهداف التي ترغب بتنفيذها في الوضع الراهن، وكلاهما يوجهان أهداف المؤسسة إلى ما تطمح إليه.
الرؤية (Vision) تعني الحلم والتصورات أو التوجهات لما يجب أن تكون عليه المنظمة في المستقبل البعيد، أي تحديد إلى أين تتجه المنظمة، فهي صورة تخيلية ذهنية أو حلم تصبو إليه المنظمة مستقبلاً، والريادة في نشر وتطبيق مفهوم الجودة الشاملة في شتى العمليات، وتمتاز بأنها طموح عالٍ يرتقي بوضع المنظمات إلى ما هو أفضل؛ فهي تحدد الوضع المستقبلي الذي تطمح إليه، وتبقى ثابتة ولا تتغير مع مرور الوقت، والتي لا تعتمد على رؤية لن يدوم نجاحها طويلاً، فهي تساعدها على تحقيق أهدافها بمشاركة جميع الأعضاء الموجودين فيها، وتساعد الموظفين على فهم طبيعة عملهم على المدى الطويل، وأن تتصف بالوضوح والبساطة والإيجاز وتعابير جذابة تصف المستقبل المشرق لها، تحتوي على تطلعات وطموحات واقعية قابلة للتنفيذ والتحقيق، والملاءمة بين القيم التي تحتوي عليها وثقافة المؤسسة، وعلى بنود تهتم بالوقت المناسب لتحقيق الأهداف المطلوبة، وتُعتَبَر قاعدة أي تطور تسعى المؤسسة لتحقيقه بتعاون أعضائها والتزامهم بعملهم.
وتكمن أهميتها في أنها خطوة مهمة من خطوات التخطيط الاستراتيجي، والدليل الذي يُسترشَد به على تنفيذ الخطة بطريقة جيدة.
أما الرسالة (Mission)؛ فالسبب في وجود المنظمات الاستراتيجية يرجع في الأساس إلى الرسالة، وهي عبارة عن مستند ضروري لتأسيس المنظمة وإقامتها، وكتابة توجيهاتها الهامة من خلال اتخاذ القرارات، والركيزة والإطار لتميّزها عن نظيراتها، وعنصرًا مهمًا تستند عليه لتحدد رؤيتها والغاية منها ووصف هدفها الشامل، وغرس ونشر ثقافة تطبيق معايير الجودة والتطوير المستمر في كافة نشاطاتها، لتحقيق الرؤية لها ولأهدافها الاستراتيجية والتخطيط بفاعلية.
وتُعبّر عن أهدافها التنظيمية التي يجب إنجازها، وتعكس جوانبها كاملة لتعزيز مهارات الكوادر البشرية (الموظفين) بالتدريب والتحفيز، والعملاء، والخدمات، والتكنولوجيا، وجودة إنتاجها، وموقف قوتها أو ضعفها في السوق، وقدرتها على الاستمرار، والتأكد من تطبيق نظام إدارة الجودة وفق المعايير العالمية المعتمدة.
** خبير الجودة والتميز المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي