في قلب البحر، حيث لا سقف يظلل ولا أرض تستند عليها القدم، حين تصبح الأمواج أعداءً والظلام شريكًا للصمت، تبرز قصص ليست كغيرها، قصص تجعلنا نعيد التفكير في معنى الحياة والثقة بالله.. فلكل امرئ من اسمه نصيب"يوسف " هكذا تقول العرب
.. قصة يوسف الغطاس الناجي من مركب مرسى علم هي واحدة من تلك الحكايات التي تتخطى حدود الواقعية لتصبح درسًا خالدًا في الصبر واليقين.

يوسف، الشاب الذي وجد نفسه فجأة بين براثن البحر الغاضب، لم يكن يحمل سوى إيمانه بالحياة وعزيمته التي لم تنكسر.. لحظة غرق المركب كانت بداية معركة وجودية، حيث تساوت احتمالات النجاة مع الفقدان، لكنه اختار التمسك بالرمق الأخير، مؤمنًا بأن الله لن يتركه وحده.

داخل كابينة شبه مغلقة، وسط ظلام دامس وماء يهدد بالاندفاع في أي لحظة، عاش يوسف ومعه اثنان من السياح الأجانب تجربة ليست أقل من معجزة، هنا تتجلى حكمة الله في منح الإنسان القدرة على الصبر، وإلهامه الثقة بأن كل ثانية تمر هي خطوة نحو النجاة.

في تلك الساعات القاسية، كان الأمل بالله هو المنارة التي أضاءت عتمة يوسف وعائلته، والده، الذي عاش ساعات من الألم والتضرع، لم يجد ملاذًا سوى الدعاء.. قالها بصدق: "مفيش حاجة في إدينا غير الدعاء." هنا نتعلم أن القوة الحقيقية ليست في التحكم بالمصير، بل في التسليم لله مع يقين بأن رحمته أوسع من كل محنة.

ما فعله عم يوسف وفريق الإنقاذ هو تجسيد للشجاعة الحقيقية، النزول إلى مركب غارق لإنقاذ الأرواح ليس مجرد عمل بطولي، بل رسالة عن أن التضحية هي أعظم صور الإنسانية، هؤلاء الغواصون لم ينقذوا يوسف ورفاقه فقط، بل أعادوا تعريف معنى التعاون والتضامن.

هذه القصة الواقعية تحمل بين طياتها دروسًا عميقة:

1. التمسك بالحياة: في أحلك الظروف، يجب أن يظل الإنسان متمسكًا بالأمل، فكل لحظة هي فرصة جديدة.


2. الثقة بالله: مهما اشتدت المحن، فإن الله هو الملجأ والمنجى.


3. التضامن والتضحية: الأفعال البطولية تبني جسور الإنسانية، وتجعل من المستحيل ممكنًا.


4. الإرادة لا تنكسر: حين يختار الإنسان مواجهة الظروف بدلًا من الاستسلام، تتحول المحنة إلى معجزة.

قصة يوسف ليست مجرد حكاية نجاة، بل هي شهادة على أن الله لا يترك عباده، وأن الحياة تستحق أن نناضل من أجلها بكل ما أوتينا من قوة ويقين. إنها رسالة تهمس في آذاننا: "مهما كانت العتمة كثيفة، فالنور قريب، لأن الله قريب."

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البحر الأحمر الغردقة إبراهيم الشاذلي المزيد المزيد

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: باب التوبة مفتوح ما لم يغرغر الإنسان

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الله عز وجل يقول في محكم آياته: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾؛ لا يعملونها فجرا وعدوانا وخروجا عن شرع الله، بل يفعلونها لضعفهم البشري: (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) (أورده الحاكم في المستدرك)، فهم يتوبون من قريب، في سرعة، يتنبهون ويفيقون فيعودون وينيبون إلى الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 17]، ﴿عَلِيمًا﴾ بأحوال البشر، ﴿حَكِيمًا﴾ في تربيتهم ودفعهم إليه، ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾.

واضاف جمعة، آية بليغة ترسم لنا منهج الحياة، ترسم لنا كيف يتعامل المؤمن مع ربه، يعود إليه ﴿مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ بالجزم؛ لم يقل: عسى الله أن يتوب عليهم، ولا: لعل الله أن يتوب عليهم؛ أبدا، بل قال: ﴿فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾.

دعاء الشفاء .. 10 كلمات لمن أصابه تعب أو ألم في جسدهما هي صيغة دعاء سجود السهو؟.. كلمات ثابتة عن النبي لا تغفل عنها

ويقول كذلك: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّى تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء: 18]؛ أي لا تكون التوبة للذين لا يتوبون حتى إذا حضرهم الموت، ﴿أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾، ﴿ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ [الزمر: 16]؛ يربينا على التقوى وعلى العودة إليه سبحانه وتعالى.

واشار إلى أنه فيما ورد عن الله عز وجل في الحديث القدسي أنه قال: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا، أَوْ أَغْفِرُ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطِيئَةً لاَ يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً» (صحيح مسلم).

هل هناك فضل – أيها المسلم – فوق هذا الفضل؟! وهل هناك بناء للشخصية السوية التي تعلم الحق والحقيقة فوق هذا؟!

التوبة على ثلاثة أنحاء، ولها ثلاثة شروط؛ شروط التوبة معروفة: أن أندم على الذنب، وأن أقلع عنه، وأن أعزم على ألا أعود إليه ثانية، وإن كان من حقوق العباد رددت الحق إلى العباد.

طباعة شارك مني يقفل باب التوبة التوبة شروط التوبة الصادقة

مقالات مشابهة

  • تعرف على شرح حديث "قل آمنت بالله ثم استقم"
  • علي جمعة: باب التوبة مفتوح ما لم يغرغر الإنسان
  • شموعى التى لا تنطفئ
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • إبراهيم عيسى: الدين عند الله هو الإسلام.. ودخول الجنة أمر إلهي
  • هل تؤمن بالله؟.. إيلون ماسك يفجر مفاجأة ويتراجع عن أمنية دخول النار (شاهد)
  • يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها
  • على صلة بحزب الله وايران.. اليكم آخر المعلومات عن ناقلة النفط التي احتجزتها أميركا في الكاريبي
  • لحظة تأمُّل
  • البابا تواضروس: الكنيسة ليست للصلاة فقط بل لإيجاد المواطن الصالح