هل ستكرر إسرائيل سيناريو لبنان في العراق؟
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
بعد التهديدات التي أعلنتها إسرائيل بشن ضربات على مواقع داخل الأراضي العراقية، لاستمرار ما يسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" بشن هجمات يومية على أهداف داخل إسرائيل بالطائرات المسيرة.
خبراء أمنيون ومراقبون أوضحوا أن إسرائيل تمتلك المؤهلات الاستخباراتية والعسكرية التي تؤهلها لتوجيه ضربات للجماعات المسلحة التي تشن غارات مستمرة من داخل العراق باتجاه إسرائيل.
ويرى الخبير العسكري العميد عدنان الكناني، أن إسرائيل بدأت فعلا بخطوات جمع المعلومات الاستخباراتية وتتابع تحركات تلك الفصائل داخل العراق، عبر مسيّرات استطلاعية وعن طريق الأقمار الصناعية والخلايا النائمة لها في العراق.
وأوضح أن العراق لن يكون بمأمن من العمليات التي تجري في المنطقة، لأن استمرار هجمات الفصائل تمنح إسرائيل فرصة جيدة لتصفية حساباتها مع هذه الفصائل المسلحة وبقية خصومها في المنطقة.
وقال الكناني، في حديثه لموقع"الحرة"، إن لدى إسرائيل إمكانيات عسكرية متطورة تجعلها قادرة على استهداف الفصائل المسلحة داخل العراق عن طريق "خطة الرمح والدرع" بحسب قوله، والتي تتمثل بإرسال طائرات حربية متطورة طراز (F15)(F16) و (F35) وكذلك استخدام الصواريخ عبر المسيرات لضرب المواقع التي ستستهدفها، موضحا أن العراق لا يمتلك الدرع الواقي ضد هذه الطائرات أو الصواريخ التي قد تستخدمها إسرائيل في هجومها على العراق.
وأوضح أن العراق بمنأى عن شن هجمات برية داخل أراضيه، لأنه بعيد جغرافيا عن إسرائيل، فضلا عن إمتلاكه قوات برية، قادرة على صدّ أي هجوم بري.
وذكر أن ما أوقف الهجوم الإسرائيلي إلى الآن هو "أن هناك دعما روسيا لهذه الفصائل عبر إيران" فالجهد الاستخباراتي الإسرائيلي منصب في معرفة نوعية تلك الأسلحة وقدراتها وبيان مدى تأثيرها وتحديد أماكن انطلاقها ومخازنها، بحسب قوله.
وحول المناطق التي قد تتعرض للاستهداف قال الكناني إن"إسرائيل ليس لديها خطوط حمراء في العراق، وستقوم باستهداف أي منطقة تراها تمثل تهديدا وخطرا عليها، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب" وتوقع الكناني أن يكون موقف الحكومة العراقية إزاء الهجمات مشابها لموقف الحكومة اللبنانية.
جبهة مستبعدة
واستبعدت الكاتبة اللبنانية سوسن مهنا، في حديثها لموقع "الحرة"، قيام إسرائيل بفتح جبهة جديدة في العراق، موضحة أنه "ستكون هناك تسوية ما بين إيران والولايات المتحدة الأميركية بخصوص الفصائل الموجودة في العراق"، لأن هذه الفصائل لا ترتقي لمستوى حزب الله الذي كان يمثل (درة التاج) بالنسبة لإيران وهي من أبعدت الحرب عنها، بحسب قولها.
وقالت مهنا إن المباحات التي تجريها إيران مع أميركا الآن من شأنها قصقصة الأذرع الإيرانية في المنطقة، مؤكدة أن الضربات التي كانت وما تزال تُشن من العراق هي ضربات هادئة مقارنة بما كان يفعله حزب الله في لبنان، وقد بدأت إيران بالتخلي عن هذه الفصائل ويتجلى ذلك في موقفها مع حماس.
ووصفت مهنا الوضع في العراق بالمعقد، لوجود عوامل عديدة أبرزها أن العراق جارة لإيران وما زالت لدى الولايات المتحدة قواعد عسكرية في العراق، فضلا عن احتواء العراق لمراكز قوى عديدة. مما يعني أن السيناريو الخاص بالعراق سيختلف عما جرى في لبنان.
والسيناريو الراجح لديها أن إسرائيل لن تتدخل بشكل مباشر في العراق، بل ستدع إيران هي التي تتدخل، بقطع التمويل عن تلك الفصائل، لأن إيران ستبدأ بالتخلي عن أذرعها كي تتجنب ضربة مباشرة.
غارات جوية
أما الخبير الأمني جبار ياور، فقد قال لموقع "الحرة" إنه بالرغم من الصعوبات الجغرافية بين إسرائيل والعراق وعدم وجود حدود مشتركة بينهما، يمنعهما استخدام القوات البرية، إلا أن السيناريو الاكثر توقعا برأيه هو قيام إسرائيل بشن غارات جوية لضرب مواقع هذه الفصائل، واستهداف قادتهم ومخازن أسلحتهم، مثلما فعلت القوات الأميركية عندما قصفت تلك الفصائل قواعدها فقامت الطائرات الأميركية بقصف مواقع تعود لتلك الفصائل، فتوقفت بعدا استهداف القواعد الأميركية.
وتمتلك إسرائيل جميع المعلومات عن هذه الفصائل والمجاميع، وهي مطلعة على ما تقوم به عن طريق الأقمار الصناعية والمسيرات تقوم بمسح هذه الأجواء، بحسب قول ياور الذي أضاف أن "العراق غير قادر على السيطرة على أجوائه لا يمتلك منظومة دفاع جوية"، لذلك فإن بإمكان أي طائرات حربية أو غير حربية التحليق في الأجواء العراقية والتقاط ما تشاء من الصور لمقرات تلك الفصائل.
ونبه ياور إلى القدرات الجوية والاستخباراتية العالية التي تمتلكها اسرائيل، وتعلم بها العراق، والدليل على ذلك أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني سارع بعد التهديدات الإسرائيلية إلى الاجتماع بالقادة العسكريين الميدانيين والمجلس الأمني الوزاري، وتم اتخاذ الكثير من القرارات، منها رفع الجهوزية داخل القوات العراقية، وتكثيف القوات على المناطق الحدودية مع سوريا والأردن، و تفعيل مراقبة الأجواء والطلب من أميركا بالتدخل لوقف أي اعتداء على العراق.
ياور قال إن هناك سيناريو آخر يلوح في الآفاق، وهو أن يؤدي انتهاء الحرب في لبنان، إلى توقف هذه الفصائل في شن هجماتها، وبذلك تتخلى إسرائيل أيضا عن تهديداتها بالهجوم على العراق.
وتوقع ياور أن يكون رد العراق تجاه أي هجوم إسرائيلي على هذه الفصائل داخل أراضيه، ردا سياسيا لا عسكريا من قبيل الشجب والاستنكار، ورفع بيانات لمجلس الأمن والجامعة العربية والمطالبة من أميركا التدخل لوقف تلك الغارات، معللا ذلك بقوله "العراق ليس لديه القدرة على الدخول في أي حروب" وإن القوات العراقية العسكرية والأمنية ليست مستعدة للدخول في أي حرب، فالعراق لا تملك طائرات حربية كبيرة وقوية فقط هناك طائرات بدون طيار، بحسب قوله.
فصائل مدعومة إيرانيّا
ويضم العراق الكثير من الفصائل الشيعية المقربة لإيران، أغلبها انتمت إلى صفوف الحشد الشعبي الذي تأسس في العام 2014 أثر فتوى للمرجعية الشيعية في العراق، وكان لها دورها في محاربة تنظيم داعش الإرهابي وطرده من العراق عام 1917.
وفي وقت لاحق أصبحت تحت إمرة القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية، لكن الكثير من هذه الفصائل انضوت في السنوات الأربع الأخيرة تحت مظلة (المقاومة الاسلامية في العراق) وقامت بشن هجمات على قواعد عراقية تضم قوات أميركية داخل العراق، وشاركت هذه الفصائل وفق مبدأ (وحدة الساحات) في شن هجمات مستمرة على إسرائيل كدعم لحركة حماس وحزب الله اللبناني.
يذكر أن الفصائل المسلحة المنضوية تحت ما يسمى بالمقاومة الاسلامية في العراق قامت خلال الفترة الماضية بشن هجمات متواصلة عبر مسيرات، وصلت إلى 196 حالة قصف داخل إسرائيل.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: هذه الفصائل تلک الفصائل داخل العراق أن العراق فی العراق شن هجمات
إقرأ أيضاً:
عنف مسلح يهز مؤسسات الدولة العراقية ويثير غضبا بالمنصات
في تصعيد لظاهرة السلاح المنفلت، وقعت حادثة دامية هزت أروقة الإدارة العراقية عندما قوبل قرار تعيين مدير جديد لإحدى دوائر الزراعة في منطقة الكرخ في بغداد بإطلاق نار من قبل مجموعة مسلحة رفضت استلام المدير الجديد لمهامه.
ووقع هذا الحادث -صباح أمس الأحد- وخلف وراءه 3 قتلى بينهم شرطي ومدني ومسلح، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 6 أشخاص، مما أعاد بقوة طرح تساؤلات جوهرية حول السلاح المنفلت ودور الدولة في فرض سيادة القانون داخل مؤسساتها.
وتكشف تفاصيل الحادث عن تحول مفاجئ ومأساوي في سياق يومي اعتيادي، حيث بدأت القصة عندما عقد المدير الجديد اجتماعا إداريا روتينيا داخل دائرة الزراعة.
غير أن هذا المشهد الطبيعي للحياة البيروقراطية تحول في لحظات إلى كابوس حقيقي عندما دخلت مجموعة مسلحة مبنى الدائرة الحكومية، محولة المكان من فضاء إداري آمن إلى ساحة مواجهة مسلحة.
وسادت حالة من الذعر والفوضى بين الموظفين المدنيين العُزل، الذين وجدوا أنفسهم وسط معركة لم يكونوا طرفا فيها، واستدعى هذا الوضع الحرج تدخلا أمنيا عاجلا من الشرطة الاتحادية ودوريات نجدة الكرخ، التي سارعت لاحتواء الموقف والسيطرة على المبنى الحكومي المحاصر.
تطور الأحداث
ولم تقف الأحداث عند حد الاقتحام والتهديد، بل تطورت بسرعة مأساوية لتشهد اشتباكات عنيفة وتبادلا مكثفا لإطلاق النار بين المسلحين والقوات الأمنية.
وأسفر هذا التصعيد العسكري عن سقوط ضحايا من الطرفين ونشر الرعب في المنطقة، مما حول منطقة إدارية هادئة إلى ساحة قتال حقيقية في قلب العاصمة العراقية.
من جهته، استجابت وزارة الداخلية العراقية بحزم للحادث، مؤكدة رفضها القاطع لأي محاولة لاستخدام القوة لفرض آراء أو قرارات داخل مؤسسات الدولة.
ونجحت القوات الأمنية في نهاية المطاف في استعادة السيطرة وإلقاء القبض على 14 مسلحا شاركوا في الهجوم على المؤسسة الحكومية، مما يشير إلى حجم المجموعة المسلحة التي تجرأت على تحدي سلطة الدولة بهذا الشكل الذي وصف بالسافر.
إعلانوتفاعل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بسرعة استثنائية مع خطورة الحادث، حيث أمر فورا بتشكيل لجنة عليا للتحقيق في ملابسات ما حدث.
وستركز هذه اللجنة التحقيقية على عدة محاور حاسمة، أبرزها كيفية تحرك القوة المسلحة دون أوامر أو موافقات رسمية، ومحاولتها السيطرة على بناية حكومية وفتح النار على القطاعات الأمنية الأخرى.
وعلى صعيد الرأي العام، هيمنت مشاعر الغضب والاستنكار على تفاعلات المواطنين، حيث شكل الحادث نقطة انفجار لإحباط شعبي متراكم من ظاهرة السلاح المنفلت.
فرض هيبة الدولة
واتفق معظم المتفاعلين على ضرورة فرض هيبة الدولة ومحاربة السلاح المنفلت، مطالبين بحلول جذرية لمعالجة هذه الأزمة المتفاقمة التي تهدد استقرار البلاد ومؤسساتها، وهو ما أبرزته حلقة (2025/7/28) من برنامج "شبكات".
وفي تعبير واضح عن الدعم الشعبي لموقف الدولة، أعرب المغرد منتظر الحسني عن دعمه الكامل للموقف الحكومي الحازم، مؤكدا في تغريدته: "مع الدولة وفرض القانون… اضربوا بيد من حديد كل من تسول له نفسه المريضة بإثارة الفوضى داخل المجتمع ومؤسسات الدولة".
في السياق ذاته، لكن بتحليل أعمق للمخاطر، انتقد الناشط المختار الموعود محاولات التقليل من خطورة الحادث، مشددا على أن: "هذا الحادث لا يمكن السكوت عنه، وليس مجرد "سوء تفاهم" كما تحب بعض الجهات أن تروج، بل هو اعتداء صريح على هيبة الدولة، وتمرد مفضوح على سلطة القانون، ومحاولة فرض سلطة موازية داخل الدولة نفسها".
ومن منظور يركز على التداعيات المستقبلية، حذر المغرد نزار الزيادي من المخاطر الكامنة في السماح لمثل هذه الحوادث بالتكرار، متسائلا بقلق بالغ: "هذا تبديل مدير زراعة هكذا!!! إذا نريد نبدل النظام كله شي صير؟! إذا ردنا نبدل رئيس وزراء شي صير؟!! الشعب أنت ملتفت لحجم الكارثة المقبلة؟!!!".
وفي محاولة لتقديم حلول عملية للأزمة، طالب الناشط فلاح العايدي بإجراءات جذرية لمعالجة أزمة السلاح المنفلت، موضحا في تغريدته: "هل من المنطقي أن يكون كل مدير له جماعة مسلحة تدعمه وتنفذ قراراته… كيف سنتمكن من إجراء أي تغيير في البلاد… يجب حل جميع المليشيات ودمجها تحت راية الدولة، يجب على الدولة أن تسيطر على السلاح المنفلت وحصر السلاح بيد الدولة فقط".
وتكشف الإحصائيات الرسمية عن أن العراق يواجه تحديا هائلا في مسألة السلاح المنفلت، حيث تُقدر التقارير وجود أكثر من 7 ملايين قطعة سلاح غير مرخصة منتشرة في أنحاء البلاد.
وتستخدم هذه الترسانة الهائلة من الأسلحة غير المشروعة في مجالات متعددة تهدد الأمن والاستقرار، بدءا من النزاعات العشائرية التقليدية، مرورا بالاشتباكات بين الفصائل المسلحة المتنافسة، وصولا إلى الهجمات على مؤسسات الدولة كما حدث في حادثة دائرة الزراعة.
28/7/2025-|آخر تحديث: 19:27 (توقيت مكة)