هل اقترب فرقاء السودان من التوافق بعد مؤتمر مونترو؟
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
بعد 3 جلسات حوار سابقة، انفضّت في سويسرا جلسة رابعة رتّبتها منظمة فرنسية لتقريب مواقف الفرقاء السودانيين بشأن حوار سوداني لإنهاء الأزمة المستمرة في بلادهم منذ نحو 19 شهرا، في حين يرى مراقبون أنها حققت تقدما محدودا بمشاركة قوى متنافرة لكن الوثيقة التي صدرت عنها لم تحمل جديدا.
واستضافت مدينة مونترو السويسرية حوارا غير رسمي بين قوى سودانية بدعوة من وزارة الخارجية السويسرية ومنظمة "برو ميدييشن" الفرنسية، بمشاركة غالب قيادات أحزاب تحالف القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، وفصائل من تحالف الكتلة الديمقراطية، وشخصيات مدنية، بينما قاطعته حركة تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة برئاسة جبريل إبراهيم وتحالف الحراك الوطني برئاسة التجاني السيسي والمؤتمر الشعبي برئاسة الأمين محمود.
وشارك من تحالف "تقدم" مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي وأخوها صديق الصادق مساعد رئيس الحزب، ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، وممثل حزب البعث القومي كمال بولاد، ورئيس المكتب التنفيذي لحزب التجمع الاتحادي بابكر فيصل، ورئيس حركة تحرير السودان- المجلس الانتقالي، الهادي إدريس.
كما شارك من الكتلة الديقراطية جعفر الميرغني نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، والأمين العام للتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول.
ومن القوى الأخرى شارك رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي، وجمال عبد العال عن حزب المؤتمر الشعبي بزعامة علي الحاج، وسلوى آدم عن الحركة الشعبية – شمال التي يتزعمها مالك عقار، وإبراهيم آدم ممثل حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور وخالد جاويش رئيس الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة، وجعفر محمد الحسن عن الجبهة الشعبية بقيادة الأمين داؤود.
وشاركت في المؤتمر أيضا شخصيات وطنية شملت المحامي نبيل أديب، والسياسي الشفيع خضر، والسفير السابق نور الدين ساتي، وبكري الجاك، وسالي زكي.
توافق واختراقواتفق المشاركون حسب الوثيقة -التي حصلت الجزيرة نت على نسخة منها- على مبادئ تهدف إلى حل الأزمة في البلاد، وأهمية تحقيق "وقف نار فوري في السودان لأغراض إنسانية وخلق بيئة ملائمة لإطلاق عملية سياسية"، كما أكدوا على ضرورة وجود "جيش موحد ومهني بعيد عن التأثيرات السياسية والحزبية".
وأكدت الوثيقة على وحدة السودان وإقامة دولة مدنية ديمقراطية "محايدة" تكون على نفس المسافة من الأديان والهويات والثقافات، كما دعت إلى إقامة نظام حكم فدرالي يعترف بحق الأقاليم في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية والثقافية.
وطالب المشاركون بعملية سلام شاملة وموحدة ومتزامنة تخاطب المسارات الإنسانية والعسكرية والأمنية والسياسية وغيرها، وتشكيل هيكل تنسيقي لضمان انسجام وتناسق وفعالية جميع المسارات المختلفة.
وقالت الوثيقة "يجب أن يفضي الحوار السوداني- السوداني إلى عملية سياسية تخاطب جذور الأزمة الوطنية، وأن يكون بإرادة سودانية ويمكن أن تتولى الجهات الإقليمية والدولية دور المسهل والميسّر".
كما اقترحت وثيقة مونترو عملية متكاملة للعدالة والعدالة الانتقالية لضمان المساءلة عن الجرائم التي وقعت منذ 30 يونيو/حزيران 1989، بما في ذلك تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، والجرائم المرتكبة في حرب 15 أبريل/نيسان 2023، وتفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير وإنهاء حالة اختطاف الدولة.
ويرى رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي أن حوار مونترو حقق اختراقا غير مسبوق و"نجاحا منقطع النظير" توحدت بموجبه قوي سياسية ومدنية وحركات مسلحة ذات وزن حول وثيقة شاملة لمواجهة الأزمة السياسية والإنسانية في السودان.
وفي حديث للجزيرة نت يعتقد المهدي أن وثيقة سويسرا لم تكن ممكنة لولا التحضير الذاتي لبعض القوى المشاركة، ومؤتمر القاهرة في يوليو/تموز الماضي الذي حقق مصالحة بين الفرقاء السياسيين بمختلف تحالفاتهم.
ويوضح أنهم أسمَوا الوثيقة اقتراحا وستكون مفتوحة لمساهمة وتمكين كل من لم يشارك بالانضمام للعملية السياسية حتي يتحقق أكبر إجماع وطني.
ويكشف المهدي أنه تم تشكيل لجنتين، الأولى للتواصل مع القوى الإقليمية والدولية لدعم حراك القوى المدنية التي ينبغي أن تشارك في الحوار من أجل السلام، والثانية للتحضير لمائدة مستديرة للقوى السياسية للتوافق على وثيقة دستورية وبرنامج للمرحلة الانتقالية بعد الحرب وتحديد آليات تشكيل حكومة مدنية تتسلم السلطة من العسكريين.
العربة أمام الحصانفي المقابل، انتقد نور الدائم طه مساعد رئيس حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي تشكيل لجنة مشتركة مع قوى حليفة لقوات الدعم السريع مما يعد تبرئة غير مباشرة لقوى مثّلت غطاء سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا لـ"مليشيا" ارتكبت جرائم وصلت إلى مستوى الإبادة الجماعية.
ويضيف طه للجزيرة نت أن غياب الإشارة الواضحة إلى انتهاكات قوات الدعم السريع، والاكتفاء بالحديث عن "أطراف"، يعكس ضمنيا مساواة بين الجيش و"مليشيا متورطة في الجرائم والانتهاكات وهي "رسالة سياسية تُضعف موقف المساءلة والمحاسبة".
ويرفض طه دمج المسارين الأمني والسياسي، حيث إن تقديم المسار السياسي على الأمني بمثابة وضع العربة أمام الحصان، لأن أي حوار شامل يتطلب تهيئة الأجواء أولًا، ويجب أن يتم داخل السودان.
وينتقد المتحدث أيضا عدم النص في الوثيقة على حوار شامل لا يقصي أحدا، واعتبر الإشارة المبهمة إلى كلمة "الشمول" دون تحديد الأطراف أو القضايا تُعد مدخلًا لممارسة الإقصاء.
وعن مخرجات مونترو يرى المحلل ورئيس تحرير صحيفة "إيلاف" خالد التجاني أن الوثيقة التي صدرت عن المؤتمر لم تحمل جديدا مختلفا، وأن المشاركين -وغالبيتهم كانوا حاضرين في مؤتمر القاهرة للقوى السودانية- لو كانوا جادين في البحث عن حل لاستكملوا ما تحقق من تقدم في القاهرة وليس البحث عن منبر جديد.
وينتقد المحلل في حديث للجزيرة نت ربط المسارين العسكري والسياسي، لأن الأزمة لها مساران الأول عسكري بين الجيش وقوة تابعة له تمردت عليه، والآخر حل الأزمة السياسية ورسم المستقبل السياسي وهو أمر يهم الشعب السوداني وليس نخبة غير مفوّضة تحاول فرض نفسها لإيجاد دور ومقاعد في السلطة بعد الحرب.
ويرى التجاني أن كل التجارب السابقة في السودان التي شهدت ربط المسارين العسكري والسياسي انتهت باقتسام السلطة بين العسكريين وحاملي السلاح وتهميش القوى السياسية ومنحها الفتات، كما أن بعض المشاركين في مؤتمر مونترو وهم أحزاب علي الحاج ومبارك الفاضل والميرغني كانوا جزءًا من نظام البشير الذي يطالبون بتفكيكه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حرکة تحریر السودان رئیس حزب
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء السوداني يعين 5 وزراء جدد في حكومته
أصدر رئيس مجلس الوزراء السوداني، كامل إدريس، قرارا بتعيين 5 وزراء جدد ضمن حكومته التي يُطلق عليها "حكومة الأمل"، ليرتفع بذلك عدد الوزراء المعينين إلى 20 من أصل 22 وزارة مقررة.
ونص القرار الذي صدر في وقت متأخر من مساء الأحد، يتضمن تعيين لمياء عبد الغفار خلف الله وزيراً لشؤون مجلس الوزراء، والمعتصم إبراهيم أحمد وزيراً للطاقة، وأحمد الدرديري غندور وزيراً للتحول الرقمي والاتصالات، والتهامي الزين حجر وزيراً للتعليم والتربية الوطنية، وأحمد آدم أحمد وزيراً للشباب والرياضة.
كما عين إدريس 3 وزراء دولة هم: "عمر محمد أحمد صديق وزير دولة بوزارة الخارجية والتعاون الدولي، ومحمد نور عبد الدائم عبد الرحيم وزير دولة بوزارة المالية، وسليمى إسحاق محمد وزير دولة بوزارة الموارد البشرية والرعاية الاجتماعية".
وكان مجلس السيادة السوداني قد عين إدريس رئيسا للوزراء في 19 مايو/حزيران الماضي، ليبدأ لاحقا في تشكيلها تدريجيا، حيث عيّن في الثالث من يونيو/حزيران الماضي، وزراء للزراعة والري، والتعليم العالي والبحث العلمي، والصحة، وبعد 5 أيام عيّن وزيرين للداخلية والدفاع.
حرب لأكثر من عامينويأتي ذلك في ظل حرب مستمرة منذ 15 أبريل/ نسيان 2023 في السودان، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح نحو 15 مليون، وفق تقديرات أممية وسلطات محلية.
وقالت الأمم المتحدة مرارا إن السودان يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. فبالإضافة إلى عشرات الآلاف من القتلى، فر الملايين من منازلهم وانهارت الخدمات الأساسية، من الرعاية الصحية إلى المياه، في مختلف أنحاء البلاد.
وتمتد الحرب بين الجانبين إلى الجانب السياسي، حيث أعلن ائتلاف تقوده قوات الدعم السريع قبل يومين عن حكومة موازية يرأسها محمد حسن التعايشي، تحت مظلة من مجلس رئاسي يقوده حميدتي ومعه عبد العزيز الحلو قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، نائبا للرئيس.
إعلانوكان الدعم السريع قد سيطر على مناطق واسعة من السودان، قبل أن تنجح قوات الجيش في طرده مؤخرا من مساحات واسعة بينها العاصمة الخرطوم وتتراجع المليشيا شبه العسكرية إلى إقليم دارفور الذي تسيطر على معظمه.
وقد ندد الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بفكرة تشكيل قوات الدعم السريع حكومة موازية، وتعهد بمواصلة القتال لحين السيطرة على كامل السودان.
كما وصفت وزارة الخارجية السودانية هذه الحكومة بالوهمية، وقالت إنها تعكس استهتارا بمعاناة الشعب السوداني.