مواجهة أميركية روسية في مجلس الأمن بشأن سوريا
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
اشتبكت الولايات المتحدة وروسيا خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي عقد في نيويورك مساء الثلاثاء، بسبب التصعيد المفاجئ للقتال في سوريا، إذ اتهمت كل منهما الأخرى بدعم "الإرهاب". وشهدت الجلسة دعوة واشنطن مدير "الخوذ البيضاء"، وهي منظمة دفاع مدنية تطوعية تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا، للمشاركة في الجلسة، وهو ما قوبل بمعارضة موسكو.
وبدأت فصائل المعارضة السورية المسلحة الأربعاء الماضي هجوما عسكريا حمل اسم عملية "ردع العدوان"، هو الأوسع منذ سنوات، سيطرت خلاله على مساحات واسعة ومدن وبلدات رئيسية شمال غربي البلاد، شملت معظم مدينة حلب بما فيها مطارها الدولي، واستكملت سيطرتها على كامل مساحة محافظة إدلب وعشرات القرى والبلدات في ريف حماة وباتت على مشارف مدينة حماة.
ودعا روبرت وود نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة إلى خفض التصعيد في القتال في سوريا وحماية المدنيين. كما عبر عن قلقه من أن الهجوم تقوده هيئة تحرير الشام.
واتهم وود قوات الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا بالتسبب في سقوط ضحايا مدنيين في الهجمات على المدارس والمستشفيات، قائلا إن "حقيقة إدراج الولايات المتحدة والأمم المتحدة هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية لا تبرر المزيد من الفظائع التي يرتكبها نظام الأسد وداعموه الروس".
إعلانوفي تصريحات موجهة إلى وود، قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا "ليست لديك الشجاعة للتنديد بهجوم إرهابي واضح على المدنيين المسالمين في المدن السورية المسالمة".
ورد وود متهما نيبينزيا بأنه "ليس في وضع يسمح له بإلقاء محاضرات علينا بشأن هذه القضية"، لأن موسكو "تدعم الأنظمة التي ترعى الإرهاب في جميع أنحاء العالم".
وأضاف أن "الولايات المتحدة حاربت آفة الإرهاب على مدى عقود، وستواصل فعل ذلك".
وقال مراسل الجزيرة في الأمم المتحدة مراد هاشم إن الجلسة لم تكن للخروج بنتائج معينة أو على الأقل ببيان، ووصف الجلسة بأنها كانت مواجهة وسجال ساخن وحاد بشكل رئيسي بين طرفين -الولايات المتحدة والغربية وإلى حد ما تركيا في مقابل النظام السوري وروسيا وإيران- مع وجود عدد من الدول بين الموقفين بشأن التطورات الجارية في شمال سوريا.
وأضاف المراسل أن الولايات المتحدة والدول الغربية حمّلت النظام السوري مسؤولية ما يحدث بالنظر إلى انتهاجه العنف والحل العسكري منذ البدء، مما قاد إلى هذه النتائج بعد أن ضعف النظام وضعف حلفائه كما قال نائب المندوبة الأميركية.
في المقابل، أشار المراسل إلى أن روسيا والنظام السوري حمّلا الولايات المتحدة مسؤولية ما يحدث بوقوفها وراء دعم فصائل المعارضة السورية.
وأضاف المراسل أن أغلبية الدول كانت تتحدث عن ضرورة الحل السياسي الشامل وفق قرارات الأمم المتحدة، إذ ترى الدول الغربية أن النظام السوري لم يكن جادا بشأنها وتهرب كثيرا من هذا المسار، مما دفع إلى الحل العسكري.
المبعوث الدولي
وقدّم المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون إحاطة للمجلس بشأن التطورات في الشمال السوري بالنظر إلى تقدم قوات المعارضة السورية المسلحة في حلب وحماة.
وطالب بيدرسون في كلمته بالتحرك السريع نحو عملية سياسية جادة تشمل الأطراف السورية واللاعبين الدوليين الرئيسيين لمنع تفاقم الأزمة.
إعلانوحذر المبعوث الدولي من أنه لا يوجد حل عسكري للصراع في سوريا، وأكد أنه إذا لم يتم خفض التصعيد والتحرك نحو عملية سياسية، فستكون سوريا في خطر شديد.
وقد شهدت الجلسة دعوة الولايات المتحدة رائد الصالح مدير "الخوذ البيضاء"، وهي منظمة دفاع مدنية تطوعية تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا، للمشاركة في الجلسة وهو ما قوبل بمعارضة من روسيا.
ونقلت وسائل إعلام تابعة للمعارضة عن الصالح قوله إن على المجتمع الدولي العمل لوقف انتهاكات النظام بحق السوريين.
وأبدى الصالح خشيته من أن يستخدم النظام السوري الأسلحة الكيميائية خلال هجماته على الشمال السوري، حسب ما نقلته عنه المصادر نفسها.
من جانبه، اتهم مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك كلا من تركيا وإسرائيل بالوقوف وراء الهجمات التي تتعرض لها سوريا من قبل فصائل المعارضة منذ عدة أيام.
وقال الضحاك إن الهجوم على شمال سوريا "لم يكن ممكنا تنفيذه من دون ضوء أخضر وأمر عمليات تركي إسرائيلي مشترك، مهدت له اعتداءات إسرائيلية متكررة على الأراضي السورية".
واعتبر المندوب السوري أن حجم ونطاق الهجوم "يوضح الدعم الذي توفره أطراف إقليمية ودولية وجدت في الإرهاب أداة لتنفيذ سياستها الخارجية واستهداف الدولة السورية وزعزعة أمنها واستقرارها والتسبب في معاناة أهلها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة الأمم المتحدة النظام السوری فی سوریا
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تحذر من خطر التفكك في سوريا بعد تصاعد العنف في السويداء وتدخلات الاحتلال
حذّر المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، من أن تصاعد العنف في سوريا، وخاصة في محافظة السويداء، يُقوّض الثقة الهشة ويزيد من مخاطر التفكك الداخلي في البلاد، داعيًا إلى وقف الانتهاكات وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني.
جاء ذلك في إحاطة قدّمها بيدرسون، مساء الاثنين، أمام مجلس الأمن الدولي خلال جلسة خُصصت لمناقشة آخر تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، وعلى رأسها الملف السوري.
وقال بيدرسون إن التصعيد العسكري الأخير في السويداء، بما يشمله من غارات جوية إسرائيلية استهدفت عناصر من قوات الأمن السورية ومقاتلين من العشائر البدوية، تسبب في سقوط ضحايا مدنيين، ما يزيد من هشاشة الأوضاع ويهدد بتدهور أوسع.
وأدان المبعوث الأممي "الانتهاكات التي وقعت بحق المدنيين والمقاتلين في السويداء"، وكذلك الغارات الإسرائيلية التي وصفها بـ"الخطيرة" على السويداء والعاصمة دمشق، مؤكداً أن مثل هذه التدخلات "تعمّق الأزمة وتؤخر أي جهود حقيقية للحل السياسي".
وأشار بيدرسون إلى أن "عملية خفض التصعيد الهشة" لا تزال قائمة في بعض مناطق البلاد، لكنها عرضة للانهيار في ظل التوترات المتصاعدة، وغياب آلية قيادية موحدة داخل سوريا تضمن الأمن وتُوجّه الجهود نحو تسوية سياسية شاملة.
وشدد على أهمية تشكيل مجلس للشعب يكون ممثلاً لكافة مكونات المجتمع السوري، داعيًا الأطراف الفاعلة إلى الانخراط في مسار إصلاحي يضع حدًا للصراع الممتد منذ أكثر من عقد.
أوتشا: عنف السويداء فاقم الكارثة الإنسانية
من جهتها، قالت إيديم ووسورنو، مديرة المناصرة والعمليات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن أحداث السويداء الأخيرة عمّقت من مأساة السوريين، مشيرة إلى أن العنف تسبب في نزوح نحو 175 ألف شخص خلال أيام قليلة، بينهم أطفال ونساء وكوادر طبية، في ظل ظروف إنسانية كارثية.
وأضافت ووسورنو: "الأسابيع الأخيرة كانت تذكيرًا صارخًا بأن سوريا لا تزال تواجه واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، مع تفاقم الأوضاع بفعل الصدمات المناخية، من جفاف وندرة مياه وتراجع الإنتاج الزراعي، ما ضاعف من الاحتياجات الأساسية للسكان".
وأكدت أن الأمم المتحدة لاحظت استمرار عودة بعض السوريين إلى بلادهم رغم التطورات السلبية، وهو ما يستدعي، بحسب قولها، تكثيف الجهود الدولية لدعم إعادة الإعمار وتحقيق التنمية في المناطق المتضررة.
وكانت محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية قد شهدت منذ 19 تموز/يوليو الجاري اشتباكات عنيفة بين مجموعات درزية مسلحة وعشائر بدوية سنية، أسفرت عن مقتل 426 شخصًا، وفق بيانات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان".
وعلى إثر ذلك، أعلنت الحكومة السورية الجديدة أربعة اتفاقات متتالية لوقف إطلاق النار، في محاولة لاحتواء الأزمة، لكن ثلاثة منها فشلت في الصمود، حيث تجددت الاشتباكات عقب اتهامات لمجموعة تابعة للشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز مشايخ الدروز، بارتكاب عمليات تهجير قسري بحق أفراد من عشائر البدو، وارتكاب انتهاكات ممنهجة ضدهم.
وتسعى الإدارة السورية الجديدة، التي تسلمت السلطة في كانون الأول/ديسمبر 2024 عقب الإطاحة بنظام المخلوع بشار الأسد بعد 24 عامًا من الحكم، إلى فرض الأمن وإعادة هيكلة المؤسسات، إلا أن المواجهات المتكررة، وغياب توافق مجتمعي شامل، لا يزالان يمثلان تحديًا كبيرًا أمام هذه الجهود.