باحث أثري: السلسلة الوثائقية «أم الدنيا» أفضل رد على ادعاءات «الأفروسنتريك»
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
منذ قديم الأزل عندما وضعت الحضارة المصرية أقدامها على الأرض، وهى تواجه الكثير من الادعاءات والغزوات، وفى كل مرة تنجح فى صد الكارهين لها، وآفة العصر الحالى هى أكاذيب المركزية الأفريقية «الأفروسنتريك»، وهم الجماعات التى لا تترك أى محفل أو حدث عالمى، إلا وأشاروا بكلمة أو أغنية أو عمل فنى ما إلى أصولهم المصرية ادعاء منهم أنهم أصل الحضارة المصرية القديمة.
ورداً على هذه الافتراءات قدّمت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية الفيلم الوثائقى «أم الدنيا» بطولة الفنانة سوسن بدر، والذى عُرض على منصة «واتش إت»، ويعرض قريباً على شاشات «CBC»، يعرض حقائق من على جدران المعابد بمشاركة الباحث الأثرى دكتور شريف شعبان، الذى يروى لـ«الوطن» تفاصيل العمل وكيف يرد على مزاعم الأفروسنتريك.
بحضور عدد من الباحثين الأثريين والمدققين فى التاريخ، تستهدف النسخة الأولى من «أم الدنيا»، الذى يروى فى حلقاته حقائق فى التاريخ المصرى، جميع الفئات العمرية من المصريين وغيرهم على اختلاف ثقافاتهم، للتعريف بعظمة وقوة الحضارة المصرية القديمة وتأثيرها على العالم، إذ تناول الفيلم مراحل من التاريخ المصرى القديم، بداية من الملك نعرمر ومينا، مروراً بخوفو وبناة الأهرام وعصر الهكسوس وعصر الإمبراطورية المصرية القديمة وملوكها العظام، مثل أحمس وتحتمس الثالث وثورة إخناتون الدينية.
وبعد الإشادة التى حصل عليها الفيلم فى موسمه الأول، دعمت «المتحدة» انطلاق الموسم الثانى من «أم الدنيا»، الذى يُقدم بصوت الفنانة سوسن بدر، ويعود الفيلم بالمشاهدين إلى عصور سحيقة من الماضى، ويتناول علاقة مصر بحضارات الشرق الأدنى القديم، بداية من حروب رمسيس الثالث ضد شعوب البحر، وظهور بنى إسرائيل ودخول مصر حقبة البطالمة، ثم الرومان وانتشار المسيحية فى أرض المحروسة، مروراً بظهور الإسلام ودول الخلافة التى تعاقبت على حكم مصر حتى الدولة الفاطمية.
وحسب «شعبان»، تحتوى هذه الأحداث على تفاصيل وحكايات من التاريخ مغلفة برسائل تؤكد على نُبل الحضارة المصرية القديمة وتأسيسها على يد المصريين القدماء وليس الأفارقة أو الأقوام الأخرى، وأن الجنوبيين كانوا أسرى عند المصريين فى بعض الحقب الزمنية من تاريخ مصر القديم، وهو ما ظهر على جدران المعابد القديمة، فضلاً عن الملوك النوبيين الذين استشهد بهم الأفروسنتريك كدلالة على انتسابهم إلى الحضارة المصرية على خلاف الحقيقة، إذ يوضح الفيلم أنهم حكموا مصر فى أواخر عصر الحضارة 80 سنة، وبالتحديد فى فترة الأسرة 25 أو الأسرة النوبية.
وقال «شعبان» إن «المتحدة» وشبكة WATCH IT أنتجت العمل وسوقوه باحترافية مبهرة، وحجم إنتاجه يليق بالعمل وتاريخ الحضارة المصرية القديمة، فضلاً عن أن المؤلف والمخرج الشاب محمود رشاد مؤمن بعظمة الحضارة المصرية، وقارئ عميق ومثقف للمراجع الخاصة بمصر القديمة، وهو ما انعكس بشكل واضح فى الفيلم، متابعاً: «بطلة الفيلم الفنانة القديرة سوسن بدر هى الأجدر لبطولة العمل لملامحها المصرية وثقافتها الواسعة ومصريتها الشديدة، وكان لى الحظ الوافر لكونى المراجع التاريخى للعمل، وظهورى فى أغلب حلقاته».
وأشار إلى أن العمل لاقى نجاحاً كبيراً داخل مصر، وفى الدول العربية، وهناك خطة لترجمته ونشره فى دول أوروبا وأمريكا لنشر الوعى بالحضارة والتاريخ المصرى القديم، بالإضافة إلى دراسة إنتاج المزيد من مواسم للعمل لنشر مزيد من الحقائق والتفاصيل عن مصر القديمة: «هناك نية لإصدار موسم ثالث يكمل تاريخ مصر فى العصور الوسطى والحديثة».
ولفت إلى أن الفيلم استعان بعدد من الأثريين التابعين لوزارة الثقافة ممن لديهم علم واطلاع كبيرين بالتاريخ المصرى، وهو ما يجعل العمل متكاملاً من حيث الإنتاج والسرد والتسويق: «هذا أفضل رد على أى ادعاءات تنال أو تُقلل من قوة الحضارة المصرية القديمة، وسيظل الفيلم وثيقة مهمة للأجيال الحالية والقادمة لترسيخ القيم الوطنية فى وجدانهم».
وعن أماكن تصوير الفيلم، قال: «الموسم الأول كان 15 حلقة بعنوان مصر القديمة، أما الثانى 10 حلقات بعنوان (إحنا مين)، وتم التصوير فى الكثير من المناطق الأثرية والسياحية المصرية، ما بين المتحف المصرى بالتحرير، ومتحف الحضارة وهضبة الأهرام ومعابد الكرنك والأقصر ووادى الملوك ومعبد فيلة بأسوان والقاهرة التاريخية».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سوسن بدر أم الدنيا مصر التاريخ المصري الحضارة المصریة القدیمة التاریخ المصرى مصر القدیم أم الدنیا
إقرأ أيضاً:
الدور السابع
عانى بلال- رضي الله عنه- ما لا يطاق، فقد بطحه أميّة بن خلف تحت عذاب الشمس في مكة، ووضع صخرة فوق صدره العاري، لكنّ ذلك لم يصدّه عن أن يكرر بلكنته الحبشية “أحد أحد”. وقد توقف المفكر الجزائري مالك بن نبي هنا، وهو يقرأ في السيرة النبوية فقال: الروح هي التي تتكلم لا الجسد؛ لأن الجسد لا يتحمل هذا النوع من العذاب. الجسد يقول: اعط أميّة بن خلف ما يريد، ثم استغفر الله.
وقد كتبت ذات يوم تفسيرًا للحضارة؛ فقلت: إن الماء هو سرّ الحياة، وأما سرّ الحضارة فهو كيف تتصرف مع الماء بعد استهلاكه. فالحضارة تعتمد على بئر ماء، ثم شبكة مجاري صحية لتصريف الماء المستهلك، وأيضًا شبكة طرق للسيارات بديلة عن المسالك، أو الطرق الضيقة التي خصصها أجدادنا للخيل والبغال والحمير والجمال. هذا هو التفسير المادي للحضارة.
ومع ذلك، فنحن لم نكتسب الحضارة غنيمة باردة، ومن شك فليسأل البلديات. وأذكر في هذا الصدد قصة سمعتها عندما زرت جنوب المملكة قبل ثلاثين سنة. فقد قررت مصلحة الطرق تمهيد وسفلتة طريق في إحدى القرى الواقعة في أحد الشعاب. وكان الطريق الجديد مجدولًا؛ لكي يمر على قرية أخرى، لكن سكان قرية ثالثة اعترضوا، وقالوا: قريتنا لا تبعد عن الطريق الجديد سوى بضع كيلومترات، فلا بد أن تمدوا الطريق إلينا لكي ننتفع به، وهكذا تعطل الطريق عدة سنوات.
وواقعة أخرى في صنعاء قبل ثلاثين سنة أيضًا، فقد قررت البلدية هناك توسعة شبكة المجاري، وخصصت أرضًا واسعة خارج صنعاء لتصريفها، لكن القبيلة التي تقيم على هذه الأرض وقفت ضد المشروع، وقالت: ألم تجدوا سوى الأرض التي نعيش عليها لتصريف الأوساخ يا أهل صنعاء؟
وقد اطّلعت على اختبار معلمة في الغرب؛ إذ سألت طلبتها.. ما أول علامة على ظهور الحضارة؛ فذكروا لها المنحوتات والأدوات الفخارية وغيرها من الماديات. فقالت: إن أول دليل على الحضارة هو عظم فخذ مكسور قد شفي، ففي عالم الحيوانات إذا انكسرت ساقك فأنت ميت لا محالة؛ إذ لا يمكنك الفرار من خطر، ولا الحصول على طعام أو ماء، والقطيع لن ينتظرك، وستبقى غنيمة سهلة للكواسر، أو لجوارح الطير. لكن اكتشاف عظم فخذ معافى يعني أن هناك من توقف عند الحيوان الكسير وعالجه وصبر عليه خلال نقاهته، ذلك هو دليل الحضارة. إنه الروح التي اصطبرت مع الضعيف رغم الخطر الذي يساوره حتى نجا، هذا هو التفسير المعنوي للحضارة.
ذكرت في مقال الأسبوع الماضي، أن العقل هو الدور السادس في الآدمي، لكن الروح هي الدور السابع. وهي التي تتحمل المشاق الرهيبة، كما فعل بلال- رضي الله عنه. قال تعالى:” وأحضرت الأنفس الشح”.