الأسبوع:
2025-05-21@15:50:04 GMT

مصر وسوريا والسودان

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

مصر وسوريا والسودان

شكلت التطورات السريعة والمتلاحقة في سوريا عبئاً كبيرًا على مصر، وعلي جميع الدول العربية حيث يتوقع المراقبون أن تضاف سوريا إلى قائمة الدول العربية الفاشلة التي تعم فيها الفوضى، وتختفي منها المؤسسات ويتقاسمها الأعداء، ولأن مصر هي الدولة الكبرى فإنها حتماً تتأثر بكل ما يجري في سوريا ولأن القاعدة الذهبية تقول إن ضعف الصديق وقوة العدو خطر على أمنك ووجودك فإن انهيار الجيش السوري يمثل صدمة كبرى لكل المصريين، ولكن الأهم هو البحث بجدية وضمير وإخلاص وصدق عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذا الانهيار السريع فلا يمكن بعد اليوم أن نتحجج دائماً بأن أفعال العدو هي التي تضعفنا.

لا بد أن نعترف كأمة عربية بأن هناك أخطاء جسيمة تحيط بإدارتنا لبلادنا فلا يعقل أن تفشل كل جهود العالم في التوصل إلى سلام مجتمعي في سوريا رغم مرور أكثر من 13 سنة على الحرب الأهلية في البلاد، ولا يمكن التسليم بأن كل هذه المعارضة مجرد شياطين وعملاء وأعداء، ويجب إبادتهم، لأن هذا يخالف العقل البشري، والضمير الإنساني والتفكير العلمي.

كان بالإمكان إنقاذ 300 ألف سوري من القتل، و6 ملايين من الهروب من بلداتهم وبيوتهم وكان يمكن الحفاظ على سوريا الجميلة وخطواتها الناجحة في تحقيق الأمن والرفاهية وتوفير الغذاء والخدمات لشعبها،

كان يمكن أن يحدث كل ذلك بقليل من المرونة والتحرر من العناد وزعم احتكار الحقيقة والوطنية

كل دول العالم المتقدم تمر فيها عملية صناعة القرار عبر المراكز البحثية واستشارة أصحاب العقول وبمشاركة أهل الخبرة ومن ثم يأتي القرار لصالح الجميع ويكون معبراً عن الحقيقة وبالتالي تحفظ هيبة الدولة ووجودها ولا تتعرض لمثل هذه الانهيارات التي تعبر بشكل أساسي عن فشل القيادة والإدارة.

والحقيقة المرة أن الدولة السورية ومؤسساتها قد أضافت لمصر جرحًا عميقاً يضاف إلى جراحها في ليبيا والصومال وفلسطين والسودان ليس لأن سوريا دولة عربية تهم مصر فقط ولكن لأنها شريكة الوحدة والحرب والدم والمصير الواحد وها هي اليوم تندفع إلى مصير مجهول لا تملك فيه الدولة المصرية أن تفعل شيئاً بعد أن قطعت عليها قيادتها كل سبل المساعدة لأن مصر مشدودة بشعبها ومصيرها ووجودها إلى الجنوب حيث شقت السودان إلى نصفين أو ثلاثة وربما يشقق إلى خمسة دويلات ستكون جروحاً عميقة في قلب مصر والأمة العربية

فالسودان أيضاً يواجه اليوم مصيراً مجهولاً يتطلب تدخلاً عاجلاً من جميع الدول العربية لإنقاذه قبل أن يتحول إلى مرتع لكل الأعداء الذين يتربصون به.

وإذا كانت الحدود الجغرافية تباعد بين مصر وسوريا فإن السودان يلتصق بالجسد المصري وكل السهام التي تصوب له تصيب المصريين في الوقت ذاته.

وتدمير الجيش السوداني والقضاء على مؤسسات الدولة يقرب السهام إلى الجسد المصري ويجعلنا ننتظر الدور الثاني حيث يصر الأعداء على قطع الأطراف أولاً ثم الاتجاه إلى القلب وهي مصر.

لا نقول إن هذا يغيب عنا ولا نقول إننا بمعزل عما يحدث ولكن على الجميع شعباً وحكومةً أن يتصفوا باليقظة والجهوزية لأن الحرب باتت على الأبواب.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

رفع العقوبات عن السودان وسوريا: ثمن الانعتاق أم مسرحية الابتزاز؟

رفع العقوبات عن السودان وسوريا: ثمن الانعتاق أم مسرحية الابتزاز؟

محمد الحسن محمد نور

حينما خرج السودانيون في ديسمبر 2018 يهتفون للحرية والسلام والعدالة، ظنّ كثيرون أن الثورة ستفتح أبواب الدعم الدولي لحكومة مدنية تقود البلاد نحو مرحلة جديدة من النماء والازدهار، غير أن ما جرى بعد الإطاحة بعمر البشير في أبريل 2019 لم يكن دعمًا بل اختبارًا قاسيًا، كشفت فيه الولايات المتحدة عن وجهٍ آخر: وجه يُشيد علنًا بالثورة بينما يبتزها في الغرف المغلقة، ويعرقل كل خطوة نحو التحول الديمقراطي.

لكن هذا المشهد المليئ بالحيوية والتضحيات الجسام والتنازلات المؤلمة التي قبلها السودان من أجل العبور والوصول للدولة المدنية الديمقراطية، لم تشفع للسودان، فقد قوبل كل ذلك البذل مؤخرًا بمواقف مخيبة للآمال وكان آخرها الوقفة الفجة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذى خرج على الهواء مباشرة ليعلن رفع العقوبات عن سوريا بصورة فورية، دون مفاوضات، دون شروط، دون تعويضات، بل دون الرجوع لمؤسسات الدولة، لا كونجرس لا مجلس شيوخ ولا ولا.. أي اعتبار آخر، وبالطبع لا يمكن أن يكون قد خطر بباله وقتها ما فرصه على السودان من أثمان باهظة من أجل الوصول إلى هذا الهدف.

ولكي تتضح الصورة وتسهل المقارنة، نورد بعض ما تعرض له السودان في سبيل رفع العقوبات الأمريكية الجائرة عن كاهله.

أولًا: السودان بعد الثورة- طريق شائك مليء بالإملاءات

بعد الثورة، تسلّمت حكومة انتقالية بقيادة عبد الله حمدوك مهامها وسط اقتصاد منهار وتطلعات شعبية ضخمة. لجأت إلى تحسين العلاقات مع واشنطن باعتبارها مفتاح الانفتاح الاقتصادي، لكن إدارة ترامب استغلت الوضع لفرض أجندتها:

شروط مذلّة مقابل “رفع العقوبات”

الضغط للتطبيع مع إسرائيل: عبر استدراج رئيس مجلس السيادة البرهان لمقابلة نتنياهو في يوغندا، بعيدًا عن أعين وإرادة الشعب.

تعويضات بمئات الملايين: 330 مليون دولار دفعت كتعويضات لأسر ضحايا تفجيرات لم تُثبت مسؤولية السودان عنها، بل سبق أن برّأته منها المحكمة الأمريكية.

فرض سياسات خارجية:

قطع العلاقات مع إيران، الانضمام للتحالف السعودي في اليمن، وتقديم ملفات أمنية حساسة لواشنطن.

رفع جزئي ومقيّد للعقوبات

في 14 ديسمبر 2020، شُطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ظل شكلياً فقط دون أن يخرج منه السودان بأى فائدة، وفوق هذا وذاك، ظلت هناك عقوبات فردية مفروضة على شخصيات عسكرية.

ظلّ السودان محرومًا من التكنولوجيا والخدمات المتقدمة.

رُبط أي دعم اقتصادي جديد بـ”التقدم الديمقراطي” وفق تقييم واشنطن. وبالطبع فإن واشنطن كانت تعلم أن التقدم الديمقراطى قد بات مستحيلا فى ظل العراقيل التي زرعتها وكانت السبب الأول في حالة الانشقاق والاستقطاب الحاد في الشارع السوداني.

ثانيًا: أمريكا والنفاق السياسي- تشجيع الثورة وعرقلة نجاحها

رغم التصريحات المنمّقة عن دعم التحول الديمقراطي، فإن السياسات الأمريكية تجاه السودان عكست تناقضًا صارخًا:

دعم شكلي للثوار، مقابل ضغوط خانقة على الحكومة الانتقالية.

منع استثمارات حقيقية، وعرقلة الوصول إلى الأسواق العالمية مستحيلة، كما ظلت حركة الصادر مكبلة بفعل الإجراءات البنكية، ورفض إصدار وثائق صادر من قبل نظام سويفت، وهكذا ظلت الإجراءات العقابية سارية،

خطاب إعلامي يروّج للسودان كنموذج، بينما السياسات على الأرض تُكبل حركته بقيود استعمار اقتصادي.

ثالثًا: المفارقة السورية- صدمة الرئيس ترامب

العقوبات الأمريكية يمكن أن تُرفع هكذا… بجرّة لسان!

وعلى الهواء مباشرة!!!!!!!

في مشهد لا يخلو من العبث، ولا يليق برؤساء الدول، ولا والدبلوماسية، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليعلن، بكل بساطة، وبطريقته المعلومة، وعلى الهواء مباشرة رفع العقوبات عن سوريا، والاطراء على رئيسها الجديد أحمد الشرع الذي تغير اسمه السابق من الجولاني الذي كان مطلوباً من قبلهم بالأمس مقابل عشرة ملايين دولار لاتهامه بالإرهاب.

مشهد ينبىء عن صفقة مشبوهة تزكم الأنوف، بين كل من أمريكا وروسيا وتركيا وإيران وإسرائيل لإعادة تقسيم النفوذ.

فأين كانت “المعايير الأمريكية”؟ وأين اختفى الحديث عن حقوق الإنسان، والعدالة، والتعويضات، والتحولات الديمقراطية؟

هل يحق لدولة عظمى أن تتعامل مع معاناة الشعوب بهذا القدر من الاستخفاف وعدم المسؤولية؟

رابعًا: أمريكا… بين الاستراتيجية المزعومة وواقع الارتجال

تتفاخر واشنطن دومًا بأنها تسير وفق رؤى استراتيجية وضعتها مراكز أبحاثها وجنرالاتها، تُخطط للقرن القادم، وتستشرف موازين القوى. لكن الواقع يُثبت أن كثيرًا من قراراتها الحاسمة تُصاغ على هوى اللحظة، وبمزاج رؤسائها:

ترامب يفاوض السعودية كمن يبيع “صفقات مشبوهة”:

“أنا أحبك يا بن سلمان”،

أحمد الشرع شخص رائع،، كلكم رائعون،،

نحن نحميكم،،

“لولا أمريكا لما بقيتم ساعة!”

يعرض غزة للبيع، يريد أن يضم كندا، ويشتري غرينلاند، ويُغيّر أسماء الخلجان والمعالم الجغرافية!

هكذا يتكلم بكل جرأة، فهو ربما يظن أنه يملك هذا العالم،، بلا حدود، تماماً كالمصاب بالخرف!

يعربد اقتصاديًا بفرض الرسوم الجمركية كما يشاء، ضاربًا عرض الحائط بمنظمة التجارة العالمية التي كانت بلاده من أبرز مؤسسيها.

فهل هذه استراتيجيات أم انفعالات؟ هل هي مصالح طويلة الأمد أم نزوات لحظية؟

الخاتمة: أمريكا بين الترهيب والانحدار

لقد اغترّت أمريكا بقوتها، وبدل أن تمارس دورًا أخلاقيًا يليق بمكانتها كمؤسس لميثاق الأمم المتحدة، اختارت أن تعربد في العالم، وتُسقِط المبادئ التي طالما ادّعتها في سلة المهملات.

تُروج للديمقراطية حيث يخدمها ذلك، وتدعم أنظمة قمعية حين تحتاجها.

تُدين الإرهاب لفظًا، لكنها ترعاه حين يخدم مصالحها.

تُغذي النزاعات، ثم تتنصل من نتائجها.

والسؤال الأهم: لماذا تصرّ أمريكا على اتباع سياسة الترهيب المقنع الآن في الشرق الأوسط؟

لماذا تتشبث بإسرائيل وتغضّ الطرف عن الجرائم وإشعال الحروب والتوسع، وسياسة الفصل العنصري والإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذى ترتكبه؟؟؟

لماذا لم تبنِ شراكات حقيقية مع دول الخليج وأفريقيا، تُحقّق التوازن بدل الهيمنة؟

لكن يبدو أن فاتورة هذه السياسات بدأت تصل:

تمرد الحلفاء.

تصاعد التململ في أوروبا.

تنامي الرفض في الجنوب العالمي.

والأرجح أن هذا ليس إلا بداية النهاية لعصر الهيمنة الأمريكية، فالمتضررون سيتّحدون لا محالة في وجه الغطرسة الأمريكية فالباب قد بات مشرعا أمام قوى أخرى لتشكيل نظام عالمي جديد، لا تُرسم فيه السياسات من واشنطن وحدها، بل من قِبل شعوبٍ قررت أن تتوقف عن دفع ثمن (البلطجة) والغطرسة الأمريكية.

الوسومأمريكا إيران الجنوب العالمي السودان الولايات المتحدة تركيا ثورة ديسمبر حمدوك دونالد ترامب رفع العقوبات روسيا سوريا غزة

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • "لوموند" تسلط الضوء على استراتيجية وهوس الإمارات الانفصالية والعدوانية في اليمن وليبيا والسودان
  • وزير التربية يبحث مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط في لندن سبل دعم القطاع التربوي في سوريا
  • الصفدي: الأردن هو بوابة سوريا إلى الخليج العربي والعالم العربي وسوريا بوابة الأردن إلى أوروبا
  • رفع العقوبات عن السودان وسوريا: ثمن الانعتاق أم مسرحية الابتزاز؟
  • خبير مصري يحذر من خطر داهم يهدد مصر والسودان بعد تأخير إثيوبيا فتح بوابات سد النهضة
  • الجيش السوداني يعلن السيطرة على أجزاء واسعة من منطقة صالحة جنوب أم درمان
  • وزير الصحة يدعو لدعم شعبي فلسطين والسودان
  • دعامي يحكي أنّ ظلمَ المليشيا بات أكثرُ فداحةً مِنْ ظلم الدولة التي قاتلها
  • عبدالعزيز الحلو في وجه الطاحونة التي لا ترحم