تعدّ مسرحية (خاتم سليمان) لسمير العريمي واحدةً من النصوص الإبداعية الشبابية التي شاركت فـي الفعاليات والأنشطة الشبابية بداية الألفـية الجديدة، وقد فاز بها مؤلفها بالمركز الأول فـي فئة النص المسرحي فـي المسابقة الأدبية المحلية عام 2001م، ونُشِرَت فـي كتاب (قطوف من الإبداعات الشبابية) الذي يضم النصوص الفائزة فـي المسابقات والملتقيات الأدبية لعام 2001م، والصادر عن الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافـية آنذاك.

عرفتُ سمير العريمي قاصًا وكاتبًا مسرحيًا شارك فـي عدد من فعاليات المسرح مقدّمًا نصوصًا مسرحية مختلفة فـي فكرتها وأسلوبها. أما مسرحية (خاتم سليمان) فتقوم على فكرة خيانة الأمانة، والإخلاص للوطن، مركزةً على فكرة البطانة السيئة للحاكم التي تستغل نفوذها استغلالًا سيئًا، وتواجه الناس بالظلم دون أن تقيم أدنى اعتبارٍ لأحد. تُبنى المسرحية فـي خمسة مشاهد مختلفة فـي أمكنتها، وتتعدّد فـيها الشخصيات التي يدور الصراع فـيما بينها؛ لذا فإنّ الصراع يُمثّل هنا قيمة مهمة فـي عملية البناء النصي، وتحريك الأحداث والانتقال بها من موضع إلى آخر.

يأخذنا المشهد الأول فـي المسرحية إلى غرائبية السرد المتمثلة فـي المكان الغرائبي/ الغابة المحرمة، والمتمثلة فـي الشخصيات الغرائبية/ شيخ الجبل. يأخذ المشهد الأول القارئ معه إلى تخيّل أحداثٍ عجائبية ستسير عليها المسرحية وذلك باستقراء أوليّ للمشهد الأول فـي المسرحية؛ إنّ وجود الغابة المحرمة أسفل الجبل، ثم ظهور شيخ الجبل وحواره مع سليمان أتاح للقارئ تكوين الصورة الغرائبية التي قد تتسع فـي ذهن القارئ.

لكن المَشاهد لم تأخذ القارئ إلى تلك العوالم، واكتفى المشهد الأول بتقديم الصورة المتخيلة ثم الانتقال إلى معالجة قضية واقعية. لقد لعب كل من الخاتم وشيخ الجبل والغابة المحرمة دورًا فـي انتقال الأحداث، واستطاع سليمان الذي كان يرى أن العمل أهم من الاتكال على خوارق الخاتم، ورغم ذلك قرر الاحتفاظ بالخاتم ليكون معينًا له فـي الأحداث اللاحقة.

تقوم المسرحية فـي فكرتها وأحداثها على شخصيات مختلفة فـي طبائعها وتفكيرها وسلوكها ومكانتها، نجد فـي المشهد الأول شخصيتي سليمان وشيخ الجبل، والذي يدل الحوار فـيه على التكوين المعرفـي لكل واحدٍ منهما والذي كوّن الحوار فـيه صورة داخلية لكل منهما، الأمر الذي دفع بالأخير للإعجاب بالأول فمنحه الخاتم ليساعده فـي حياته اليومية. يتشكّل الحوار الآتي دالاً على ذلك:

«سليمان: إلى أن تتاح لي فرصة العمل الأفضل فالسماء لا تمطر ذهبًا.. والاحتطاب خير من النوم والكسل.

الشيخ: يا لك من شاب رائع.. تستحق كل خير، خذ هذا الخاتم التقطه ولا تجعله يسقط منك «يقذف بخاتم لامع يشع ضوءًا شديدًا».

سليمان: «يلتقط الخاتم» يا له من خاتم مدهش «يتأمله بشغف» يبدو أنه غالي الثمن يا شيخي

الشيخ: بالفعل إذ بإمكانك أن تطلب منه أمنية محققة.

سليمان: «باستغراب» زدني توضيحًا ماذا تقصد؟

الشيخ: إنه خاتم سحري يمكنه أن يلبي لصاحبه أمنية واحدة فقط مهما كانت.

سليمان: عجبًا خاتم سحري ويلبي أي طلب هل هذا معقول؟».

لكنّ الحوار السابق أعقبه حوار داخلي بين سليمان ونفسه حول الخاتم: «يخاطب نفسه» هيا يا سليمان.. تحرك واعمل وليكن الخاتم دافعًا لك إلى المزيد من الجهد والعطاء لا لحياة الدعة والكسل والترف.. هيا إلى العمل «يحمل فأسه والأخشاب وينطلق مترنمًا فـي سعادة».

تتعدد الشخصيات فـي العمل المسرحي إلى أكثر من عشرين شخصية، يمكن تصنيفها من حيث طبائعها إلى الآتي:

أولا: شخصيات تمثل جانب الحكمة، وتقوم بمساعدة الآخرين، مثل شخصيتي شيخ الجبل وسليمان، وهما شخصيتان مهمتان فـي النص، يقوم عليهما اتساع الأحداث ثم انفراجها، ولعلنا نلحظ أن شخصية شيخ الجبل رغم قلة حضورها إلا أنها عملت على معالجة الشخصيات فـيما بعد وإنهاء الحدث المسرحي بفعل الخاتم، أما سليمان فهو شخصية رئيسة يقوم بدور رئيس فـي الكشف عن المخفـي فـي طبائع الشخصيات الأخرى، كما تلعب شخصية سليمان دور المنقذ الذي يعهد إليه الناس بالإصلاح ومواجهة الظلم.

ثانيًا: شخصيات تمثل الجانب السيادي بعملهم فـي القصر، ومناصبهم العالية فـي الدولة، وتتمثل هذه الشخصيات فـي (الوالي، والجنود، والعسكري، والحاجب، والخازندار، والخفـير الأكبر، وعقيد العسكر، وقائد العسكر، والملثم والخادم). تلعب هذه الشخصيات أدوارًا محورية فـي النص، وتقوم كل شخصية بوظيفتها المحددة، ويظهر أثر الوظيفة على لسان كل شخصية منها؛ فعقيد العسكر وقائدها لا يتحدثان إلا بالقوة والسلطة الممنوحة لهما، أما الخازندار فـيتحدث عن الأموال باستمرار، ويظهر الحاجب كونه متسلطًا ظالمًا يستمد ظلمه من منصبه القريب من الوالي. إنها شخصيات تمارس سلطتها على الفقراء، إذ تسلبهم حقوقهم وتنتهك أموالهم بغير وجه حق، كل ذلك باسم القوة التي لم يستطع الفقراء مواجهتها نظرًا لضعفهم.

ثالثاً: أهل المدينة وهم مسكونون بالضعف والعوز، غير قادرين على مواجهة جند العسكر، تجدهم صامتين يضمرون القهر والألم، ومن هذه الشخصيات: (التاجر، والعجوز، والرجل، والشحاذ، وبائع اللبن).

رابعًا: شخصيات بسيطة، وُجدت فـي الأحداث لتكمل عمل الشخصيات الأخرى وتحدث توازنًا بسيطًا فـي سرد الحكاية، نجد مثلا (زعيم البدو، وشيخ القبيلة) ساهموا فـي انتقال الحكاية من فكرة إلى أخرى بإيجاد قصصٍ يسردونها فـي سياق الأحداث لتتفاعل معها الشخصيات الأخرى.

تعيش الشخصيات السابقة حالة من الصراع المتمثل فـي نتائج تفكيرها وسلوكها ونظام حياتها، مما يجعل القوي يتدخل فـي حياة الفقير مُحدثًا صراعًا قائمًا على رفض الآخر وكراهيته ونبذه. كما يحاول الفقير إبراز صوته فـي محاولةٍ لمواجهة الظلم الواقع عليه فـي غياب الرؤية الحقيقية المتمثلة فـي الوالي الذي لا تصله أصوات أهل القرية المظلومين.

لقد استطاع العريمي رسم صورة جيدة لكل شخصية من الشخصيات، إذ كلُّ شخصية تعبّر فـي سياق الكلام بما يشير إلى ثقافتها وتكوينها المعرفـي، فالشحاذ مثلاً يتكلم بلغة الشارع، وهو الشخصية الوحيدة التي تخرج عن المألوف اللفظي للكلام فـي المسرحية، نجده فـي عير موضع يصيح: «وافقري.. وابوييه.. رقعوني.. الشيمة.. سامحوني.. سامحوني». كما نجد الحاجب يتكلم بلسان السلطة لابساً ثوب الظلم والتعالي على الآخرين محاولاً تقريب نفسه من الحكم الذي يفكر فـي انتزاعه من الوالي. والأمر نفسه يسير فـي رسم صورة أعوانه الآخرين. أما الوالي فإنه يمتاز بالهدوء ومحاولة إحقاق العدل بين الناس وثقته الكبيرة فـي بطانته الأمر الذي غُيِّب معه صورة أهل المدينة الفقراء.

لقد جاء سليمان من خارج المدينة، حاملاً فكرة المواجهة وتخيلات الخاتم، جاء ممتزجًا بين الواقع والمتخيّل، جاء ليرد الحقوق لأهلها، وكأنه الفارس العابر للزمن محملًا بالخوارق وغير المألوف.

إن شخصيات سمير العريمي فـي مسرحية (خاتم سليمان) شخصيات ذات طبائع مختلفة، كل شخصية مسكونة بهدف تحاول الوصول إليه، كما أنها شخصيات رمزية تعبر عن الواقع فـي سردها للأحداث، وصراعها، فالقرية والوالي وأهل القرية وبطانة الوالي كلهم صور رمزية تعبّر عن واقع يتكرر فـي هذه الحياة، لذا لجأ العريمي إلى المزج بين الواقعي وغير الواقعي فـي التعبير عن فكرته. فشخصية سليمان وقصة الخاتم تستمد مرجعيتها الحكيمة فـي حل الخلافات بين الناس من سيرة النبي سليمان، هو تقاطع ربما أراد له الكاتب أن يتقارب بين الاسم سليمان والحكمة والهدوء فـي صفاتها الرمزية.

كما أن طريقة موت حاشية الوالي فـي النص تقاطعت أيضًا مع نهاية الظلمة فـي التاريخ كفرعون وهامان وغيرهما الذين أهلكهم طمعهم وجشعهم فكانت نهايتهم الخسف بتلك الطريقة.

لعل سمير العريمي أدرك أنّ هناك علاقة مستمرة بين شخصيات التاريخ وبين أحداث الواقع، فاستعادها برمزية مقصودة فـي هيئة شخصيات متكررة ترمز إلى الواقع بكل جبروته وطغيانه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المشهد الأول شیخ الجبل کل شخصیة

إقرأ أيضاً:

بحضور عدد من الشخصيات... قوى الأمن تحيي عيدها الـ164 في محمية أرز الشوف (صور)

برعاية فخامة رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون ممثلاً بمعالي وزير الزراعة د. نزار هاني، وحضور المدير العام لقوى الأمن الدّاخلي اللواء رائد عبد الله، أحيت قوى الأمن الدّاخلي الذكرى الـرّابعة والسّتّين بعد المائة لتأسيسها، في احتفالٍ أقيم عند السّاعة العاشرة من قبل ظهر اليوم الإثنين 9-6-2025 في محميّة أرز الشّوف، حيث جرى بهذه المناسبة افتتاح “غابة شهداء قوى الأمن الدّاخلي” على بقعة أرض مقدّمة من إدارة المحميّة، بالتّعاون مع شركة ” Medicals International”.


حضر الحفل النائبان أكرم شهيّب (نائب رئيس جمعيّة أرز الشّوف) وغسّان عطالله، ممثلون عن قيادة الجيش والأجهزة الأمنيّة، مدراء عامّون سابقون وقادة الوحدات في قوى الأمن الدّاخلي، رئيس الصليب الأحمر اللّبناني د. أنطوان الزغبي، رؤساء البلديّات في المدى الحيوي للمحميّة، رئيس مؤسّسة اللّواء الشّهيد وسام الحسن السّيّد مازن الحسن، رئيس مجلس إدارة شركة “Medicals International” السّيّد وليد بركة، رئيس لجنة محميّة أرز الشّوف فيصل أبو عزّ الدّين، المسؤول الإداري للمحميّة سامر ذبيان، وعدد من الضّبّاط.


بعد إزاحة السّتارة عن لوحة غابة شهداء قوى الأمن الدّاخلي، من قِبَل ممثِّل رئيس الجمهوريّة الوزير هاني واللواء عبد الله، بحضور قادة الوحدات، وضع اللواء عبد الله إكليلًا من الزهر على نصب شهداء قوى الأمن، كذلك وَضَعَ الوزير هاني إكليلًا من الزّهر، باسم رئيس الجمهوريّة، على النّصب، ليبدأ بعدها الحفل بالنّشيد الوطني اللّبناني ونشيد قوى الأمن الدّاخلي.

ثم ألقى عريف الحفل، قائد منطقة جبل لبنان الإقليميّة العميد جوزيف مسلّم كلمةً رحب فيها بالحضور، بعد ذلك، تحدّث النّائب أكرم شهيّب قائلًا: “تجمعنا اليوم محميّة أرز الشّوف التي أُنشئت بهدف حماية البيئة وتوفير المناخ الأفضل للإنسان، ومع ذكرى تأسيس قوى الأمن الدّاخلي وافتتاح غابة شهدائها، وهي التي أُنشئت بهدف حماية المجتمع وحماية الإنسان، فتكون الحماية هي القائم المشترك بين المحميّة وقوى الأمن الدّاخلي. العميد جوزيف مسلّم -وهو ابن الشّوف- وبالتّواصل مع إدارة المحميّة تمّ التفاهم على إنشاء غابة تحمل اسم “شهداء قوى الأمن الدّاخلي”، بخاصةٍ أنه سبق لنا أن افتتحنا غابة باسم شهداء الجيش “شهداء معركة نهر البارد”. وللعِلم أنّ قوى الأمن الدّاخلي، كما العادة دائمًا، لم تبخل بعطاء، ووفّرت دعمًا مشكورًا للمحميّة، بالإضافة إلى العلاقة الوطيدة بين المحميّة ونطاقها الجغرافي من بلدات وقرى بقاعًا وجبلًا التي تميّزت على الدّوام بالتّعاون البنّاء والاندفاعة العاطفيّة للمحافظة على المحميّة، تحت العين السّاهرة لقوى الوطن من جيش وقوى أمن.” -مشيدًا بجهود النائب وليد جنبلاط وحسّه الوطني والبيئي في سبيل تحويل هذه المحميّة إلى رمزٍ بيئي- “كما إنّ الإدارة الرّشيدة مع مدير المحميّة السّابق الدكتور نزار هاني -وزير الزراعة اليوم- الذي انخرط في عمليّة البناء والتّطوير والسّهر، ساهم مع فريق العمل والإدارة مشكورًا في بلوغها المكانة التي نفتخر ونعتز حيث أصبحت المعلم البيئي الأوّل في لبنان والمحيط. ما نقوم به اليوم ما هو إلّا واجب وطني وأخلاقي وحق علينا جميعًا أنّ نكرّم ونتذكّر من قدّم دمه حقنًا لدماء الآخرين وتنفيذًا للقانون وحفظًا للأمن. فكان القرار بزرع غابة من أرزنا الصّلب تخليدًا لذكرى أعزّاء لم يبخلوا يومًا بعطاء. التّحيّة لقوى الأمن الدّاخلي بعيدها ال 164، والرّحمة لشهدائها ولروح من استشهد ليبقى الوطن.”

بعدها، ألقى اللواء رائد عبد الله كلمةً، ومِمّا جاء فيها:

“نلتقي اليومَ، في هذا المكانِ المَهيبِ، بمناسبةِ مزدوجةٍ، حدثُها الأوّلُ هوَ العيدُ 164 لتأسيسِ قوى الأمنِ الداخليِّ، والثاني هو افتتاحِ غابةِ الشهداء، حيث تُعانِقُ أرزةُ لبنانَ الشامخةُ سماءَ الوطنِ، لنُجدِّدَ العهدَ والوفاءَ لشهدائِنا الذين بَذلوا أرواحَهم في سبيلِ أمنِ لبنانَ، وسيادتِه وكرامتِه. إنَّ مؤسَّسةَ قوى الأمنِ الداخلي، ليست بحاجةٍ إلى تعريفٍ، لأنَّها متجذّرةٌ كالأرزِ في أرضِ هذا الوطنِ، وتاريخُها المشرِّفُ تحكيهِ إنجازاتُها المتلاحِقةِ على مدى خدمتِها أمنَ المجتمعِ والناسِ. وكما أنَّ الأرزَ يُحافظُ على أصالتِهِ، ويتجدَّدُ معَ الزمنِ، هكذا استطاعَتْ هذه المؤسّسةُ أن تُحافظَ على أصالتِها وتواكبَ التطوّرَ والعصريةَ، بِدءًا بمواكبةِ المتطلّباتِ الاحترافيّةِ في التدريبِ وامتلاكِ المعدّاتِ الحديثةِ في المهامِّ، مرورًا بالتنظيمِ والتطبيقِ واعتمادِ الخططِ الاستباقيةِ، وصولًا إلى الرؤيةِ التطويريّةِ السبّاقةِ، وكلُّ ذلكَ بروحٍ منفتحةٍ على التّعاونِ مع المؤسّساتِ الأمنيّة، والمجتمعِ المدنيِّ، واعتمادِ الأنظمةِ والقوانينِ والتشريعاتِ الدَّوليةِ التي تُعنى بحقوقِ الإنسانِ. أمّا افتتاحُ غابةِ الشهداءِ اليومَ، فليسَ مجرّدَ تكريمٍ، بلْ هو تأكيدُ اعترافِنا بتضحياتِ أبطالِنا الشهداءِ الذين سيظلّونَ منارةً ونِبراسًا يُضيء دربَنا في خدمةِ هذا الوطن. فرجالُنا الذين ارتقَوا دِفاعًا عن أمنِ هذا البلدِ، كتَبوا تاريخًا مجيدًا بدمائِهم الزكيّةِ، وكلُّ قطرةِ دمٍ سالَتْ على ترابِ لبنانَ، هي نبضٌ لِعهدٍ جديدٍ بأن تَبقى هذه الأرضُ حرَّةً أبيةً، محميّةً بتضحياتِ مَنْ نَذروا حياتَهم في سبيلِها. وليسَ من شكٍّ، بأنَّ السيادةَ التي نَنعمُ بها اليومَ لم تَكنْ مِنحَةً، بل كانَتْ ثمرةَ تضحياتِ على مدى مسيرةِ هذه المؤسٍّسةِ. ولمّا كانتِ التضحيةُ هي جوهرُ العملِ الأمنيّ، وهي الروحُ التي تَدفَعُ أبناءَ قوى الأمنِ الداخلي إلى التفاني في أداءِ واجبِهم بلا تردُّدٍ أو خوفٍ، وأبطالُنا لم يبخلوا بِها، فإنَّهم وطأوا الخلودَ من بابِهِ العريضِ، فلَهُم نَرفَعُ تحيّةَ إجلالٍ وإكبارٍ، ونؤكِّدُ أنّنا سنبقى أوفياءَ لتضحياتِهم، ماضين في أداءِ الواجبِ بكلِّ إخلاصٍ، فعيشنا بكرامة في هذا الوطن لا يكون إلّا بالثبات على نهج البطولة والفداء.”

نشكرُ معالي وزير الزراعة الدكتور نزار هاني، وشركة Medicals International، وإدارة محميّة أرزِ الشوف على هذه اللفتةِ الوطنيّةِ، وعلى اعتنائهِم بهذهِ البقعةِ المتأرِّزة التي ترمز إلى عظمة هذا الوطن وتحتضن بدلالاتها أرواح شهداءَ قوى الأمن الداخلي من كلِّ الرُّتَبِ (ضباطًا، ورتباءَ وأفرادًا) منذ تأسيسِها عام 1861. في ختامِ هذه الكلمةِ، أتوجَّهُ بتحيَّةِ تقديرٍ إلى كلَّ الضبّاطِ والعناصرِ، وأعايدهُم جميعًا شبّانًا وشابّاتٍ، وأقولُ لهم لبنانُ يَقوى بإيمانِكم بهِ، ويُعَزُّ بوفائِكم له. كذلكَ أتوجّهُ بتحيّةِ إجلالٍ وإكبارٍ إلى أهالي الشّهداءِ وذويهم، هم مَنْ قدَّموا فِلذاتِ أكبادِهم ليَحيا الوطنُ، نقولُ لهم إنَّ أرواحَ شهدائِنا كجذورِ هذه الأشجارِ صامدةٌ فينا، ونؤكِّدُ لهم أنَّ تضحياتِهم ستظلُّ أمانةً نَحملُها في قلوبِنا وضمائِرِنا، وعهدُهُم علينا بالوفاءِ لهذا الإرثِ العظيمِ. المجدُ والخلودُ لشهدائِنا الأبرار، عاشَت قوى الأمن الداخلي، وعاشَ لبنانُ وطنًا حرًّا سيِّدًا مستقِلًّا.

كلمة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ألقاها الوزير هاني، هذا بعض ما جاء فيها:

“يشرفني أن أقف بينكم اليوم ممثلاً للسّيد رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد جوزاف عون، وأن أنقل إليكم تحياته القلبيّة وتقديره العميق لقوى الأمن الدّاخلي، قيادةً ورتباءَ وعناصرَ وأفرادًا، لما تمثلونه من أساس للأمن والاستقرار في لبنان ولما تقدمونه من تضحيات جسام، ووفاء لا ينضب في سبيل حماية المواطن وصون كرامة الدولة. نحتفل اليوم بالذكرى الرابعة والستين بعد المائة لتأسيس هذه المؤسسة الوطنية العريقة، التي لم تكن يوماً مجرّد جهاز أمني، بل شكّلت على الدّوام نموذجاً في الانضباط والالتزام، ومثالاً يحتذى في الولاء والانتماء، وركنًا راسخاً من أركان الدولة. ومن قلب محميّة أرز الشّوف، وبين أرزاتنا الشّامخة التي ترمز إلى الصمود والثبات نُكرِّم شهداء قوى الأمن الدّاخلي الأبرار بزرع أرزة باسم كل شهيد، لتبقى ذكرهم حيّة في تراب الوطن، ولتجسّد هذه الغابة في جذورها وامتدادها معنى التضحية وخلود الرسالة.

أيها الحضور الكريم، السيد رئيس الجمهورية، الذي حمل مسؤولية قيادة الجيش اللبناني لسنوات، يعرف تمام المعرفة حجم التّحديات التي تواجه القوى الأمنيّة والعسكريّة، ويدرك أنّ الأمن الحقيقي لا يُبنى بالسّلاح وحده، بل بعدالة مستدامة، ومؤسسات متكاملة، وشراكة مسؤولة بين مختلف مكوِّنات الدّولة والمجتمع. وهو يؤمن – كما نؤمن جميعًا – أنّ الدّفاع عن لبنان لا يقتصر على حماية حدوده، بل يشمل أيضًا حماية بيئته الطّبيعية، وغاباته، ومياهه، وتربته، وهويّته العميقة المتجذّرة في هذه الأرض. لذلك، فإن غرس “غابة شهداء قوى الأمن الداخلي” ليس مجرّد مبادرة رمزيّة، بل هو فعل وطني راقٍ، يُترجم دماء الشّهداء إلى حياة، ويحوِّل الألم إلى أمل، ويؤكد أن التّضحية تُثمر، وأن الشّهادة تُخلّد، وأنّ الوطن يحيا حين تتعاضد مؤسّساته وتتجذّر رسالته في الأرض والطّبيعة والإنسان.

لقد أثبتت قوى الأمن الداخلي، في مختلف المراحل، أنّها حامية للناس كما هي حامية للطبيعة. كانت دومًا إلى جانب حراس الأحراج، ودعمت جوالي المحميّات وشاركت في إطفاء النّيران ومنعت الصّيد الجائر وقطع الأشجار، فكانت شريكًا فعليًا في حماية الثّروة الحرجيّة، كما في حماية الاستقرار المجتمعي.

وانطلاقًا من مسؤوليتنا، بدأنا العمل في الحكومة، جاهدين، لنؤمِّن مقوّمات العيش الكريم، ونضع على رأس أولويّاتنا تحسين الواقع للقوى الأمنية والعسكرية، لكي تستطيعوا أن تكملوا مهامكم الجليلة بكرامة واستقرار. وقد جاءت هذه الخطوة استجابةً لواقع صعب لم يكسر عزيمتكم، ولم يُثنِكم عن أداء الواجب. جاءت وفاءً لإصراركم على البقاء في الشّارع، في الحقل، وفي الميدان رغم الضغوط والمعاناة. فإرادتكم كانت ولا تزال الحافز الأصدق لنا لمواصلة العمل، وترسيخ القناعة بأنّ كرامتكم ليست امتيازًا، بل حق لا يُمس.

إن الدولة تتكامل حين تلتقي الأدوار وتتوحد الرسالة في حماية الإنسان والطبيعة على حد سواء. تحيّة إجلال وتقدير لكل فرد من أفراد قوى الأمن الدّاخلي في عيدهم الوطني. تحيّة وفاء لأرواح الشّهداء الذين ارتقوا دفاعًا عن لبنان، وتحيّة لكل من يزرع، ويحرس، ويبني، ويصون.”

بعدها قدّم اللواء عبد الله، باسم مؤسّسة قوى الأمن الدّاخلي، إلى الوزير هاني والسّيّد بركة درعَين تذكاريّين عربون شكرٍ وتقدير.

وفي الختام أقيم حفل كوكتيل بالمناسبة، على أنغام معزوفات وطنيّة أدّتها “موسيقى قوى الأمن الدّاخلي”.

































































مواضيع ذات صلة وزير الزراعة ممثلًا الرئيس عون من محمية أرز الشوف: نحتفل بالذكرى الـ١٦٤ للمؤسسة التي شكلت مثالًا في الولاء ونكرم شهداء قوى الأمن الداخلي بزرع أرزة عن إسم كل شهيد Lebanon 24 وزير الزراعة ممثلًا الرئيس عون من محمية أرز الشوف: نحتفل بالذكرى الـ١٦٤ للمؤسسة التي شكلت مثالًا في الولاء ونكرم شهداء قوى الأمن الداخلي بزرع أرزة عن إسم كل شهيد 09/06/2025 18:24:35 09/06/2025 18:24:35 Lebanon 24 Lebanon 24 الرئيس الجميّل زار الباروك وتفقد محمية ارز الشوف Lebanon 24 الرئيس الجميّل زار الباروك وتفقد محمية ارز الشوف 09/06/2025 18:24:35 09/06/2025 18:24:35 Lebanon 24 Lebanon 24 المطران إبراهيم يهنئ قوى الأمن الداخلي بعيدها الـ164 Lebanon 24 المطران إبراهيم يهنئ قوى الأمن الداخلي بعيدها الـ164 09/06/2025 18:24:35 09/06/2025 18:24:35 Lebanon 24 Lebanon 24 منسى في العيد الـ164 لقوى الأمن الداخلي: نعتز بما قدمه الضباط والعناصر Lebanon 24 منسى في العيد الـ164 لقوى الأمن الداخلي: نعتز بما قدمه الضباط والعناصر 09/06/2025 18:24:35 09/06/2025 18:24:35 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً استفزازات إسرائيلية يومية.. و"حزب الله" يُمسك "بزمام الوقت" Lebanon 24 استفزازات إسرائيلية يومية.. و"حزب الله" يُمسك "بزمام الوقت" 11:01 | 2025-06-09 09/06/2025 11:01:00 Lebanon 24 Lebanon 24 كرامي يهنّئ قوى الأمن الداخلي بعيدهم: كل التحية والتقدير Lebanon 24 كرامي يهنّئ قوى الأمن الداخلي بعيدهم: كل التحية والتقدير 10:55 | 2025-06-09 09/06/2025 10:55:00 Lebanon 24 Lebanon 24 رئيس بلدية طرابلس لقوى الأمن: نرفع لكم القبعة احترامًا Lebanon 24 رئيس بلدية طرابلس لقوى الأمن: نرفع لكم القبعة احترامًا 10:30 | 2025-06-09 09/06/2025 10:30:03 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصور والفيديو... إستهداف سيارة على طريق وادي النميرية Lebanon 24 بالصور والفيديو... إستهداف سيارة على طريق وادي النميرية 10:14 | 2025-06-09 09/06/2025 10:14:49 Lebanon 24 Lebanon 24 بيروت تحت الضغط… والجنوب على خط النار Lebanon 24 بيروت تحت الضغط… والجنوب على خط النار 10:01 | 2025-06-09 09/06/2025 10:01:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة نُقلت إلى المستشفى.. إعلامية وممثلة لبنانية تُثير قلق الجمهور بشأن وضعها الصحي (صورة) Lebanon 24 نُقلت إلى المستشفى.. إعلامية وممثلة لبنانية تُثير قلق الجمهور بشأن وضعها الصحي (صورة) 00:36 | 2025-06-09 09/06/2025 12:36:07 Lebanon 24 Lebanon 24 لأول مرة عاصي الحلاني يُعلّق على طلاق ابنته ماريتا.. هذا ما قاله (فيديو) Lebanon 24 لأول مرة عاصي الحلاني يُعلّق على طلاق ابنته ماريتا.. هذا ما قاله (فيديو) 00:33 | 2025-06-09 09/06/2025 12:33:46 Lebanon 24 Lebanon 24 بعدما أُدخِلَ إلى المستشفى للمرّة الثالثة وتدهورت صحّته... هذا وضع الفنان الشهير Lebanon 24 بعدما أُدخِلَ إلى المستشفى للمرّة الثالثة وتدهورت صحّته... هذا وضع الفنان الشهير 05:21 | 2025-06-09 09/06/2025 05:21:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مُجدداً راغب علامة يُثير الجدل.. شاهدوا ماذا فعل مع المُعجبات (فيديو) Lebanon 24 مُجدداً راغب علامة يُثير الجدل.. شاهدوا ماذا فعل مع المُعجبات (فيديو) 03:20 | 2025-06-09 09/06/2025 03:20:06 Lebanon 24 Lebanon 24 هو قياديّ... توقيف عميل في لبنان وهذا ما أبلغه إلى إسرائيل Lebanon 24 هو قياديّ... توقيف عميل في لبنان وهذا ما أبلغه إلى إسرائيل 06:27 | 2025-06-09 09/06/2025 06:27:39 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 11:01 | 2025-06-09 استفزازات إسرائيلية يومية.. و"حزب الله" يُمسك "بزمام الوقت" 10:55 | 2025-06-09 كرامي يهنّئ قوى الأمن الداخلي بعيدهم: كل التحية والتقدير 10:30 | 2025-06-09 رئيس بلدية طرابلس لقوى الأمن: نرفع لكم القبعة احترامًا 10:14 | 2025-06-09 بالصور والفيديو... إستهداف سيارة على طريق وادي النميرية 10:01 | 2025-06-09 بيروت تحت الضغط… والجنوب على خط النار 09:40 | 2025-06-09 الخير هنأ قوى الأمن بعيدها: لتأمين كل الدعم المطلوب لهذه المؤسسة الوطنية فيديو دموع الأسطورة.. رونالدو يبكي فرحًا بعد التتويج بلقب دوري الأمم الأوروبية (فيديو) Lebanon 24 دموع الأسطورة.. رونالدو يبكي فرحًا بعد التتويج بلقب دوري الأمم الأوروبية (فيديو) 01:39 | 2025-06-09 09/06/2025 18:24:35 Lebanon 24 Lebanon 24 حاسب جديد من Xiaomi .. هذه مواصفاته (فيديو) Lebanon 24 حاسب جديد من Xiaomi .. هذه مواصفاته (فيديو) 04:30 | 2025-06-08 09/06/2025 18:24:35 Lebanon 24 Lebanon 24 كانت تصرخ وتبكي بشكل هستيري وتستغيث.. زوجة فنان معروف تتهمه بسرقة ذهبها وأموالها (فيديو) Lebanon 24 كانت تصرخ وتبكي بشكل هستيري وتستغيث.. زوجة فنان معروف تتهمه بسرقة ذهبها وأموالها (فيديو) 03:15 | 2025-06-08 09/06/2025 18:24:35 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة
  • فضل قراءة سورة النور يوميًا
  • بحضور عدد من الشخصيات... قوى الأمن تحيي عيدها الـ164 في محمية أرز الشوف (صور)
  • في آخر أيام العيد.. إصابة 8 أشخاص في حادث مروع بالعمرانية
  • "في يوم وليلة".. محمد علي رزق يودّع تجربة مسرحية استثنائية
  • مسرحية ترفيهية للأطفال وعرض عن طقوس العيد في ثقافي حمص
  • النمر يحذر من مقاطع مزيفة تروّج لمنتجات علاجية باسمه
  • في ذكري وفاته.. ما لا تعرفه عن مسيرة حنفي بطل مسرحية "سك علي بناتك"
  • مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضا مسرحية بقنا الثلاثاء
  • وزير الشؤون الإسلامية يستقبل شخصيات إسلامية من فرنسا والمملكة المتحدة ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين