الثورة السورية تطورات وأحداث وانعكاسات على الوضع في اليمن والصراع الإقليمي (تحليل)
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
بعد أكثر من 13 عامًا من اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، شهدت الأحداث تطورات هائلة، كان آخرها إعلان تحرير سوريا من نظام بشار الأسد المدعوم من إيران وروسيا. يمثل هذا الحدث نقطة تحول في خارطة الشرق الأوسط السياسية والعسكرية، ليس فقط على صعيد الداخل السوري، بل أيضًا على صعيد التأثيرات الإقليمية، خاصة في اليمن، حيث يستمر الصراع بين الحكومة الشرعية والميليشيات الحوثية المدعومة من إيران
أولاً: الثورة السورية وسياق التحرير
1.
تطور الثورة السورية: من الاحتجاجات إلى التحرير
اندلعت الثورة السورية في مارس 2011 في سياق موجة الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة. كانت الاحتجاجات في بدايتها سلمية تطالب بإصلاحات سياسية وحقوق مدنية، لكن النظام السوري واجهها بالقمع العنيف، ما أدى إلى عسكرة الثورة تدريجيًا.
• المراحل الأولى (2011-2012): قوبلت الاحتجاجات بقمع واسع واعتقالات جماعية. في الوقت نفسه، بدأت بعض المناطق مثل حمص ودرعا تتخذ طابعًا أكثر استقلالية.
• تحول الصراع إلى إقليمي (2013-2016): انخرطت قوى دولية وإقليمية في الحرب السورية. إيران دعمت النظام عبر الحرس الثوري وميليشيات شيعية، بينما دعمت دول إقليمية مثل تركيا ودول الخليج المعارضة.
• صعود القوى الجهادية (2014-2018): أدى الفراغ الأمني إلى صعود تنظيمات متطرفة مثل “داعش”، مما أضعف المعارضة المعتدلة وأعطى ذريعة للنظام وحلفائه لتكثيف القصف.
• نحو التحرير (2019-2024): مع تزايد الضغوط الدولية على روسيا وإيران وتراجع الدعم الشعبي للنظام، تمكنت المعارضة من استعادة المبادرة، خاصة بدعم من تحالفات إقليمية جديدة وتغييرات استراتيجية في تكتيكاتها.
2. دور إيران وروسيا في إطالة أمد الصراع
• إيران: استثمرت إيران بشكل كبير في بقاء نظام الأسد باعتباره جزءًا أساسيًا من “محور المقاومة”. دعمت النظام عسكريًا من خلال الحرس الثوري وميليشيات مثل حزب الله، وبالتمويل الذي تجاوز مليارات الدولارات.
• روسيا: تدخلت عسكريًا في 2015، مما قلب الموازين لصالح النظام. اعتمدت على القصف الجوي المكثف لإخضاع المناطق الثائرة. لكن تورطها في الحرب الأوكرانية أدى إلى استنزاف قدراتها، ما أثر سلبًا على دعمها للنظام السوري.
3. أسباب انتصار الثورة السورية
• التحول في الموقف الدولي: تصاعدت عزلة نظام الأسد مع العقوبات الدولية وتزايد الجرائم الموثقة ضده.
• الصمود الشعبي: بالرغم من الكوارث الإنسانية، حافظ السوريون على إيمانهم بالثورة وأعادوا تنظيم صفوفهم سياسيًا وعسكريًا.
• الدعم الإقليمي والدولي: دعمت بعض القوى الدولية مثل تركيا وجماعات المعارضة المسلحة بشكل مباشر، بينما ساهمت العقوبات على إيران وروسيا في تقليص قدرتهما على دعم النظام.
ثانيًا: انعكاسات التحرير السوري على الحرب في اليمن
1. تقويض النفوذ الإيراني
إيران اعتمدت على نفوذها في سوريا كقاعدة لتوسيع هيمنتها الإقليمية. تحرير سوريا يمثل ضربة استراتيجية كبيرة لطهران:
• فقدان نقطة ارتكاز إقليمية: سوريا كانت تمثل طريقًا بريًا لنقل السلاح والموارد إلى حزب الله في لبنان، بالإضافة إلى كونها منصة لتهديد إسرائيل والضغط على الخليج العربي.
• انهيار الرواية الدعائية: كانت إيران تروج لشرعية تدخلها في سوريا بحجة “محاربة الإرهاب”. تحرير سوريا من النظام ينزع عنها هذه الذريعة ويضعف قدرتها على التوسع الإقليمي.
• التأثير المباشر على الحوثيين: الحوثيون يعتمدون بشكل كبير على دعم إيران من حيث السلاح والخبراء العسكريين، وهو ما قد يصبح أصعب نتيجة قطع خطوط الإمداد الإقليمية.
2. تعزيز موقف التحالف العربي في اليمن
تحرير سوريا يضعف المحور الإيراني ويمهد الطريق لتعزيز نفوذ الدول المناهضة له:
• تقليص الدعم الإيراني للحوثيين: تحرير سوريا يجعل إيران بحاجة لإعادة ترتيب أولوياتها، مما قد يقلل من مواردها الموجهة لدعم الحوثيين.
• دعم التحالف العربي للشرعية في اليمن: تراجع النفوذ الإيراني يمنح التحالف العربي فرصة لتوسيع عملياته ضد الحوثيين وتضييق الخناق عليهم عسكريًا واقتصاديًا.
3. التأثير على المشهد السياسي في اليمن
• فرص التسوية السياسية: قد يدفع تحرير سوريا الحوثيين إلى مراجعة موقفهم والقبول بتسوية سياسية شاملة.
• إضعاف النفوذ الإيراني داخل اليمن: تراجع الدعم الخارجي للحوثيين قد يؤدي إلى انقسامات داخلية بينهم، خاصة مع تزايد الضغوط العسكرية والدبلوماسية عليهم.
ثالثًا: مآلات الصراع في اليمن بعد تحرير سوريا
1. تراجع الدعم الإيراني
الدعم الإيراني للحوثيين يعتمد على موارد مادية وأيديولوجية. تحرير سوريا سيجعل إيران في موقع دفاعي، ما سيؤثر مباشرة على:
• قدرة الحوثيين على الصمود: تراجع وصول السلاح الإيراني قد يضعف القدرات العسكرية للحوثيين.
• التماسك الداخلي للحوثيين: مع تراجع الدعم الخارجي، قد تنشأ انقسامات داخلية بين قيادات الحوثيين حول إدارة الصراع.
2. فرص التسوية السياسية
تحرير سوريا يعيد صياغة ميزان القوى الإقليمي، مما يفتح الباب أمام تسوية سياسية في اليمن.
• دور التحالف العربي: يمكن أن يستغل التحالف هذه الفرصة لفرض شروط تفاوضية أكثر صرامة على الحوثيين.
• ضغط دولي: قد تتحرك القوى الدولية لفرض حل سياسي شامل يمنع إيران من استخدام اليمن كورقة ضغط في المستقبل.
3. احتمالات التصعيد
• ردود فعل الحوثيين وإيران: قد يحاول الحوثيون تصعيد هجماتهم على السعودية والإمارات لتعويض خسائرهم.
• التحالف العربي: قد يزيد من عملياته العسكرية لتسريع حسم الصراع قبل أن تتمكن إيران من التعافي.
رابعًا: التأثير الإقليمي والدولي الأوسع
1. إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية
تحرير سوريا يعيد توزيع القوة الإقليمية:
• إضعاف المحور الإيراني: النظام السوري كان أحد أركان مشروع إيران الإقليمي. تحرير سوريا يترك إيران في موقف أضعف.
• تعزيز القوى السنية المعتدلة: انتصار الثورة السورية يمنح الدول المناهضة لإيران دفعة قوية لفرض رؤيتها الإقليمية.
2. رسائل إلى الأنظمة الاستبدادية
تحرير سوريا يمثل انتصارًا لإرادة الشعوب، مما يرسل رسالة واضحة للأنظمة الاستبدادية في المنطقة:
• إمكانية التغيير: الثورة السورية أثبتت أن الشعوب يمكن أن تنتصر رغم التحديات.
• ضرورة الإصلاح: قد يدفع هذا الانتصار بعض الأنظمة إلى تبني إصلاحات داخلية لتجنب مصير مشابه.
3. إعادة صياغة العلاقات الدولية
• دور روسيا وإيران: تحرير سوريا يعيد تشكيل نفوذ هاتين القوتين، ما قد يؤدي إلى تقليص دورهما في الشرق الأوسط.
• تعزيز العلاقات العربية-الغربية: انتصار الثورة السورية يعزز التعاون بين الدول العربية والمجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
تحرير سوريا ليس فقط انتصارًا للشعب السوري، بل حدثًا تاريخيًا يعيد صياغة التوازنات الإقليمية والدولية. انعكاساته على اليمن والصراعات الأخرى تعزز الأمل في إمكانية تحقيق استقرار مستدام في المنطقة، بشرط استمرار التنسيق الدولي والإقليمي لإضعاف مشاريع الهيمنة الإيرانية ودعم الشعوب الساعية للحرية والكرامة.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الثورة السورية جماعة الحوثي السعودية إيران الثورة السوریة التحالف العربی تحریر سوریا تراجع الدعم فی الیمن انتصار ا ا یعید
إقرأ أيضاً:
بوتين يؤكد لنتنياهو ضرورة احترام سيادة سوريا ويعرض الوساطة في محادثات إيران النووية
أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تناول فيه الأوضاع في سوريا وإيران، مؤكدًا "أهمية وحدة الأراضي السورية"، ومقترحًا دورًا روسيًا في "إحياء المحادثات حول البرنامج النووي الإيراني". اعلان
أفاد الكرملين بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين 28 تموز/يوليو، تناول خلاله عدة مستجدات في الشرق الأوسط، من بينها العنف الطائفي الأخير في سوريا وبرنامج إيران النووي.
التأكيد على سيادة سوريا واستقرارهاوجدد بوتين خلال الاتصال تأكيده على احترام "السيادة وسلامة الأراضي" السورية، وذلك عقب موجة العنف الطائفي في مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية التي شهدت تدخلًا إسرائيليًا من خلال غارات جوية استهدفت مواقع عسكرية سورية في السويداء ودمشق.
وبحسب شهود وخبراء ومنظمة "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، بدأت الاشتباكات في محافظة السويداء في 13 تموز/يوليو بين مقاتلين دروز وقبائل بدوية سنية، وتوسعت لاحقًا بتدخل القوات الحكومية الإنتقالية إلى جانب البدو، وأسفرت عن مقتل أكثر من 1400 شخص، أغلبهم من الدروز، مع اتهامات بتنفيذ قوات الحكومة إعدامات ميدانية لأكثر من 250 مدنيًا درزيًا.
وأكد بيان الكرملين أن بوتين شدد على أهمية "دعم وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها"، مشددًا على أن "الاستقرار السياسي في البلاد يجب أن يتحقق من خلال احترام مصالح جميع الجماعات العرقية والدينية".
Related بوتين ولاريجاني يبحثان النووي الإيراني والتطورات في الشرق الأوسطنتنياهو: لا مزيد من الأعذار للمنظمات الدولية بعد إعلان الجيش فتح ممرات إنسانيةالكرملين يُعلّق على مهلة ترامب.. وأوكرانيا تعلن مقتل 16 شخصا بقصف على منشأة إصلاحية في زابوريجيا عرض روسي للوساطة في الملف النووي الإيرانيوخلال الاتصال نفسه، عرض بوتين مرة أخرى الوساطة في محادثات البرنامج النووي الإيراني، التي توقفت الشهر الماضي بعد شن إسرائيل هجومًا مفاجئًا على أهداف عسكرية ونووية إيرانية، ما أدى إلى اندلاع حرب استمرت 12 يومًا بين البلدين.
ولم يصدر مكتب نتنياهو أي بيان فوري حول تفاصيل الاتصال.
وتُعرف روسيا بقربها من إيران، حيث عززت العلاقات العسكرية في ظل الحرب في أوكرانيا، لكنها تسعى أيضًا للحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل التي تضم مجتمعًا كبيرًا من المهاجرين الروس.
لذلك، امتنعت روسيا عن تقديم دعم ملموس لطهران خلال الغارات الإسرائيلية والأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية الشهر الماضي.
وفي وقت سابق من تموز/ يوليو، أفادت إذاعة "كان" بأن إسرائيل تجري محادثات دبلوماسية سرية مع روسيا بشأن كل من إيران وسوريا، معتبرة موسكو وسيطًا محتملاً لخفض التصعيد مع البلدين.
وفي يونيو الماضي، قبل أيام من الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على إيران وخلال مفاوضات نووية مكثفة مع الولايات المتحدة، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف استعداد بلاده لنقل اليورانيوم المخصب بدرجة عالية من إيران وتحويله إلى وقود مفاعلات مدنية، كوسيلة محتملة لتقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وكان هذا العرض يعيد إلى الأذهان الدور الرئيسي الذي لعبته روسيا في نقل اليورانيوم الإيراني المخصب خلال اتفاق النووي الإيراني لعام 2015 في عهد إدارة الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة