جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-31@02:39:39 GMT

بين تدمر وسبأ.. يُكتب مصير سوريا

تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT

بين تدمر وسبأ.. يُكتب مصير سوريا

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا" صدق رسول الله.

إنَّ ما يحدث في الشام وفي اليمن اليوم من اقتتال وصراعات أزهقت الأرواح والأنفس وتسببت في القضاء على أشكال الحياة الطبيعية وحولت هذين القطرين المباركين إلى خراب بعدما كانت حواضر الإسلام منذ بزوغ فجره ومنارات تاريخية شاهدة على عظمة تاريخ البشرية، فبين مملكة سبأ وملكتها بلقيس ومملكة تدمُر وملكتها زنوبيا، يقفُ تاريخ عظيم يحكي قصة البشرية وعمارة الأرض وقدرة الإنسان الذي سكنها، وربما هذا التشابه بين المملكتين حتى في من حكمهما يحكي مصيرهما المشترك عبر التاريخ إلى يومنا هذا وكأنَّ قدرهما نسج من خيط واحد.

وسبحان الله الذي جمع أقدار هاتين المملكتين رغم تباعدهما الجغرافي، فقد انتهت مملكة تدمُر بعد مُعاناتها من المناخ وسوء الأمن الغذائي كما يؤرخ الباحثون فضعفت التجارة وفسدت البلاد والعباد، وكذلك كان مصير مملكة سبأ العظيمة فقد توقفت الموانئ وضعفت التجارة البحرية وانحسرت الدولة وضعف سلطانها وفسدت وانتهت، وسبحان من جعل في التاريخ عبرة وعظة وسبحان من جعل الأيام دول تعيد نفسها حيناً بعد حين.

الشام واليمن اليوم- وعبر التاريخ- أُثخنثا بالحروب والصراعات، ولا تكاد تمر فترة من الزمن إلا ويدخلان في حرب، وما نراه اليوم هو حلقة في سلسلة لا تنتهي؛ حيث يقف الموقع الجغرافي على رأس أسباب هذه الصراعات التي تُعاني منها كلا المنطقتين، وتلعب التغييرات الجيوسياسية حاليًا دورًا رئيسيًا في الصراع الدائر في اليمن وسوريا؛ فالأطماع والمُخطَّطات والمصالح جعلت من البلدين مركزًا لصراع القوى الخارجية، والضحايا هم أبناء الشعبين الذين ذاقوا مرارة التشريد والقتل والمعاناة والتي لا تبدو لها نهاية في القريب.

تسقط أنظمة وتصعد أنظمة والحال لا يتغير، ولعل حالة سوريا بالأخص معقدة جدًا؛ وذلك لقربها من الكيان الصهيونى الغاصب، الذي لا يَخفى على أي متابع وقارئ ما لديه من أطماع توسُّعية وحلم بإنشاء ما يعرف بـ"إسرائيل الكبرى" عبر مشروع خُطِّط له منذ فترة طويلة وفق ما يُعرف سياسيًا بمشروع "الشرق الأوسط الجديد"، هذا المشروع الذي بُني على أساس تقسيم الشرق الأوسط إلى عدد كبير من الدول وفق أساس ديني وطائفي ومذهبي، وتجزئة المُجزَّأ إلى كيانات أصغر يسهل التعامل معها من قبل إسرائيل، وتجريدها من أسباب القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية وفق خطة طويلة الأمد أساسها إشعال الفتن والحروب داخل هذه الدول.

هذا المخطط، ورغم علانيته والتصريح به وحتى مع تغليفه بغلاف نشر مبادئ الديمقراطية والحريات والمساواة في هذه الدول، إلّا أنَّ العرب والمسلمين يقفون عاجزين عن منعه؛ بل إنهم وبسبب فُرقتهم وصراعاتهم قد يساعدون في تنفيذه، وقد يكون بقصدٍ أو غير قصد، لكن الأغرب في الأمر كيف استطاعت إسرائيل تنفيذ مخطط بهذا الوضوح والعلانية والنهاية المعروفة ولا تجد من يعارضها أو يتصدى لها لوقف ذلك، فهل هو الهوان الذي بلغ مداه أم قلة الحيلة التي كبلت الأيدي وجعلتهم تابعين؟!

لن يقف الأمر عند سوريا، ولن يكون هذا هو السقوط الأخير، وهذا ليس رأيا شخصيا؛ بل هو خبر معلوم لدى الجميع وحديث بصوت عالٍ ومسموع، والمعاصر لسقوط الأنظمة في عديد الدول العربية سابقًا يرى مشهدًا مُكرَّرًا في سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهي تراجيديا مُعادة في كل مرة ورغم ذلك ما زالت تلقى رواجًا ومشاهدين منبهرين! وكأنهم لم يسمعوا ويروا كل ذلك من قبل.. فهل هي الغشاوة أم أن العقول ما زالت لم تتحرر من السذاجة التي أصبحت علامة مسجلة لشعوب العالم الثالث وقدر لها أن تكون جزءًا من مسرحية لا دور لهم فيها إلّا المُعاناة والأمل الخادع؟

لا نقول سقط نظام الأسد، فهذا شأن يخص السوريين وحدهم؛ فهُم من لهم فقط الحق في تحديد من يحكمهم، وهم من يُقرر فقط من لا يحكمهم، ولكن نقول سقطت سوريا من يد العروبة كما سقطت قبلها دول أخرى، لقد أصبحت فلسطين دون ظهر يدفع عنها الظالمين وعجرفتهم، وأصبحت تحت رحمة العدو الذي نزل بثقله ليقضي على ما تبقى من أنفاس سوريا التي كانت تُرسل الأمل للقدس، حتى تصنع توازنًا في معركة لا متوازنة منذ قيامها.. لقد خسر العرب سوريا ولن يشعروا بمرارة الخسارة إلّا عندما يصل الجزار إلى عتبة الباب.. عندها لن يكون هناك خيار سوى الذبح أو الذبح!

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ميليباند: هناك شعورٌ بوجود الإمكانات لأول مرة في سوريا منذ 13 عاماً

دبي-سانا

أكد رئيس منظمة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند أهمية الشراكات السورية الجديدة، وخاصة مع دول الخليج، والتي من شأنها أن تساعد البلاد لاستعادة الازدهار.

وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية، سلط ميليباند الضوء على احتياجات سوريا في المرحلة الراهنة، وتحدث عن الخراب الذي لحق بالمرافق الصحية للدولة نتيجة الحرب، وأشار الى جولات قام بها في محافظات سورية، مستدركاً بالقول: “ما كان لافتاً للنظر هو أن بعض الاحتياجات الصحية في المناطق التي كان يسيطر عليها نظام الأسد، في الواقع، في حالة أسوأ من المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب البلاد”.

ونوه ميليباند برؤية رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع حول مستقبل علاقات البلاد مع الدول الأخرى، ولا سيما في المنطقة، وقال: “أتيحت لي فرصة الجلوس مع الرئيس الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني والتحدث عن كيفية وضع الجداول الزمنية المناسبة للتغييرات السياسية التي يُحدثونها”، وأضاف: “الاحتياجات هائلة، ولكن هناك شعورٌ بوجود الإمكانات لأول مرة منذ 13 عاماً في سوريا”.

وأشار ميليباند إلى أن الرئيس الشرع والوزير الشيباني يريدان علاقات منظمة ومستقرة مع مختلف الدول، والأهم من ذلك، أنهما يريدان الاستقرار في المنطقة.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • عرفة.. خطيب المسجد الحرام: يوم وفاء بالميثاق الذي أخذه الله على بني آدم
  • اليابان تعلن رفعا جزئيا للعقوبات عن سوريا.. فما هي القطاعات المستهدفة؟
  • الولايات المتحدة تستعد لإزالة سوريا  من قائمة “الدول الداعمة للإرهاب”
  • حكم الحاج الذي يحلق شعره ناسياً.. اعرف التصرف الشرعي
  • الرئيس التنفيذي لشركة أورباكون القابضة رامز الخياط: الاتفاقيات التي تم توقيعها اليوم ستحول سوريا من دولة لديها عجز في مجال الطاقة إلى دولة مصدرة لها
  • هذا مصير حزب الله.. إقرأوا آخر تقرير إسرائيليّ!
  • السيد القائد عبدالملك: جيل الأمة الإسلامية في أمس الحاجة إلى الرُشد الذي مصدره الله سبحانه وتعالى
  • ميليباند: هناك شعورٌ بوجود الإمكانات لأول مرة في سوريا منذ 13 عاماً
  • تعرف على السلطان الأحمر الذي أسس الدولة البوليسية في سوريا
  • سوريا.. رئيس منظمة الإنقاذ يكشف لـCNN كيف تختلف المناطق التي كانت تحت سيطرة الأسد عن مناطق المعارضة وكيف ستزدهر البلاد؟