يحث الدين الإسلامي أتباعه على الالتزام بالعمل الصالح والإيمان الراسخ كوسيلة للنجاة في الدنيا والآخرة، وقد جاءت توجيهات رسول الله ﷺ واضحة وبسيطة في هذا الإطار، إذ قال: «مَنْ أحبَّ منكم أنْ يُزَحْزَحَ عنِ النارِ، ويَدْخُلَ الجنةَ، فلْتَأْتِهِ منيتُهُ وهوَ يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ، وليأْتِ إلى الناسِ، الذي يُحِبُّ أنْ يُؤْتَى إليه» [أخرجه مسلم].

طريق الجنة في عملين بسيطين

 

1-تجديد الإيمان بالقلب والعمل


الإيمان بالله واليوم الآخر هو الركيزة الأساسية لكل عمل صالح. لا يقتصر الإيمان على التصديق القلبي فقط، بل يجب أن يظهر في سلوك المسلم وأفعاله اليومية. تجديد الإيمان يكون بتقوية الصلة بالله من خلال الصلاة، وقراءة القرآن، والتأمل في عظمة الخالق، وكذلك بالالتزام بأداء حقوق الله وحقوق العباد.

ويشير مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إلى أن المسلم يجب أن يراجع نفسه بانتظام، ويتأكد من أن إيمانه يُترجم إلى عمل خالص لله تعالى. فالعمل الصالح ليس فقط عبادة، بل هو أيضاً ما يقوم به المسلم من أفعال تعكس صدق إيمانه مثل مساعدة المحتاج، والإحسان إلى الجار، وتحري الحلال في الرزق.

2- معاملة الناس بما تحب أن تُعامل به


يدعو الحديث الشريف المسلم إلى أن يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به، فيتحلى بالرفق، والصدق، والعدل، والإحسان. هذه القيم لا تعزز فقط العلاقات الإنسانية، لكنها أيضاً من أعظم أسباب القرب من الله.

ويُبرز مركز الأزهر أن هذا المبدأ يساهم في بناء مجتمع متماسك ومترابط، يقوم على الاحترام المتبادل والرحمة. فمن يعامل الناس برفق وإحسان، يعكس صورة المسلم الحقيقي الذي يحرص على تحقيق الخير لنفسه ولمن حوله.

الإيمان والعمل الصالح سبيل النجاة

يجدد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية دعوته للمسلمين بالعمل على تعزيز إيمانهم، ومراجعة أنفسهم يومياً، ليكونوا ممن يحبهم الله ويحبب الناس في دينه. كما يؤكد المركز أن الالتزام بهذين العملين: الإيمان الراسخ ومعاملة الناس بالحسنى، هو طريق الجنة ووسيلة النجاة من عذاب النار.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الله رسول الله الجنة الايمان بالله واليوم الاخر الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية

إقرأ أيضاً:

غربة المتنبي.. في أمة تداركها الله

مؤخرًا أفكر بالمتنبي كثيرًا من زاوية التحليل النفسي. كم هو مثير حقًا أن نتخيَّل المتنبي جالسًا على أريكة العلاج النفسي في عيادة الدكتور بول ويستون، كما في المسلسل الأمريكي In Treatment! دخول المتنبي إلى عيادة الطبيب النفسي لا يعني فقط إخضاعه لمقاربة تحليلية نفسية، بل هو استدعاء لتوتر عميق بين خطابين يبدوان متناقضين من حيث المبدأ: خطاب الشعر بوصفه تضخيمًا للذات، وخطاب العلاج النفسي بوصفه سعيًا لتفكيكها.

ما يجعل المتنبي شاعرًا استثنائيًا في تاريخ الثقافة العربية ليس إرثه الشعري وحده، بل وعيه المتفرد بالذات الشاعرة في علاقتها بالعالم، وهي علاقة تزخر بكل مستلزمات التناقض البشري. لقد كان المتنبي مشغولًا بمشروع وجودي يجعل من «أنا» الشاعر مركزًا للكون، فتغدو القصيدة على يديه مرآة مزخرفة للذات، لا تسعى إلى فهم العالم بقدر ما تطمح إلى إعادة تكوينه على صورتها. من هنا تصبح الجلسة العلاجية الافتراضية مواجهة حقيقية بين شاعر عربي قديم لا يرى في كلامه عَرَضًا بل جوهرًا، ومعالج نفسي يسعى إلى كشف ما يُخفيه هذا الكلام لا ما يُعلنه.

لم يكن المتنبي انطوائيًا بالمعنى الاجتماعي. لا نعثر في شعره وسيرته على نزعة للعزلة واضحةٍ كما نجدها عند أبي العلاء المعري، صاحب «معجز أحمد». بل على العكس تمامًا؛ إذ يعكس شعره سيرة شاعرٍ جرَّب دهره بتوق وعنف وصخب، فخالط أصنافًا شتى من بني البشر، واتصل بعلاقات اجتماعية وسياسية طورت حدسه بالناس وطبائعهم، واصطدم بالحياة العامة بأقصى ما يمكن لمرئ سيلقى حتفه في الخمسين.

ولكن على الرغم من شهرته؛ فقد عاش مالئ الدنيا، وشاغل الناس وحيدًا ومعزولًا داخل نفسه الغريبة. خبرته ببني عصره كانت تزيد من حدة رفضه لهم، ومن اعتداده الذاتيّ القاسي. فلا نكاد نقرأ شِعرًا لأبي الطيب دون أن يكون الاغتراب (Alienation) مناخًا عامًا لقصيدته، إلى درجة أنه هو نفسه يلاحظ هذا الميل في قصيدته فيشتكي من تشكِّيه:

«أَلا لَيتَ شِعري هَل أَقولُ قَصيدَةً

فَلا أَشتَكي فيها وَلا أَتَعَتَّبُ؟!»

أما انعدام ثقته بالآخرين فتبدو من أهم صور الاغتراب عند المتنبي؛ فقد تهدَّمت الثقة بالجنس البشري بعد تجريبه مرارًا ومرارًا، إذ يكفي أن يكون الآخر من بني البشر حتى يكون جديرًا بعدم الثقة:

فَلَمّا صارَ وُدُّ الناسِ خِبًّا

جَزَيتُ عَلى اِبتِسامٍ بِاِبتِسامِ

وَصِرتُ أَشُكُّ فيمَن أَصطَفيهِ

لِعِلمي أَنَّهُ بَعضُ الأَنامِ

كما نتبين في شِعره حدة الصراع والانقسام بين عالمَيه: عالمه الداخلي، وعالمه الخارجي؛ فهو يرفض الانتماء إلى الناس في زمنه، يمقت عاداتهم ويسخِّف مطامحهم الصغيرة. يهجوهم ويهجو عصرهم؛ ليتمايز عنهم بكل نفور وجرأة كي يعود إلى داخله، إلى نفسه الكبيرة المعزولة:

«وَدَهرٌ ناسُهُ ناسٌ صِغارٌ

وَإِن كانَت لَهُم جُثَثٌ ضِخامُ

وَما أَنا مِنهُمُ بِالعَيشِ فيهِم

وَلَكِن مَعدِنُ الذَهَبِ الرَغامُ»

هذا الرجل البعيد الهم - الذي لا تسلي فؤاده المدام - ذاهبٌ في اغترابه إلى عتبة الانفصال التي لا رجعة بعدها؛ إذ تتعمق عزلته إلى غور سحيق من الاعتداد بالذات، ورفض أناس عصره، فهو معهم، لكنه ليس منهم.

إنها النرجسية كأسلوب دفاع استباقي عن الذات الهشة. في الواقع؛ كانت تلك طريقته لصيانة هويته المنقَّحة، والخالصة من شوائب محيطه الاجتماعي الذي يتردى في واقع سياسي يشهد على ضعف الدولة العربية، وتشظيها إلى دويلات متصارعة خلال العصر العباسي الثاني.

في كتابه «مع المتنبي» يصف لنا طه حسين الزمنَ السياسي الذي زامنه المتنبي بما يضاعف من شعوره بالاغتراب؛ فقد كان ذلك الزمن -كما يقول طه حسين- زمن «خضوع سلطان الخلفاء المطلق لعبث الجند وقادة الجند، ولسلطان الخدم والنساء»، إنه زمن «عجز السلطان المركزي في بغداد عن أن يجمع أطراف الدولة ويحزم أمرها، كما كان يفعل حين كان الخلفاء خلفاء، وحين كانت الخلافة خلافة، وحين لم يكن أمير المؤمنين لعبةً في يد خادم أو أَمَة؛ ثم ما نشأ عن هذا كله من استقلال الأطراف، وطموح الولاة إلى الملك، وظهور القوميات الوطنية في الشرق والغرب، ونشوء عهد يشبه عهد الإقطاع في أوربا أثناء القرون الوسطى».

استيعاب هذا السياق السياسي يصبح في غاية الأهمية لفهم المؤشرات النفسية في شعر المتنبي. ولنا أن نتخيل ردة فعله وهو يرى صعود المتسلقين من أسخف الناس وأجهلهم إلى المراتب العليا، بينما لا ينال هو غايته في السلطة التي نحر من أجلها عيون قصائده قربانًا للأمراء، بل ضحّى من أجل هاجس السلطة اللحوح بكرامة الشعر والشاعر معًا، إلى حد التذلل الذي يتعارض مع تضخُّم «الأنا» عند شخص كالمتنبي؛ كما يشير إلى ذلك فوزي كريم في كتابه «القلب المفكر: القصيدة تغني، ولكنها تفكر أيضًا».

مع ذلك يمكن لأسطورة المتنبي أن تمنح العزاء لمن يعتقدون أنهم قد جاؤوا في زمان غير زمانهم، مع أنه لا أحد يأتي في غير زمانه. علينا أن نتذكره وهو ينشد:

«أنا في أمة تداركها اللـــه غريب كصالحٍ في ثمودِ».

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • غربة المتنبي.. في أمة تداركها الله
  • الاحتلال الإسرائيلي يطلق النار قرب مركز مساعدات في رفح.. واستشهاد 7 فلسطينيين
  • في الميادين وبين الناس.. الداخلية تعايد المواطنين وتوزع الورود في عيد الأضحى
  • مجزرة جديدة في رفح: 8 شهداء و61 جريحاً قرب مركز توزيع مساعدات
  • إيذاء وإزعاج للمسلمين.. خطيب المسجد الحرام يحذر الحجاج من هذه الأمور
  • خطيب عيد الأضحى بالمسجد الحرام: المسلم لا يجعل بينه وبين الله واسطة
  • كيفية صلاة عيد الأضحى وآدابها وسننها وصيغة تكبيرات العيد .. 15 سُنة نبوية تدخلك الجنة
  • عم عطية، وعم عبدالرحيم
  • أمين الفتوى: الوقوف على عرفة تذكير بالعرض أمام الله في يوم الحساب
  • خير الدعاء.. ما ينبغي على المسلم فعله أثناء خطبة عرفة؟