تمثل النظم البيئية للمياه العذبة نصف الانبعاثات العالمية من غاز الميثان (أحد غازات الدفيئة القوية التي تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري)، ويُعتقد أن الأنهار والجداول -على وجه الخصوص- تنبعث منها كمية كبيرة من هذا الميثان، لكن معدلات وأنماط هذه الانبعاثات على المستويات العالمية لا تزال غير موثقة إلى حد كبير.

وقام فريق دولي من الباحثين -بما في ذلك علماء بيئة المياه العذبة بجامعة ويسكونسن-ماديسون الأميركية- بتغيير ذلك من خلال وصف جديد للمعدلات العالمية والأنماط والدوافع لانبعاثات غاز الميثان من المياه الجارية.

وستعمل النتائج التي توصلوا إليها -والتي نُشرت في دورية "نيتشر"- على تحسين تقديرات الميثان ونماذج تغير المناخ، وتشير إلى تغييرات إدارة الأراضي وفرص الاستعادة التي يمكن أن تقلل من كمية الميثان المتسربة إلى الغلاف الجوي.

انبعاثات الميثان في المناطق المدارية مماثلة لتلك الموجودة في الجداول والأنهار الأكثر برودة في الغابات الشمالية (غيتي) المناطق المدارية والقطب الشمالي

تؤكد الدراسة الجديدة أن الأنهار والجداول تنتج بالفعل الكثير من الميثان، وتلعب دورا رئيسيا في ديناميكيات تغير المناخ، لكن الدراسة تكشف أيضا عن بعض النتائج المدهشة حول كيف وأين يتم إنتاج هذا الميثان.

تقول إميلي ستانلي -الأستاذة في مركز جامعة ويسكونسن-ماديسون لعلم البحار والمؤلفة المشاركة للدراسة، في البيان الصحفي المنشور على موقع الجامعة في 16 أغسطس/آب الجاري- "توقعنا العثور على أعلى انبعاثات للميثان في المناطق الاستوائية، لأن الإنتاج البيولوجي للميثان شديد الحساسية لدرجة الحرارة".

وبدلا من ذلك -كما تقول ستانلي- وجد الفريق أن انبعاثات الميثان في المناطق المدارية كانت مماثلة لتلك الموجودة في الجداول والأنهار الأكثر برودة في الغابات الشمالية (الغابات التي يغلب عليها الصنوبر، والتي تمتد حول نصف الكرة الشمالي) وموائل التندرا في القطب الشمالي.

الموائل المحيطة والنشاط البشري

اتضح من الدراسة أن درجة الحرارة ليست المتغير الأساسي الذي يقود انبعاثات غاز الميثان المائي. وبدلا من ذلك، وجدت الدراسة أن "كمية الميثان الخارجة من الجداول والأنهار -بغض النظر عن خطوط العرض أو درجة الحرارة- كانت تتحكم فيها بشكل أساسي الموائل المحيطة والمرتبطة بها"، حسب ستانلي.

قنوات مياه الأمطار الخرسانية تؤدي أيضا إلى ظروف غنية بالمواد العضوية وقلة الأكسجين مما يعزز إنتاج الميثان (غيتي)

وترتبط الأنهار والجداول غالبا في الغابات الشمالية والمناطق القطبية عند خطوط العرض العالية بالأراضي الخث والرطبة، بينما تزود الغابات الكثيفة في أحواض نهر الأمازون والكونغو المياه التي تمر عبرها بتربة غنية بالمواد العضوية. وينتج كلا النظامين كميات كبيرة من الميثان لأنهما غالبا يؤديان إلى ظروف منخفضة الأكسجين وتفضلها الميكروبات التي تنتج الميثان أثناء تكسير كل تلك المواد العضوية.

مع ذلك، ليست كل الأنهار والجداول التي ترتفع فيها نسبة الميثان تأتي من هذه الانبعاثات بشكل طبيعي؛ ففي أجزاء من العالم يتم التحكم في انبعاثات غاز الميثان في المياه العذبة بشكل أساسي من خلال النشاط البشري في كل من المجتمعات الحضرية والريفية.

يقول جيرارد روشيه -المؤلف الرئيسي للتقرير وباحث ما بعد الدكتوراه في كل من الجامعة السويدية للعلوم الزراعية ومركز بلانس للدراسات المتقدمة في إسبانيا- "يقوم البشر بتعديل شبكات الأنهار بنشاط في جميع أنحاء العالم، وبشكل عام يبدو أن هذه التغييرات تزيد انبعاثات الميثان".

والموائل التي تم تعديلها بشكل كبير من قبل البشر -مثل الجداول التي تستنزف الحقول الزراعية، أو الأنهار أسفل محطات معالجة مياه الصرف الصحي، أو قنوات مياه الأمطار الخرسانية- تؤدي أيضا إلى ظروف غنية بالمواد العضوية وقلة الأكسجين التي تعزز إنتاج الميثان العالي.

إبطاء تدفق الملوثات في الأنهار والجداول يساعد على الحد من انبعاثات الميثان (غيتي) أخبار جيدة وجهود مطلوبة

ووفقا لروشر، فيمكن اعتبار أهمية المشاركة البشرية أخبارا جيدة، لأن "جهود الحفاظ على المياه العذبة واستعادتها يمكن أن تؤدي إلى تقليل انبعاثات الميثان"؛ ومن ثم فسيساعد إبطاء تدفق الملوثات -مثل الأسمدة والنفايات البشرية والحيوانية أو التربة السطحية الزائدة في الأنهار والجداول- على الحد من المكونات التي تؤدي إلى إنتاج كميات كبيرة من الميثان في أنظمة المياه العذبة.

تقول إميلي ستانلي "من منظور تغير المناخ، نحتاج إلى القلق بشأن الأنظمة التي يخلق فيها البشر ظروفا تنتج الميثان أكثر من الدورات الطبيعية لإنتاج الميثان".

ويأمل الباحثون أن تؤدي نتائجهم إلى فهم أفضل للحجم والأنماط المكانية لجميع مصادر الميثان في الغلاف الجوي للأرض، وأن تعمل البيانات الجديدة على تحسين النماذج واسعة النطاق المستخدمة لفهم المناخ العالمي والتنبؤ بمستقبله.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المیثان فی

إقرأ أيضاً:

40 مليار ريال.. المياه السعودية تكشف لـ ”اليوم” عن مشاريعها بالشرقية ومناطق المملكة

على هامش مؤتمر استدامة المياه المبتكرة، أكد وكيل الرئيس للشؤون الاقتصادية في الهيئة السعودية للمياه المهندس عادل الزهراني خلال حديثه لـ "اليوم" أن منطقة الشرقية تُعد إحدى أبرز مناطق المملكة التي تشهد توسعًا متسارعًا في مشاريع المياه والبنية التحتية، بما يعكس جاهزية القطاع لتحقيق مستهدفات رؤية 2030 في الاستدامة والموثوقية ورفع كفاءة الإمداد.
وخلال حديثه، استعرض الزهراني أرقامًا وتوجهات مفصلية تعكس التحول الكبير الذي يشهده قطاع المياه، مؤكدًا أن المرحلة الحالية تتسم بتنافسية عالية وشفافية في الطرح عززت حضور المستثمرين المحليين والأجانب.مشاريع المياه في السعوديةأوضح الزهراني أن الطاقة الإنتاجية الإجمالية لقطاع المياه في المملكة تزيد على 16 مليون متر مكعب يوميًا، فيما يشكل القطاع الخاص حصة إنتاجية تبلغ 5 ملايين متر مكعب.
أخبار متعلقة «روزنة الحرفيين».. 5 ورش تضخ 60 حرفيًا وحرفية في سوق العمل بالأحساءمبادرات جديدة لتعزيز الأمن الفكري وتنمية الخطابة في الأحساءوأكد أن الهيئة تعمل على تمكين القطاع الخاص ليقوم بدور أكبر في إنتاج المياه ونقلها ومعالجتها، مشيرًا إلى أن التنافسية الحالية في السوق تُعد “الأعلى في تاريخ القطاع”.
وأضاف أن مشاريع المياه في المملكة نجحت في استقطاب أكثر من 30 مليار ريال حتى الآن، فيما تخطط الهيئة لطرح مجموعة واسعة من المشاريع خلال السنوات الخمس المقبلة بإجمالي إنفاق يتجاوز 40 مليار ريال سعودي.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } 40 مليار ريال.. المياه السعودية تكشف لـ ”اليوم” عن مشاريعها بالشرقية ومناطق المملكة - اليوم مجموعة واسعة من المشروعاتوكشف الزهراني أن التنافسية المرتفعة وشفافية التعامل مع المستثمرين أسهما في خفض تكلفة إنتاج المياه بشكل غير مسبوق، إذ انخفضت التكلفة من 2.45 هللة لكل متر مكعب في عام 2018 إلى نحو 1.55 هللة اليوم.
وأضاف أن هذا الانخفاض يعكس “ثقة المستثمرين” واستقرار الاستثمارات الأجنبية، إلى جانب تطوير منظومة الطرح والعقود، ما خلق بيئة جاذبة ومحفّزة للمشاركة.
وأشار كذلك إلى توسع كبير في مشاريع المياه المعالجة، إلى جانب مجموعة واسعة من المشروعات القائمة في مختلف مناطق المملكة ، ونوّه إلى أن أحد أهم المشاريع المنفّذة مؤخرًا في الجبيل بالمنطقة الشرقية أسهم في تعزيز إمدادات المياه لجميع مدن ومحافظات المنطقة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } 40 مليار ريال.. المياه السعودية تكشف لـ ”اليوم” عن مشاريعها بالشرقية ومناطق المملكة - اليوم 40 مليار ريال.. المياه السعودية تكشف لـ ”اليوم” عن مشاريعها بالشرقية ومناطق المملكة - اليوم var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });تغطية شاملة لشبكات المياهأكد الزهراني أن الهيئة تستهدف الوصول إلى تغطية شاملة لشبكات المياه وشبكات الصرف الصحي في جميع مناطق المملكة بحلول 2030، مشيرًا إلى أن هذه التطلعات تعتمد على الإنفاق الكبير في البنية التحتية وتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص.
وأوضح أن المرحلة الحالية تشهد تحولًا جوهريًا في قطاع المياه، يشمل رفع الكفاءة، وخفض التكاليف، وتعزيز استمرارية الإمداد، إلى جانب تطوير مفهوم التخطيط التكاملي الذي يراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لضمان جاهزية القطاع لدعم مشاريع التنمية العملاقة في المملكة.
وفي ختام حديثه، شدد الزهراني على أن قطاع المياه يُعد “أحد المكونات الأساسية لتحقيق مستهدفات المملكة”، مؤكدًا أن وجود جهة منظمة تمتلك إلمامًا عميقًا بتفاصيل القطاع هو عنصر حاسم لضمان تنفيذ المشاريع بالكفاءة المطلوبة والمعايير العالمية.

مقالات مشابهة

  • مصادر أمريكية تكشف تبادل معلومات استخباراتية مع إسرائيل خلال حرب غزة
  • يدني سويني تكشف تفاصيل عن موجات الكراهية التي طالتها على السوشيال ميديا
  • تسجيلات صوتية تكشف الجديد.. تفاصيل مفاجئة في وفاة الفنانة التركية الشهيرة “غلّو” (صورة)
  • ياسمين عبدالعزيز تكشف عن المهنة التي تمنت العمل بها
  • صحيفة تكشف تطوّرات جديدة بشأن جثة "غفيلي" وأسباب صعوبة إيجادها بغزة
  • رقم كبير.. النجف تكشف كمية الأمطار التي تم تصريفها من شوارع المحافظة
  • فيضانات واشنطن.. المياه تصل سقوف منازل وتكسر أرقاما قياسية
  • نحو 100 قتيل في هجوم الإنتقالي على حضرموت.. ومعلومات تكشف حجم الإنتهاكات التي ارتكبتها مليشياته هناك
  • 40 مليار ريال.. المياه السعودية تكشف لـ ”اليوم” عن مشاريعها بالشرقية ومناطق المملكة
  • مصادر تكشف كيف حقق البنتاغون فيما إذا كان هيغسيث قد أضر بالأمن القومي بقضية سيغنال