سواليف:
2025-08-01@00:16:39 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 44 من سورة الأنعام: “فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ”.
يبين الله تعالى بعض سننه في تقدير إنعاماته على الناس، وهي أن عطاء الله لبعض خلقه ليس بالضرورة مكافأة على حسن عملهم، بل قد يكون للكافرين امدادا فيوغلوا بالضلالة، وهكذا يصبح عقوبة لأنه أعشى عيونهم عن الهدى، فيحق عليهم العذاب.


لقد أنبأنا بأنه لعدالته، فعطاؤه عام لكل خلقه ابتداء، بغض النظر عن طاعة المخلوق أو عصيانه: “كُلًّا نُمِدّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاء رَبّك وَمَا كَانَ عَطَاء رَبّك مَحْظُورًا” [الإسراء:20]، ثم يتفضل على من يشاء من الشاكرين منهم بفضله زيادة أو انقاصا، بقصد الإبتلاء والتمحيص، وأما الجاحدون المنكرون لفضله، فعقوبته لهم أنه يحرمهم من فرصة التوبة، التي تؤهلهم لنوال مغفرته وثوابه في الآخرة.
من خلال التفكر في هذه الآية، يمكننا الإلمام بشيء من الحكمة في تصريف الأمور التي تتم في الحياة الدنيا، وكيف أن هنالك ارتباط لها بالحياة الآخرة ومنها:-
1 – إن عطاء الله لعباده أصلا منتج ابتدائي لكرم الخالق، فهو ليس مثوبة ولا عقوبة.
2 – هذا العطاء يكون على وجهين أساسي: وهو شامل للنعم المعطاة للجميع كالحياة والعقل وكمال الوظائف الجسدية، والإنتفاع بالجوارح والحواس ..الخ، والوجه الثاني تخصيصي لبعض دون آخرين وبدرجات متعددة، مثل الإمداد بالمال والبنين والجاه والعلم والمواهب ..الخ.
3 – في العطاء الأساسي الشمولي، لا يشترط التساوي، وهذا التمايز الظاهري من أجل إظهار قيمة النعم الممنوحة لكن ذلك لا ينتقص من العدالة الإلهية المطلقة، فقد يتم التعويض في الفوارق في أمور أخرى، إنما كان التباين للتنبيه، فلا يحس المرء بمدى نفع النعمة إلا حين نقصها.
4 – في العطاء التخصيصي، قد لا يمكن الالمام بكل الحكمة العميقة حتى لأولي الألباب، بل ببعضها والظاهر منها، ويكون على أبواب كثيرة منها:
أ- عطاء دنيوي جزاء الإخلاص في العمل وبذل الجهد، مثل المجد والمردود المادي الذي يناله العالِم والمخترع والحاكم العادل والمصلح الإجتماعي، حتى لو كان غير مؤمن، وهذه مكافأة لمن نفع الناس أو أزال عنهم ضررا، لكن أثرها يبقى في الدنيا ولا ينفعه في الآخرة: “وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ” [الشورى:20]
ب – وهنالك جزاء في الآخرة فوق جزاء الدنيا لمن يفعل كل ذلك وهو مؤمن ويبتغي به وجه الله “وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ” [آل عمران:145].
ج – عطاء الدنيا قد يكون جزاء من جنس العمل، مثل البركة في المال أو زيادة الدخل لمن ينفق على عياله أويتصدق على غيره، وقد يكون في غير جنسه، مما قد يكون المرء بحاجة إليه ولا يحل المال مشكلته، كالشفاء من العلل “داوو مرضاكم بالصدقة” [حديث شريف]، أو بالنجاة من حادث، أو بمخرج من ضيق، أو التوفيق في العمل، أو صلاح الذرية، أو الذكر الحسن.
د – ليس شرطا تلازم العطاء مع الفعل الحسن، فالتوقيت يقدره الحكيم الخبير، ولأنه علام الغيوب فتقديره فيه الخير للعبد أكثر من تقدير العبد ذاته.
5 – كل ما سبق ذكره من عطاء الله خير ومثوبة، أمّا ما جاء ذكره في هذه الآية الكريمة فهو العطاء الخطير، وهو أن يمد الله للعاصين والظالمين والطغاة، حتى يتمادوا في غيهم ويظنوا أن الله غافل عما يفعلون، فيصلوا الى نقطة لا يمكنهم فيها العودة عن ضلالهم، فيكونوا قد استحقوا العقاب.
إن الله لا يكره أحدا من خلقه، بل يكره التوجه الى الضلال بعد تبين الهدى، لذلك يمقت أفعال الضالين وليس أشخاصهم، ولو علم في أحدهم خيرا لهداه ولفرح باهتدائه، لكنه يعلم أن دخاءلهم فاسدة، ولو تاب عليهم لعادوا لما نهوا عنه، هؤلاء يكره اختلاطهم بالصالحين، فلا يهديهم ولا يصلح بالهم، مثلما كره انبعاث المنافقين في غزوة العسرة فثبطهم، فخسروا فرصة التوبة وانكشف زيفهم للمؤمنين.
لذلك فالخاسر الأكبر هو المنافق الذي يعتقد أنه بنجاحه بإخفاءه عداءه لمنهج الله عن الناس قد نجى، فالله قد يكون مد له ليتمادى، ليستحق عقابه الأليم.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه قد یکون

إقرأ أيضاً:

أمين عام حزب الله: لبنان لن يكون تابعاً لإسرائيل ولو اجتمع علينا العالم كله

يمانيون |
أكد الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله اللبناني، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تدمير لبنان بشكل ممنهج، خدمةً لمصالح الكيان الصهيوني، مشدداً على أن المقاومة لن تقبل بتحويل لبنان إلى كيان تابع لإسرائيل مهما بلغ حجم التهديدات أو تصاعد الضغوطات الدولية.

وفي كلمة ألقاها بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد فؤاد شكر، قال الشيخ قاسم: “أمريكا لا تسعى فقط إلى حماية إسرائيل، بل إلى صناعة لبنان خاضع وذليل ضمن مشروع ما يسمى ‘الشرق الأوسط الجديد’، وذلك من خلال الفتنة الداخلية، والتجويع، والتخريب الممنهج، ومنع المواطنين من الوصول إلى حدودهم، كل ذلك في خدمة كيان العدو”.

وأضاف: “العدو الإسرائيلي لا يعير أمن مستوطنيه في الشمال أي أهمية، لأنه منشغل بمشروعه التوسعي الذي يبدأ من الجليل ولا ينتهي عند حدود لبنان أو سوريا، في حين أن حزب الله يقف اليوم سداً منيعاً أمام هذا الزحف الاستعماري”.

وأكد الشيخ قاسم أن المقاومة اليوم في حالة دفاع مفتوح، وأن خيار المواجهة سيبقى قائماً حتى لو كلف ذلك حياة الجميع، وقال: “لن نقبل أن يكون لبنان تابعاً أو ملحقاً لإسرائيل، ولو اجتمع علينا الكون كله، ما دام فينا عرق ينبض ونَفَس حي”.

وفيما يخص سلاح المقاومة، جدد قاسم تمسك حزب الله بهذا السلاح، رافضاً كافة الدعوات التي تطالب بتسليمه. وقال: “سلاح المقاومة هو قوة حقيقية للبنان، ولم يُستخدم يوماً في الداخل، بل هو حصنٌ يحمي سيادتنا وكرامتنا. ومن يطالب بتسليمه لا يخدم سوى المشروع الصهيوني والأمريكي”.

كما توجه بالتحية إلى أرواح الشهداء، وفي مقدمتهم الشهيد فؤاد شكر، وكذلك الشهيد إسماعيل هنية الذي ارتقى في اليوم نفسه، واعتبر أن خط الشهادة هو طريق الكرامة والسيادة الوطنية.

وتطرق قاسم إلى المجازر الدموية التي يرتكبها كيان العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، مؤكداً أن ما يجري هو “إبادة منظمة برعاية أمريكية وصمت عربي ودولي”. وقال: “استشهد أكثر من 17 ألف طفل في غزة، وقتلت النساء الحوامل وجوّع الأطفال، وسط صمت مطبق من منظمات حقوق الإنسان، وغياب تام للمجتمع الدولي الذي يتغنى بشعارات كاذبة”.

وختم كلمته بالدعوة إلى تحرك عربي ودولي جاد، لا يقتصر على التنديد بل يشمل خطوات عملية، وفي مقدمتها التحرك العسكري لوقف حرب الإبادة بحق أهل غزة، مطالباً الأحرار في العالم بتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والتاريخية.

مقالات مشابهة

  • عندما يكون هناك «خداع بصري وتلوث صوتي»!
  • أمين عام حزب الله: لبنان لن يكون تابعاً لإسرائيل ولو اجتمع علينا العالم كله
  • الشيخ قاسم: لبنان لن يكون ملحقًا بـإسرائيل ولن نقبل أن نسلّم سلاحنا
  • الأمين العام لحزب الله: لن نقبل أبدا أن يكون لبنان ملحقا بإسرائيل
  • رؤية قرآنية تصنع أمة مجاهدة لا تخاف الموت .. الشهادة والشهداء في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)
  • هل يجوز ترديد آيات قرآنية في السجود؟.. دار الإفتاء تجيب
  • الاستكبار الصامت والمصير الأبدي .. قراءة قرآنية دلالية للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه
  • الاعتصام بحبل الله.. اعرف كيف يكون وماذا يتضمن وما ثمراته
  • انتبه .. حالة واحدة لا يكون الابتلاء سببا في رفع درجات العبد