لجريدة عمان:
2025-05-30@23:32:37 GMT

سياط العمل .. بين القبول والتنحي !

تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT

قالت لي قريبتي بأنّها تفكرُ بجدية فـي تقديم استقالتها، وعندما سألتها باهتمام عن السبب أجابت: «لم يعد ثمّة ما يُغذي شغفـي فـي بيئة ماصّة كتلك»، ولنا أن نتصور حياتنا المهنية الطويلة والمُستنزفة، وهي تغدو على حين غرة معول هدم وتدمير ذاتي لا يمكن احتماله !

تذكرتُ آنذاك كتابًا مهمًا بعنوان: «الرجل الذي ظن أنّ العمل حياته»، لناومي شراغاي، المُحللة النفسية المتخصصة فـي حل المشكلات المهنية، فقد طرحت سؤالًا مُهمًا حول بيئات العمل، إن كانت سامةً حقًا، ولا تجلب إلا المصابين بالنرجسية، أو أنّ المسألة مرتبطة بأوهامنا الفردية؟

فما الذي يدفعنا للسلوك الهدام فـي العمل؟ ما الذي يُغذي ضغائننا؟ ومن أي جرح تنبثقُ شرارة السخط؟ وفـي أي أرض تنمو نبتة التشاؤم، وكيف لمكان يستوجب البناء أن يُحولنا لشيء بالغ الدناءة أحيانًا !

من غير المُنصف حقًا أن تلقى الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي اهتمامًا بالغًا، بينما لم تُشغل التغيرات التي تصيبُ بيئات العمل العقل البحثي، على الرغم من أنَّ الكتاب يكشف أنّنا نقضي 50 عامًا من حياتنا فـي العمل المُحمل بالمخاوف والهموم الذهنية مقابل 18 عامًا مع العائلة ! وعلينا ألا ننسى أيضًا أنّنا نتحول الآن من فكرة «مهنة مدى الحياة» إلى ما يُطلقُ عليه «اقتصاد الوظائف المؤقتة»، أو ثقافة العمل غير الآمنة.

لاحظت الطبيبة شراغاي أنّ المرضى فـي السنوات الأخيرة يجلبون معهم هموم أعمالهم إلى العيادة. فقد باتت بيئات العمل مكانًا يُلقي بظلاله المتباينة على الروح الوثابة، عندما بدأت تفقد فرادة صوتها وخصائصها.

وقد يطرح الكثير منا هذا السؤال: «لماذا أعيش فـي نمط يجعلني تعيسًا؟»، فمن هذه النبرة المُتشنجة تتداعى تلك الرغبة المحمومة فـي انتزاع الذات من بيئات نصفها بالموبوءة، إلا أنّ ما يوقفنا دائمًا هو انجذابنا إلى المألوف والتقليدي، أكثر من رغبتنا فـي المغامرة والتغيير!

قد يبدو مكان العمل مكانًا عقلانيًا له أهداف مُحددة، مكان مجرد من المشاعر والأحاسيس، إلا أنّنا فـي حقيقة الأمر نذهبُ إليه «مُدججين بحمولاتنا العاطفـية». فهنالك من يستخدم الإنكار كآلية دفاع لدرء الشعور بالذنب، وهنالك من يجعل من نفسه موضع قوة بينما يئن فـي أعماقه السحيقة، فكلنا يأكله الخوف العارم من تلك اللحظة التي لا تعود المؤسسة فـي حاجة إلينا، كشيء تافه تذروه الرياح!

يذهبُ الناس إلى العمل مُحملين بعدتهم العاطفـية، وكأنّهم لا يفعلون أكثر من إعادة تجسيد صراعاتهم وانفعالاتهم العالقة فـي الماضي أو فـي حياتهم الخاصّة! ولذا يُعلمنا الكتاب ضرورة أن نعيش فـي مناطق رمادية دون انحياز لأبيض أو أسود، ضرورة استجلاء ردود أفعالنا الدفاعية، فبعض مشاعرنا مُضللة، فلو تمكنا من مواجهة مشاعرنا الجياشة بدلًا من تفاديها، سنكون أكثر استعدادًا لمواجهة حوادث العمل.

يُلقي الكتاب الضوء على بعض المسؤولين الذين يظنون بأنّ العمل هو انعكاس لذواتهم، ولذا يخشون تكليف الآخرين بالأعمال؛ لأنّ ذلك يعني بالنسبة لهم «مخاطرة»، والحقيقة أنّ ضعف الإيمان بكادرهم يُعميهم عن النظر إلى الصورة الكلية. يحدثُ ذلك لأنّهم يؤمنون بأنّ أسلوبهم الوحيد هو الصحيح، ولذا فهم يستعينون بنسخ أخرى مطابقة لهم، الأمر الذي يخلقُ مزاجًا قلقًا مُفعمًا بالاضطراب فـي بيئات العمل!

لا وجود «لعامل مثالي يعيشُ فـي شقة فارغة، يحمل حقيبة نوم، ويذهبُ إلى العمل بذهن صافٍ 24 ساعة فـي اليوم»، كما لا وجود لبيئات عمل مثالية للجميع، لكن ثمّة أفكار خلاقة تروم ذلك، عقولٌ تصرفُ الجهد فـي رتق الشقوق لا تعرية الثقوب، فلا يكفـي المسؤول أن يعتني بالتغذية الراجعة من الموظفـين، لا بد من حوارات صادقة، فالقيادي الجيد هو من يضع توقعات معقولة ويمنح الثقة، ويتدرج فـي منح الآخرين الاستقلالية والمسؤولية فـي آن. فمتى ما ترسخت الثقة يمكن للموظف الصغير أن ينمو أيضًا وأن يتحرر، فالقيادة تعني: إخراج أفضل ما فـي الآخرين من إمكانيات.

المشاعر الإيجابية المُبهجة مُعدية ومُلهمة، كما هو حال السخاء ومسامحة الأخطاء غير المُتعمدة. لكن هذا لا ينبغي أن يجعلنا نغفلُ سياط سلطة العمل التي تُمارس علينا، بينما نسعى بدأبٍ للحصول على قبول ما أو نسعى للتنحي جانبًا !

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بیئات العمل

إقرأ أيضاً:

الجامعة المصرية الصينية تعلن فتح باب القبول للعام الجامعي 2025/2026

أعلنت الجامعة المصرية الصينية، عن فتح باب التقديم للعام الجامعي 2025/2026، للطلاب المصريين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها من الشهادات العربية والأجنبية، وذلك وفقًا للقواعد المعتمدة من مجلس الجامعات الخاصة والأهلية.

وأوضحت الجامعة، في بيان صحفي، أن التقديم يتم من خلال الموقع الإلكتروني الرسمي www.ecu.edu.eg، أو عن طريق التوجه المباشر إلى مقر إدارة القبول والتسجيل بمدينة نصر. وشددت على أن استلام ملف التقديم أو سداد الرسوم لا يُعد قبولًا نهائيًا، إلا بعد موافقة وزارة التعليم العالي واجتياز اختبارات القبول الخاصة بالجامعة، وفي مقدمتها اختبار اللغة الإنجليزية، إلى جانب اختبار القدرات لكلية الفنون والتصميم.

وأشارت الجامعة إلى أن المصروفات الدراسية للعام الجامعي الجديد تبدأ من 38 ألف جنيه وتصل إلى 100 ألف جنيه سنويًا، بحسب طبيعة وتخصص كل كلية. حيث تبلغ المصروفات السنوية لكلية الصيدلة 100 ألف جنيه، وكلية العلاج الطبيعي 90 ألف جنيه، والهندسة 62 ألف جنيه، والحاسبات ونظم المعلومات 65 ألف جنيه، والاقتصاد والتجارة الدولية 52 ألف جنيه، والطب البيطري 68 ألف جنيه، والفنون والتصميم 55 ألف جنيه، والإعلام والدراسات الأدبية 48 ألف جنيه، والعلوم الإنسانية 38 ألف جنيه، والقانون 68 ألف جنيه. ويتم سداد الرسوم الدراسية على قسطين بنسبة 60% و40% من إجمالي المصروفات.

وتضم الجامعة تسع كليات، هي: كلية الهندسة والتكنولوجيا، كلية الاقتصاد والتجارة الدولية، كلية العلاج الطبيعي، كلية الصيدلة، كلية الطب البيطري، كلية الحاسبات ونظم المعلومات، كلية الفنون والتصميم، كلية الإعلام والدراسات الأدبية، وكلية القانون والعلوم الإنسانية.

وتوفر الجامعة مجموعة من البرامج الأكاديمية المتخصصة التي تلبي احتياجات سوق العمل المحلي والدولي، من أبرزها: الذكاء الاصطناعي، الطاقة المتجددة، الأمن السيبراني، الترجمة التخصصية بعدة لغات، التصميم الجرافيكي، الإنتاج الإعلامي، صحة وسلامة الغذاء، وإدارة الأعمال الدولية.

وذكر البيان أن لغة التدريس في أغلب البرامج الأكاديمية بالجامعة هي اللغة الإنجليزية، باستثناء بعض البرامج في كليتي الإعلام والدراسات الأدبية التي تُدرس باللغة العربية أو وفقًا لطبيعة كل برنامج.

وأكدت الجامعة أن جميع برامجها معتمدة من وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات، كما أن شهاداتها معترف بها دوليًا. وتُعد كلية العلاج الطبيعي من الكليات المتميزة، إذ أدرجت الجامعة ضمن قائمة الجامعات المعترف بها من قبل الاتحاد الأمريكي لمجالس العلاج الطبيعي (FSPPT)، ما يسمح لخريجي الكلية بالتقدم رسميًا لامتحان مزاولة المهنة الأمريكي (NPTE).

وتحرص الجامعة على تعزيز شراكاتها الأكاديمية الدولية، حيث تربطها اتفاقيات تعاون مع عدد من الجامعات الصينية المرموقة، من بينها: Shanghai Jiao Tong University، وBeijing Jiaotong University، وHebei University of Chinese Medicine، وNorth China Electric Power University، بما يتيح للطلاب فرصًا للحصول على شهادات مزدوجة واستكمال الدراسة في الخارج.

مقالات مشابهة

  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الإعلام يحجز مكانًا جديدًا
  • وول ستريت جورنال: أميركا تخسر تفوقها الصناعي العسكري بينما تتقدم الصين بثبات
  • قيادي بحركة فتح: لا مكان للمؤامرات في ظل وعي الشعوب العربية
  • الجامعة المصرية الصينية تعلن فتح باب القبول للعام الجامعي 2025/2026
  • تعرّف إلى عقوبة مضايقة فتاة في مكان عام؟
  • بلومبيرغ: كوريا الجنوبية تبحث عن مكان بين عمالقة الطاقة النووية السلمية
  • نيويورك تايمز: نتنياهو يهدد بضرب منشآت إيران النووية بينما يسعى ترامب لصفقة
  • التعليم تُطلق منصة قبول الوطنية لتوحيد إجراءات القبول في الجامعات
  • فتح باب القبول لخريجي الثانوية العامة في الجامعات الحكومية
  • الصغير: لو كنت مكان البرلمان لطلبت من مترشحي الحكومة تشخيص أسباب الأزمة ومعالجاتهم لها